الرابطة المحمدية للعلماء

الإنجليزية لغة من لغات الإسلام

د. خالد الساقي: “لا تقدم لأمة من الأمم بغير لغة قومها..”

تمحور العدد الأخير من الحوار المفتوح حول “الإنجليزية لغة من لغات الإسلام” باستضافة أستاذ اللغة الإنجليزية بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط، الدكتور خالد الساقي. وكان طبيعيا أن يثار التساؤل، من طرف جمهور زوار موقعنا الكرام، عن مغزى كون اللغة الإنجليزية لغة من لغات الإسلام؟ ليأتي رد الضيف مؤكدا أن اللغة الإنجليزية، بغض النظر عن كونها ” اللغة المهيمنة اقتصاديا وسياسيا..” على الصعيد الدولي، فهي تعد ” فعلا لغة من لغات الإسلام”؛ “فالأمر يتعلق بالأحرى بمستعمليها ودياناتهم؛ فالإنجليزية، والحالة هذه، أكثر اللغات انتشارا بين المسلمين، إذ أكثر من ثلثي هؤلاء لا يستعملون العربية، ومعظم العجم إما يتكلمون الإنجليزية في معاملاتهم اليومية أو على الأقل لهم دراية ما بها. ومن هنا نقول إنها لغة من لغات الإسلام.”

وجوابا على مدى إمكانية اعتبار “كل اللغات إسلامية؟” اعتبر الضيف أن البت في هذا الأمر “يعتمد الحكم على المقصود من العبارة الواردة فيه. فيمكن اعتبار كل اللغات كذلك، إن قلنا إن اللغة لا توجد إلا بوجود مستعمليها. وبالتالي فإذا كان مستعملو لغة ما مسلمين، صح الحكم أن لغتهم لغة إسلامية. لكن في حال العكس لا يصح أن نقول إن لغة غير المسلمين لغة كفر؛ إذ يمكن أن يصبح أهلها مسلمين يوما ما، فيصير من العبث أن نقول إن لغتهم أسلمت.”

غير أن الأستاذ خالد الساقي شدد بالمقابل على أن “تعامل المسلمين مع اللغة الإنجليزية ينبغي أن يكون متوازنا وحكيما”، مضيفا أن من “يرفض لغة ما لأسباب آنية أو شخصية أو عصبية، مخطئ كل الخطأ؛ ذلك أن كل اللغات أوعية لثقافاتها، وكل ثقافة ثقافة لها ما تثري به الوجود الإنساني بشكل أو بآخر.وبما أن الأمر يتعلق في حديثنا باللغة الإنجليزية، فينبغي أن نعي أهمية هذه اللغة خاصة في هذا الزمان..”

ويعزز الأستاذ خالد الساقي دعواه السالفة من خلال استحضاره لمعيار المصلحة الذي يعد من أهم المعايير الذي تعتمد عليها النظرية المقاصدية من منطلق أن ” تعلم اللغات لا يمكن أن يأتي إلا بخير..” مؤكدا أن “الإسلام لا يمانع في تعلمها والاستفادة منها..” بمقتضى “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.”
أما عن التدافع بين اللغة الفرنسية والإنجليزية وغيرها من اللغات في بلدنا وفي مختلف أنحاء العالم فقد ذهب الضيف إلى أنه يندرج ضمن سنة التدافع التاريخي، مؤكدا أن ” التاريخ سوف يقرر لمن البقاء..”
غير أن كل هذا التنويه بأهمية وجدوى وضرورة تعلم وتعليم اللغة الإنجليزية لا ينفي إيمان الأستاذ خالد الساقي أن لا تقدم لأمة من الأمم بغير لغة قومها..

ومن القضايا المهمة التي أثيرت في هذا الحوار؛ شروط وضوابط ترجمة القرآن المجيد. وفي هذا الإطار أكد الضيف الكريم أنه “لا يجوز ولا يصح أن يترك مجال ترجمة القرآن الكريم إلا لمن تتوفر لديه القدرة على ذلك: فلا تقبل ترجمة بصفة عامة إلا ممن يتقن لغته الأصلية (العربية) واللغة المترجم إليها مهما كانت (لنقل الإنجليزية مثلا)، كما أن على المترجم واجب التعمق في ثقافتي اللغتين معا. هذا عن الترجمة عموما، فإذا تعلق الأمر بنص خاص يحمل معاني ومبادئ خاصة مثل القرآن الكريم، فإن الأمر يستدعي بالإضافة إلى ما أسلفنا التعمق في محتوى النص والعلوم التي ترافقه.”

وكذلك قضية مدى جدوى تعليم الأطفال لأكثر من لغة أجنبية في وقت واحد وما من شان ذلك أن يحدثه من اضطراب وتشوش لدى الصغار” الذين لا تتاح لهم فرصة تعلم كل لغة  بما يمكنهم من تمثل شخصيتها وخصوصيتها ومنطقها الداخلي. “وجوابا على هذا التساؤل اعتبر الأستاذ خالد الساقي أنه ” مهما تعددت اللغات في وقت واحد، فالطفل له القدرة على استيعابها جميعا، ولا تستعجلن الأمور: فحتى لو لم يتحدث الطفل في الوقت المرغوب، فإنه سيحقق ذلك لا محالة. وكل ما ينبغي القيام به هو إفساح المجال له من أجل ممارسة هذه اللغات وتشجيعه على ذلك. ولن يحصل إذاك أي ارتباك إن شاء الله. هذا ما تشهد به البحوث الميدانية ذات المصداقية.”

وتأكيدا على الأهمية الدينية للغة العربية شدد الضيف الكريم على أن “القرآن قد نزل بلسان عربي مبين..” ولذلك “لا يجوز التعبد به إلا كما أنزل” منبها على أن رب العباد الذي علم الإنسان البيان ” يفهم كل اللغات بل يعلم السر من القول.. بل حتى إذا كان المتعبد أبكم فإن الله مطلع على ما في قلبه.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق