مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات محكمة

نيل الأمل في تأصيل ما جرى به العمل ( الجزء 2)

 

المحورالثاني: معرفـة السنـد الظرفـي للعمـل

إن المقصود بالسند الظرفي للعمل السياق الزماني والمجال المكاني اللذان تشكل فيهما العمل نشأة وتطورا، إذ أن معرفتهما لازمة للمجتهد وملحوظة لديه عند إرادة التعدية أو ادعاء الاختصاص بالمحل.

قال الهلالي: “وأما الثاني والثالث (أي شرطا الزمان والمكان)، فإنه إذا جهل المحل أو الزمان الذي جرى به العمل، لم تتأت تعديته إلى المحل الذي يراد تعديته إليه، إذ للأمكنة خصوصيات كما للأزمنة خصوصيات”[46].

فالعمل قد يكون مختصا بمكان مخصوص، وقد يعم سائر الأمكنة، وقد يكون مختصا بزمان معين، وقد يعم سائر الأزمنة، وهذا تبعا لاختلاف موجباته ومقتضياته العرفية والمصلحية، ومعلوم أن الأعراف والمصالح مقيدة بالزمان والمكان، وهكذا فالعمل يختلف باختلاف البلدان، ويختلف في البلد الواحد باختلاف الأزمان[47]. قال الشيخ أبو الحسن التسولي: “إن العمل الجاري ببلد لا يعم سائر البلدان، إلا إذا كان موجبه يقتضي العموم”[48].

مما ذكر نستخلص ما يلي:

– إن ما اشترطه العلماء من لزوم معرفة السند الظرفي للعمل زمانا كان أو مكانا، فيه دليل واضح على الصبغة التحقيقية للاجتهاد عند المالكية، بحيث تجد المجتهد -كما تشهد بذلك كتب النوازل وفقه العمل- وثيق الارتباط بمجتمعه، ملما باحتياجات عصره وخصائص مصره، مثلما تجد فتاويه قد بلغت المنتهى في التوفيق والتسديد.

– إذا كان ما جرى به العمل مختصا بالظرف الذي أفرزه، مرتبطا بمقتضيات الضرورة والعرف والمصلحة أشد ما يكون الارتباط، فإن الغالب فيه أن يقصر على البلد الذي احتضن ذلك الظرف ووجدت فيه تلك المقتضيات، لأن الأصل في الظروف والأعراف الاختصاص بمحلها زمانا ومكانا إلا إذا قام موجب التعميم.

وفي هذا السياق نجد الفقيه الحجوي ينص على ضرورة رعي هذا الجانب في القضاء والفتوى، والنظر في ما جرى به العمل نظرا نسبيا يقيم لتبدل الأزمان وزنا، ولاختلاف الأمكنة شأنا. جاء في الفكر السامي ما نصه:

“وكل ما لم يثبت فيه تعميم، فالواجب على القاضي والمفتي التمسك بالراجح والمشهور وإلا ردت فتواه، لأن جريان عمل فاس ليس مرجحا للقول الضعيف، وإنما هو لدرء مفسدة مثلا وجدت بفاس، فإذا لم توجد في غيرها فلا، (…) فعلم أن القاضي أو المفتي لا يجوز له الاسترسال في الإفتاء بما به العمل، ويظن أنه حكم مؤبد، بل هو مؤقت ما دامت المصلحة أو المفسدة التي لأجلها خولف المشهور، فإذا ذهبت رجع الحكم بالمشهور”[49].

– إذا كان الأصل في العمليات هو الاختصاص بسياقاتها الظرفية، ولا يصار إلى التعدية أو التعميم إلا إذا توافر موجبهما، فإن هذا يقتضي في المجتهد مفتيا كان أو قاضيا عدم الجمود على مسطور الأعمال، بل يقتضي منه أيضا دوام الفحص والمراجعة لها، ولا شك أن المجتهد بعمله النقدي المتواصل هذا، يساهم في إغناء الحصيلة الفقهية الموروثة من جهة، كما يسهم في إثمار أعمال جديدة متنزلة على مقتضيات الظرف الذي يتحرك فيه من جهة أخرى.[50].

وإذا تحصل للمجتهد المعرفة الكاملة بالسندين النقلي والظرفي للعمل، فإنه لا يقتحم مجال ما جرى به العمل حتى يستكمل شرطا جوهريا آخر ألا وهو معرفة السند المعنوي.

المحورالثالـث: معرفة السنـد المعنـوي للعمـل

والمراد بالسند المعنوي هنا جملة المعاني الملحوظة لدى المجتهد في ترجيح الأقوال المرجوحة -ضعيفة كانت أو شاذة- على مقابلها، وهي المصطلح عليها عند العلماء بالأسباب أو الموجبات أو المرجحات، كالعرف أو رعاية المصلحة أو سد الذريعة أو اعتبار الضرورة، وغير خاف-كما أشرت سلفا- أن هذه المعاني أو الأسس تعتبر بالمكان والزمان والحال، فتنطبع بطبائع الاختلاف وتتأثر بعوامل التغير.

وتترتب على هذه المعرفة قاعدتان أصليتان هما:

– إذا زال موجب المخالفة أو العدول لزم المصير إلى الأصل وهو العمل بالمشهور.

– إذا جهل موجب جريان العمل امتنعت تعديته إلى محل آخر، لإمكان انتفاء الموجب في المحل المعدى إليه. جاء في نور البصر: “إذا جهل موجب جري العمل امتنعت تعديته، لجواز أن يكون الموجب معدوما في البلد الذي يريد تعديته إليه”[51].

وبالرجوع إلى مظان فقه العمل، نجد لدى العلماء -في توجيهاتهم ونظراتهم النقدية لقضايا ومسائل العمل- إشارات واضحة إلى تلك المعاني الملحوظة في الترجيح وتحقيق المناط، ولعل الدارس إذا حقق النظر في تلك المعاني وفي كيفية توظيفها سوف يستخلص نتيجة ذات أهمية بالغة، وهي أن المعاني المذكورة أعلاه ينظمها سلك واحد ووحيد ألا وهو مراعاة المقاصد الشرعية، ذلك أن رعاية المصلحة أو سد الذريعة أو اعتبار الضرورة، كلها أسس ذات معنى مقصدي صريح، وكذلك العرف لم يعتبر إلا لانطوائه على أبعاد مصلحية جلية، وفي كل ذلك دليل آخر على رسوخ النظر المقصدي عند علماء المذهب، وفيه أيضا شاهد على أن فقه العمل أنموذج متكامل الجوانب للصورة التطبيقية التي يمكن أن نتمثل من خلالها مقاصد الشريعة، وهذا أمر لا غرابة فيه، إذ الفقهاء هم الخبراء في هذا الشأن، لأن تعاملهم مع ميدان المقصد مبناه على المعاينة والملابسة، ومعلوم أن الخبر دون العيان. وعليه سأتناول هذا المبحث في مطلبين، سأعطي في أولهما نظرة عامة وسريعة عن المقومات المقصدية في المذهب، دون الخوض في التفاصيل التي أشبعت بالدراسة قديما وحديثا، ثم أعرج في ثاني المطلبين على الحديث على المقوم المعنوي العرفي للعمل.

1- السند المعنوي للعمل:مراعاة المقاصد

من المسلم به عند الأصوليين أن أحكام الشرع شرعت في أصلها لتحقيق جملة من القيم حاصلها جلب مصلحة أو دفع مفسدة.

فالشارع وهو بصدد إنشاء الأحكام يتغيى غايات ويروم تحقيق مقاصد، والمتأمل لأقوال الشارع يسعى في تعقب هذه الغايات والمقاصد التي بنيت عليها هذه الأحكام، حيث إن المجتهد ينظر إلى هذه الأخيرة باعتبارها وسائل توظف لجلب المصالح ودرء المفاسد. وقد اعتبر الشاطبي انبناء الأحكام على الأساس المصلحي مسلمة في هذا الموضع، وقرر “أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا”[52]. والمعتمد في إثبات هذه الدعوى –حسب الشاطبي- هو الاستقراء لتفاصيل أحكام الشريعة في الكتاب والسنة، “وإذا دل الاستقراء على هذا وكان في مثل هذه القضية مفيدا للعلم، فنحن نقطع بأن الأمر مستمر في جميع تفاصيل الشريعة”[53]. ومن ثم يتعين تحديد دلالات النصوص الشرعية وفق الاعتبار الحكمي أو المقصدي، فهو الضابط والإمام.

1-1- المقاصد ومكانتها في المذهب المالكي

والمذهب المالكي كما هو معلوم للدارسين يعتبر سيد المذاهب في رعاية المقاصد فقها وتأصيلا: فمن ذا الذي ينكر توسع المالكية في الأخذ بالمصلحة المرسلة، والاستصلاح أصل وثيق الصلة برعاية مقاصد الشرع، حيث نجد القاضي عياض يعتبر النظر المصلحي من المعايير المرجحة لمذهب مالك بن أنس رضي الله عنه، قال رحمه الله:

“الاعتبار الثالث يحتاج إلى تأمل شديد وقلب سليم من التعصب سديد، وهو الالتفات إلى قواعد الشريعة ومجامعها وفهم الحكمة المقصودة بها من شارعها. فنقول: إن أحكام الشريعة أوامر ونواهي تقتضي حثا على قرب ومحاسن، وزجرا عن مناكر وفواحش، وإباحة لما به صلاح هذا العالم، وعمارة هذه الدار ببني آدم، وأبواب الفقه وتراجم كتبه كلها دائرة على هذه الكلمات، وسنشير إلى رموز في كليات هذه القواعد، ليتبين للناظر من اتبع فيها معنى الشرع المراد، أو خالف فيها فنكب عن السداد، وحاد عن سبيل الرشاد، وأن مالكا –في ذلك كله- أهدى سبيلا، وأقوم قيلا، وأصح تفريعا وتأصيلا[54].

كما نجد الشاطبي الخبير بفتاوى الإمام مالك وأبعادها المقاصدية، يصف منهج الإمام مالك في هذه الفتاوى خاصة ما تعلق منها بالمعاملات والعادات قائلا: “فإنه استرسل فيه استرسال المدل العريق في فهم المعاني المصلحية، نعم مع مراعاة مقصود الشارع أن لا يخرج عنه، ولا يناقض أصلا من أصوله”[55].

كما يعتبر الأخذ بمبدأ سد الذرائع[56] مجلى آخر للبعد المقاصدي للمذهب، حيث كانت أكثر أبواب الفقه مجالا تطبيقيا حيا لهذه القاعدة[57] التي عدها الشاطبي فرعا لأصل مقصدي عتيد هو النظر في المآلات.[58].

ولقد بين الأستاذ محمد هشام البرهاني العلاقة الوطيدة بين أصلي المصلحة المرسلة وسد الذريعة بقوله: “وليس سد الذرائع إلا تطبيقا عمليا من تطبيقات العمل بالمصلحة، ولذلك عدوه ]أي المالكية[ ضمن أصولهم وأعملوه في استنباطاتهم وتخريجاتهم، في جميع أبواب الفقه وفي كثير من المسائل العملية، وبالغوا في ذلك حتى عد بعض الفقهاء سد الذرائع من خصوصيات مذهب إمام دار الهجرة”[59].

أما عن مراعاة مقاصد المكلفين فإن أهل المذهب توسعوا في تحكيم هذا المبدأ المقصدي الراسخ، وكانت مناهجهم الإفتائية[60] مبنية على أساسه، منزلة على مقتضاه، فلا تعتبر عقود المكلفين وسائر تصرفاتهم إلا بمقاصدهم ونياتهم، ولا يترتب على اللفظ حكم حتى تتعين جهته المقصدية وتنحسم جهة الاحتمال فيه، وهذا لـ “أن كلام الناس يرتبط بالأغراض والمقاصد”[61].

وعليه فرعاية المذهب للمقاصد في سائر أبعادها ومظاهرها، وريادته في هذه الرعاية، أمران مسلمان وفي غنى عن التوضيح، إذ المقاصد كانت دوما وجهة المالكية في التقعيد والتأصيل مثلما كانت إمامهم في التوقيع والتنزيل، ومن ثم لا نستغرب أن تترعرع في أحضان المذهب نظرية المقاصد على يد شيخ المقاصد أبي إسحاق الشاطبي[62]، فقد ساهم هذا النظار الكبير في بناء جملة من المبادئ والقواعد تختص باستقصاء وتتبع الأبعاد الحكمية للخطاب الشرعي، وهذه المبادئ والقواعد  يمكن إجمالها فيما يلي.

2-1- المقاصد، مبادئها وقواعدها في المذهب

1.2.1- مبادئ مقاصدية:

من المبادئ الموجهة للنظر المقاصدي ما يلي:

أ– كل ما في الشرع معلل:

ومقتضى هذا المبدأ أن كل ما جاء في الشريعة من أحكام، فهو منوط بالحكم والمقاصد، ولا يخرج شيء منها عن هذا الأصل إلا بدليل. وعليه فالفقيه في عمله الاجتهادي يتعين عليه النظر في موارد الأحكام، وهي موصولة بأبعادها المقصدية أو أسسها الوظيفية، بناء على أنه “لا خلاف بين العقلاء أن شرائع الأنبياء قصد بها مصالح الخلق الدينية والدنيوية”[63]. والشاطبي -كما أشرت- يعتبر كون “وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا”[64] قضية مسلمة في هذا الموضع بدليل الاستقراء.[65].

وفي سياق الكلام على مسلك المناسبة، يقرر الرازي هذا الرأي ويستدل لصحته موضحا “أن الله تعالى خصص الواقعة المعينة بالحكم المعين لمرجح أو لا لمرجح، والقسم الثاني باطل، وإلا لزم ترجيح أحد الطرفين على الآخر لا لمرجح، وهذا محال، فثبت القسم الأول. وذلك المرجح إما أن يكون عائدا إلى الله تعالى أو إلى العبد، والأول باطل بإجماع المسلمين، فتعين الثاني، والعائد إلى العبد إما أن يكون مصلحة العبد أو مفسدته، أو ما لا يكون لا مصلحته ولا مفسدته. والقسم الثاني والثالث باطلان باتفاق العقلاء، فتعين الأول، فثبت أنه تعالى إنما شرع الأحكام لمصالح العباد”. كما بين “أنه تعالى حكيم بإجماع المسلمين، والحكيم لا يفعل إلا لمصلحة، فإن من يفعل لا لمصلحة يكون عابثا، والعبث على الله تعالى محال للنص والإجماع والمعقول (…)، فثبت أنه تعالى شرع الأحكام لمصالح العباد”[66].

وخلاصة القول إن انبناء الأحكام على العلل أو الحكم أو المقاصد أمر مسلم عند ذوي النظر الاعتباري والحكمي من العلماء، وهو قاعدة مطردة في هذا الباب. يقول ابن القيم: “ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة، يعقله من عقله ويخفى على من خفي عليه”[67].

ب– التقصيد مبناه على التدليل:

وتقصيد الأحكام معناه بالذات تعليلها وتعيين مقاصد لها وإظهار ما تنطوي عليه من الحكم والمعاني المصلحية، أو بعبارة أخرى إن التقصيد تفسير خطاب الشارع على جهة الكشف عن مقاصده وحكمه وقيمه.

ولاشك أن التقصيد ليس أمرا مرسلا مبناه على التشهي والتخمين، وإنما يقوم أساسا على الدليل والبرهان، فالمجتهد حينما ينسب مقصدا ما إلى الشارع ويقول بأن هذا قصده من تشريع الحكم، لا تقبل دعواه في هده النسبة أو هذه المقالة حتى يقيم الدليل على صحتها، وهكذا نجد الشاطبي في سياق التحذير من تفسير القرآن بالرأي المرسل، يرى أن تفسير المفسر للقرآن هو “تقصيد منه للمتكلم والقرآن كلام الله، فهو يقول بلسان بيانه هذا مراد الله من هذا الكلام، فليتثبت أن يسأله الله تعالى من أين قلت  عني هذا، فلا يصح له ذلك إلا ببيان الشواهد، وإلا فمجرد الاحتمال يكفي بـأن يقول: يحتمل أن يكون المعنى كذا وكذا، بناء أيضا على صحة تلك الاحتمالات في صلب العلم، وإلا فالاحتمالات التي لا ترجع إلى أصل غير معتبرة، فعلى كل تقدير لابد في كل قول يجزم به أو يحمل، من شاهد يشهد لأصله، وإلا كان باطلا، ودخل صاحبه تحت أهل الرأي المذموم”[68].

وهكذا يظهر أن التقصيد  ضرب من التأويل إن لم يكن  جوهره وغايته، ومن المعلوم أن التأويل ذو طابع استدلالي، والاستدلال إيراد الدليل أو الأدلة لقضية ما، فكل تقصيد إذن يستلزم تدليلا، والأدلة المفيدة في إثبات مقاصد الشارع ليست منحصرة في صنف دون آخر، بل تتسع لكافة الطرق والحجج والأمارات مما له قوة استدلالية وإثباتية معتبرة، وسوف نقف على بعض من هذه الطرق في موضعه.

ج – حكم الوسائل منوط بمقاصدها:

ومقتضى هذا المبدأ أن ما يشتمل عليه الشرع من أحكام سواء على جهة الأمر أو النهي، منه ما يكون مقصودا لذاته لما يتضمنه من  جلب مصلحة أو درء مفسدة، ومنه ما يكون وسيلة إلى تحصيل المقصود باعتباره سببا للإفضاء إلى تحقيق المقصود.

وقد نص القرافي على التمييز بين الأحكام الوسيلية والأحكام المقصدية في الخطاب الشرعي، وتبعية الأولى للثانية في الحكم والإعتبار وذلك بقوله: “وموارد الأحكام على قسمين: مقاصد وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها، ووسائل وهي الطرق المفضية إليها، وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم وتحليل، غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها، والوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطة”[69].

ولا تخفى على الدارس أهمية هذا المبدأ وأثره في توجيه الممارسة الاجتهادية وتسديدها، ولذلك لا نعدم إشارات قوية وواعية بهذه الأهمية عند أهل النظر الفقهي والأصولي من أرباب المذاهب الأخرى غير المذهب المالكي. فمثلا نجد ابن القيم الجوزية يقول: “لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود وكلاهما مقصود، لكنه مقصود قصد الغايات، وهي مقصودة قصد الوسائل، فإذا حرم الرب تعالى شيئا وله طرق ووسائل تفضي إليه، فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقا لتحريمه، وتثبيتا له ومنعا أن يقرب حماه”[70].

والأمر نفسه نجده مقررا عند العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام حيث يقول: “تعليم ما يجب تعليمه وتفهيم ما يجب تفهيمه يختلف باختلاف رتبه، وهذان قسمان: أحدهما وسيلة إلى ما هو مقصود في نفسه، كتعريف التوحيد وصفات الإله، فإن معرفة ذلك من أفضل المقاصد، والتوسل إليه من أفضل الوسائل. القسم الثاني: ما هو وسيلة إلى وسيلة، كتعليم أحكام الشرع، فإنه وسيلة إلى العلم بالأحكام التي هي وسيلة إلى إقامة الطاعات التي هي وسيلة إلى المثوبة والرضوان، وكلاهما من أعظم المقاصد”[71].

وعلى الجملة، يمكن القول إن هذا المبدأ كان حاضرا في ثنايا الدرس الأصولي والفقهي عموما، إلا أن حضوره عند النظار المالكيين كان أقوى، حيث كان يوجه تأويلاتهم لنصوص الشرع، كما كان يمد اجتهاداتهم بأسباب التسديد، ولعل أهمية هذا المبدأ تكمن في الصبغة العملية والطابع الإجرائي اللذان يتصف بهما.

وبيان ذلك أن العمل والانقياد هو المقصد الأسمى من التكليف وإنشاء الأحكام، والتعرف على الأحكام الوسيلية والأحكام المقصدية وما يضبطها من قواعد وضوابط يفيد في توجيه المكلف نحو معرفة المقتضيات العملية للتكليف والتحقق بها عمليا، ومن ثم تكمن فائدة هذا المبدأ في إنهاض المكلف إلى العمل والامتثال.

وأما إجرائية هذا المبدأ فتكمن فيما تمد به  المجتهد من آليات وموازين ترجيحية، وذلك عند تعارض نصوص الخطاب الشرعي وما تقتضيه من أحكام، فيعمد المجتهد على ضوء هذه القاعدة إلى تحديد “النسبة الوسيلية” و”النسبة المقصدية” في سائر الأحكام التي تقتضيها نصوص النسق الشرعي، والتي هي موضع التعارض الظاهري، مع إقامة علاقات ترتيبية فيما بينها، وعلى أساس هذه العلاقات يتأتى للناظر تصنيف الأحكام المتعارضة، والموازنة فيما بينها إما على سبيل الجمع أو على سبيل الترجيح، قصد رفع التعارض الطارئ وحفظ الاتساق المميز للنسق الشرعي، إذ أن ما هو مقصود قصد الغايات  أولى في الإعتبار مما هو مقصود قصد الوسائل.

2.2.1- قواعد مقاصدية:

يعتبر أبو إسحاق الشاطبي خير من أصل وفصل في موضوع المقاصد، وعليه سيكون خير دليل لي في الوقوف على أهم القواعد المؤسسة للنظر المقاصدي، وهذه القواعد وما تشتمل عليه من ضوابط ومعايير وآليات تشكل بمجموعها جماع نظرية المقاصد. كما أن المتتبع لكتابات الشاطبي يستشف أن هذا الجهاز النظري المتين والمحكم لم يكن بالأمر الهين أو السهل، وإنما جاء ثمرة معاناة كابدها صاحب المقاصد سواء في مجال التنظير الأصولي أو في ميدان التفريع العملي، فكان الشاطبي موفقا كل التوفيق حينما اهتدى إلى المقاصد باعتبارها جملة القيم والمعاني الأخلاقية التي استهدف الشارع تحقيقها، فكانت نظرية المقاصد بقواعدها ومبادئها مظهرا من مظاهر عبقرية الشاطبي ومن خلاله عبقرية المذهب الذي ينتمي إليه: المذهب المالكي.

ونحن في هذا الصدد لن نخوض بحار نظرية المقاصد وتداعياتها وإشكالاتها بقدر ما  نروم الوقوف عند أهم القواعد المقاصدية التي وجهت الاجتهاد المالكي تأصيلا وتفريعا.

يقول الإمام الشاطبي: “والمقاصد التي ينظر فيها قسمان: أحدهما يرجع إلى قصد الشارع، والآخر يرجع إلى قصد المكلف.

فالأول يعتبر من جهة قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداء، ومن جهة قصده في وضعها للإفهام، ومن جهة قصده في وضعها للتكليف بمقتضاها، ومن جهة قصده في دخول المكلف تحت حكمها”[72].

يتضح من خلال هذا النص أن المقاصد ضربان:

  •  مقاصد الشارع.
  •  ومقاصد المكلف.

وتندرج تحت الضرب الأول أنواع أربعة من المقاصد هي:

– مقصد الشارع في وضع الشريعة ابتداء.

– مقصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام.

– مقصد الشارع في التكليف بمقتضاها.

– مقصد الشارع في دخول المكلف تحت حكمها.

أ- مقاصد الشارع:

من القواعد الناظمة لهذا القسم من المقاصد ما يلي:

– الشرائع موضوعة لمصالح العباد عاجلا وآجلا.

– الشريعة مبناها على حفظ المصالح الضرورية والحاجية والتحسينية، ودليل ذلك استقراء الأدلة الكلية والجزئية.

– الضروريات هي ما كان من المصالح ضروريا في قيام الدين والدنيا، “بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين”[73].

– حفظ الضروريات يكون من جانبين:

* جانب الوجود: ويشمل جملة الأركان المقيمة لها والقواعد المثبتة لها.

* جانب العدم: ويشمل جملة ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها.

– الضروريات إجمالا خمسة: حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل، وهي مراعاة في كل ملة.

– الحاجيات: وهي التي تكمن وظيفتها في التوسعة ورفع الحرج والضيق، والفساد المترتب عن الإخلال بها، لا يبلغ مبلغ الفساد الناشئ عن عدم مراعاة الضروريات.

– التحسينات: وحاصلها “الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق”[74].

– لكل مرتبة من هذه المراتب المقصدية تكملة أو تتمة دون أن يترتب عن فقدها إخلال بحكمتها الأصلية.[75]

– لكل تكملة شرط ومقتضاه أن لا يعود اعتبارها على الأصل بالإبطال[76].

– المقاصد  الضرورية أصل للمقاصد الحاجية، والحاجية أصل للمقاصد التحسينية، فالضروريات أصل أصول المصالح بسائر مراتبها.[77] ويلزم عن هذه القاعدة ما يلي:

* اختلال الضروري يلزم عنه اختلال الباقيين بإطلاق.

* لا يلزم من اختلال الباقيين اختلال الضروري.

*  قد يلزم من اختلال الحاجي أو التحسيني بإطلاق اختلال الضروري بوجـه مـا.

*  حفظ الحاجي والتحسيني يلزم عنه حفظ الضروري[78].

– المصلحة إذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد، فهي المقصودة شرعا، ولتحصيلها وقع الطلب على العباد، وكذلك المفسدة إذا كانت هي الغالبة بالنظر إلى المصلحة في حكم الاعتياد، فرفعها هو المقصود شرعا ولأجله وقع النهي[79].

– الأمر في المصالح بمراتبها الثلاث وارد على سبيل الاطراد والعموم في سائر أبواب الشريعة، ولا يرفعها تخلف بعض الجزئيات، إذ لا اعتبار بمعارضة الجزئيات في وضع الكليات للمصالح[80].

– الجزئيات مقصودة معتبرة في إقامة الكلي، كي لا يتخلف الكلي، فتتخلف مصلحته المقصودة بالتشريع، لأن الجزئيات  داخلة مدخل الكليات في الطلب والمحافظة عليها، والقصد الشرعي متوجه إلى الجميع، وليس البعض في ذلك أولى من البعض[81].

– إذا ظهر من الشارع –في بادئ الرأي- القصد إلى التكليف بما لا يطاق، فذلك راجع –في التحقيق- إلى سوابقه أو لواحقه أو قرائنه[82]، وذلك يتفصل إلى ثلاثة أقسام:

+  الأول ما لم يكن داخلا تحت كسب المكلف، وحكمه أن الطلب به مصروف إلى ما تعلق به.

+  الثاني ما كان داخلا تحت كسبه قطعا، وهذا لا إشكال فيه في صحة التكليف به.

+  والثالث ما كان محل اشتباه كالحب والبغض…، وهذا المحل يستدعي نظرا وتحقيقا، لأن الطرفين يتجاذبانه[83].

– قصد الشارع من وضع الشريعة هو إخراج المكلف عن اتباع هواه حتى يكون عبدا لله.[84]

– الشريعة موضوعة على عدم التكليف بالشاق والإعنات فيه[85].

– المشاق المعتادة والملازمة للتكاليف ليست مقصودة للشارع من جهة نفس المشقة، بل من جهة ما يترتب عليها من المصالح العائدة على المكلف[86].

– الحرج مرفوع عن المكلف لسببين:

*  خوف الانقطاع من الطريق وبغض العبادة وكراهة التكليف، أو لحوق أذى في جسمه أو عقله أو حاله أو ماله.

*  خوف التقصير عند مزاحمة الوظائف المتعلقة بالمكلف[87].

– مخالفة الهوى ليست من المشاق المعتبرة في التكليف، وإن كانت شاقة في مجاري العادات، ولا رخصة فيها البتة[88].

– حيثما كانت المشقة خارجة عن حكم الاعتياد بحيث يحصل بها للمكلف فساد ديني أو دنيوي، فمقصود الشارع فيها الرفع على الجملة[89]. أما إذا لم تكن خارجة عن المعتاد بحيث تجري مجرى مثيلاتها من المشاق العادية، فالشارع ليس بقاصد لرفعها ولا لوقوعها أيضا[90].

– المقصد العام في الشريعة كون أحكامها موضوعة على مقتضى التوسط والاعتدال بين طرفي التشديد والتخفيف، بحيث كلما كانت هناك مظنة ميل للمكلف واقع أو متوقع عن هذا الوسط الأعدل، كان التشريع رادا للمكلف إلى طريق الاعتدال والتوسط حسبما تقتضيه حاله وعادته[91].

– المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه، حتى يكون عبدا لله اختيارا، كما هو عبد لله اضطرارا[92].

– القصد إلى المشقة باطل لكونه مناقضا لقصد الشارع، وكل قصد خالف قصد الشارع فهو باطل، فالقصد إلى المشقة باطل[93].

– كل عمل كان المتبع فيه الهوى بإطلاق من غير التفات إلى الأمر أو النهي أو التخيير، أي دون  تحري قصد الشارع فهو باطل بإطلاق[94].

– المقاصد الشرعية ضربان:

 مقاصد أصلية، وهي التي لاحظ فيها للمكلف، وهي مجمل الضروريات المعتبرة في كل ملة، وتتميز بكونها عامة مطلقة لا تختص بحال دون حال ولا بصورة دون صورة ولا بوقت دون وقت، وتنقسم بدورها إلى مقاصد أصلية عينية وإلى مقاصد أصلية كفائية.

 ومقاصد تابعة وهي التي روعي فيها حظ المكلف، وتتصف بكونها خادمة للمقاصد الأصلية على جهة التكميل لها[95].

– العمل إذا وقع على مقتضى المقاصد الأصلية كان هذا البناء أقرب إلى الإخلاص، وتصير تصرفات المكلف كلها عبادات، بخلاف من تنبني أعماله على المقاصد التابعة[96].

– البناء على المقاصد الأصلية ينقل الأعمال غالبا إلى أحكام الوجوب، بخلاف المقاصد التابعة فإن البناء عليها لا يستلزم الوجوب[97].

– أصول الطاعات وجوامعها راجعة إلى اعتبار المقاصد الأصلية، وأصول المعاصي والذنوب راجعة إلى مخالفتها وعدم اعتبارها.[98].

– المطلوب الشرعي إن كان من قبيل العادات كالعقود والتصاريف المالية، فالنيابة فيه صحيحة في استجلاب المصالح ودرء المفاسد، لأن الحكمة التي يطلب بها المكلف في ذلك كله صالحة أن يأتي بها سواه، فتتعداه إلى غيره، وإن كان من قبيل العبادات فلا تصح فيه النيابة الشرعية، لأن مقصود العبادات الخضوع لله والتوجه إليه والتذلل بين يديه وعمارة القلب بذكره، والنيابة تنافي هذا المقصود وتضاده.[99]

– من مقاصد الشارع في الأعمال دوام المكلف عليها، وعلى هذا الأصل يتنزل حكم ما ألزمه الصوفية أنفسهم من الأوراد في الأوقات، وأمروا بالمحافظة عليها على جهة الدوام.[100]

– المفهوم من وضع الشارع أن الطاعة أو المعصية تعظم بحسب عظم المصلحة أو المفسدة الناشئة عنها، وقد علم من الشريعة أن أعظم المصالح جريان الأمور الضرورية الخمسة المعتبرة في كل ملة، وأن أعظم المفاسد ما يرجع بالإخلال عليها.[101].

– الأصل في العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعاني، والأصل في العادات الالتفات إلى المعاني.[102]

ب- مقاصد المكلف:

– الأعمال بالنيات والمقاصد معتبرة في التصرفات من العبادات والعادات[103].

– العمل إذا تعلق به القصد تعقلت به الأحكام التكليفية، وإذا عري عن القصد لم يتعلق به شيء منها.[104]

– قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقا لقصده في التشريع.[105]

– كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة، وكل من ناقضها فعمله في المناقضة باطل، فمن ابتغى في التكليف مالم تشرع له فعمله باطل.[106].

المقاصد أرواح الأعمال.[107].

هذه جملة من أمهات القواعد المقاصدية التي تضمنتها نظرية المقاصد كما صاغها الشاطبي، وقد جردناها من ثنايا قسم المقاصد من كتاب الموافقات، مع المحافظة في غالب الأحيان على عبارات الشاطبي نفسه وصياغاته التي أخذت شكل جوامع الكلم وبالغ الحكم.

الهوامش:


 

[46] – نور البصر ص 133.

[47] – انظر تحفة أكياس الناس للوزاني ص 44– 45.

[48] – البهجة في شرح التحفة 1/21.

[49] – الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 4/468-469.

[50] – انظر أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي للدكتور محمد رياض ص520 وما يليها.

[51] – نور البصر ص133.

[52] – الموافقات 2/4.

[53] – نفسه 2/5.

[54] – ترتيب المدارك 1/92.

[55] – الإعتصام للشاطبي 2/133، مكتبة الرياض الحديثة، البطحاء الرياض، دون تاريخ.

[56] – وكما تسد الذريعة يمكن كذلك فتحها، فسد الذريعة تابع لوجود مظنة الفساد وفتحها تابع لوجود مظنة الصلاح. قال المرحوم علال الفاسي: “والخلاصة أن سد ذرائع الفساد وفتح ذرائع الصلاح مما قصدت إليه شريعة الإسلام ومن وسائل التطور التي أحكمتها لتبقى صالحة لكل زمان ومكان”. مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، ص 163، الطبعة الرابعة 1991، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

[57] – انظر الموافقات 4/143.

[58] – يقول الشاطبي: “النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة”، الموافقات 4/140.

[59] – سد الذرائع في الشريعة الإسلامية، ص615 الطبعة الأولى 1985، مطبعة الريحاني، بيروت.

[60] – انظر على سبيل المثال: المعيار المعرب لأبي العباس الونشريسي، ففيه من الفتاوى الموضحة لهذا المعنى ما فيه غنى للمحتاج وشفاء للسائل.

[61] – أحكام القرآن، للقاضي أبي بكر ابن العربي 1/434، مراجعة وتخريج وتعليق محمد عبد القادر عطا، الطبعة الأولى 1988، دار الكتب العلمية بيروت.

[62] – انظر نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، لأحمد الريسوني ص298، الطبعة الأولى 1991، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

[63] – الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي 2/63-64، الطبعة الثانية 1954، دار الكتب المصرية.

[64] – الموافقات 2/4.

[65] – نفسه 2/4-5.

[66] – المحصول في علم أصول الفقه 2/328، تحقيق محمد جابر فياض العلواني، الطبعة الأولى، القسم الأول سنة 1980 والقسم الثاني 1981، مطبوعات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

[67] – أعلام الموقعين عن رب العالمين، 2/86، مراجعة وتقديم وتعليق طه عبد الرؤوف سعد دار الجيل، لبنان، 1973. وهكذا فكل حكم شرعي له حكمته ومقصده، بحيث تكمن وظيفته في إنهاض المكلف إلى العمل والاتصاف بمقتضياته، كما أن المكلف مدعو إلى تعقب هذه الحكم والمقاصد مهما كانت رتبتها من حيث الخفاء والظهور، ومهما كانت قابليتها للاتفاق أو الاختلاف، أليس في تعقب الحكم والمقاصد كمال التدبر والتفكر.

[68] – الموافقات 3/318.

[69] – الفروق 2/33.

[70] – أعلام الموقعين 3/135.

[71] – قواعد الأحكام في مصالح الأنام، للعز بن عبد السلام 1/105، دار المعرفة، بيروت، (د.ت).

[72] – الموافقات 2/3-4.

[73] – الموافقات 2/7.

[74] – نفسه 2/9.

[75] – نفسه 2/10.

[76] – نفسه 2/11.

[77] – نفسه 2/13.

[78] – الموافقات 2/13.

[79] – نفسه 2/21.

[80] – نفسه 2/40-41.

[81] – نفسه 2/47-48.

[82] – نفسه 2/82.

[83] – الموافقات 2/83-84.

[84] – نفسه 2/116.

[85] – نفسه 2/93.

[86] – نفسه 2/94.

[87] – نفسه 2/104.

[88] – نفسه 2/116.

[89] – نفسه 2/118.

[90] – نفسه 2/118.

[91] – الموافقات 2/124.

[92] – نفسه 2/128.

[93] – نفسه 2/98.

[94] – نفسه 2/132.

[95] – نفسه 2/134 وما يليها.

[96] – نفسه 2/149.

[97] – نفسه 2/155.

[98] – الموافقات 2/157.

[99] – نفسه 2/173 وما يليها.

[100] – نفسه 2/184-185.

[101] – نفسه 2/227.

[102] – نفسه 2/228.

[103] – نفسه 2/246.

[104] – نفسه 2/246.

[105] – الموافقات 2/251.

[106] – نفسه 2/252.

[107] – نفسه 2/261.

د. إدريس غازي

• خريج دار الحديث الحسنية ـ الرباط.
• دكتوراه في الدراسات الإسلامية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس، في موضوع: "أصل ما جرى به العمل ونماذجه من فقه الأموال عند علماء المغرب".
• دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية، الرباط، في موضوع: "المنهجية الأصولية والاستدلال الحجاجي في المذهب المالكي".
من أعماله:
ـ الشاطبي بين الوعي بضيق البرهان واستشراف آفاق الحجاج.
ـ في الحاجة إلى تجديد المعرفة الأصولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق