مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

التعريف بمضمون كتاب: شرح الصدر بذكر ليلة القدر فضائل وعلامات ليلة القدر لولي الدين بن الحافظ الزين العراقي (826هـ)

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

تقديم:

      اعتنى العلماء مشرقا ومغربا بالتأليف في فضائل الأيام والشهور، وجمع وإيراد ما ذُكر حولها من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار وأقوال أهل العلم في هذا الموضوع ، ومن الليالي المباركة التي خُصَّت فضائلها بالتأليف: «ليلة القدر المباركة»، وممن أفرد له مصنفا خاصا العلامة المحدث ولي الدين ابن الحافظ الزين العراقي بكتابه الموسوم بـ: "شرح الصدر بذكر ليلة القدر فضائل وعلامات ليلة القدر"،  وقبل الحديث والتعريف بمضمون هذا الكتاب، لابد من الإشارة اللطيفة إلى ترجمة المؤلف باختصار، وهذا أوان الشروع في المقصود ، فأقول وبالله أستعين:

أولا: ترجمة موجزة لولي الدين بن الحافظ الزين العراقي ([1])

   هو: الحافظ،  المحدث، الفقيه، الأصولي، ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم ، الكردي الأصل، المهراني القاهري، ويعرف كأبيه([2]) بابن العراقي، ويكنى بأبي  زرعة.  

ولد تحديدا يوم الاثنين في  الثالث من شهر ذي الحجة  الحرام سنة 762 هـ الموافق لـ   1360مـ  بالقاهرة، واعتنى به والده   ورحل به إلى مدينة دمشق ولم يتجاوز سنه آنذاك ثلاث سنوات، فأسمعه الكثير من أصحاب الفخر بن البخاري([3]) ، وغيرهم،  ثم عاد به إلى القاهرة، ولما كبر رحل للمرة الثانية إلى  دمشق، فسمع وتفقه على علماء عصره؛ كالسراج ابن الملقن (ت: 804هـ)([4])، وسراج الدين البلقيني (ت: 804هـ)([5])، وغيرهما.

ثم رحل إلى بلدان أخرى لطلب العلم والتفقه فيه ؛ مثل مكة، والمدينة المنورة ، وكان رحمه الله بارعا  في فنون عدة؛ كالحديث، والأصول، والفقه، واللغة العربية، والمعاني، والبيان،وغيرها، ولا غرابة إن وجدنا المترجمون له يمدحونه ويصفونه بجميل الأوصاف والعبارات، ومن هؤلاء : العلامة  يوسف جمال الدين  أبي المحاسن (ت: 874هـ) حيث قال:"وكان إماماً فقيهاً، عالماً حافظاً، محدثاُ أصولياً، محققاً، واسع الفضل، عزيز العلم، كثير الاشتغال، رأيته غير مرة عند صهري قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، كان ذا شكالة حسنة، منور الشيبة، مدور اللحية، متواضعاً، عذب اللفظ، قليل الكلام إلا فيما يعنيه، ديناً خيراً، مشكور السيرة، عفيفاً" ([6])، وغيرهم.

تولى منصب القضاء نحو عشرين عاما ، ثم تركه ليتفرغ إلى الإفتاء، والتدريس ، والتصنيف ومن مصنفاته:  البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح([7])، وتحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل([8])، وغيرهما.  ثم تولى مرة أخرى قضاء الديار المصرية  في آخر حياته بعد جلال الدين البلقيني سنة 824هـ

مات رحمه الله تعالى  في السابع عشر من شهر شعبان سنة 826هـ الموافق ل: 1422 مـ. بمدينة القاهرة بمصر.

ثانيا: التعريف بمضمون كتاب: شرح الصدر بذكر ليلة القدر: فضائل وعلامات ليلة القدر.

 موضوع هذا الكتاب كما يدل عليه عنوانه؛ حول " ليلة القدر المباركة"، وقد افتتحه مؤلفه بمقدمة ذكر فيها قول بعض المفسرين من كون الضمير في قوله تعالى: (إنا أنزلناه) ([9])، عائذ على القرآن ، ذاكرا لبعض أقوال السلف في مسألة نزول القرآن ليلة القدر ، وكيفية نزوله ([10])،  ثم بعد هذه المقدمة تحدث عن سبب نزول سورة القدر، واختلاف العلماء في سبب تسميتها بليلة القدر ، ذاكرا  لأربعة أقوال في الموضوع، ثم تحدث عن سبب اختصاص الأمة الإسلامية بهذه الليلة، وتفسيره نزول الملائكة والروح فيها في قوله تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر) ([11]) ، وعن إجماع العلماء حول بقائها، وأنها لم ترفع، بل هي باقية إلى آخر الدهر ،مبينا غلط الشاكين ؛  الذين قالوا برفعها، مستدلا  بقول القاضي عياض ( ت: 544هـ ) في هذه المسألة ، ثم ذكر  بعد ذلك على أقوال العلماء المختلفة  في تعيينها، مع دليل أغلبها، وقد حرص -رحمه الله- على جمع سائر الأقوال التي قيلت في هذا الصدد، وعدد ما أشار إليه منها هو: سبعة وعشرون قولا.

وختم الكتاب بذكر  بعض علامات ليلة القدر مستدلا بأحاديث في هذه المسألة مبينا درجتها، ومن علاماتها  الصحيحة التي ذكر: كون الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها وقال: وهي أصح العلامات([12]).

وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق وتعليق:  مجدي السيد إبراهيم، معه كتاب: إشراق المصابيح في صلاة التراويح للسبكي، الناشر : مكتبة الساعي بالرياض ومكتبة القرآن بالقاهرة.

الخاتمة

    هذا قبس في التعريف بمضمون هذا الكتاب وبمؤلفه باختصار ، ومن خلال ذلك  أخلص إلى الآتي:

1-عناية العلامة عبد الرحيم بن الحسين العراقي بولده ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم العراقي عناية فائقة منذ نعومة أظفاره، وقد رحل به لطلب العلم إلى دمشق وهو في سن صغيرة لم يتجاوز آنذاك ثلاث سنوات.

2-حرص العلامة ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم العراقي على العلم وطلبه، والتفقه فيه، والسماع من الشيوخ.

3-براعة المترجم له في فنون عدة؛ كالحديث، والأصول، والفقه، واللغة .. وغيرها.

4-استغناء المترجم له عن القضاء الذي تولاه نحو عشرين عاما، وانصرافه للإفتاء، والتدريس، والتصنيف؛ الذي برع فيه وأجاد، وما كتابه هذا إلا دليلا على ذلك.

5- يعد كتابه هذا من الكتب القيمة في موضوعها، الذي تحدثت عنه، وهو ليلة القدر  المباركة

6-جمع فيه مصنفه عددا من الأقوال،  سواء تلك التي قيلت في مسألة نزول القرآن ليلة القدر، وعن كيفية نزوله، أو أقوال العلماء في تسميتها بليلة القدر، أو أقوالهم في تعيينها مع دليل أغلب هذه الأقوال.

7-ختم الكتاب بذكر بعض العلامات  التي قيلت في ظهور ليلة القدر.

********************

هوامش المقال:

([1])  رمت إلى اختصار  ترجمته وذلك لشهرته وكثرة مترجميه؛ ومن مصادر ترجمته التي وقفت عليها واعتمدت عليها في صياغتها الآتي:  المنهل الصافي (1 /332-335)، الضوء اللامع (1 /336-344)، حسن المحاضرة (1 /363)، درة الحجال (3 /326)، الفكر السامي (2 /417)، الأعلام (1 /148).

([2])  ووالده هو العلامة عبد الرحيم بن الحسين العراقي  المتوفى (806هـ) ترجمته وبعض مصادرها في الأعلام (3 /344).

([3])  والفخر بن البخاري هو: فخر الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي  المعروف بابن البخاري (ت : 690هـ)  ترجمته وبعض مصادرها في الأعلام (4 /257).

([4])  هو:  سراج الدين عمر بن علي بن أحمد الأنصاري. ترجمته وبعض مصادرها في الأعلام (5 /57).

([5])  هو: سراج الدين عمر بن رسلان بن نصير البلقيني . ترجمته وبعض مصادرها في الأعلام (5/ 46).

([6])  المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي (1 /334).

([7])  طبع بدار الجنان بيروت بتحقيق: كمال يوسف الحوت الطبعة الأولى 1410هـ- 1990مـ.

([8])  طبع بمكتبة الرشد الرياض بتحقيق: عبد الله نوارة الطبعة الأولى 1419هـ- 1999مـ.

([9])  سورة القدر من الآية: (1).

([10])  انظر: شرح الصدر بذكر ليلة القدر (ص: 23-24).

([11])  سورة القدر  الآيتان (4-5).

([12]) انظر:  شرح الصدر بذكر ليلة القدر (ص: 53).

**********************

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة:

الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين. لخير الدين الزركلي. دار العلم للملايين بيروت لبنان. ط 15 / 2002مـ

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة.  لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه. ط1/ 1387هـ- 1967مـ

ذيل وفيات الأعيان المسمى: درة الحجال في أسماء الرجال. لأبي العباس أحمد بن محمد المكناسي الشهير بابن القاضي. تحقيق: د. محمد الأحمدي أبو النور. مطبعة السنة المحمدية ط 1/ 1391هـ- 1971مـ.

شرح الصدر بذكر ليلة القدر فضائل وعلامات ليلة القدر. لولي الدين ابن الحافظ الزين العراقي. ويليه: إشراق المصابيح في صلاة التراويح. لتقي الدين أبي الحسن بن عبد الكافي السبكي تحقيق وتعليق:  مجدي السيد إبراهيم،الناشر : مكتبة الساعي بالرياض ومكتبة القرآن بالقاهرة. (د.ت).

الضوء اللامع لأهل القرن التاسع. لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي. دار الجيل بيروت لبنان. ط 1/ 1412هـ- 1992مـ.

الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي. لمحمد بن الحسن الحجوي. اعتنى به: أيمن صالح شعبان. دار الكتب العلمية بيروت 2007مـ.

المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي. ليوسف بن تغري بردي الأتابكي جمال الدين أبي المحاسن (ج1). حققه ووضع حواشيه: د. محمد محمد أمين- د. سعيد عبد الفتاح عاشور . الهيئة المصرية العامة. 1984مـ.

*راجع المقال الباحث: محمد إليولو

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق