مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

البعد التربوي لألفية ابن مالك الطائي الجياني (الحلقة الثانية)

 

– الاستقامة:
قال الناظم – رحمه الله تعالى -:
[كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ ***وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ]
*   *   *
إنَّ أولَ ما ندب إليهِ الناظمُ – رحمه الله تعالى – قَارئَ منظومته هُو الاستقامة؛ فهي عينُ الكرامة، وسبيل السلامة، والعاصمة من الشقاء والملامة،  وإليها يتسابق المتسابقون، وفيها يتنافس المتنافسون، فمن ضرب فيها بأوفر نصيبٍ، ظفر بكل غريبٍ وعجيبٍ، وأتاهُ من المواهب والأسرار، ما تضيق عن ذكره الصحفُ والأسفار.
أ- معنى الاستقامة:
 الاستقامة في اللغة: ضدُّ الميل والاعوجاج، وأما في الاصطلاح الشرعيّ فقد قال ابن رجب الحنبليُّ:”هي سُلوكُ الصِّراط المستقيم، وهو الدِّينُ القيِّم من غير تعريجٍ عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كُلِّها كذلك  (1)”، أو هي – كما قال البيضاوي -:”اتِّبَاع الْحق وَالْقِيَام بِالْعَدْلِ وملازمة الْمنْهَج الْمُسْتَقيم  (2)”، أو هي – كما قال القسطلاني – “اتباعُ الكتاب والسنّة وإخلاص النية  (3)”، أو”المتابعة للسنن المحمدية مع التخلق بالأخلاق المرضية  (4)”.
وهذه التعاريف كلُّها تسبحُ في فلك واحدٍ، وهو اجتنابُ المنهيّات والثبات على الطاعاتِ، من غير وكسٍ ولا شططٍ، ولذلك قال سيدنا عمر- رضي الله عنه -:”الاستقامةُ أن تَسْتَقِيمَ على الأمْرِ والنَّهْي، ولا تروغُ روَغان الثَّعلب  (5)”. 

1- الاستقامة:

قال الناظم – رحمه الله تعالى -:

[كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ ***وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ]

*   *   *

إنَّ أولَ ما ندب إليهِ الناظمُ – رحمه الله تعالى – قَارئَ منظومته هُو الاستقامة؛ فقد قدَّمَها على غيرها من الوصايَا لزيادة العناية والاهتمام، واستهلَّ بها ألفيتَه لأنها المُسعِفَةُ على المطلب والمرام، وكذلك فهي عينُ الكرامة، وسبيل السلامة، والعاصمة من الشقاء والملامة، وإليها يتسابق المتسابقون، وفيها يتنافس المتنافسون، فمن ضرب فيها بأوفر نصيبٍ، ظفر بكل غريبٍ وعجيبٍ، وأتاهُ من المواهب والأسرار، ما تضيق عن ذكره الصحفُ والأسفار.

أ- معنى الاستقامة:

 الاستقامة في اللغة: ضدُّ الميل والاعوجاج، وأما في الاصطلاح الشرعيّ فقد قال ابن رجب الحنبليُّ:”هي سُلوكُ الصِّراط المستقيم، وهو الدِّينُ القيِّم من غير تعريجٍ عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كُلِّها كذلك  (1)”، أو هي – كما قال البيضاوي -:”اتِّبَاع الْحق وَالْقِيَام بِالْعَدْلِ وملازمة الْمنْهَج الْمُسْتَقيم  (2)”، أو هي – كما قال القسطلاني – “اتباعُ الكتاب والسنّة وإخلاص النية  (3)”، أو”المتابعة للسنن المحمدية مع التخلق بالأخلاق المرضية  (4)”.

وهذه التعاريف كلُّها تسبحُ في فلك واحدٍ، وهو اجتنابُ المنهيّات والثبات على الطاعاتِ، من غير وكسٍ ولا شططٍ، ولذلك قال سيدنا عمر- رضي الله عنه -:”الاستقامةُ أن تَسْتَقِيمَ على الأمْرِ والنَّهْي، ولا تروغُ روَغان الثَّعلب  (5)”. 

وقد حثَّ على الاستقامة الكتابُ والسنةُ، وحضَّا المؤمنين على ملازمتها، ومن ذلك قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)[فصلت:30]، وقوله:( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأحقاف:13-14]، وقوله للنبي – صلى الله عليه وسلم – ولجميع المؤمنين:(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[هود: 112]، وقوله:(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ)[الجن: 16] . وجاء في الحديث: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي أَمْرًا فِي الْإِسْلَامِ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ؟ قَالَ:«قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ واسْتَقِمْ»[رواه مسلم]، ورُوي بلفظِ:«…ثم استقمْ»، أي:“الزم عملَ الطّاعات والانتهاءَ عن المخالفات  (6)”.

والاستقامة بغيةُ الأولياء، وغايةُ ما ترنو إليه الأصفياء، و”درجةٌ بِهَا كمال الأمور وتمامُها, وبوجودِها حصولُ الخيرات ونظامُها(7)  “، ولذلك قال أبو المحامد الشيخ الخديم – رحمه الله تعالى -:[من الرجز]

وَلَا تَكُنْ مُفَرِّطًا أَوْ مُفْرِطَا  ///  بَلِ اسْتَقِمْ فِي سُنَّةٍ وَأَقْسِطَا

     فَأَخْبَرُوا بِأَنَّ الاِسْتِقَامَهْ  ///  نِهَايَةُ الصَّلَاحِ وَالْكَرَامَهْ(8)  

وقالوا:”أَعْظَمُ الْكَرَامَةِ لُزُومُ الِاسْتِقَامَةِ”، وقال الشيخ ابن عجيبة – رحمه الله تعالى -:”والكرامةُ الحقيقة هي: الاستقامةُ على الدين وحصول كمال اليقين. وأما خوارق العادات الحسية فإن صحبتها الاستقامة ظاهراً وباطناً وجبَ تعظيمُ صاحبِها، لأنَّهَا شاهدةٌ له بالكمالِ مما هُو فيه، وإن لم تصحَبْها استقامة فلا عبرة بها  (9)”.

ب – أنواعها:

  والاستقامة على ضربين  (10):

الأول: الاستقامة مع الحق، وتكون بفعل الطاعة، عقداً وقولاً وفعلاً.

الثاني: الاستقامة مع الخلق، وتكون بالبشر وطلاقة الوجه، ومخالقتهم بخلق حسنٍ، وتحمُّلِ أذاهم ومعاملتهم بما تحبُّ أن يعاملوكَ به.

ومن جمع ذلك فقد تحصلت لديه”الاستقامةُ الجامعة التي هي الدرجةُ القُصوى التي بها كمالُ المعارف والأحوال، وصفاءُ القلوب في الأعمال، وتنزيهُ العقائد عن سفاسفِ البدع والضلال  (11)”.

وبهذه النصوص تكتشف ما يَرمي إليه الناظم ابن مالك – رحمه الله تعالى -، وضرورةَ شدِّ المرءِ حيازيمَه لتَحصيل الاستقامة، لاسيّما طالب العلم؛ فإذا حصَّلها صفتْ سريرتُه، ونارتْ بصيرتُه، وانقادت له المطالب، وترقَّى إلى أعلى المراتب، وكذلك فالعلم نورٌ فلا يُعطى لمن يركب الشّبهات، ويتقاعس عن الطاعات، ويخلدُ إلى المنهيات والشهوات، ولله درّ الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – حين قال:[من الوافر]

شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي   ///   فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصِي

    وَأَخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ   ///   ونورُ الله لا يُهْدَى لعَاصِ

* * *

الهوامش

1.  جامع العلوم الحكم، 2/607.

2.  الكاشف عن حقائق السنن، 3/750، فيض القدير، 1/634.

3.  إرشاد الساري، 3/437.

4.  فيض القدير، 4/523.

5.  تفسير البغوي، 4/132.

6.  فيض القدير، 4/523.

7.  الرسالة القشيرية، 2/356.

8.  مسالك الجنان، ص:147.

9.  إيقاظ الهمم، ص:397-398.

10.  فيض القدير، 4/523، بتصرف.

11.  فيض القدير، 4/523.

***

«((اللهم أنتَ ربُّنا فارزُقنَا الاستقامة))»

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق