مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

عبد القادر الجيلاني (سلسلة أعلام شعراء الصوفية)

تمهيد:

 لم يُتَح لي يوما أن أقرأ شيئا عن التصوف الإسلامي وتاريخه وأعلامه بشكل دقيق إلا الشيء اليسير، أو أن أطلع على دواوين أعلامه الشعراء فيما اطلعت عليه من دواوين الشعر العربي التي قرأتها أو سمعت عنها شيئا، باستثناء ديوان الشيخ سيدي محمد الحراق نزيل تطوان ودفينها الذي قرأته كاملا بداعي الفضول لكثرة ما سمعته من أخبار الرجل ومن قصائده المنشدة في شتى المناسبات في مدينة تطوان. 

إذ لم يكن مفهوم التصوف واضحا عندي بالشكل الكافي فانطلقت أبحث عن ماهية المفهوم قبل أن أكتب شيئا عن أعلامه، وركزت على الأدب الصوفي وما خلفه هؤلاء المتصوفة، فوجدت أن معظم القصائد والأناشيد التي كنا نسمعها ويقال عنها «دينية أو روحية» هي في الأصل قصائد لأعلام متصوفة حفظتها الأجيال واستوعبتها مثل قصائد الحلاج وابن الفارض وغيرهم.   والصوفي عند الإمام الجيلاني هو «من جعل ضالته مراد الحق منه، رفض الدنيا وراءه، فخدمته ورزقته أقسامه؛ وحصل له في الدنيا قبل الآخرة مرامه، فعليه من ربه سلامه»(1)، والتصوف على حد تعبير الدكتور يوسف زيدان «هو الضمير النابض الذي أشاع الصدق في وجدان الأمة، وكان الصوفية هم فقهاء القلوب الذين وضعوا قواعد المعاملة بين الإنسان والله – وبين الإنسان والإنسان- على أرض اليقين الراسخ والأخلاق الحقيقية، واعتبروا أن (الباطن) هو ما يتشكل به (الظاهر) تشكلا صحيحا.. فكانوا دوما ينفذون من قشور الأشياء إلى لبابها قائلين: المدار على القلب !» (2).

وقد بَسَطَ أهل التصوف هذه المعاني القلبية والروحية في أشعارهم كل البسط «إذ عبر عشاق الصوفية، وشعراؤهم عن مواجيدهم ومشاعرهم الحارة وحاولوا أن يعيشوا حقائق القرآن ويغوصوا في عالمه المليء بالأسرار التي لا تنفد، وخرجوا على الناس بأدب رفيع المستوى»(3) وقد شكل هذا الأدب تراثا زاخرا يضاف إلى تراث هذه الأمة، ويتميز شعرهم بكثير من الخصائص التي لا نكاد نجدها في أشعار غيرهم، مصبوغا بسمة الخصوصية والتفرد، ومن هذه الخصائص:

– سلوك سبيل الرمز والكناية وضرب الأمثال.

– وجود قدر من التهويل والمبالغة في الأبيات التي يعبر فيها الصوفي عن الأحوال غير العادية التي يعايشها، والأمواج العالية من الأنوار التي يعاينها، وتظهر تلك الخصيصة بأوضح ما يكون حين يحكي الشاعر الصوفي عن محبته وما يلاقي من وجد وشوق واحتراق.

– الأغلب الأعم من شعر الصوفية يأتي على هيئة أبيات قصار تلمح كل مجموعة منها عن لطيفة ذوقية مفردة، أو بضعة لطائف سرعان ما يحجم الصوفي عن الإسهاب فيها.

– جاءت أغلب أشعار الصوفية من البحور المشهورة المتداولة كالطويل والوافر والكامل لما تتميز به هذه البحور من اتساع يعطي الشاعر خلال كمية كبيرة من السواكن والمتحركات، إمكانية وافية للتعبير عن أغراضه.

– وجود حشد وافر من الأبيات المجهولة المؤلف(4).  

وأُقَدِّمُ في هذه الحلقة تعريفا بأحد أقطاب التصوف الإسلامي وجِلَّتهم وهو الشيخ عبد القادر الجيلاني، مع الحديث عن مميزات شعره الصوفي ونثره أيضا، واخترت نموذجا شعريا من ديوانه ونموذجا آخر نثريا للاطلاع على نافذة من هذا الديوان.

التعريف بعبد القادر الجيلاني وأدبه:

أ- نسبه وولادته وألقابه:

هو عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما، الشيخ أبو محمد الجيلي الحنبلي المشهور الزاهد(5)، وقد اختلفت نسبته في المصادر بين «الجيلاني» و«الجيلي» و«الكيلاني» أيضا، واختلفت كذلك في السنة التي ولد فيها فقيل وُلِدَ بجيلان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة (491هـ )، وقيل سنة سبعين وأربعمائة (470هـ ) – على الأرجح- وذلك اعتمادا على نص ورد في «مرآة الزمان»، وهو أن ولده عبد الرزاق سأل والده عن مولده فقال: لا أعلمه حقيقةً، لكني قَدِمْتُ بغداد في السَّنة التي مات فيها التَّميمي، وعمري إذ ذاك ثماني عشرة سنة، والتميمي توفي سنة ثمانٍ وثمانين وأربعمائة»(6)، واختلِف أيضا في مكان ولادته.

وأشهر ألقاب الشيخ عبد القادر الجيلاني «باز الله الأشهب» ولقب «شيخ الكل» ولقب «الغوث الأعظم».  

ب- حياته:

لما ترعرع وعلم أن طلب العلم فريضة، شمّر ساق الاجتهاد في تحصيله، وسارع في تحقيق فروعه وأصوله، بعد أن اشتغل بالقرآن حتّى أتقنه(7)، وقد قدم الشيخ عبد القادر الجيلاني إلى بغداد سنة (488هـ) طالبا للعلم وعمره ثماني عشرة سنة، إذ التقى عددا كبيرا من العلماء والفقهاء والمشايخ والمربين والأدباء فألقى بنفسه الظامئة المتعطشة إلى العلم في أحضان مدارسهم ومجالسهم ينهل من جميع علومهم ومعارفهم وقد بذل جهدا عظيما في دراسته مما لفت نظر مشايخه إليه، فدرس العلم والأدب وبرع في اللغة والنحو وعرف مجاهدة النفس وترويضها، فكان شديدا معها، بعيدا عن مطامع الدنيا ولذاتها(8).

وكان الشيخ عبد القادر قد لازم الأدب على أبي زكريا التبريزي، واشتغل بالوعظ إلى أن برز فيه، ثم لازم الخلوة والرياضة والسياحة والمجاهدة والسهر والمقام في الخراب والصحراء، وصحب الشيخ أحمد الدباس وأخذ عنه علم الطريق، ثم إن الله أظهره للخلق وأوقع له القبول العظيم، وعقد المجلس سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وأظهر الله الحكمة على لسانه، ثم جلس في مدرسة أبي سعد للتدريس والفتوى سنة ثمان وعشرين، وصار يقصد بالزيارة، وصنف في الفروع والأصول، وله كلام على لسان أهل الطريق(9). 

ج- طريقته:

إليه تنسب الطريقة القادرية التي تعرف انتشارا واسعا في العالم الإسلامي، وقد أجمَلَ الدكتور يوسف زيدان العوامل التي أدت إلى قيام هذه الطريقة واستمرارها قوية بعد وفاة مؤسسها في أربع نقاط وهي:

– أولاً: اهتم الجيلاني بإرساء قواعد طريقته على الأصول الواضحة في الكتاب والسنة، مما جنب آراءه خطر الوقوع في مزالق التأويلات والخوض في الفرعيات، فظلت طريقته واضحة المعالم، حميدة التناول بعد وفاته بقرون.

– ثانياً: ترك الشيخ عبد القادر الجيلاني ذرية كثيرة، فقام أولاده وأحفاده على إحياء طريقته من بعده.

– ثالثاً: تلقى العديد من الصوفية الوافدين من أقطار العالم الإسلامي الطريقة القادرية وخرقة الصوفية تلقيناً ومبايعةً من الإمام الجيلاني قدس الله سره سواء في مكة المكرمة أم بغداد، وقد عمل هؤلاء على نشر الطريقة بأقطارهم الدانية والقاصية في حياة الإمام وبعد وفاته، ويضاف إلى ذلك أيضاً، أثر القادرية التي قام بها بعض أولاد الإمام وأحفاده في سياحاتهم بديار المسلمين، سواء لطلب العلم أم للسير على قدم التجريد.

– رابعاً: أدت فاجعة القرن السابع الهجري – أعني سقوط بغداد على أيدي المغول الهمجية سنة 656 هـ إلى إضفاء لون اللامركزية على الطريقة القادرية – فلم تعد مدرسة الجيلاني وأسرته ببغداد محط أنظار القادرية في العالم الإسلامي، وإنما اعتبرت فروع القادرية أصولاً للطريقة تستلهم قوتها من ذاتها ومن مؤلفات الجيلاني  التي كانت قد ملأت الأرض آنذاك(10).

د- ثناء العلماء عليه:

قَالَ السَّمْعَانِيُّ: «كَانَ عَبْدُ القَادِرِ مِنْ أَهْلِ جيلاَنَ إِمَامَ الحَنَابِلَةِ، وَشيخَهُم فِي عصرِهِ، فَقِيهٌ صَالِحٌ دَيِّنٌ خَيِّرٌ، كَثِيرُ الذِّكْرِ، دَائِمُ الفِكْرِ، سرِيعُ الدَّمْعَةِ»(11).

قال صاحب «فوات الوفيات»: «صاحب المقامات والكرامات وشيخ الحنابلة»(12).

قال سبط ابن الجوزي: «وكان سكوتُه أكثرَ من كلامه، وكان يتكلَّم على الخواطر، فظهر له صيت عظيم وقبول تام، وما كان يخرج من مدرسته إلَّا يوم الجُمُعة إلى الجامع، أو إلى الرِّباط، وتاب على يده معظمُ أهل بغداد، وأسْلَم معظمُ اليهود والنَّصارى، وما كان أحدٌ يراه إلَّا في أوقات الصَّلاة، وكان يَصْدع بالحقِّ على المنبر، وينكر على من يولِّي الظَّلَمة على النَّاس»(13).

هـ- آثاره(14):

تنقسم آثار الشيخ الجيلاني إلى أربعة أقسام:

الكتب: 

1- كتاب «الغنية لطالبي طريق الحق».

2- الديوان ويضم أشعاره ومقالاته الرمزية، صنعه الدكتور يوسف زيدان.

المجالس: وقد جمعت أقوال الإمام في مجالسه في مجاميع وهي:

1- فتوح الغيب.

2- الفتح الرباني والفيض الرحماني.

3- جلاء الخاطر في الظاهر والباطن.

الأوراد: وهي كالآتي:

1- أوراد الأيام السبعة.

2- أوراد الأوقات الخمسة.

3- ورد الصلاة الكبرى.

4- حزب الرجاء.

5- حزب الوسيلة.

الصلوات والأدعية:

1- الصلاة الصغرى.

2- الصلوات التسع.

ح- وفاته:

انتقل إلى الله في عاشر ربيع الآخر، سنة إحدى وستين وخمسمائة(15)، وقد جمع بعضهم سنوات ولادته ووفاته وعمره في بيت شعري واحد، يقول:

إِنَّ بَازَ اللهِ سُلْطَانُ الرِّجَالِ *** جَاءَ فِي عِشْقٍ وَمَاتَ فِي كَمَالِ

وذلك لأن كلمة (عشق) عددها بحساب الجمل 470، وهو تاريخ مولد الإمام. وكلمة (كمال) عددها 91، وهو عدد سنوات العمر. والكلمتان معا، حاصل عددهما 561 وهو تاريخ الوفاة(16). وقد فرغ من تجهيزه ليلا، وصلى عليه ولده عبد الوهاب في جماعة مَن حضر من أولاده وأصحابه وتلامذته، ثم دُفِنَ في رواق مدرسته ولم يفتح باب المدرسة حتّى علا النهار، وأهرع الناس للصلاة على قبره وزيارته، وكان يوما مشهودا(17).

ديوانه:

ينقسم ديوان الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي حققه الدكتور يوسف زيدان إلى قسمين؛ أولهما خاص بالقصائد الصوفية، والقسم الثاني خاص بالمقالات الرمزية وكل من شعره ونثره ذو طابع صوفي، لأن كتابات الشيخ كلها لا تخرج عن هذا الإطار الذي رسمه لنفسه إذ هو شيخ الطريقة وقطب رحاها. 

وقد بلغ الإمام الجيلاني في ديوانه هذا «غاية التمكين في توجيه المصطلح الصوفي وإرساله إلى أبعد الدلالات، بل إنه كثيرا ما هجر المصطلح السابق عليه، وراح يرسم بالكلمات اصطلاحات جديدة لا نكاد نجدها عند غيره من أهل الطريق»(18).

أ- شعره:

ظل الشعر دوما معينا يرده الصوفية للارتواء من نبع التعبير الصادق، وأداة مناسبة لتصوير أدق حقائق الطريق(19)، ويتكون ديوانه من عشر قصائد متوسطة الحجم وأطولها في أربع وستين بيتا وهي قصيدة «الأسماء الحسنى»، وقد وقفت عند أهم مميزات شعره وكذا معانيه.   

مميزات شعره الصوفي:

لم يكن الشيخ عبد القادر الجيلاني شاعرا بالمعنى الدقيق للكلمة؛ إذ لا نلمح فيه الجانب التصويري من تشبيهات واستعارات وكنايات وغيرها، ولكن الذي ميز شعره هو الطابع الصوفي الذي ذكرناه سابقا والذي يبسط ظلاله في جانب المعاني خاصة. 

وقد أجمَلَ محقق ديوانه الدكتور يوسف زيدان سمات شعره الصوفي في أربعة نقاط رئيسية وهي كالآتي:

1- تعلو نغمات الإدلال والفخر في أبيات الإمام، بشكل لا نكاد نجده في شعر غيره من الصوفية.

2- غالبا ما تختتم قصائد الإمام بأبيات تشير إلى اسمه أو أحد ألقابه المشهورة، وهي الظاهرة المعروفة باسم: التخلص.

3- تلتحق بغالبية قصائد الإمام الجيلاني (أبيات الترجيع) وهي أبيات يضعها المريدون على نفس الوزن والقافية، بهدف الإنشاد في مجلس الذكر والسماع.

4- حَالَ مقام الإمام الجيلاني – كواحد من أعلام الفقه والتصوف في عصره- دون العناية بشعره وتطويله وتنميقِه.. فلا نجد عنده القصائد الروائع المطولة التي نجدها عند ابن الفارض وعبد الكريم الجيلي وغيرها من الصوفية غير المشتغلين بالفقه(20).

معاني شعره:

مما يميز شعر الإمام وفرة المعاني الصوفية، أضف إلى ذلك الاستمداد من المعجم القرآني والمعجم الحديثي، ونعرض فيما يلي أكثر المعاني الشعرية التي يدور حولها شعره: 

1- السكر: وهو «حيرة بين الفناء والوجود في مقام المحبة الواقعة بين أحكام الشهود والعلم إذ الشهود يحكم بالفناء، والعلم يحكم بالوجود»(21)، قال في هذا المعنى:

بِحَيَاتِي عَلَيْكُمُ يَا سُقَاتِي *** رَوِّقُوا الْكَأْسَ إِنَّ حِبِّي مَلَالِي

وَأَدِيرُوا الْكُؤُوسَ بَيْنَ النَّدَامَى *** فَجَمِيعُ الْأَنَامِ سَكْرَى بِحَالِي(22)

2- الصحو: وهو «رجوع إلى الإحساس بعد الغيبة بوارد قوي… واعلم أنه لا يكون صحو في هذا الطريق إلا بعد سكر، وأما قبل السكر فليس الإنسان بصاح، ولا هو صاحب صحو»(23)، قال في هذا المعنى:

وَلَمَّا صَفَا قَلْبِي وَطَابَتْ سَرِيرَتِي *** وَنَادَمَنِي صَحْوِي بِفَتْحِ الْبَصِيرَةِ

شَهِدْتُ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الْوِلَايَةِ*** وَقَدْ مَنَّ بِالتَّصْرِيفِ فِي كُلِّ حَالَةِ(24)

3- الحب والمحبة: والمقصود بهما «ميل النفس إلى ما تراه أو تظنه خيرا، أما محبة العبد لربه فهي تعظيم له، وطلب للتقريب إليه وذلك بطاعته، […] ومحبة الله عند الصوفية تعظيم لله، فلا محبوب سواه»(25)، قال في هذا المعنى:

وَبِبَذْلِنَا لِلْحُبِّ نِلْنَا عِزَّةً *** وَعَلَى الرُّؤُوسِ تَنَقَّلَتْ أَقْدَامُنَا(26)

وقال أيضا:

وَلِي نَشْأَةٌ فِي الْحُبِّ مِنْ قَبْلِ آدَمٍ*** وَسِرِّي سَرَى فِي الْكَوْنِ مِنْ قَبْلِ نَشْأَتِي(27)

4- الولاية: «هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه وذلك بتولي الحق إياه حتى يبلغه غاية مقام القرب والتمكين»(28)، قال في هذا المعنى:

وَمَا قُلْتُ حَتَّى قِيلَ لِي قُلْ وَلَا تَخَفْ*** فَأَنْتَ وَلِيِّي فِي مَقَامِ الْوِلَايَةِ(29)

5- المشيخة: والشيخ عند الصوفية هو «الإنسان الكامل في علوم الشريعة والطريقة والحقيقة، البالغ إلى حد التكميل فيها»(30)، قال في هذا المعنى:

أَلَا يَالِلرِّجَالِ خُذُوا بِثَأْرِي*** فَإِنِّي شَيْخَـُكُمْ قُطْبُ الْكَمَالِ

أَناَ شَيْخَُ الْمَشَايِخِ حُزْتُ عِلْمًا*** بِآدَابٍ وَحِلْمٍ وَاتِّصَالِ(31)

6- الوراثة: وتعرف تجليات العلم الإلهي عند الصوفية، بالوراثة عن المقام المحمدي، وعن غيره من مقامات الأنبياء(32)، قال في هذا المعنى:

وَيَا وَارِثُ اجْعَلْنِي لِعِلْمِكَ وَارِثًا*** وَرُشْدًا أَنِلْنِي يَا رَشِيدُ تَجَمُّلَا

صَبُورٌ وَسَتَّارٌ فَوَفِّقْ عَزِيمَتِي*** عَلَى الصَّبْرِ وَاجْعَلْ لِي اخْتِيَارًا مُزَمِّلَا(33)

7- المشاهدة: وفي هذه الدرجة «يكون الولي قد حضره الحق تعالى إما كلاما (صوتا يسمعه) أو برؤية عن طريق البصيرة، ولا يمكن أن يختلط عليه الأمر أو يشتبه فيه، ففي المشاهدة ينتفي الشك أو الخلط، والشبهة»(34)، قال في هذا المعنى:

وَعَايَنْتُ إِسْرَافِيلَ وَاللَّوْحَ وَالرِّضَا*** وَشَاهَدْتُ أَنْوَارَ الْجَلَالِ بِنَظْرَتِي

وَشَاهَدْتُ مَا فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا*** كَذَا الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ فِي طَيِّ قَبْضَتِي(35)

8- كشف الحجاب: يستخدم الصوفية كلمة الحجاب بمعان متعددة حسب الحال الذي يتكلمون فيه، وقد ورد عند الجيلاني بمعنى أن «هذا السالك أو هذا المريد الصادق قد كشف عنه الحجاب، أي رفع عنه حجاب الدنيا، وبدت التجليات، والمنن، والعطايا، تتوارد على قلبه، وأصبح من أصحاب المكاشفات والفتوحات، أي وصل إلى مقام الولاية، أي من أصحاب الأسرار»(36)، وكشف عنه الحجاب «أي حجاب الظلمة، فرأى الحقائق فهي مكاشفة لا بعين البصر، ولكن بعين البصيرة»(37)، قال في هذا المعنى:

تَجَلَّى لِيَ السَّاقِي وَقَال إِلَيَّ قُمْ*** فَهَذَا شَرَابُ الحُبِّ فِي حَانِ حَضْرَتِي

تَقَدَّمْ وَلَا تَخْشَ كَشَفْنَا حِجَابَنَا*** تَمَلَّ بِحَانِي وَالشَّرَابِ وَرُؤْيَتِي(38)

وقال أيضا:

كَشَفَ الْحُجْبَ وَالسُّتُورَ لِعَيْنِي*** وَدَعَانِي لِحَضْرَةٍ وَمَقَامِ

فَاخْتَرَقْتُ السُّتُورَ جَمْعًا لِحُبِّي*** عِنْدَ عَرْشِ الْإِلَهِ كَانَ مَقَامِي(39)

9- كسر النفس أو قتلها: هو «اصطلاح صوفي يراد به تهذيب النفس الأمارة وكسر حدتها وقتل شهواتها وتعلقاتها بكل ما هو دنيء، وذلك شرط من شروط السلوك، فالنفس لدى المريد المبتدئ هي علة كل شر وسوء، وباب للسقوط في المحرمات والشبهات»(40)، قال:

وَأُوصِيكُمُو كَسْرَ النُّفُوسِ فَإِنَّهَا*** مَرَاتِبُ عِزٍّ عِنْدَ أَهْلِ الطَّرِيقَةِ

وَمَنْ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِتَكَبُّرٍ *** تَجِدْهُ صَغِيرًا فِي عُيُونِ الْأَقِلَّةِ(41)

10- الشفاعة: هي شفاعة القطب أو الغوث في الخلق، وقد عرفها الشاذلي بقوله «الشفاعة انصباب النور على جوهر النبوة إلى الأنبياء والأولياء، وتندفع الأنوار من الصديقين والأنبياء إلى الخلق»(42)، قال في هذا المعنى:

أَنَا فِي الْحَشْرِ شَافِعٌ لِمُرِيدِي*** عِنْدَ رَبِّي فَلَا يُرَدُّ كَلَامِي

أَنَا شَيْخٌ وَصَالِحٌ وَوَلِيٌّ*** أَنَا قُطْبٌ وَقُدْوَةٌ لِلْأَنَامِ(43)

وقال فيه أيضا:

مُرِيدِي تَمَسَّكْ بِي وَكُنْ بِيَ وَاثِقًا*** لِأَحْمِيكَ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَكُنْ يَا مُرِيدِي حَافِظًا لِعُهُودِنَا*** أَكُنْ حَاضِرَ الْمِيزَانِ يَوْمَ الْوَقِيعَةِ

وَإِنْ شَحَّتِ الْمِيزَانُ كُنْتُ أَنَا لَهَا*** بِعَيْنِ عِنَايَاتٍ وَلُطْفِ الْحَقِيقَةِ(44)

11- الخلوة: هي محادثة السر مع الحق بحيث لا يرى غيره(45) و«تعتبر الخلوة من المستلزمات الروحية التي يؤديها المريد في الطريق الصوفي والتي يهتم بها مشايخ الطرق لتربية النفوس وتزكية قلوب مريديهم، ويعتقد الصوفية أن الخلوة هي تدعيم للتوبة وتثبيت للإخلاص وسير في طريق الله –عز وجل- وهي أفضل لحظات يقضيها الإنسان وربه»(46)، قال في هذا المعنى:

حَفِظْتُ جَمِيعَ الْعِلْمِ صِرْتُ طِرَازَهُ*** عَلَى خِلْعَةِ التَّشْرِيفِ فِي حُسْنِ خَلْوَتِي(47)

12- الخَلْعُ: يقول عبد الكريم الجيلي في الخلع «ومنهم [أي الأولياء] من ولايته من حيث الخلع، بحكم ما تقتضيه الصفات الذاتية. وهم أخص وأعلى من أهل المواهب والمنح. فإن تجليات الحق على أهل المواهب: سكرة من سراب ممزوج. وتجليه على أهل الخلع: صِرْف […] وخلعة كل ولي كامل: صفة إلهية يتلبس بها، ويكون الأغلب على حاله أثر تلك الصفة»(48)، قال الجيلاني في هذا المعنى:

وَأَصْبَحْتُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ جَالِسًا*** عَلَى طُورِ سِينَا قَدْ سَمَوْتُ بِخَلْعَتِي(49)

وقال أيضا:

كَسَانِي خِلْعَةً بِطِرَازِ عِزٍّ*** وَتَوَّجَنِي بِتِيجَانِ الْكَمَالِ(50)

13- الغوثية: والغوث في الاصطلاح الصوفي «هو القطب حين يلتجأ إليه، ولا يسمى في غير ذلك الوقت غوثا»(51)، قال في هذا المعنى: 

يَا مُرِيدِي لَكَ الْهَنَا بِدَوَامٍ *** عِشْ بِعِزٍّ وَرِفْعَةٍ وَاحْتِرَامِ

وَمُرِيدِي إِذَا دَعَانِي بِشَرْقٍ *** أَوْ بِغَرْبٍ أَوْ نَازِلٌ بَحْرَ طَامِ

فَأَغِثْهُ لَوْ كَانَ فَوْقَ هَوَاءٍ *** أَنَا سَيْفُ الْقَضَا لِكُلِّ خِصَامِ(52)

14- القطبية: الأقطاب في تعريف الصوفية «هم الدعائم التي يقوم عليها صرح الوجود، وهم الواسطة بين عالم الأمر وعالم الخلق»(53)، قال: 

أَنَا قُطْبُ أَقْطَابِ الْوُجُودِ حَقِيقَةً*** عَلَى سَائِرِ الْأَقْطَابِ قَوْلِي وَحُرْمَتِي(54)

وتكرر صدر هذا البيت في قصيدة أخرى حيث يقول:

أَنَا قُطْبُ أَقْطَابِ الْوُجُودِ حَقِيقَةً*** وَجَمِيعُ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنْ خُدَّامِنَا

قُطْبُ الزَّمَانِ وَغَوْثُهُ وَمَلَاذُهُ*** وَالْأَوْلِيَا جَمْعًا بِظِلِّ خِبَابِنَا(55)

15- التوسل: «هو طلب من الله تعالى أن يقضي حاجة للمتوسل بالنبي أو الولي، أي كأنه يقول، يارسول الله أو ياسيدي فلان، أطلب منك بما لك من القربة والمحبة والمكرمة عند الله تعالى بقضاء حاجتي»(56)، قال في هذا المعنى: 

تَوَسَّلْ بِنَا فِي كُلِّ هَوْلٍ وَشِدَّةٍ *** أُغِيثُكَ فِي الْأَشْيَاءِ طُرًّا بِهِمَّتِي

أَنَا لِمُرِيدِي حَافِظٌ مَا يَخَافُهُ *** وَأَحْرُسُهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَفِتْنَةِ(57)

16- التجلي: «التجلي إذا فتح الله على عبد بعد الستر، يتجلى عليه بنعمة، فيكشف له عن بعض المغيبات، ويظهر له أنوار المشاهدة، فيمسي في غاية ما يتمناه في التحقق والذهاب والفناء، ويجزل له العطاء بمقدار شوقه ومناه»(58)، قال: 

نَظَرْتُ بِعَيْنِ الْفِكْرِ فِي حَانِ حَضْرَتِي *** حَبِيبًا تَجَلَّى لِلْقُلُوبِ فَحَنَّتِ

سَقَانِي بِكَأْسٍ مِنْ مُدَامَةِ حُبِّهِ*** فَكَانَ مِنَ السَّاقِي خُمَارِي وَسَكْرَتِي(59)

17- التصريف: هو إحدى الهبات الإلهية للأولياء المتقريبن إليه تعالى، حيث يتصرفون في الخلق بأمر الله وبإذنه، ويكون التصريف بالهمة القلبية العالية الغيبية، وإذا تحقق به صاحبه في المقام تصرف في الأنام بالكلام(60)، قال الجيلاني مشيرا إلى منة التصريف: 

شَهِدْتُ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الْوِلَايَةِ *** وَقَدْ مَنَّ بِالتَّصْرِيفِ فِي كُلِّ حَالَةِ(61)

وقال أيضا:

فَمَنْ فِي أَوْلِيَاءِ اللهِ مِثْلِي *** وَمَنْ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْرِيفِ خَالِي(62)

أغراض شعره الصوفي ونموذج منه: 

نختار من شعره القصيدة المسماة بـ «بلبل الأفراح».

مَا فِي الصَّبَابَةِ مَنْهَلٌ مُسْتَعْذَبُ *** إِلَّا وَلِي فِيهِ الْأَلَذُّ الْأَطْيَبُ

أَوْ فِي الوِصَالِ مَكَانَةٌ مَخْصُوصَةٌ*** إِلَّا وَمَنْزِلَتِي أَعَزُّ وَأَقْرَبُ

وَهَبَتْ لِيَ الْأَيَّامُ رَوْنَقَ صَفْوِهَا *** فَحَلَتْ مَنَاهِلُهَا وَطَابَ الْمَشْرَبُ

وَغَدَوْتُ مَخْطُوبًا لِكُلِّ كَرِيمَةٍ *** لَا يَهْتَدِي فِيهَا اللَّبِيبُ فَيَخْطُبُ

أَنَا مِنْ رِجَالٍ لَا يَخَافُ جَلِيسُهُمْ *** رَيْبَ الزَّمَانِ وَلَا يَرَى مَا يَرْهَبُ

قَوْمٌ لَهُمْ فِي كُلِّ مَجْدٍ رُتْبَةٌ *** عُلْوِيَّةٌ وَبِكُلِّ جَيْشٍ مَوْكِبُ

أَنَا بُلْبُلُ الْأَفْرَاحِ أَمْلَأُ دَوْحَهَا *** طَرَبًا وَفِي الْعَلْيَاءِ بَازٍ أَشْهَبُ

أَضْحَتْ جُيُوشُ الْحُبِّ تَحْتَ مَشِيئَتِي *** طَوْعًا وَمَهْمَا رُمْتُهُ لَا يَعْزُبُ

أَصْبَحْتُ لَا أَمَلًا وَلَا أُمْنِيَّةً *** أَرْجُو وَلَا مَوْعُودَةً أَتَرَقَّبُ

مَا زِلْتُ أَرْتَعُ فِي مَيَادِينِ الرِّضَا *** حَتَّى بَلَغْتُ مَكَانَةً لَا تُوهَبُ

أَضْحَى الزَّمَانُ كَحُلَّةٍ مَرْمُوقَةٍ *** تَزْهُو وَنَحْنُ لَهَا الطِّرَازُ الْمُذْهَبُ

أَفَلَتْ شُمُوسُ الْأَوَّلِينَ وَشَمْسُنَا *** أَبَدًا عَلَى فَلَكِ الْعُلَى لَا تَغْرُبُ

يتمثل الجيلاني في هذه القصيدة المختارة سمات الشعر الصوفي؛ وفي هذا السياق نعرض لأهم أغراضه الشعرية في ديوانه مع التمثيل لها من قصيدته هذه ومن ديوانه أيضا، وأهم هذه الأغراض:

1- الفخر الصوفي: وهو من «السمات المميزة لشعر عبد القادر الجيلاني، إذ أنه كان كثير الإنشاد في هذا الغرض»(63)، ومنه قوله في قصيدته هذه:

أَنَا بُلْبُلُ الْأَفْرَاحِ أَمْلَأُ دَوْحَهَا *** طَرَبًا وَفِي الْعَلْيَاءِ بَازٍ أَشْهَبُ

أَضْحَتْ جُيُوشُ الْحُبِّ تَحْتَ مَشِيئَتِي *** طَوْعًا وَمَهْمَا رُمْتُهُ لَا يَعْزُبُ

وقوله أيضا في موضع آخر:

وَدُقَّتْ لِيَ الرَّايَاتُ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَا*** وَأَهْلُ السَّمَا وَالْأَرْضِ تَعْلَمُ سَطْوَتِي

وَشَاءُوسُ مُلْكِي سَارَ شَرْقًا وَمَغْرِبًا*** فَصِرْتُ لِأَهْلِ الْكَرْبِ غَوْثًا وَرَحْمَةِ

فَمَنْ كَانَ مِثْلِي يَدَّعِي فِيكُمُ الْهَوَى*** يُطَاوِلُنِي إِنْ كَانَ يَقْوَى لِسَطْوَتِي(64)

وفخر الصوفية لا يقصد به العجب والتباهي بقدر ما هو تعبير صوفي عن المنزلة التي وصلها الصوفي عن طريق الحب والوصال والمجاهدة وغيرها من المعاملات، والصوفية أشد حرصا على التواضع، وقد أكد الجيلاني على هذا الأمر في بيت شعري قال فيه:

وَمَنْ كَانَ فِي حَالَاتِهِ مُتَوَاضِعًا*** مَعَ اللهِ عَزَّتْهُ جَمِيعُ الْبَرِيَّةِ(65)

2-  الغزل الصوفي: ويمكن القول إن «عالم الغزل مؤول لمعطيات عالم التصوف لأن رسالة الغزل تتجاوز مع رسالة التصوف التي تقوم على تجسيد علاقة المتصوف بالله، وهذا التجاوز يلتقي فيه شعور المتصوف بشعور المحب المتغزل»(66)، وغزل الصوفية ليس كغزل الناس فهم يترفعون عن الغزل بالمرأة وإن كانوا يتخذونها رمزا أو تورية أحيانا فنجد في أشعارهم أسماء نساء يتغزلن فيهن كليلى مثلا ففي الظاهر كل يدعي وصلا بليلى وفي الباطن لا تقر لهم بذاكا أو بالأحرى لا يقرون هم بذاكا، ولم نجد عند الشيخ الجيلاني اسم امرأة تغزل بها وإنما نلمس الغرض الشعري خال عن ذلك ومجرد عنه. 

وقد أشار الجيلاني في قصيدته هذه إلى هذا الغرض إشارة خاطفة بقوله:

 وَغَدَوْتُ مَخْطُوبًا لِكُلِّ كَرِيمَةٍ*** لَا يَهْتَدِي فِيهَا اللَّبِيبُ فَيَخْطُبُ

وقال أيضا وهو يصف العلاقة بين الحبيب والمحبوب وما يتخللها من الصدود والوصال:

إِنْ أَرَادُوا الصُّدُودَ يَفْنَ وُجُودِي*** رَحَمُونِي وَأَنْعَمُوا بِالْوِصَالِ

وَإِذَا مَا ضَلَلْتُ عَنْهُمْ هَدُونِي*** هَكَذَا هَكَذَا تَكُونُ الْمَوَالِي

سَادَتِي سَادَتِي بِحَقِّي عَلَيْكُمْ*** إِنَّنِي عِنْدَكُمْ عَزِيزٌ وَغَالِ

مَا بَقَى لِي حَبِيبُ قَلْبٍ سِوَاكُمْ*** مَاتَ وَهْمِي بِكُمْ وَبَانَ خَيَالِي

بِحَيَاتِي عَلَيْكُمْ يَا سُقَاتِي*** رَوِّقُوا الْكَأْسَ إِنَّ حِبِّي مَلَالِي(67)

3- السكر الصوفي: هو «تلك النشوة العارمة التي تفيض بها نفس الصوفي وقد امتلأت بحب الله حتى غدت قريبة منه كل القرب»(68)، وقد عبر الجيلاني عن هذا الغرض في كثير من قصائده وقد لا تخلو قصيدة عن ذلك، ومنه في هذه القصيدة وإن كان عَبَّرَ عنه بلفظ آخر هو المشرب:

وَهَبَتْ لِيَ الْأَيَّامُ رَوْنَقَ صَفْوِهَا *** فَحَلَتْ مَنَاهِلُهَا وَطَابَ الْمَشْرَبُ

ومنه قوله في قصيدة أخرى متحدثا عن هذه النشوة وواصفا إياها:

شَرِبْتُ بِكَاسَاتِ الْغَرَامِ سُلَافَةً*** بِهَا انْتَعَشَتْ رُوحِي وَجِسْمِي وَمُهْجَتِي

وَصِرْتُ أَنَا السَّاقِي لِمَنْ كَانَ حَاضِرًا*** أُدِيرُ عَلَيْهِمْ كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةِ(69)

وشعره في السكر الصوفي من أحسن شعره.

ب- نثره: 

القسم الثاني من الديوان في المقالات الرمزية وعددها تسعة، وفيها نرى الإمام الجيلاني «وهو ينثر أشعارا، وينظم عبارات مغلفة بستار كثيف من الرمز الصوفي، بحيث تومئ وتلمح إلى تلك المشاهدات والحقائق الخاصة بأهل الولاية»(70)، وهذه المقالات مختلفة الأحجام فمنها الطويلة والقصيرة والمتوسطة، ومختلفة الأغراض أيضا، منها ما يبسط فيها حقيقة عقيدته ومنها ما يبسط فيها حقيقة القطب وأخرى في حقيقة الغوثية وحقيقة الإيمان وغيرها من الحقائق، وفي جميعها يغوص في أهم المعاني الصوفية.

مميزات نثره الصوفي:

من خلال قراءتي لمقالات الشيخ عبد القادر الجيلاني استخلصت أهم مميزات نثره وأجملها في أربعة نقاط وهي:

– الاعتماد على السجع بشكل كبير.

– التلويح والطابع الرمزي ولغة الإشارة الصوفية الدقيقة.

– تداخل المصطلح الصوفي مع اللفظ القرآني.

– تضمين المعاني القرآنية والحديثية أيضا.

معاني نثره: 

نعرض فيما يلي بعض المعاني الصوفية التي نَثَرَهَا الشيخ عبد القادر الجيلاني في مقالاته والتي لم نتطرق إليها في معانيه الشعرية: 

1- التجريد: هو «الاعتراض التام عن الدنيا وما فيها، فلا يهتم بها ولا يطلب مالا ولا عوضا، لا عاجلا ولا آجلا […] فتجرد بسره عن حاله ومقامه الذي أسكنة الله فيه، فلا يعترض ولا يطلب، إنما يسكن بما يمن عليه، ويرضى بما قسم له»(71)، قال في هذا المعنى في مقالة «الحلاج»: «يَا حَلَّاجُ، لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَابَ إِلَّا مَنْ تَجَرَّدَ عَنْ صِفَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، وَفَنِيَ عَنْ سِمَاتِ الْآدَمِيَّةِ فَمَاتَ حُبًّا وَذَابَ عِشْقًا، وَأَسْلَمَ رُوحَهُ لَدَى الْبَابِ، وَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْحِجَابِ..» (72).

2- الجلوة: «يستخدم الصوفية لفظ الجلوة علامة على إشراق قلوب المريدين بنور الله ويرى الشيخ محيي الدين أن الجلوة إنما تبتدئ بعد الخلوة، ذلك أن الجلوة هي خروج العهد من الخلوة بالنعوت الإلهية»(73)، قال الجيلاني يصور منظر الجلوة بعد الخلوة: «وَعُقِدَ مَجْلِسُ الْخَلْوَةِ […] فَلَمَّا قَدِمُوا لِنَظَرِ جَلَائِهَا، وَحَضَرُوا لِمُشَاهَدَةِ بَهَائِهَا.. اهْتَزَّ تَاجُ جَمَالِهَا فِي مَجْلِسِ كَمَالِهَا، فَنَثَرَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ جَوَاهِرَ الْقَبُولِ وَدُرَرَ الرِّضْوَانِ. ثُمَّ تَوَارَتْ بِأَسْتَارِ الْعِزَّةِ وَرِدَاءِ الْكِبْرِيَاءِ وَإِزَارِ الْعَظَمَةِ، فَقُطِّعَتِ الْقُلُوبُ وَجْدًا وَاشْتِيَاقًا، وَهَامَتِ الْأَرْوَاحُ عَطَشًا وَاحْتِرَاقًا، وَتَمَايَلَتْ أَغْصَانُ الْغَرَامِ تُغَازِلُ نَسَائِمَ الْوَجْدِ، وَتَنَاثَرَتْ أَوْرَاقُ الصَّبْرِ تَشْكُو قَلَقَ الْفِرَاقِ»(74).  

3- الفناء:  هو «سقوط الأوصاف المذمومة عن السالك أو المريد الصادق»(75)، ويذكر الفناء عند الصوفية مع البقاء وهما متكاملان، فالعبد إذا زهد في دنياه بقلبه، فإن ذلك يعني أنه فني عن رغبته في الدنيا وزخرفتها، وفي نفس الوقت بقي بالصدق والحق فيها(76)، وقد تحدث الجيلاني عن الفناء في مقالة «الحلاج» كثيرا لأن الصوفية يحذرون من الوقوف في بداية الفناء، لأن ذلك يسبب الخلط ويوقع المريد في الاتهام بالشرك، كما حدث للحلاج عندما قنع بالفناء(77)، يقول الجيلاني ولغته في هذه المقالة تتخذ الطابع الرمزي المكثف: «لَمَّا هَاجَتْ بَلَابِلُ أَشْوَاقِهِ، وَاضْطَرَمَتْ نِيرَانُ إِحْرَاقِهِ، طَلَبَ الْوُصُولَ فَأُجْلِسَ عَلَى بِسَاطِ الِامْتِحَانِ، وَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ مَنْصُورٍ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا أَوْ مُحِبًّا بَائِعًا، فَابْذُلْ نَفْسَكَ النَّفِيسَةَ وَرُوحَكَ الشَّرِيفَةَ فِي الْفَنَاءِ، لِتَصِلَ إِلَيْنَا […] الحَلَّاجُ قَطَعَ طَرِيقَ الْعِشْقِ، وَأَخَذَ جَوْهَرَةَ سِرِّ الْمَحَبَّةِ […] وَحَيَاتِكَ، مَنْ مَلَكَ تِلْكَ الْجَوْهَرَةَ، لَا يَقْنَعُ إِلَّا بِأَوْفَى دَرَجَاتِ الْمَحَبَّةِ، وَهِيَ: الْفَنَاءُ»(78).

4- الذكر: هو «استحضار الله تعالى في القلب مع التدبر، والذكر إما أن يصحبه ذكر اللسان أو لا يصحبه […] فالذكر نوع من التقرب إلى الحق تعالى ومجالسته من غير حجاب»(79)، يقول الجيلاني متحدثا عن الذكر في مقالة «الذكر»: «أَعْذَبُ مَوْرِدٍ وَرَدَتْهُ عِطَاشُ الْعُقُولِ، مَوْرِدُ الذِّكْرِ وَالتَّوْحِيدِ […] إِنْ ذَكَرْتَ رَبَّكَ بِأَلْسُنِ حُسْنِ صُنْعِهِ، فَتَحَ أَقْفَالَ قَلْبِكَ؛ وَإِنْ ذَكَرْتَهُ بِأَلْسُنِ لَطَائِفِ أَسْرَارِ أَمْرِهِ، فَأَنْتَ ذَاكِرٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنْ ذَكَرْتَهُ بِقَلْبِكَ، قَرَّبَكَ مِنْ جَنَابِ الرَّحْمَةِ؛ وَإِنْ ذَكَرْتَهُ بِسِرِّكَ أَدْنَاكَ مِنْ مَوَاطِنِ الْقُدْسِ»(80).

5- الموت: يؤكد أئمة الصوفية أن أحباء الله من الأولياء والصالحين والشهداء لا يموتون، وإنما ينقلون من دار إلى دار، أي ينقلون إلى دار الخلود للحياة الأبدية، ولذلك فإن الأولياء لا يخافون الموت، بل يطلبونه وينشدونه ابتغاء البقاء في حجر الرحمن(81)، لذلك نجد الجيلاني يقول في مقالته «الغوثية»: «يَا غَوْثُ الْأَعْظَمَُ، لَوْ عَلِمَ الْإِنْسَانُ مَا كَانَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، مَا تَمَنَّى الْحَيَاةَ فِي الدُّنْيَا.. وَيَقُولُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ وَلَمْحَةٍ: يَا رَبِّ أَمِتْنِي أَمِتْنِي»(82).

6- الفقر: للفقر عند الصوفية دلالات كثيرة وأهمها عند الجيلاني «الحاجة، والحاجة إلى الله على الحقيقة، بمعنى أن يشعر رغم ماله وجاهه بحاجته وبعجزه وبفقره إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا احتاج إلى غيره لم يعد فقيرا، فشرط الفقر هو حاجة العبد إلى الله تعالى على الدوام، لأنه ليس هناك غني إلا الله سبحانه وتعالى»(83)، قال الجيلاني في هذا المعنى: «يَا غَوْثُ الْأَعْظَمَُ، قُلْ لِأَصْحَابِكَ وَأَحْبَابِكَ، مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ صُحْبَتِي فَعَلَيْهِ بِالْفَقْرِ، ثُمَّ فَقْرِ الْفَقْرِ، ثُمَّ الْفَقْرِ عَنِ الْفَقْرِ.. فَإِذَا تَمَّ فَقْرُهُمْ فَلَا ثَمَّ إِلَّا أَنَا»(84). 

7- الرياضة والمجاهدة: والمجاهدة حمل النفس على المشاق البدنية ومخالفة الهوى على كل حال، والمجاهدة أقسى من الرياضة(85)، وهما معا من شئون المريد و «المدخل الوحيد للوصول إلى نتائج السلوك الصوفي بشقيه: العلمي والعملي. أي الوصول إلى العلم الصوفي [الشق العلمي] والأحوال والمقامات [الشق العملي] ولا يفارق المريد الرياضة والمجاهدة مهما تقدم به الطريق، بل يلازمه ذلك ملازمة نفسه له، أي إلى الموت»(86)، قال الجيلاني يذكر المجاهدة: «يَا غَوْثَ الْأَعْظَمُ، الْمُجَاهَدَةُ بَحْرُ الْمُشَاهَدَةِ، وَحِيتَانُهُ الْوَاقِفُونَ فَمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي بَحْرِ الْمُشَاهَدَةِ، فَعَلَيْهِ بِاخْتِيَارِ الْمُجَاهَدَةِ .. لِأَنَّ الْمُجَاهَدَةَ بِذْرُ الْمُشَاهَدَةِ […] يَاغَوْثَ الْأَعْظَمُ، لَا بُدَّ لِلطَّالِبِينَ مِنَ الْمُجَاهَدَةِ، كَمَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنِّي»(87).

8- الشكر: «والشكر عند الصوفية وهو الاعتراف بالنعمة على سبيل الخضوع والإذعان، فالله الشكور يجازي العبد على الشكر فسمى جزاء الشكر شكرا وجزاء السيئة سيئة»(88)، قال الجيلاني يذكر الشكر: «وَدُرَرُ حَمْدِ اللهِ لَا يُرَصِّعُ بِهَا إِلَّا تِيجَانَ مَفَارِقِ الْأَسْرَارِ وَمِسْكُ شُكْرِهِ، لَا يَعْبَقُ إِلَّا فِي جُيُوبِ ثِيَابِ الْأَرْوَاحِ»(89).

9- الصبر: هو مقام من المقامات الرفيعة لأهل الله، «وصورته في البدايات: حبس النفس عن المعاصي؛ وعلى الطاعات بالثبات عليها. وفي الأبواب: حبسها ومنعها عن النزوع إلى الشهوات، وتعويدها كلف العبادات، وترك الجزع على البليات. وفي المعاملات: منعها عن الركون إلى البطالة: وحثُّها على مشايعة القلب في الرعاية»(90)، يقول الشيخ في هذا المعنى: «يَا غَوْثُ الْأَعْظَمُ، إِذَا أَرَدْتَ التَّوْبَةَ، فَعَلَيْكَ بِإِخْرَاجِ هَمِّ الذَّنْبِ عَنِ النَّفْسِ، ثُمَّ بِإِخْرَاجِ خَطَرَاتِهِ عَنِ الْقَلْبِ، تَصِلُ إِلَيَّ.. وَاصْبِرْ، فَإِنْ لَمْ تَصْبِرْ، فَأَنْتَ مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ»(91).

10- الشوق: وهو «حركة الشوق إلى الله بالمحبة المنبعثة من مطالعة تجليات الصفات»(92)، قال الجيلاني يذكر الشوق: «نَادَى مُنَادِي الطَّلَبِ، لِلْأَرْوَاحِ الْكَامِنَةِ فِي الْقَوَالِبِ، أَثَارَ سَاكِنَ عَزْمِهَا إِلَى الْعُلَى، طَارَتْ بِأَجْنِحَةِ الْغَرَامِ فِي فَضَاءِ الْمَحَبَّةِ، وَقَعَتْ بَعْدَ التَّعَبِ عَلَى أَغْصَانِ الشَّوْقِ»(93).

نموذج من نثره الصوفي:

نختار من نثره المقالة الأخيرة  المسماة بـ «الوصية» وهي عبارة عن وصية الشيخ الجيلاني لولده عبد الرزاق حينما سأله الوصية كما ورد في عبارته «وتعلَّمْ يا ولدي، أوصيك يا ولدي» وهي أيضا وصية لكل من سمعها قال: «هذه وصيتي إليك، ولمن يسمعها من المؤمنين» وهي في تعليم قواعد الطريقة، ولم أخترها لأهميتها لأنها ليست أهم مقالاته بل لفرادتها في هذا الباب وهو باب «الوصية»، وهي طويلة نسبيا لكنني اقتصرت على قطعة منها فقط.

قال: «وَأُوصِيكَ يَا وَلَدِي بِالفَقْرِ؛ وَهُوَ حِفْظُ حُرُمَاتِ المَشَايِخِ، وَحُسْنُ الْعِشْرَةِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْأَصَاغِرِ وَالْأَكَابِرِ، وَتَرْكُ الْخُصُومَةِ إِلَّا فِي أُمُورِ الدِّينِ. وَتَعَلَّمْ يَا وَلَدِي –وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ أَجْمَعِينَ- أَنَّ حَقِيقَةَ الْفَقْرِ، أَنْ لَا تَفْتَقِرَ إِلَى مَا هُوَ مِثْلُكَ. وَحَقِيقَةُ الْغِنَى، أَنْ تَسْتَغْنِيَ عَمَّنْ هُوَ مِثْلُكَ. وَأَنَّ التَّصَوُّفَ حَالٌ، لِمَنْ يَأْخُذُ بِالْقِيلِ وَالْقَالِ، لَكِنْ إِذَا رَأَيْتَ الْفَقِيرَ، فَلَا تَبْدَأْهُ بِالْعِلْمِ وَابْدَأْهُ بِالرِّفْقِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ يُوحِشُهُ وَالرِّفْقَ يُؤْنِسُهُ»(94).

وقد استهل الجيلاني هذه الوصية بإيصائه بتقوى الله وطاعته ولزوم الشرع وحفظ حدوده، ثم عرج إلى بيان أصول طريقته وهي ثمانية، ومن وصاياه أيضا الفقر وقد بين في هذا السياق حقيقة الفقر وحقيقة الغنى، كما بَيَّنَ الخصال التي يبنى عليها التصوف وهي ثمانية أيضا وقد رد كل خصلة منها لنبي من أنبياء الله، وأسهب في ذكر مجموعة من الأخلاق التي ينبغي التحلي بها كالإخلاص وصحبة الأغنياء بالتعزز وصحبة الفقراء بالتذلل، وأخرى يجب التخلي عنها كإضاعة حق الأخ واتهام الله في الأسباب، وقد ختم وصيته بالدعاء بالتوفيق واقتفاء آثار السلف واتباع آثارهم وحمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم.

ولغة الوصية واضحة لا رمز فيها ولا إشارة وهو أمر مناسب لمقام الوصية، وفيها جانب تعليمي تربوي لا يخفى يبرز الشيخ الجيلاني معلمًا ومربيًا.

ــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- بهجة الأسرار ومعدن الأنوار ص:151، عبد القادر الجيلاني باز الله الأشهب ص:22.

2- الطريق الصوفي ص: 9. 

3- شعرية الخطاب الصوفي ص: 66.

4- انظر التمهيد الذي مهد به الدكتور يوسف زيدان لديوان الجيلاني ص: 6- 12. 

5- فوات الوفيات 2/373.

6- مرآة الزمان في تواريخ الأعيان 21/80.

7- شذرات الذهب في أخبار من ذهب 6/331.

8- شعرية الخطاب الصوفي ص: 101. 

9- فوات الوفيات 2/373- 374.

10- الطريق الصوفي – ص 175 – 176 – 177- 178.

11- ذيل تاريخ بغداد للسمعاني نقلا عن سير أعلام النبلاء 2/441.

12- فوات الوفيات 2/373. 

13- مرآة الزمان في تواريخ الأعيان 21/78.

14- انظر كتاب  الجيلاني باز الله الأشهب ص:109. 

15- سير أعلام النبلاء 20/450. 

16- عبد القادر الجيلاني باز الله الأشهب ص:109. 

17- شذرات الذهب 6/336.  

18- عبد القادر الجيلاني باز الله الأشهب ص:89. 

19- انظر ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 5. 

20- مقدمة تحقيق ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 21- 22 بتصرف. 

21- معجم اصطلاحات الصوفية ص: 355. 

22- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 144. 

23- المعجم الصوفي ص: 1206. 

24- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 85.

25- معجم ألفاظ الصوفية ص: 254.

26- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 167. 

27- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 94.

28- معجم اصطلاحات الصوفية ص: 79. 

29- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 92.

30- معجم اصطلاحات الصوفية ص: 172.

31- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 153.

32- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 137، انظر تعليق المحقق الهامش رقم:1.

33- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 137.

34- معجم ألفاظ الصوفية ص: 253.

35- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 109- 110.

36- معجم ألفاظ الصوفية ص: 117- 118.

37- معجم ألفاظ الصوفية ص: 242.

38- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 113.

39- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 160.

40- ينظر تعليق الدكتور يوسف زيدان على ديوان عبد القادر الجيلاني في الصفحة: 101، الهامش الثالث.

41- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 100.

42- المفاخر العلية في المآثر الشاذلية ص: 121.

43- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 163.

44- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 99.

45- معجم اصطلاحات الصوفية ص: 180.

46- معجم ألفاظ الصوفية ص: 130. 

47- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 111.

48- المناظر الإلهية ص: 209.

49- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 107.

50- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 149.

51- معجم اصطلاحات الصوفية ص: 185.

52- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 162.

53- معجم ألفاظ الصوفية ص: 235.

54- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 115.

55- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 169، وخَبَّةُ الثَّوْبِ طُرَّتُهُ (اللسان 5/7).

56- معجم ألفاظ الصوفية ص: 98.

57- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 116.

58- معجم ألفاظ الصوفية ص: 74.

59- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 105.

60- انظر ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 153الهامش رقم:4، وكتاب قوانين حكم الإشراق ص:93، بتصرف.

61- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 85.

62- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 153.

63- شعرية الخطاب الصوفي ص: 138.

64- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 87- 88.

65- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 101.

66- شعرية الخطاب الصوفي ص: 142.

67- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 144.

68- شعرية الخطاب الصوفي ص: 153. 

69- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 89- 90.

70- مقدمة تحقيق ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 34.

71- معجم ألفاظ الصوفية ص: 81.

72- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 272.

73- معجم ألفاظ الصوفية ص: 107.

74- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 264- 266. 

75- معجم ألفاظ الصوفية ص: 227.

76- معجم ألفاظ الصوفية ص: 227- 228.

77- معجم ألفاظ الصوفية ص: 228.

78- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 273- 274.

79- معجم ألفاظ الصوفية ص: 143.

80- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 252- 253.

81- معجم ألفاظ الصوفية ص: 267.

82- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 213.

83- معجم ألفاظ الصوفية ص: 226.

84- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 216.

85- انظر المعجم الصوفي ص: 725.

86- المعجم الصوفي ص: 725.

87- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 226- 227.

88- معجم ألفاظ الصوفية ص: 185.

89- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 253. 

90- معجم اصطلاحات الصوفية ص: 247.

91- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 225.

92- معجم اصطلاحات الصوفية ص: 311. 

93- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 235.

94- ديوان عبد القادر الجيلاني ص: 279.

*********

المصادر والمراجع:

– بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب الباز الأشهب، للشطنوفي، دراسة وتحقيق الدكتور جمال فالح الكيلاني، الطبعة الثانية عام 2013م، منشورات المنظمة المغربية للتربية والثقافة والعلوم، فاس، المغرب. 

– ديوان عبد القادر الجيلاني، دراسة وتحقيق الدكتور يوسف زيدان، منشورات دار الجيل، بيروت.

– سير أعلام النبلاء، للذهبي، حققه مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، الطبعة الثالثة: 1405هـ / 1985م، منشورات مؤسسة الرسالة.

– شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد، حققه محمود الأرناؤوط وخرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، الطبعة الأولى: 1406هـ /1986م، منشورات دار ابن كثير.

– شعرية الخطاب الصوفي ديوان عبد القادر الجيلاني أنموذجا، لعبد الله خضر حمد، الطبعة الأولى 2016م، منشورات عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع.

– الطريق الصوفي وفروع القادرية في مصر، للدكتور يوسف زيدان، الطبعة الأولى 1411هـ/ 1991م، منشورات دار الجيل، بيروت.

– عبد القادر الجيلاني باز الله الأشهب، للدكتور يوسف زيدان، الطبعة الأولى 1411هـ/ 1991م، منشورات دار الجيل، بيروت.

– فوات الوفيات، لمحمد بن شاكر الكتبي، تحقيق الدكتور إحسان عباس، الطبعة الأولى عام 1974م، منشورات دار صادر، بيروت.

– قوانين حكم الإشراق إلى كافة الصوفية بجميع الآفاق، للشيخ جمال الدين محمد أبي المواهب الشاذلي، منشورات المكتبة الأزهرية للتراث عام: 1419هـ/ 1999م. 

– مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، لشمس الدين أبي المظفر يوسف بن قِزْأُوغلي بن عبد الله المعروف بـ «سبط ابن الجوزي»، تحقيق وتعليق محمد بركات، كامل محمد الخراط، عمار ريحاوي، محمد رضوان عرقسوسي، أنور طالب، فادي المغربي، رضوان مامو، محمد معتز كريم الدين، زاهر إسحاق، محمد أنس الخن، إبراهيم الزيبق، الطبعة الأولى: 1434هـ / 2013م، منشورات دار الرسالة العالمية، دمشق، سوريا.

– معجم اصطلاحات الصوفية، لعبد الرزاق الكاشاني، تحقيق وتقديم وتعليق الدكتور عبد العال شاهين، الطبعة الأولى 1403هـ/ 1993م، منشورات دار المنار.

– المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة، للدكتورة سعاد الحكيم، الطبعة الأولى 1401هـ/ 1981م، منشورات دندرة للطباعة والنشر.

– معجم ألفاظ الصوفية، للدكتور حسن الشرقاوي، الطبعة الأولى 1987م، منشورات مؤسسة مختار، القاهرة.

– المفاخر العلية في المآثر الشاذلية، لأحمد بن محمد بن عباد المحلي الشافعي، منشورات المكتبة الأزهرية للتراث.

– المناظر الإلهية، للشيخ عبد الكريم الجيلي، دراسة وتحقيق الدكتور نجاح محمود الغنيمي، منشورات دار المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق