إلقاء الشعر في التراث العربي (الحلقة الأولى)
تمهيد:
كان إنشاد الشعر وإلقاؤه منذ العصر الجاهلي مصاحبا لنظمه، ويفسَّر ذلك بأن الإلقاء كان الوسيلة الوحيدة لذيوعه بين القبائل، لعدم وجود الكتابة وعدم انتشارِها بين العرب بشكل كبير، وقد كان للأسواق في الجاهلية الأثر الكبير في هذه المصاحبة ويسميها بعضهم «مواسم الأدب»، وكانت للأدب العربي خيرَ معِين ومساند؛ ففي هذه الأسواق اطلعنا على عدد غير قليل من الأحكام النقدية، نجدها منثورة في كتب النقد القديمة التي دونتها، وهي في الوقت نفسه عبارة عن منتديات يرتادها الشعراء لعرض أشعارهم فيتلقفها المستمعون ويحفظها الرواة فتذيع في القبائل.
وكان من جملة ما حفِظَت لنا الأخبار عن هذه الأسواق إلقاء الشعر: وهو موضوع ذو أهمية كبرى، ويكتسب أهميته مما تعلق به، ألا وهو الشعر الذي قال فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه «كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه» وهو فخر العرب العظيم وقسطاسها المستقيم(1).
«والإلقاء الجيد له أثره في نفوس السامعين؛ إذ يسمو بالشعر إلى أرقى الدرجات، كما أن سوءَ الإلقاء قد يخفض من قدرِ الشعر الجيد؛ لأن الإلقاء عنصر من عناصر الجمال في الشعر، لا يقلُّ أهمية عن ألفاظه ومعانيه وأخيلته»(2)، وهو أمر يتفق عليه القدماء والمحدثون؛ يقول عبد الله بن معاوية من القدماء:
يُزَيِّنُ الشِّعْرَ أَفْوَاهٌ إِذَا نَطَقَتْ بِالشِّعْرِ يَوْماً، وَقَدْ يُزْرِي بِأَفْوَاهِ(3)
ويقول البارودي يصف شعره وهو ينشده بنفسه، وهو من الشعراء المحدثين:
وَمَا هُوَ إِلَّا الشِّعْرُ سَارَتْ عِيَابُهُ وَفِي طَيِّهَا مِنْ طِيبِ مَا ضُمِّنَتْ نَشْرُ
فَأَلْقِ إِلَيْهِ السَّمْعَ يُنْبِئْكَ أَنَّهُ هُوَ الشِّعْرُ لَا مَا يَدَّعِي المَلَأُ الغَمْرُ
يَزِيدُ عَلَى الإِنْشَادِ حُسْنًا كَأَنَّنِي نَفَثْتُ بِهِ سِحْرًا وَلَيْسَ بِهِ سِحْرُ(4)
على أنه وُجِد من الشعراء مَنْ أنكر دور الإنشاد مثل أبي العلاء المعري إذ يقول:
إِذَا النَّاسُ حَلَّوْا شِعْرَهُمْ بِنَشِيدِهِم، فَدُونَكَ مِني كُلَّ حَسْنَاءَ عَاطِلِ
وَمَنْ كَانَ يَسْتَدْعِي الجَمَالَ بِحِلْيَةٍ، أَضَرَّ بِهِ فَقْد البُرَى والمرَاسِلِ(5)
وفي حَالَة ما لم يلقِ القصيدة الشاعر الذي نظمها لأسباب معينة؛ فحينئذ «يحتاج إلى مُلقٍ متمرس، ولابد له من أن يَفهَم معنى القصيدة كاملا ويحيط برويها وبحرها وكلماتها ومفرداتها ومعانيها، بمعنى أنه يجب على من يلقي الشعر أن يكون ملمًّا بفهم القصيدة والمناسبة التي ألقيت فيها، فالشعر تختلف معانيه، فإلقاء القصيدة في الرثاء على خلاف إلقاء قصيدة في الحكمة»(6).
«ووظيفة إلقاء الشعر تتطلب قراءة تعمل على اتصال كلمات القصيدة الشعرية الواحدة بعضها ببعض اتصالا وثيقًا يتفق مع طبيعة المقاطع والموسيقى الشعرية»(7).
«لأن إلقاء الشعر يبعث فيه حياة ويبعث فيه متعة وحلاوة فلا تكاد الأذن تسمعه حتى تصل حلاوته إلى القلوب»(8)، وإلقاء الشعر غير إلقاء النثر، ولذا ينبغي أن نتعرف على كيفية إلقاء الشعر وتطوره عبر العصور في التراث العربي.
إلقاء الشعر العربي عبر العصور:
قد يختلف إلقاء الشعر من عصر إلى عصر ومن بيئة إلى بيئة، كما قد تختلف هيئة الشاعر زمن الإلقاء، وقد يكون لشاعر معين طريقة خاصة به اكتسبها من روح عصره، وهو ما سنميطُ عنه اللثام عند الحديث عن إلقاء الشعر في العصور الأدبية، ثم ننتقل إلى الحديث عن إلقاء الشعر وعلاقته بغرض القصيدة وعلاقته بعلم العروض ثم علاقته بعيوب الشعر، ثم ننتقل إلى الحديث عن الفرق بين تلقي الشعر مسموعا ومرئيا ومقروءا:
العصر الجاهلي:
كانت الأسواق منذ العصر الجاهلي ملاذ الشعراء، يقصدونها لإلقاء ما جَدَّ من شعرهمْ أمام مرتاديها، وإن أشهرها سوق عكاظ «وحَالُ الأسواق الأخرى مثل حال سوق عكاظ, من حيث ورود الشعراء إليها لعرض ما عندهم من شعر جديد»(9).
حتى إن عمرو بن كلثوم حين ألقى قصيدته عند عمرو بن هند وقف بهذه المعلقة في سوق عكاظ فأنشدها في موسم الحج(10) حتى يكتب لها الذيوع والانتشار.
ولسنا نعثر على هيئة محددة لإلقاء الشاعر الجاهلي قصيدته بشكل دقيق، وقد وقفتُ على نص في «شرح المعلقات السبع» للزَّوْزَنِي في حادثة عمرو بن هند وإنشاد عمرو بن كلثوم قصيدته، حيث يقول: « [...]فلما أصبحوا، جاءت تغلب يقودها عمرو بن كلثوم، حتى جلس إلى الملك. وقال الحارث بن حلِّزة لقومه: إني قد قلت خطبة، فمن قام بها ظفر بحجته، وفَلَج على خصمه. فروّاها ناسًا منهم. فلما قاموا بين يديه لم يرضهم. فحين عَلِمَ أنه لا يقوم بها أحد مقامه. قال لهم: والله إني لأكره أن آتي الملك، فيكلمني من وراء سبعة ستور، وينضح أثري بالماء إذا انصرفت عنه - وذلك لبرص كان به- غير أني لا أرى أحدًا يقوم بها مقامي، وأنا محتملٌ ذلك لكم، فانطلق حتى أتى الملك. فلمَّا نظر إليه عمرو بن كلثوم قال للملك: أهذا يناطقني، وهو لا يطيق صدر راحلته؟ فأجابه الملك حتى أفحمه، وأنشد الحارث قصيدته: « آذنتنا ببينها أسماء»، وهو من وراء سبعة ستور، وهند تسمع. فلمّا سمعت قالت: تالله ما رأيت كاليوم قط رجلًا يقول مثل هذا القول، يكلم من وراء سبعة ستور! فقال الملك: ارفعوا سترًا، ودنا، فما زالت تقول، ويرفع ستر فستر، حتى صار مع الملك على مجلسه. ثم أطعمه من جفنته، وأمر ألا ينضح أثره بالماء، وجز نواصي السبعين الذين كانوا في يديه من بكر، ودفعها إلى الحارث، وأمره ألا ينشدَ قصيدته إلا متوضئًا، فلم تزل تلك النواحي في بني يشكر بعد الحارث.
وقام عمرو بن كلثوم، فأنشد جزءًا من معلقته مفتخرًا على خصومه، غير منتبه لمركز الملك، وما يلزم لمداراته واستمالته، فحكم عمرو بن هند على التغلبيين، فانصرف عمرو ورهطه غاضبين»(11).
ونقف من خلال هذه القصة على عدة أمور:
أولها: أن إلقاء الشعر في مجلس الملوك عادة عربية منذ العصر الجاهلي.
ثانيها: أن من عادة ملوك العرب إِنْ كان الشاعر مصابا بداء أن ينشدهم شعره وهو من وراء سبعة ستور ولا ينشد الملك وهو في مجلسه مباشرة.
ثالثها: أن من عادة الشاعر أن ينشد شعره قائما كما فعل عمرو بن كلثوم.
وقيل أيضا إن الحارث بن حلزة قام فارتجل قصيدته هذه ارتجالا توكأ على قوسه وأنشدها وانتظم كَفَّه وهو لا يشعر من الغضب حتى فرغ منها (12).
العصر الإسلامي:
استمر حال إلقاء الشعر في العصر الإسلامي عَلَى ما كان عليه في العصر الجاهلي وأهم خبر يُطلعنا على إنشاد الشعر في هذا العصر هو خبر إلقَاءِ كعب بن زهير قصيدته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المرزوقي في أماليه راويا قصة كعب: « وأقبل حتَّى أتى المدينة، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة، فمرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال الرجل: هذا رسول الله، فَقُمْ إليه واستأمنه، فقام إليه حتَّى جَلَسَ بين يديه، ووضع يده في يده، وكان صلى الله عليه وسلّم لا يعرفه، فقال: يا رسول الله: إنَّ كعب بن زهير قد جاء يستأمنك مسلماً تائباً فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟ قال: نعم، قال: فأنا يا رسول الله كعب بن زهير وأنشده»(13)، وفي الخبر ما يدل على أن كعبا أنشد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بين يديه، وتُفسَّر هيئة جلوسه بأمور عديدة أهمها: أن في تلك الهيئة ما يدلُّ على طلب الأمن والتوسل بعد أن هَدَرَ النبي – صلى الله عليه وسلم- دمه، وكذلك إن في الخبر ما يدل على أن المخاطَبَ بالقصيدة هو الرسول – صلى الله عليه وسلم – وحده، وقيام الشعراء عند الإلقاء مراد منه إسماع الجميع ولا وجه لإنشادهم جلوسا إلا في حضرة الخلفاء والملوك، وأن جلوسه فيه أيضا إيماء إلى تواضعه وتَوبته وطلبه العفو وتخليه عن تكبر الشعراء فليس هذا موقف التكبر.
ويُذكَر أن هند بنت عتبة بن ربيعة قصدت سوق عكاظ في الإسلام حين قُتِلَ أهلها في بدر، وقَرَنَت جملها بجملِ الخنساء، وأخذت كل منهما تُعَاظم الأخرى بمصابها وتساجل في الشعر لوعة بلوعة، ورثاء برثاء(14)، ويظهر لنا مظهر آخر من مظاهر إلقاء الشعر وهو الإلقاء على ظهر الجَمَل.
وتفسر هيئة الإلقاء هذه بأمور عديدة منها: أن الإلقاء في السوق يحتاج إلى مكان عالٍ ينشدُ فيه الشاعر قصيدَتَه حتى يتسنى للجميع أن يسمعها، وأن إلقاء الشاعر يختلف عن إلقاء الشاعرة فالرجل يستطيع أن يُسْمِعَ الجميعَ ولو كان واقفا لأن هيئته الجسمية تسمحُ بذلك أما المرأة فيعسرُ عليها ذلك وتحتاج إلى واسطة، وقبل كُلِّ هذا فالجمل وسيلة للتنقل عند العرب.
وقد كان الشعر باعتباره علم العرب الأول مصاحبا للدعوة الإسلامية خاصة في عصرها الأول لذلك وجدنا شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم ينشدونه في مسجِدِه ولم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم حَرجا في ذلك، بل ثبت عنه أنه أجزل العطاء للشعراء.
وقد وُجِدَ في العصر الإسلامي من الشعراء من كان يجود إلقاء الشعر وإنشاده ومن هؤلاء عباد العنبري وقد قال الفرزدق لعبّاد يوما : «حسنُ إنشادِكَ يُزَيِّنُ الشعرَ في فَهمِي»(15).
العصر العباسي:
قوي اهتمام الخلفاء في الدولة العباسية بالشعر والشعراء فأجزلوا لهم العطايا وأثابوهم على حسن صنيعهم، وازدحم البلاط العباسي بالشعراء يمدحون ويهنئون ويستنجدون ... ويظهر أنه استمرت هيئة إلقاء الشعر على ما كانت عليه في التراث العربي من قيام الشاعر وجلوس الخليفة أو الممدوح بصفة عامة إلا في حالات نادرة، ولما قَدِمَ أبو تمّام على الحسن بن رجاء، فأنشده قصيدته فيه حتى انتهى إلى قوله:
لَا تُنْكِرِي عَطَلَ الكَرِيمِ مِنَ الغِنَى فَالسَّيْلُ حَرْبٌ لِلْمَكَانِ العَالِي
قام قائما، وقال: والله ما سمعتُها إلا وأنا قائم، لما تداخله من الأريحية فلما فرغ قال: ما أحسن ما جلوت هذه العروس. فقال أبو تمام: لو أنها من الحور العين لكان قيامك أوفى مهر لها(16).
وقد رأينا من الشعراء في هذا العصر من قَعَدَ عن إلقاء شعره لأسباب كثيرة منها: اللكنة والعجمة واللثغة كحال أبي عطاء السندي، واسمه مرزوق، مولى أسد بن خزيمة، وكان جيّد الشعر، وكانت فيه عجمة ومن قصته ما رواه ابن قتيبة يقول:« قال حمّاد عجرد: كنت أنا وحمّاد الرواية وحمّاد بن الزّبرقان النحوي وبكر بن مصعب المزني مجتمعين ، فنظر بعضُنا إلى بعض، فقلنا: ما بقي شيء إلا وقد تهيّأ لنا في مجلسنا هذا، فلو بعثنا إلى أبي عطاء السندي، فأرسلنا إليه، فقال حمّاد بن الزبرقان: أيّكم يحتال لأبي عطاء حتّى يقول: «جرادة» و «زجّ» و «شيطان» ؟! قال حمّاد الرواية: أنا، فلم يلبث أن جاء أبو عطاء، فقال: مرهبا مرهبا، هيّاكم الله!! قلنا: ألا تتعشّى؟ قال: قد تأسيّت، فهل عندكم نبيذ؟ قلنا: نعم، فأتى بنبيذ، فشرب حتّى استرخت عَلابِيُّه وخذيت أذناه، فقال حمّاد الرواية : كيف بصرك باللّغز يا أبا عطاء؟ قال: هسن، قال:
فما صفراء تُكنَى أمّ عوف كأنّ رجيلتيها منجلان؟
قال: زرادة، قال: أصبت، ثم قال:
فما اسم حديدة في الرّمح ترسي دوين الصّدر ليست بالسّنان؟
قال: ذرّ، قال: أصبت، ثم قال:
فتعرف منزلا لبني تميم فويق الميل دون بني أبان؟
قال: في بني سيطان، قال أصبت»(17)، وقد نَظَمَ في هذا الشأن قصيدة يستنجد بها سليمان بن سليم، يقول الأصفهاني: « أخبرني جعفر بن قدامة قال حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه قال كان أبو عطاء السندي يجمع بين لثغة ولكنة وكان لا يكاد يفهم كلامه فأتى سليمان بن سليم فأنشده:
أعوزَتْني الرُّواةُ يا ابْنَ سُليم وأبى أنْ يقيم شِعْرِي لساني
وغَلَى بالذي أُجَمْجِمُ صَدْرِي وجَفَاني بعُجْمَتي سلْطانِي
وازْدَرَتْني العيونُ إذ كان لَوْنِي حالكاً مُجْتَوىً من الألوان
فضربتُ الأمورَ ظَهْراً لبَطْنٍ كيف أحْتَالُ حِيلةً للساني
وتمنيتُ أنني كنت بالشِّعْــ ــــرِ فَصِيحاً وبانَ بَعْضُ بَناني
ثم أصبحتُ قد أنخْتُ رِكابي عند رَحْبِ الفِنَاء والأعطان
فاكفِني ما يَضِيقُ عنه رُوَاتي بفصيح مِنْ صَالحِ الغِلمان
يُفْهِمُ الناسَ ما أقول من الشِّعْــ ــرِ فإنَّ البيانَ قَدْ أعياني
فاعْتَمِدْني بالشكر يا ابْنَ سُلَيم في بلادِي وسائرِ البُلدان
سَتُوَافيهِمُ قَصائدُ غُرٌّ فيك سَبَّاقةٌ لكل لسان
فقديماً جعلتُ شكري جَزَاء كلّ ذِي نعمةٍ بما أوْلاَني
لم تَزَلْ تشتري المحامِدَ قِدماً بالرَّبيح الغالي من الأَثمان
فأمر له بوصيف بربري فصيح، فسماه عطاء، وتَكَنَّى به، وروَّاه شعره، فكان إذا أراد إنشاد مديح لمن يجتديه، أو مذاكرة لشعره أنشده»(18)، وهذا يدل دلالة واضحة على أن إلقاء الشعر ذو أهمية كبرى ربما تكون موازية في القدر لنظمه وصياغته.
كما وجدنا من الشعراء من كان يُجيدُ إلقاء شعره مثل محمد البيدق وقد كان «أحسن الشُّعَرَاء إنشادًا كَانَ إنشاده أحسن من الغناء»(19)، وقال الأصفهاني: « كان قصيرا فَلُقِّبَ بالبيدق لقصره، وكان ينشد هارون أشعار المحدثين وكان أحسن خلق الله إنشادا [...] وكان إنشاد محمد البيدق يُطْرِب كما يطرب الغناء»(20).
وكان أبو سعيد المخزومي أيضا يجيد إنشاد الشعر وقد دخل يوما على إسحاق بن ابراهيم المصعبي فأنشده قصيدة، وكانَ حسنَ الإنشاد، ثم دخل بعده الطائي فأنشده، وكان رديء الإنشاد، فقال المصعبي للطائي: لو رأيت المخزومي أنشدنا آنفاً!! فقال الطائي: أيها الأمير، نشيد المخزومي يطرق بين يدي نشيدي(21).
وقد كان لأبي تمام أيضا غلام ينشدُ شعره، فقد جاء في أخباره عن الصولي قال: « حدثني أبو بكر بن الخراساني قال، حدثني علي الرازي قال: شهدت أبا تمام، وغلام له ينشد ابن أبي دؤاد: [ثم ذكر الأبيات]» (22).
وفي خبر آخر: « حدثني أحمد بن إبراهيم قال، حدثني محمد بن روح الكلابي قال: نزل علي أبو تمام الطائي، فحدثني أنه امتدح المعتصم بسر من رأى بعد فتح عمورية، فذكره ابن أبي دؤاد للمعتصم، فقال له: أليس الذي أنشدنا بالمصيصة الأجش الصوت؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنَّ معه راويةً حسن النشيد، فأذن له، فأنشده راويته مدحَه له، ولم يذكر القصيدة، فأمر له بدراهم كثيرةٍ»(23)، ويظهر أن الخلفاء لم يستسيغوا تلقي الشعر ممن لا يحسن إنشاده بما يطرب السمع ويحببهم إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1- العمدة 1/72.
2- فن الإلقاء ص:201.
3- محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء 1/125.
4- ديوان البارودي ص:229.
5- سقط الزند ص: 152.
6- فن الإلقاء ص:205.
7- فن الإلقاء ص:216.
8- فن الإلقاء ص:222.
9- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 14/70.
10- أشعار الشعراء الستة الجاهليين ص:88.
11- شرح المعلقات السبع للزوزني ص: 207- 208.
12- الأغاني 11/29.
13- أمالي المرزوقي ص: 484، وفي الأغاني 17/66 « فتخطى حتى جلس إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فقال: يا رسول الله، الأمان» وهي أيضا تحيل إلى هيئة جلوسه.
14- قصة الأدب في الحجاز ص:180.
15- محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء 1/125.
16- محاضرات الأدباء 1/107.
17- الشعر والشعراء 2/755.
18- الأغاني 17/235.
19- الجليس الصالح الكافي ص:399.
20- الأغاني 13/102.
21- البديع لابن المعتز ص:96.
22- أخبار أبي تمام ص:141.
23- أخبار أبي تمام ص: 143- 144.