مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الأولى)

يعد هذا البحث امتدادا لبحثي الأول: «معجم الهيآت والإشارات والرموز في التراث العربي من خلال «لسان العرب» لابن منظور»، فمنه كان المنطلق للبحث في دلالات هذه المواد الثلاث المذكورة، باستثمار ما تم التوصل إليه هناك من اسنتاجات وخلاصات، فقد خلصت في نهايته إلى أن البحث في هذا المجال واسع مازال في حاجة إلى البحث والتنقيب.

وما أجمل البحث في كتاب الله تعالى، فهو منبع الدلالات الصافية، وكنز العلوم والمعارف الذي لا ينفذ، وهو الذي لا تنقضي عجائبه على مر العصور والأزمان، لذلك عقدت العزم على أن يكون البحث في دلالات هذه المواد من القرآن الكريم.

والمدخل إلى هذا البحث من جانبين اثنين؛ أولهما: أن البحث في هذا الباب قليل جدا لم يرده الباحثون مقارنة مع أبواب أخرى قتلت بحثا، مما يجعل البحث جديدا في بابه، والثاني: أن للقرآن الكريم دلالات خاصة تفرد بها، وأخرى استحدثها لم تكن قبله مما يجعل البحث غنيا وثريا.

وقد حفل القرآن الكريم بكثير من الهيآت التي تصور لنا صفات المؤمنين والمشركين وغيرهم، كما تصور أحوالهم فتضعنا في المشهد وكأننا نحياه ونعيشه في وقته، وهذا يدخل في بلاغة التصوير القرآني التي لا مثيل لها.

كما جاء التعبير القرآني في كثير من المواقف مصحوبا بالإشارة أو مكتفيا بها في التعبير عن المعنى المراد، وتكون الإشارة أبلغ بكثير من العبارة في بعض المواقف، وهي غير كثيرة لم يوظفها القرآن كثيرا غير أنها تستحق الدراسة إلى جانب البابين الآخرين.

وإلى جانب الهيآت والإشارات خصصت بابا ثالثا للرموز في القرآن الكريم، وأقصد بها الرموز اللغوية التي تشير إلى مواقف أو اتجاهات أو تلخص أحداثا معينة كما سنرى في البحث.

وقد اتبعت في بحثي هذا منهجا موحدا سرت عليه في البحث كله؛ وهو منهج يقوم على الاستقراء أولا، ذلك أني استخرجت جميع المواد من القرآن الكريم -وقد تزيد أو تنقص بحسب استقراء كل باحث-، ثم قمت بتصنيفها إلى ثلاثة أصناف (الهيآت، الإشارات، الرموز)، ثم رتبت هذه المواد ترتيبا ألفبائيا على طريقة المعاجم الحديثة، واتبعت في معالجة كل مادة خطوات أربع، فأصبح المنهج عندي عبارة عن خطوات أتبعها ولا أحيف عنها إلا خطرات قليلة، وهي كالآتي:

1- ذكر المادة، وقد تصحب أحيانا بشرحها من المعجم.

2- ذكر دلالاتها في القرآن الكريم.

3- ذكر شرح الطاهر ابن عاشور للآية، وما نص عليه في كل دلالة على حدة.

4- التعليق على كلام المفسر إما بالإضافة أو الاستشهاد من مصادر أخرى لتعضيد كلام الشيخ أو الاعتراض عليه.

وقد اعتمد البحث اعتمادا كبيرا على تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور، إذ منه يكون المنطلق إلى بيان دلالات المواد المستخرجة من القرآن، هذا إن نص على دلالة معينة، فإن لم ينص بحثت في مصادر أخرى وعضدت ذلك بكلام الطاهر ابن عاشور.

كما اعتمدت في بعض الأحيان على «لسان العرب» لابن منظور إن أغمض علي معنى مادة معينة أو شككت في إغماضها على قارئ هذا البحث، و«لسان العرب» من أحسن المعاجم العربية التي تذكر دلالات المواد كلها مع الاستشهاد عليها من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والتراث العربي.

1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق