الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه والتابعين.

وبعد:

فقد جرت عادة القراء، بعد أن يختم عليهم طلبتهم ختمة لقراءة أو للقراءات، أن يجيزوا لهم أن يقرأوا وأن يقرئوا ما أخذوه عنهم، بعد ما يرون أنهم أصبحوا من أهل الإتقان والضبط في هذا العلم.

وهذه إجازة من المقرئ الأديب أبي الحسن الحصري (488ه‍) لأبي الأصبغ  عيسى بن عبد الرحمن الغافقي نظمها له شعرا بعد ما ختم عليه القراءات السبع سنة 476 هـ، أنشدها ابن عبد الملك المراكشي على شيخه أبي الحسن الرعيني، قال الرعيني: حدَّثني بها أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، قال: أنشَدَنيها أبو الأصبَغ عيسى بنُ محمد بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عُقَاب بمسجدِ أُمِّ مُعاويةَ من قُرطُبة، قال: أنشَدَني أبي محمدُ بن عيسى، قال: أنشَدَني أبي عيسى، قال: كتَبَ لي بهذه الإجازة المنظومة عندَ إكمالي عليه القرآنَ بالقراءات السَّبع في خَتْمة، وأنشَدَنيها المُقرئُ الإمامُ أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الغَنيّ الفِهْري الحُصْريُّ رحمه الله.

وهذا نظم الإجازة(1):

أجَزْتُ لعيسى السَّبعَ في خَتْمةٍ قَرَا … عليَّ بها فلْيَرْوِ ذلك ولْيُقْرِي

بما شاء منها أو بها فهْو أهْلُهُ … بإتقانِه مَعْ ضَبْطِه أحْرُفَ الذِّكرِ

وقوةِ حِفْظٍ ثم صحةِ نَقْلِهِ … فما مِثلُه من طالبٍ لا ولا مُقْري

وأذكُر صَحْبي كلَّهُمْ في إجازتي … له بالذي أروي فمنهمْ أبو بِشْرِ

سَليلُ المُعَلَّى جاءَ من قَيْروانِهِ … وعبدُ الإلهِ ابنُ الحَمِيد أخو البِرِّ

ومنهمْ أبو العبّاس يحيى بنُ خالدٍ … وصاحبُهُ الحَبْرُ النّبيلُ أبو عَمْرِو

سَليلُ ابنِ يحيى ثُم أذكُرُ بعدَهُ … أبا القاسم البَرْقيَّ ثم أبا بكرِ

محمدًا ابنَ الخازنِ بنِ محمدٍ … وزيرَ عمادِ الدولةِ الساميَ القَدْرِ

ومنهم أبو الخَطّاب نَجْلُ ابنِ يوسُفٍ … سَليلُ ابنِ يُمْنٍ جَلَّ ذلك من وِزْرِ

وصاحبُنا السَّبْتيْ عليُّ بن يَخلُفٍ … وسائرُ صَحْبي ناثرُ العلمِ كالدُّرِّ

نظَمْتُ له شعرًا تضمَّنَ ما قَرَا … لخمسِ ليالٍ قد خَلَوْنَ من الشهرِ

لشعبانَ في ستٍّ وسبعينَ حِقْبةً … وزِدْ مئتَيْنِ في اثنتينِ من الدّهرِ

بِذلكُمُ يَزْهو أبو الأصبَغ الذي … أجَزْتُ ويدعو اللهَ بالحمدِ والشُّكرِ

عَليٌّ على عَلْيا علَيَّ عُلًا عَلا … فجَلَّ عن الأشباهِ والشِّركِ والوِزْرِ

فيا مَنْ تَعالَى في عُلوِّ سَمائهِ … ويا عالمَ النَّجوى ويا كاشفَ الضُّرِّ

عيسى ابنُ عُقَابٍ من عِقَابكَ أنجِهِ … وعطفًا على أُستاذِهِ الحُصُريِ الفِهْرِي

• الذيل والتكملة 3/ 415-416.