الرابطة المحمدية للعلماء

اختتام المؤتمر الأول للإعجاز العددي في القرآن الكريم

دعاته يريدون إثبات وجوده، والبعض يتساءل عن فائدته، وآخرون يتخوفون من انحرافاته.. !!

اختتم المؤتمر الأول للإعجاز العددي في القرآن الكريم، الذي نظمته الهيئة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن والستة، أشغاله مساء الأحد الماضي 09 نونبر 2008، على إيقاع الأرقام والحسابات الرياضية لحروف القرآن وكلماته وآياته وسوره.
ورابط المحاضرون المشاركون في المؤتمر، الذين جاؤوا من بلدان مختلفة من ماليزيا وفلسطين والأردن وتونس والجزائر والعراق والإمارات العربية المتحدة، على مدى يومين كاملين بكلية العلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط، للتأصيل للإعجاز الرقمي في القرآن ووضع جهازه المفاهيمي وضوابطه الأساسية وأسسه العقدية.
وعزف المشاركون على ترديد خلاصة واحدة خلال المؤتمر التأسيسي الأول للإعجاز الرقمي في القرآن هي أنه إذا كان القرآن الكريم معجز في بيانه ولغته، ومعجز في حقائقه العلمية الدقيقة، فإنه أيضا معجز في أرقامه وترتيب سوره التي لم توضع في كتاب الله اعتباطا.
وفي مداخلة بعنوان “النظام التكويني والنظام العددي في القرآن الكريم”، قال الدكتور الحسين زايد، رئيس الهيئة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، إن ترتيب الآيات وتنزيلها كما هو وارد في القرآن الكريم هو من وضع الله تعالى، وهو ما يسمى بـ”الإحكام العددي”، وهو إعجاز جديد في القرآن تم اكتشافه على ضوء تطور العلوم والتكنولوجيا، يضاف إلى ما أبدع فيه الأوائل فيما يسمى بالإحكام اللغوي أو البياني.
وقال الدكتور ذو الكفل محمد يوسف من ماليزيا، وهو متخصص في علوم الشريعة، في محاضرة بعنوان ” الإعجاز العددي: مفهومه وضوابطه”، إن الهدف من هذا العلم الجديد هو معرفة النظام العددي للقرآن الكريم، واكتشاف العلاقة التي تربط بين عدد حروف وكلماته وآياته، لتحديد الدلالة والمغزى من ذلك. وحدد “ذو الكفل” المقصد من هذا التخصص وهو الانفتاح على شريحة من الناس لا تؤمن إلا بلغة الأرقام والأعداد ولا تستعمل إلا الحواسيب الإلكترونية لإقناعهم بصدقية القرآن وأنه من تنزيل الله تعالى. ولا يجوز بأي حال من الأحوال للمشتغلين بالإعجاز العددي، في إطار الضوابط الشرعية لهذا العلم، يضيف الدكتور الماليزي، معارضة مبدأ شرعي أو قاعدة دينية في التعامل الرقمي مع القرآن الكريم أو استعمال الحساب الرياضي للخوض في الأمور الغيبية، كما ينبغي أن تكون طريقة البحث في هذا المجال موافقة للطرق العلمية والرياضية والابتعاد عن الاحتمالات والمصادفات.

وفي السياق ذاته، حاول الدكتور عز الدين كشنيط من الجزائر أن يقوم بتأسيس عقدي للإعجاز العددي في القرآن الكريم، مستدلا ببعض صفات الله تعالى الدالة على الإحصاء والعد والحساب مثل الخبير والحسيب والمحصي، ومستعينا بمجموعة من آيات القرآن المشيرة إلى قدرة الله وكماله في العد والحساب والإحصاء. وخلص الدكتور كشنيط إلى أن مسألة قبول الناس لهذا العلم الجديد هي مسألة وقت فقط، وأن “الرقم” مثل “الكلمة” سيثبت ظاهرة الإعجاز العددي والمظاهر الهندسية للقرآن الكريم.
لكن جانبا ممن تابعوا أطوار المؤتمر الأول للإعجاز العددي في القرآني أبدوا خلال تعقيباتهم على العروض المقدمة بعض التحفظات على هذا التخصص الجديد وتخوفهم من أن لغة الأرقام سوف تكون عسيرة الهضم لدى غالبية الناس.

وذهب أحد المتدخلين إلى أن استعمال الأرقام في القرآن الكريم لن تكون لها فائدة كبيرة ولن ترفع من إيمان المتلقين، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستعمل لغة الأعداد لإقناع الصحابة بمعجزة القرآن أو إدخال الناس إلى الإسلام.

وفي تعقيبه على هذا الرأي، قال الدكتور الماليزي ذو الكفل إن هناك فئات واسعة في العالم الآن لا تفهم إلا لغة الأرقام، ولا تتواصل إلا عبر الحواسيب والآلات الإلكترونية الحديثة، ولا يمكن مخاطبتها إلا على هذا الأساس، وهي من الممكن أن تسلم بما يحويه القرآن من إعجاز رقمي.

ورأى جانب آخر من الحضور، الذين كان ضمنهم بعض المتخصصين في علوم شتى، أن استعمال مصطلح “الإعجاز” في حد ذاته لم يعد مقبولا، لأن الله لا يريد أن يعجز عباده عن فهم الأعداد أو الأرقام، وأن القرآن ليس رسالة يعجز الناس عن فهمها، واقترح على المؤتمرين أن يستعملوا في كلامهم مصطلحات مثل “الإحكام العددي” أو “الإحكام العلمي” أو “الإشراق البياني” عوض الإعجاز البياني.

وقال أحد المتدخلين إن الدراسات المتعلقة بالأعداد لا ترقى إلى درجة الإعجاز الرقمي، وإنما هي مجرد دراسة عادية لظواهر عددية أو حسابية في القرآن الكريم.

وكان للمؤتمر الأول للإعجاز العددي للقرآن جوانب تطبيقية، حيث ألقى مهندسون عروضا اعتبروها إعجازا رقميا في القرآن الكريم، من قبيل التوزيع المحكم لسور القرآن وحروفه وكلماته وآياته، وأسرار العدد ثلاثة في القرآن، والعدد في سورة الجن، وترتيب سور الفواتح.

وحاول المهندس ماهر عمر أمين من العراق إثبات الأعجاز العددي في آية البسملة، كما انتهى الأستاذ محمد امساعدي من المغرب إلى وجود تناغم عددي بين روايتي ورش وحفص، ليخلص في النهاية أنهما أمران توقيفيان من صنع الله تعالى، وأن الصحابة كتبوه وحفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما هو مجود الآن بيننا.
وأوصى بعض المحاضرين بتنظيم مزيد من المؤتمرات والندوات في ميدان الإعجاز العددي في القرآن الكريم حتى يتقبله الناس ويتفهموه، وبضرورة الاجتهاد الجماعي في هذا المجال، واستعمال الانترنيت لتنسيق جهود العاملين فيه، مع احترام الضوابط الشرعية والعلمية في التعامل مع نصوص الوحي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق