مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

قضايا لغوية (1) اللغة والغرض التواصلي

 

من التعاريف الرائجة للغة؛ تعريف ابن جني الذي قال فيه: “أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم” (الخصائص 1/33) وقد أعجب ابن سيده بهذا التعريف غاية حتى قال فيه: “وهذا حد دائر على محدوده محيط به لا يلحقه خلل” (المخصص 1/35) وهذا التعريف مبني على أن الغرض التواصلي في اللغة، هو غرض بنيوي، لا تنفك اللغة عنه، وهذا أمر تؤكده الدراسات الحديثة.
والغرض التواصلي للغة، لا يتحقق إلا بمجموعة من الشروط التداولية المصححة لعملية التواصل، ويحضر فيها السياق حضورا مركزيا، مستدعيا مكوناته من المتكلم والمخاطب والمقام، ومجريا بذلك أنواعا من الهيمنة على اللغة، بحيث يصبح السياق متحكما في دلالة اللغة ومقاصد الخطاب. 
ثم إن التواصل اللغوي أنواع، أدناها التواصل الحاصل بين الناس فيما هو من معتاد الخطاب، ثم يتدرج التواصل في مراق تقتضيها نوعية المتواصلين (المخاطب والمتكلم، ونوعية الموضوع، ونوعية الخطاب). 
ثم إن غرض التواصل حاكم على نمط الخطاب، وإذا كان التواصل الأدنى لا غضاضة في استعمال الدارجة فيه، لمناسبتها له، وعدم الكلفة فيها، ولجريان اللفظ فيها على ما اتفق وجاء، لا على ما يجب وينبغي، فإن مستويات التواصل الأخرى، تكون الدارجة فيها مضرة بالتواصل، مفسدة له، إذ كان التواصل في مستوياته العليا، يعتمد على المفاهيم والمصطلحات، وعلى الترتيب والنظم، وعلى الحركة والحرف والإشارة، لأن التواصل كلما علت مستوياته، دقت كلماته، فمن ثم كان كلام المتخصص لا يفهمه إلا من كان على شاكلته، لأنه أدرى بكلماته، وأعرف بدلالاتها، ولا تسعف الدارجة المتواصلين في المستويات العليا للتواصل بما ينفعهم، لافتقارها إلى ذلك، وقعود ألفاظها عن شرف تلك المرتبة.
واللفظ إذا عركته اللغة، وتداولته الألسن، وتعاورته القواعد الصرفية والنحوية، واستعمله الشعراء، وتناقله الخطباء، واختاره البلغاء، وتراسل به الكتاب، وتندر به الباعة، ونظمت به الأمثال، وركبت عليه الحِكَمُ، ودرج على ألسنة الخاصة، وعجمته الأيام، مرن به اللسان، وألفه السمع، واستأنس به الخاطر، وكان له موقع لا يدانيه فيه إلا لفظ يشبهه، له مثل تاريخه.
وهذا اللفظ إن كان له تاريخ، وكان قد طيف به على عوالم متعددة، ووظف في ميادين معرفية مختلفة، اكتسب من المعاني، وتفيأ من ظلالها، ما يصير بها لفظا يحسب له موقعه بين سائر الألفاظ، وتصير الدلالة فيه عميقة متشعبة، بحيث يكوِّنُ لنفسه دائرة دلالية، تنداح فيما يفيض به من تلك المعاني على المشتقات منه، واللفظ الذي يكون على هذه الصفة، يكون أهلا لأن يُنَاط به مصطلح، أو يُعْقَدَ به مفهوم.
وتاريخ الألفاظ الطويل، يجعل منها ألفاظا عتيقة، تكتسب من قوة الإنجاز، بما لها من تاريخ، وبما شحنت به من دلالة، وبما راكمته من علاقات مفهومية مع غيرها من الألفاظ. ما يجعل التداعي الذهني للمعاني التي يدل عليها، تداعيا نسقيا منتظما، يُفَعِّلُ الإنجاز بطريقة سلسة محكمة. وهذا ما لا يوجد في اللفظ المرتحل المنقرض الذي يعيش في فضاء، كفقعة في قاع.
وعندما تحدث فلاسفة اللغة أمثال أوستين (Austin) وسورل (Searle) عن نظرية أفعال الكلام، جعلوا القوة الإنجازية للتلفظ، هي الترجمة العملية للأصوات الكلامبة، وهي الروح التي تسري في القول، فيصير بها فعلا وعملا منجزا، وكلما كانت ألفاظ اللغة حاملة لقوة الإنجاز، كانت الأمة التي تحمل هذه اللغة، أمة أفعال، لا أمة أقوال.
وأكثر من 80% من لغتنا التي نتحدث بها ونتداولها هو قرآني الاصل، بمعنى أننا لو قمنا برجع ما نتكلمه من ألفاظ إلى جذوره اللغوية، لكان الغالب عليها جذور مذكورة في القرآن الكريم.  فكأن القرآن يمارس إسرار على هذه اللغة، فلا يدعها لعوادي الزمان، وتقلب الحدثان، بل يشرف عليها إشرافا، يكون حافظا لمتنها على الجملة، مهيمنا على مادتها وتداولها، كما أن هذا يجعل القرآن الكريم حاضرا مع الأمة، في وعيها اللغوي.   
والقرآن الكريم، يتلى على مر الليالي والأيام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وفي هذه التلاوة استحضار لهذا المتن اللغوي وتداول له، وضمان لاستمراريته، وتوحيد له بين الأجيال المتلاحقة، فما فيه من الألفاظ اللغوية، هي الألفاظ التي تداولها من قبلنا من الناس، في سلسلة طويلة ممتدة، تمتد عبر القرون، وتخترق الزمن ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وبذلك يحقق القرآن النسب اللغوي بين متكلمي هذه اللغة، ويربط بها بين الأجيال، ربطا يكون فيه ضمان للوحدة اللغوية، التي هي من وحدة الأمة وسر قوتها.   
وكل زمن ينشأ فيه من حاجات التواصل الخاصة، التي تقتضيها الموضوعات الجديدة في ضروب الصناعات والمخترعات، وفي أبواب المعرفة، وفيما ينشأ في حياة الناس، ما يكون داعيا لوضع الألفاظ الجديدة المعبر بها عن ذلك. ليتم بها التواصل والتخاطب، وتحتاج اللغة في كل زمن إلى أن تدخل في متنها اللغوي، ألفاظا جديدة، يتداولها أهل كل زمن، وتكون مادة للتواصل في ذلك الموضوع.
والحاجة إلى الوضع هي حاجة تواصلية اجتماعية متجددة، بها تنمو اللغة وتعيش، وكل لغة قصرت عن الوفاء بحق الوضع، وما يتطلبه من آليات وأدوات، كان قصورها سببا في تخلفها واضمحلالها، ثم موتها فيما بعد، لأن الحاجة إلى الوضع لا تقف بأهل تلك اللغة عند حدود لغتهم، بل تتجاوز ذلك باحثة عن مسلك من المسالك الأخرى، وذلك باعتماد ضروب من الاقتراض والوضع والتأليف، ولو كان على حساب اللغة التي نشأ عليها الناس.   
واللغة مع الغرض التواصلي، كالمجرى مع الماء، فلا زال الماء يتطلب مجرى له، ويسلك في ذلك المسالك المتاحة، حتى يشق لنفسه مجرى معتادا. 
فكذلك الشأن في الغرض التواصلي لا زال يُحوج الناس أن يضعوا له من الألفاظ، وأن يمهدوا له من السبيل، ما يكون مجرى له، فإذا قصرت اللغة عن أن تكون مجرى للتواصل، بحث هذا الغرض عن قناة تواصل أخرى، وترك المجرى القديم.
ولو ترك أمر الوضع اللغوي إلى ما يشتهي الناس، وما يأنس به كل واضع، لمرج أمر اللغة، ولصارت إلى ما صارت إليه اللهجات من الاختلاف والتباين، في الألفاظ والصيغ والأصوات، مما تضيع معه شخصية اللغة، وتفقد هويتها ونسقها وقوتها، واللغة إذ تُلزمُ الواضعَ بقانون الوضع، تضع بذلك شروط الانتساب، وتصحح معيار الالتحاق، لتحافظ بذلك على نسقها، ولتجعل الألفاظ الجديدة التي التحقت بها منسجمة مع سائر ألفاظ تلك اللغة، وهي بذلك توفر مجتمعا لغويا منسجما، ونسقا موحدا، وضربا من الكلام المتفق أواخره وأوائله. ولا تزال تجد أمر اللغات العريقة في باب الوضع، مبنيا على التشدد، كأنها بتشددها تضع ميزان الانتساب إليها، فلا تدخل فيها كل لفظ، أو صوت أو صيغة ما لم تكن مؤتلفة مع نسقها الخاص بها، قابلة لأن تلبس لبوس كلامها ونظامها.
ولكي تساير اللغة الغرض التواصلي، عليها أن يكون لها من آليات التوليد، وأدوات الإنتاج اللغوي، ما يسمح لها بإنتاج عدد من الألفاظ في كل زمن إذا ما اقتضى التواصل ذلك. 
وهذا يفضي بنا إلى القول في آليات التوليد اللغوي، وطرائق إنتاج الألفاظ، ومسالك الوضع اللغوي، ومذاهب التوليف، وهو باب طريف من اللغة، يوقف على البنية التوليدية للغة. 
فمن آليات التوليد اللغوي: 
(1) النحت: وهو عملية دمج واختزال لكلمتين أو أكثر في صيغة واحدة، كقولهم قديما: “عبشمي” نسبة إلى عبد شمس، وكقولهم: البسملة؛ وهي نحت ل”بسم الله الرحمن الرحيم”، 
ومما نحتوه حديثا، ما نجده في الأفلام المترجمة، من قولهم الركمجة وهي من ركوب الأمواج، والسمكرة، وهي أعمال الصيانة التي يقوم بها النجار ومن يشبهه، منحوتة من الكلمتين: سمك وسمر. 
ومن آليات التوليد اللغوي: 
(2) الاستعارة: والاستعارة أسلوب من أساليب التشبيه، يقوم على ملاحظة الجامع بين أمرين، واستعارة المعنى من الطرف الأظهر فيه، ونسبته لما يشبهه تقريبا وادعاء. 
كقولهم للطرف الظاهر المتوسط بين كفتي الميزان، “لسان الميزان” تشبيها له باللسان، لصغره وحركته، كأنه اللسان في الاعتبار، وعلى الاستعارة اعتمدوا في وضع هذه اللفظة وأشباهها.   
  ومن آليات التوليد اللغوي
(3) المجاز: وهو الانتقال بالدلالة من معناها الأصلي، إلى معنى آخر له به علاقة، وعلاقات المجاز كثيرة، ومما اعتمدوا فيه على المجاز في الوضع، تسميتهم لإطار السيارة ب”العجلة” فهذا مجاز، لأن هذا المسمى إنما سمي بالعجلة، لما يؤول إليه، إذ كان راكب السيارة، يسرع في أمره ويعجل فيه، وكانت سرعته وعجلته بوسيلة هذا الإطار، فسمي الشيء بما يفضي إليه، وهذا أحد علاقات المجاز. 
ومن آليات التوليد اللغوي:
(4) التعريب: وهو أخذ الكلمة كما هي في لغة أهلها، ودمجها في المتن اللغوي، مع إجراء تغيير صوتي أو بنيوي لها، يكون قريبا من النسق العربي، والتعريب مأخوذ من عرَّبَ، إذا جعله عربيا، بعد أن كان أعجميا. وهذا الجعل، مبني على ما تقدم من التغييرات التي تجرى على الكلمة، لتناسب أو تقارب اللفظ العربي، ومما وضعوه اعتمادا على التعريب، التلفاز والتلفون.   
ومن آليات التوليد اللغوي: 
(5) الترجمة: وهي ملاحظة المعنى الكامن في اللفظ الأجنبي، ومحاولة إيجاد ما يؤدي المعنى نفسه في اللغة العربية، كترجمة ” voiture” ب”السيارة”، وكثيرة هي الألفاظ التي يمكن ترجمتها وإيجاد نظير لها في اللغة العربية، وقد قامت المجامع اللغوية، والمتخصصون من أهل هذه اللغة، بوضع مقترحات كثيرة، ولكن ينقصها التداول والاستعمال، والتفعيل والإعمال.    
ومن آليات التوليد اللغوي:
(6) الاشتقاق. وهو أخذ مادة لفظ ما، ووضعها في صيغة تحمل حروفها ومعناها، وذلك مثل كلمة “ثلاجة” اسم للآلة المعروفة، فهي مشتقة من مادة “ثلج” وذلك أن الآلة المسماة “ثلاجة”، إنما كان عملها التبريد، وكان هذا العمل، له علقة بالثلج، لكون الثلج مبردا طبيعيا، فأخذوا هذا المعنى، واشتقوا من الثلج صيغة ثلاجة.   
وآليات التوليد في اللغة العربية، هي في تنوعها وتعددها دليل غنى هذه اللغة، وقدرتها على أن تساير كل عصر، وأن تنتج فيه من الألفاظ ما يفي بحاجة أهل ذلك العصر، ومتطلبات تواصلهم، وهذه الآليات فيها هي عدة المواجهة التي تمتلكها العربية، وزادها الغني الذي تعيش به في كل عصر، وهي التي تكسبها من القوة ما يجعلها حية رقراقة نضرة، يلتقي فيها اللفظ الذي وضع حديثا مع اللفظ الذي وضع منذ قرون سحيقة، جنبا إلى جنب، في انتماء واحد ونسق واحد وتركيب واحد. 
وعندما نتحدث عن آليات الوليد في العربية، وتنوعها ومرونتها، فإن هذا الحديث، مفض إلى نتيجة ظاهرة وهي: أن اللغة العربية يمكن أن تراهن عليها الأمة، وأن تعقد عليها الأمل، لكونها لغة مطاوعة، ولسانا مرنا، يستجيب لمقتضيات العصر، وحاجاته، ويفي بموضوعاته وفاء على التمام، لكن هذا العطاء اللغوي، رهن بمدى تداول هذه اللغة وانتشارها، ومدى تمكن أهلها منها واستعمالهم لها.
وهذه الطاقة الكامنة في اللغة العربي، هي طاقة تسري عند الإعمال، وقوة تظهر عند التداول، وروح ينتعش في ألفاظها عند استخدامها، وسر كامن في تراكيبها وأوضاعها يظهر بالممارسة، ومن الضيم الشديد، والظلم الصريح، أن تترك العربية حبيسة تداول محدود، ثم يعاب عليها قصورها وعدم مسايرتها للعصر، وتنزل منزلة من أتيح لها التداول ثم قصرت عن الوفاء بمطالب أهلها وحاجاتهم، وإذا وصف العربية بالقصور من ينسب إليها فهذا ظلمه من ظلم ذوي القربى، وقد قال الشاعر: 
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة == على النفس من وقع الحسام المهند.
واللغة الولود، هي اللغة التي يعول عليها في بناء المعرفة، ويعقد عليها الأمل في وضع المصطلحات ومفاهيم العلوم، لأنك لا تجد مثل اللغة الولود في طواعيتها ومرونتها ووفائها بما تطلبه منها من ألفاظ ومعان، بل لا يزيدها طلبك منها إلا تكاثرا وعطاء، وأنت بها واقف على معين لا ينضب، وعلى عين ثرة لا تغيض.
وهذا السر الكامن في العربية، والمتمثل في قوتها الذاتية على التكاثر والتوليد، هو الذي إذا أدركته الأمة وعرفت قدره، كان مفتاح رقيها بين الأمم، ومدرجة فلاحها وإبداعها في أبواب العلم والمعرفة، وذلك لسبب بسيط، وهو أن كل أمة ترتقي؛ إلا ويكون رقيها بمقوماتها الذاتية، ومكتسباتها الشخصية، التي تؤهلها للريادة، فإذا اعتمدت الأمة في نهضتها على لسان غيرها من الأمم، فمهما بلغت من رقيها فيه، فإن هذا الرقي لن يكون محسوبا لها، بل هو رقي للأمة صاحبة اللسان، وليس للأمة المتبعة لها. 
وقد مضى على العربية زمان كتبت فيه جميع أنواع المعرفة المتاحة في تلك الأزمنة بها، من الهندسة والموسيقى والطب والفلك والرياضيات والفلسفة والمنطق وما شئت بعد ذلك، وكانت الأمة الإسلامية إذ ذاك في قمة عطائها وريادتها وشموخها، وكان صرير القلم على صفحات العلم وأوراق المعرفة، وهو يكتب باللغة العربية يسمع من بلاد الأندلس غربا، إلى تخوم الصين شرقا، في لحن موحد جميل، انتعشت فيه المعرفة انتعاشا قل نظيره بين الأمم.  
واللغات في مدارج التاريخ، لها مقامات وأطوار، وأحوال وأسرار، ومسار متموج، يرتقي بها في وقت عزتها إلى الأوج، وينزل بها في زمان ضعفها إلى الحضيض، وهذا المسار يكشف عن جوهر هذه اللغة وطبيعتها، وعن مدى قدرتها على البقاء، ومرونتها على التكيف، وليست اللغات في هذا على حد السواء، وهي تتفاضل في هذا تفاضلا بينا. 
واللغات القوية في بنيتها والغنية برصيدها، لا يكسبها التاريخ إلا غناء في معجمها، ومددا في معانيها، وقليلة هي اللغات التي ثبتت في التاريخ، واللغة العربية، هي المثال الأجلى، والأنموذج الأمثل على هذا البقاء، رغم تطاول الآماد، وتوالي الأيام. 
واللغة العربية، لغة صقلتها الأيام، وعركتها الألسن، وتداولتها الأمم، وعجمتها المواقف، وغبر عليها من القرون ما يزيد على خمسة عشر قرنا، فخاضت بذلك اللغة العربية مجالات شتى، وانتقلت في ميادين مختلفة، وأكسبتها الأيام حنكة وقوة، ومرونة وفتوة، وتكلم بها الفارسي والرومي، كما تكلم بها القوطي والصقلبي، فصار رصيدها غنيا بغنى متكلميها، ونالت حظها من كل مكان على هذه البسيطة، فكان هذا تاريخا حافلا مجيدا، قل أن يشركها غيرها فيه. 
فكأنها الشيخ الحكيم، الذي طالت تجربته، لا تزال الأيام تكسبه من الحنكة والدراية، ومن المعرفة والتمرين، ما يكون له غنية عند المعضلات، وزادا في الملمات.
وإذا كانت اللغة في مادتها أصواتا تلفظ، وهواء يقطع على تقدير وترتيب، فما أضعف هذه المادة، وما أسرع ما يعرض لها التلف والضياع. سوى أن يكون لها مناط قوة وسر يحفظ كيانها.  

من التعاريف الرائجة للغة؛ تعريف ابن جني الذي قال فيه: “أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم” (الخصائص 1/33) وقد أعجب ابن سيده بهذا التعريف غاية حتى قال فيه: “وهذا حد دائر على محدوده محيط به لا يلحقه خلل” (المخصص 1/35) وهذا التعريف مبني على أن الغرض التواصلي في اللغة، هو غرض بنيوي، لا تنفك اللغة عنه، وهذا أمر تؤكده الدراسات الحديثة.

والغرض التواصلي للغة، لا يتحقق إلا بمجموعة من الشروط التداولية المصححة لعملية التواصل، ويحضر فيها السياق حضورا مركزيا، مستدعيا مكوناته من المتكلم والمخاطب والمقام، ومجريا بذلك أنواعا من الهيمنة على اللغة، بحيث يصبح السياق متحكما في دلالة اللغة ومقاصد الخطاب. 

ثم إن التواصل اللغوي أنواع، أدناها التواصل الحاصل بين الناس فيما هو من معتاد الخطاب، ثم يتدرج التواصل في مراق تقتضيها نوعية المتواصلين (المخاطب والمتكلم، ونوعية الموضوع، ونوعية الخطاب). 

ثم إن غرض التواصل حاكم على نمط الخطاب، وإذا كان التواصل الأدنى لا غضاضة في استعمال الدارجة فيه، لمناسبتها له، وعدم الكلفة فيها، ولجريان اللفظ فيها على ما اتفق وجاء، لا على ما يجب وينبغي، فإن مستويات التواصل الأخرى، تكون الدارجة فيها مضرة بالتواصل، مفسدة له، إذ كان التواصل في مستوياته العليا، يعتمد على المفاهيم والمصطلحات، وعلى الترتيب والنظم، وعلى الحركة والحرف والإشارة، لأن التواصل كلما علت مستوياته، دقت كلماته، فمن ثم كان كلام المتخصص لا يفهمه إلا من كان على شاكلته، لأنه أدرى بكلماته، وأعرف بدلالاتها، ولا تسعف الدارجة المتواصلين في المستويات العليا للتواصل بما ينفعهم، لافتقارها إلى ذلك، وقعود ألفاظها عن شرف تلك المرتبة.

واللفظ إذا عركته اللغة، وتداولته الألسن، وتعاورته القواعد الصرفية والنحوية، واستعمله الشعراء، وتناقله الخطباء، واختاره البلغاء، وتراسل به الكتاب، وتندر به الباعة، ونظمت به الأمثال، وركبت عليه الحِكَمُ، ودرج على ألسنة الخاصة، وعجمته الأيام، مرن به اللسان، وألفه السمع، واستأنس به الخاطر، وكان له موقع لا يدانيه فيه إلا لفظ يشبهه، له مثل تاريخه.

وهذا اللفظ إن كان له تاريخ، وكان قد طيف به على عوالم متعددة، ووظف في ميادين معرفية مختلفة، اكتسب من المعاني، وتفيأ من ظلالها، ما يصير بها لفظا يحسب له موقعه بين سائر الألفاظ، وتصير الدلالة فيه عميقة متشعبة، بحيث يكوِّنُ لنفسه دائرة دلالية، تنداح فيما يفيض به من تلك المعاني على المشتقات منه، واللفظ الذي يكون على هذه الصفة، يكون أهلا لأن يُنَاط به مصطلح، أو يُعْقَدَ به مفهوم.

وتاريخ الألفاظ الطويل، يجعل منها ألفاظا عتيقة، تكتسب من قوة الإنجاز، بما لها من تاريخ، وبما شحنت به من دلالة، وبما راكمته من علاقات مفهومية مع غيرها من الألفاظ. ما يجعل التداعي الذهني للمعاني التي يدل عليها، تداعيا نسقيا منتظما، يُفَعِّلُ الإنجاز بطريقة سلسة محكمة. وهذا ما لا يوجد في اللفظ المرتحل المنقرض الذي يعيش في فضاء، كفقعة في قاع.

وعندما تحدث فلاسفة اللغة أمثال أوستين (Austin) وسورل (Searle) عن نظرية أفعال الكلام، جعلوا القوة الإنجازية للتلفظ، هي الترجمة العملية للأصوات الكلامبة، وهي الروح التي تسري في القول، فيصير بها فعلا وعملا منجزا، وكلما كانت ألفاظ اللغة حاملة لقوة الإنجاز، كانت الأمة التي تحمل هذه اللغة، أمة أفعال، لا أمة أقوال.

وأكثر من 80% من لغتنا التي نتحدث بها ونتداولها هو قرآني الاصل، بمعنى أننا لو قمنا برجع ما نتكلمه من ألفاظ إلى جذوره اللغوية، لكان الغالب عليها جذور مذكورة في القرآن الكريم.  فكأن القرآن يمارس إسرار على هذه اللغة، فلا يدعها لعوادي الزمان، وتقلب الحدثان، بل يشرف عليها إشرافا، يكون حافظا لمتنها على الجملة، مهيمنا على مادتها وتداولها، كما أن هذا يجعل القرآن الكريم حاضرا مع الأمة، في وعيها اللغوي.   

والقرآن الكريم، يتلى على مر الليالي والأيام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وفي هذه التلاوة استحضار لهذا المتن اللغوي وتداول له، وضمان لاستمراريته، وتوحيد له بين الأجيال المتلاحقة، فما فيه من الألفاظ اللغوية، هي الألفاظ التي تداولها من قبلنا من الناس، في سلسلة طويلة ممتدة، تمتد عبر القرون، وتخترق الزمن ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وبذلك يحقق القرآن النسب اللغوي بين متكلمي هذه اللغة، ويربط بها بين الأجيال، ربطا يكون فيه ضمان للوحدة اللغوية، التي هي من وحدة الأمة وسر قوتها.   

وكل زمن ينشأ فيه من حاجات التواصل الخاصة، التي تقتضيها الموضوعات الجديدة في ضروب الصناعات والمخترعات، وفي أبواب المعرفة، وفيما ينشأ في حياة الناس، ما يكون داعيا لوضع الألفاظ الجديدة المعبر بها عن ذلك. ليتم بها التواصل والتخاطب، وتحتاج اللغة في كل زمن إلى أن تدخل في متنها اللغوي، ألفاظا جديدة، يتداولها أهل كل زمن، وتكون مادة للتواصل في ذلك الموضوع.

والحاجة إلى الوضع هي حاجة تواصلية اجتماعية متجددة، بها تنمو اللغة وتعيش، وكل لغة قصرت عن الوفاء بحق الوضع، وما يتطلبه من آليات وأدوات، كان قصورها سببا في تخلفها واضمحلالها، ثم موتها فيما بعد، لأن الحاجة إلى الوضع لا تقف بأهل تلك اللغة عند حدود لغتهم، بل تتجاوز ذلك باحثة عن مسلك من المسالك الأخرى، وذلك باعتماد ضروب من الاقتراض والوضع والتأليف، ولو كان على حساب اللغة التي نشأ عليها الناس.   

واللغة مع الغرض التواصلي، كالمجرى مع الماء، فلا زال الماء يتطلب مجرى له، ويسلك في ذلك المسالك المتاحة، حتى يشق لنفسه مجرى معتادا. 

فكذلك الشأن في الغرض التواصلي لا زال يُحوج الناس أن يضعوا له من الألفاظ، وأن يمهدوا له من السبيل، ما يكون مجرى له، فإذا قصرت اللغة عن أن تكون مجرى للتواصل، بحث هذا الغرض عن قناة تواصل أخرى، وترك المجرى القديم.

ولو ترك أمر الوضع اللغوي إلى ما يشتهي الناس، وما يأنس به كل واضع، لمرج أمر اللغة، ولصارت إلى ما صارت إليه اللهجات من الاختلاف والتباين، في الألفاظ والصيغ والأصوات، مما تضيع معه شخصية اللغة، وتفقد هويتها ونسقها وقوتها، واللغة إذ تُلزمُ الواضعَ بقانون الوضع، تضع بذلك شروط الانتساب، وتصحح معيار الالتحاق، لتحافظ بذلك على نسقها، ولتجعل الألفاظ الجديدة التي التحقت بها منسجمة مع سائر ألفاظ تلك اللغة، وهي بذلك توفر مجتمعا لغويا منسجما، ونسقا موحدا، وضربا من الكلام المتفق أواخره وأوائله. ولا تزال تجد أمر اللغات العريقة في باب الوضع، مبنيا على التشدد، كأنها بتشددها تضع ميزان الانتساب إليها، فلا تدخل فيها كل لفظ، أو صوت أو صيغة ما لم تكن مؤتلفة مع نسقها الخاص بها، قابلة لأن تلبس لبوس كلامها ونظامها.

ولكي تساير اللغة الغرض التواصلي، عليها أن يكون لها من آليات التوليد، وأدوات الإنتاج اللغوي، ما يسمح لها بإنتاج عدد من الألفاظ في كل زمن إذا ما اقتضى التواصل ذلك. 

وهذا يفضي بنا إلى القول في آليات التوليد اللغوي، وطرائق إنتاج الألفاظ، ومسالك الوضع اللغوي، ومذاهب التوليف، وهو باب طريف من اللغة، يوقف على البنية التوليدية للغة. 

فمن آليات التوليد اللغوي: 

(1) النحت: وهو عملية دمج واختزال لكلمتين أو أكثر في صيغة واحدة، كقولهم قديما: “عبشمي” نسبة إلى عبد شمس، وكقولهم: البسملة؛ وهي نحت ل”بسم الله الرحمن الرحيم”، 

ومما نحتوه حديثا، ما نجده في الأفلام المترجمة، من قولهم الركمجة وهي من ركوب الأمواج، والسمكرة، وهي أعمال الصيانة التي يقوم بها النجار ومن يشبهه، منحوتة من الكلمتين: سمك وسمر. 

ومن آليات التوليد اللغوي: 

(2) الاستعارة: والاستعارة أسلوب من أساليب التشبيه، يقوم على ملاحظة الجامع بين أمرين، واستعارة المعنى من الطرف الأظهر فيه، ونسبته لما يشبهه تقريبا وادعاء. 

كقولهم للطرف الظاهر المتوسط بين كفتي الميزان، “لسان الميزان” تشبيها له باللسان، لصغره وحركته، كأنه اللسان في الاعتبار، وعلى الاستعارة اعتمدوا في وضع هذه اللفظة وأشباهها.   

  ومن آليات التوليد اللغوي

(3) المجاز: وهو الانتقال بالدلالة من معناها الأصلي، إلى معنى آخر له به علاقة، وعلاقات المجاز كثيرة، ومما اعتمدوا فيه على المجاز في الوضع، تسميتهم لإطار السيارة ب”العجلة” فهذا مجاز، لأن هذا المسمى إنما سمي بالعجلة، لما يؤول إليه، إذ كان راكب السيارة، يسرع في أمره ويعجل فيه، وكانت سرعته وعجلته بوسيلة هذا الإطار، فسمي الشيء بما يفضي إليه، وهذا أحد علاقات المجاز. 

ومن آليات التوليد اللغوي:

(4) التعريب: وهو أخذ الكلمة كما هي في لغة أهلها، ودمجها في المتن اللغوي، مع إجراء تغيير صوتي أو بنيوي لها، يكون قريبا من النسق العربي، والتعريب مأخوذ من عرَّبَ، إذا جعله عربيا، بعد أن كان أعجميا. وهذا الجعل، مبني على ما تقدم من التغييرات التي تجرى على الكلمة، لتناسب أو تقارب اللفظ العربي، ومما وضعوه اعتمادا على التعريب، التلفاز والتلفون.   

ومن آليات التوليد اللغوي: 

(5) الترجمة: وهي ملاحظة المعنى الكامن في اللفظ الأجنبي، ومحاولة إيجاد ما يؤدي المعنى نفسه في اللغة العربية، كترجمة ” voiture” ب”السيارة”، وكثيرة هي الألفاظ التي يمكن ترجمتها وإيجاد نظير لها في اللغة العربية، وقد قامت المجامع اللغوية، والمتخصصون من أهل هذه اللغة، بوضع مقترحات كثيرة، ولكن ينقصها التداول والاستعمال، والتفعيل والإعمال.    

ومن آليات التوليد اللغوي:

(6) الاشتقاق. وهو أخذ مادة لفظ ما، ووضعها في صيغة تحمل حروفها ومعناها، وذلك مثل كلمة “ثلاجة” اسم للآلة المعروفة، فهي مشتقة من مادة “ثلج” وذلك أن الآلة المسماة “ثلاجة”، إنما كان عملها التبريد، وكان هذا العمل، له علقة بالثلج، لكون الثلج مبردا طبيعيا، فأخذوا هذا المعنى، واشتقوا من الثلج صيغة ثلاجة.   

وآليات التوليد في اللغة العربية، هي في تنوعها وتعددها دليل غنى هذه اللغة، وقدرتها على أن تساير كل عصر، وأن تنتج فيه من الألفاظ ما يفي بحاجة أهل ذلك العصر، ومتطلبات تواصلهم، وهذه الآليات فيها هي عدة المواجهة التي تمتلكها العربية، وزادها الغني الذي تعيش به في كل عصر، وهي التي تكسبها من القوة ما يجعلها حية رقراقة نضرة، يلتقي فيها اللفظ الذي وضع حديثا مع اللفظ الذي وضع منذ قرون سحيقة، جنبا إلى جنب، في انتماء واحد ونسق واحد وتركيب واحد. 

وعندما نتحدث عن آليات الوليد في العربية، وتنوعها ومرونتها، فإن هذا الحديث، مفض إلى نتيجة ظاهرة وهي: أن اللغة العربية يمكن أن تراهن عليها الأمة، وأن تعقد عليها الأمل، لكونها لغة مطاوعة، ولسانا مرنا، يستجيب لمقتضيات العصر، وحاجاته، ويفي بموضوعاته وفاء على التمام، لكن هذا العطاء اللغوي، رهن بمدى تداول هذه اللغة وانتشارها، ومدى تمكن أهلها منها واستعمالهم لها.

وهذه الطاقة الكامنة في اللغة العربي، هي طاقة تسري عند الإعمال، وقوة تظهر عند التداول، وروح ينتعش في ألفاظها عند استخدامها، وسر كامن في تراكيبها وأوضاعها يظهر بالممارسة، ومن الضيم الشديد، والظلم الصريح، أن تترك العربية حبيسة تداول محدود، ثم يعاب عليها قصورها وعدم مسايرتها للعصر، وتنزل منزلة من أتيح لها التداول ثم قصرت عن الوفاء بمطالب أهلها وحاجاتهم، وإذا وصف العربية بالقصور من ينسب إليها فهذا ظلمه من ظلم ذوي القربى، وقد قال الشاعر: 

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة == على النفس من وقع الحسام المهند.

واللغة الولود، هي اللغة التي يعول عليها في بناء المعرفة، ويعقد عليها الأمل في وضع المصطلحات ومفاهيم العلوم، لأنك لا تجد مثل اللغة الولود في طواعيتها ومرونتها ووفائها بما تطلبه منها من ألفاظ ومعان، بل لا يزيدها طلبك منها إلا تكاثرا وعطاء، وأنت بها واقف على معين لا ينضب، وعلى عين ثرة لا تغيض.

وهذا السر الكامن في العربية، والمتمثل في قوتها الذاتية على التكاثر والتوليد، هو الذي إذا أدركته الأمة وعرفت قدره، كان مفتاح رقيها بين الأمم، ومدرجة فلاحها وإبداعها في أبواب العلم والمعرفة، وذلك لسبب بسيط، وهو أن كل أمة ترتقي؛ إلا ويكون رقيها بمقوماتها الذاتية، ومكتسباتها الشخصية، التي تؤهلها للريادة، فإذا اعتمدت الأمة في نهضتها على لسان غيرها من الأمم، فمهما بلغت من رقيها فيه، فإن هذا الرقي لن يكون محسوبا لها، بل هو رقي للأمة صاحبة اللسان، وليس للأمة المتبعة لها. 

وقد مضى على العربية زمان كتبت فيه جميع أنواع المعرفة المتاحة في تلك الأزمنة بها، من الهندسة والموسيقى والطب والفلك والرياضيات والفلسفة والمنطق وما شئت بعد ذلك، وكانت الأمة الإسلامية إذ ذاك في قمة عطائها وريادتها وشموخها، وكان صرير القلم على صفحات العلم وأوراق المعرفة، وهو يكتب باللغة العربية يسمع من بلاد الأندلس غربا، إلى تخوم الصين شرقا، في لحن موحد جميل، انتعشت فيه المعرفة انتعاشا قل نظيره بين الأمم.  

واللغات في مدارج التاريخ، لها مقامات وأطوار، وأحوال وأسرار، ومسار متموج، يرتقي بها في وقت عزتها إلى الأوج، وينزل بها في زمان ضعفها إلى الحضيض، وهذا المسار يكشف عن جوهر هذه اللغة وطبيعتها، وعن مدى قدرتها على البقاء، ومرونتها على التكيف، وليست اللغات في هذا على حد السواء، وهي تتفاضل في هذا تفاضلا بينا. 

واللغات القوية في بنيتها والغنية برصيدها، لا يكسبها التاريخ إلا غناء في معجمها، ومددا في معانيها، وقليلة هي اللغات التي ثبتت في التاريخ، واللغة العربية، هي المثال الأجلى، والأنموذج الأمثل على هذا البقاء، رغم تطاول الآماد، وتوالي الأيام. 

واللغة العربية، لغة صقلتها الأيام، وعركتها الألسن، وتداولتها الأمم، وعجمتها المواقف، وغبر عليها من القرون ما يزيد على خمسة عشر قرنا، فخاضت بذلك اللغة العربية مجالات شتى، وانتقلت في ميادين مختلفة، وأكسبتها الأيام حنكة وقوة، ومرونة وفتوة، وتكلم بها الفارسي والرومي، كما تكلم بها القوطي والصقلبي، فصار رصيدها غنيا بغنى متكلميها، ونالت حظها من كل مكان على هذه البسيطة، فكان هذا تاريخا حافلا مجيدا، قل أن يشركها غيرها فيه. 

فكأنها الشيخ الحكيم، الذي طالت تجربته، لا تزال الأيام تكسبه من الحنكة والدراية، ومن المعرفة والتمرين، ما يكون له غنية عند المعضلات، وزادا في الملمات.

وإذا كانت اللغة في مادتها أصواتا تلفظ، وهواء يقطع على تقدير وترتيب، فما أضعف هذه المادة، وما أسرع ما يعرض لها التلف والضياع. سوى أن يكون لها مناط قوة وسر يحفظ كيانها.  

 

                                                                                الدكتور عدنان أجانة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. فعلا إنه بحث رصين.. يشكل حلقة مهمة من حلقات البناء التواصلي.. نأمل من أخينا الدكتور عدنان أن يتحفنا بباقي حلقاته

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق