الدكتور مصطفى مختار
باحث في مركز علم وعمران
عمل سيدي محمد بن عبد الرحمن العلوي على إحياء حاضرة الدار البيضاء بنقلها من مدينة غير متنامية[1] إلى حاضرة شبه مستديمة بفضل مسير مرساها[2].
ويظهر أن هذا السلطان العلوي، خلال بناءه جامع السوق والحمام القديم[3]، واكب توسع هذه الحاضرة التي كان من بين معالمها المسجد القديم[4]، وجامع ولد الحمراء [5]، وزاوية سيدي محمد بن العربي الدلائي[6]، وغيرها من الزوايا[7]، وضريح سيدي أبي الليوث[8]، ودار جريول أو فريول النصراني[9]، وبعض دور الأهالي[10]، مثل دار ابن عمار التي كان بأسطوانها شبه حمام[11]. وكانت خارج الأسوار قصبة الرحماني بموضع نقابة العمال[12]، بشارع الجيش الملكي حاليا.
وتابع المولى الحسن الأول العلوي سيرة أبيه في تنمية الحاضرة ذاتها التي كانت ذات سور[13] به سقالات[14] وأبراج[15] وأبواب منها باب المرسى[16] وباب الرخا[17] وباب مراكش[18]، ومعالم أخرى، مثل الجامع القديم[19]، وجامع ولد الحمراء[20]، وحمام عمومي أو أكثر[21]، ومعمل البناء المخزني [22]، وهري المخزن الذي بيد جرش الإنجليزي[23]، ونوالات الأعراب[24] ودور الأهالي[25]، مثل دار القاضي سيدي مَحمد بن محمد افرج الرباطي قرب المسجد العتيق[26]، وبمواجهتها دار بلبحر اليهودي المغربي[27]، ودار سيدي محمد أغربي التطواني وكتابه، بزنقة أسفي[28]، ودار الأمين محمد حصار[29]، ودار الأمين ابن جلون[30]، ودار الأمين الطريس[31]، ودار نقيب الشرفاء العلويين سيدي محمد بن الطاهر[32]، ودار الغندور بن الحبيب المديوني، كاتب قنصل الإسبان[33]، ودار أو داريْ إبراهيم[34] وشوميل[35] التدغيين، ودار اليهودي المغربي المحمي يوسف النجليزي[36] ولعل الثلاثة بحي الملاح[37].
وإلى جانب دور الأهالي دورُ الجالية الأجنبية[38]، مثل دار مفتش صحة نزل بها ف. ويسجيربير قرب موضع زنقة الكومندار بروفو أو دار ويسجيربير بزنقة أسفي[39]، ومثل دار قنصل اليونان[40]، ودار "دينك" الإسباني[41]، ودار التاجر كوب قنصل أمريكا[42]، الملاصقة لهري المخزن[43]، بالإضافة إلى كنيسة مسيحية قرب نوائل الأعراب والهري نفسه[44].
وخارج الأسوار كان السجن البرتغالي، معمل الحصر لاحقا، قرب سيدي أبي الليوث[45]، ودار وعرصة ودار الصابون التي بناها جورج الإنجليزي أمام باب مراكش[46]، وقصبة الرحماني، بموضع نقابة العمال، بطريق الرباط[47]، ودار اليهودي المغربي ولد حسيسو، وكارلو المسيحي، بعرصة خارج البلد[48].
ويظهر أن المولى الحسن الأول واكب توسع الحاضرة ببناء السور الجديد. وهو "ميدان فسيح يحتوي على عدة هكتارات محاط بالسور من جهاته الأربع في أبراج محكمة البناء كان بناه السلطان المقدس مولاي الحسن وقصده أن يتخذ قصبة تختط بها دور الأجانب الأوروبيين النازلين بذلك الثغر من قناصل وتجار وغيرهم سعيا وراء جلب الراحة إليهم وإبعادا لهم عمن يخالفهم في العوائد ويباينهم في الذوق إذ لا تتم الراحة للإنسان إلا بجعله مع مجانسه وملائمه وتمكنه مما اعتاد على الطرز الذي أُلف من غير منتقد ولا مشغب وكان بناؤه على يد الأمينين الرباطيين محمد ابن سعيد المعروف بالكدر ثم الحاج عبد الخالق فرج[49].
وأكد زمن المولى عبد العزيز العلوي مركزية الجامع القديم[50] قرب محكمة دار المخزن[51] ودار الأمناء[52] غير بعيد عن دار البورزكي[53]، والسقالة القديمة[54]، ومزارة سيدي علال القرواني[55]، والزاوية القادرية[56]، ومحل للدباغة، خارج باب الرخا[57]، بعيدا عن جامع الشلوح[58]، ومسجد الصومعة "المكرجة"[59]. مثل ما أكد الزمن نفسه دورَ ضريح سيدي أبي الليوث في تنظيم المجال[60]، بوصفه مولى الحاضرة العلوية ابتداء من القرن 13 هـ[61].
وبذلك، شكلت حاضرة الدار البيضاء العلوية، قبل الحماية الفرنسية، مدينة شبه مستديمة[62] قوامها الرواج الاقتصادي[63]، والتسامح الديني[64]، والتعدد الثقافي[65]، والحكامة الأمنية[66]، وشبه محافظة على البيئة[67].
والله الموفق للصواب والمعين عليه.
الإحالات:
[1] كتاب الاستقصا، ج8، أحمد الناصري، تحقيق: جعفر الناصري- محمد الناصري، دار الكتاب، 1997 م، ص99؛ وتاريخ الضعيف الرباطي، ج1، محمد الضعيف الرباطي، تحقيق: محمد البوزيدي البوشيخي، مطبعة النجاح الجديدة، 1988 م، ص389- 390؛ وج2، ص479، وص493، وص494؛ والحلل البهية، ج2، محمد المشرفي، تحقيق: إدريس بوهليلة، دار أبي رقراق، 2005 م، ص50؛ والجيش العرمرم، ج1، محمد الكنسوسي، تحقيق: أحمد الكنسوسي، المطبعة والوراقة الوطنية، 1994 م، ص277؛ وعبير الزهور، ج1، هاشم المعروفي، مطبعة النجاح الجديدة، 2013 م، ص187، وص227.
[2] كتاب الاستقصا، ج8، ص98، وص99؛ وج9، ص102؛ وتاريخ الضعيف الرباطي، ج1، ص382، وص395؛ وج2، ص451، وص454، وص466، وص479، وص481، وص483، وص485، وص488، وص494، وص505، وص594، وص618؛ والحلل البهية، ج2، ص50؛ والجيش العرمرم، ج1، ص277؛ وإتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ج3، عبد الرحمان ابن زيدان، مطابع "إيديال"، 1990 م، ص379، وص381، وص450، وص458، وص459، وص460، وص461، وص468، وص504، وص505، وص546، وص572؛ وعبير الزهور، ج1، ص116، وص142، وص170، وص176، وص178، وص186، وص187، وص222، وص227، وص241.
[3] كتاب الاستقصا، ج9، ص127؛ والحلل البهية، ج2، ص102- 103؛ والاغتباط، محمد بوجندار، تحقيق: أحمد نجيب، دار المذهب، 2014 م، ص371؛ وإتحاف أعلام الناس، ج3، ص566؛ وعبير الزهور، ج1، ص118، وص142، وص143، وص251.
[4] كتاب الاستقصا، ج9، ص127؛ والاغتباط، ص371؛ وعبير الزهور، ج1، ص118.
[5] عبير الزهور، ج1، ص143، وص182، وص184.
[6] كتاب الاستقصا، ج9، ص121؛ والاغتباط، ص370، وص371؛ وعبير الزهور، ج1، ص117، وص118.
[7] الاغتباط بتراجم أعلام الرباط، ص371.
[8] عبير الزهور، ج1، ص100، الهامش رقم 1.
[9] الاغتباط بتراجم أعلام الرباط، ص371؛ وعبير الزهور، ج1، ص117.
[10] الاغتباط، ص371؛ وعبير الزهور، ج1، ص117، وص118.
[11] الاغتباط بتراجم أعلام الرباط، ص371.
[12] عبير الزهور، ج1، ص198؛ وتاريخ الضعيف الرباطي، ج2، ص667.
[13] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ج1، ص431، بتصرف.
[14] نفسه، ج2، ص157.
[15] كتاب الاستقصا، ج9، ص150؛ وإتحاف أعلام الناس، ج2، ص157؛ وعبير الزهور، ج1، ص250.
[16] كتاب الاستقصا، ج9، ص150؛ وعبير الزهور، ج1، ص250.
[17] عبير الزهور، ج1، ص119.
[18] نفسه، ص259.
[19] نفسه، ص141، بحسب الاحتمال.
[20] نفسه، ص143، وص318.
[21] نفسه، ص292، وص293.
[22] نفسه، ص252.
[23] نفسه، ص256.
[24] نفسه، ص256، وص257.
[25] إتحاف أعلام الناس، ج1، ص423؛ وعبير الزهور، ج1، ص120- 122، وص252، وص253، وص257، وص259، وص260، وص261، وص292، وص294.
[26] عبير الزهور، ج1، ص159.
[27] نفسه، ص159.
[28] نفسه، ص127 والهامش رقم 1.
[29] نفسه، ص252، وص262.
[30] نفسه، ص254.
[31] نفسه، ص282.
[32] نفسه.
[33] نفسه، ص292- 294، وص306.
[34] نفسه، ص254، وص255- 256.
[35] نفسه، ص254.
[36] نفسه، ص292، وص293.
[37] إتحاف أعلام الناس، ج1، ص423؛ وعبير الزهور، ج1، ص261.
[38] إتحاف أعلام الناس، ج1، ص428، وص431؛ وعبير الزهور، ج1، ص318.
[39] عبير الزهور، ج1، ص149.
[40] نفسه، ص255.
[41] نفسه، ص294.
[42] نفسه، ص252، وص254.
[43] نفسه، ص254.
[44] نفسه، ص148، وص256، وص282.
[45] نفسه، ص108، وص109، وص120، على سبيل الاحتمال.
[46] نفسه، ص259.
[47] نفسه، ص111، وص169، وص198؛ وتاريخ الضعيف، ج2، ص667.
[48] عبير الزهور، ج1، ص259.
[49] إتحاف أعلام الناس، ج1، ص431- 432؛ وعبير الزهور، ج1، ص318.
[50] عبير الزهور، ج1، ص141، وص141- 142، وص159، وص220.
[51] الاغتباط، ص371؛ وعبير الزهور، ج1، ص118، وص141، وص144، وص220، وص222.
[52] عبير الزهور، ج1، ص220.
[53] نفسه، ص222، وص223.
[54] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ج1، ص425.
[55] نفسه.
[56] نفسه، ص436؛ وعبير الزهور، ج1، ص145، وص147، وص326.
[57] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ج1، ص442، وص443.
[58] الدار البيضاء والشاوية، ج1، البعثة العلمية بالمغرب، ترجمة: نور الدين فردي، مطابع الرباط نت، 2015 م، ص82.
[59] نفسه، ص82- 83.
[60] إتحاف أعلام الناس، ج1، ص425، وص436- 437؛ وعبير الزهور، ج1، ص145، وص147- 148، وص326- 327.
[61] ما وراء المضيق، خوصي بوعادا أي روميو، ترجمة: محمد المرابط، مطبعة ليتوغراف، 2015 م، ص378؛ والدار البيضاء والشاوية، ج1، ص87.
[62] عبير الزهور، ج1، ص118- 119، وص292- 295، وص306- 307.
[63] كتاب الاستقصا، ج9، ص151، وص166، وص174؛ والحلل البهية، ج2، ص161؛ وإتحاف أعلام الناس، ج1، ص420، وص421، وص422، وص424، وص426، وص433، وص434، وص435، وص437، وص438، وص440، وص442- 447؛ وج2، ص131، وص157، وص207، وص321، وص322، بتصرف، وص369، وص382، وص490؛ وج5، ص316؛ وعبير الزهور، ج1، ص120، وص148- 150، وص154، وص222، وص240، وص241، وص250، وص251، وص252، وص254، وص255، وص256، وص259، وص260، وص261، وص263، وص265، وص266- 269، وص271، وص273- 274، وص276، وص279- 281، وص294، وص295، وص296،
وص299، وص300، وص311- 312، وص317، وص324، وص325، وص326، وص336، وص337، وص338؛ والدار البيضاء والشاوية، ج1، ص56، وص59- 61.
[64] كتاب الاستقصا، ج9، ص151؛ وإتحاف أعلام الناس، ج1، ص429، وص435، وص437- 439؛ وج2، ص403- 404؛ وعبير الزهور، ج1، ص119، وص148، وص151- 154، وص159، وص250، وص259، وص260، وص261، وص262- 264، وص282، وص318، وص325- 326.
[65] إتحاف أعلام الناس، ج1، ص436، وص437، وص439- 440؛ وعبير الزهور، ج1، ص98، وص123- 148، بتصرف، وص224، وص322- 323.
[66] كتاب الاستقصا، ج9، ص149، وص150، وص151، وص152؛ وإتحاف أعلام الناس، ج1، ص398، وص420، وص432، وص433- 434، وص436، وص437؛ وج2، ص157، وص369، وص370؛ وج3، ص381، وص571؛ وج5، ص240؛ وعبير الزهور، ج1، ص224، وص228، وص230، وص231، وص232، وص233، وص237، وص249، وص250، وص251، وص262، وص264، وص265، وص266، وص281، وص283، وص284، وص287، وص288، وص289، وص290، وص293، وص295- 296، وص301- 305، وص306، وص318، وص324.
[67] الاغتباط، ص371؛ وتاريخ الضعيف الرباطي، ج2، ص474، وص667؛ وإتحاف أعلام الناس، ج1، ص425، وص429، وص432؛ وعبير الزهور، ج1، ص117، وص119، وص142، وص186، وص259.