مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةعن المراكز

تعرف على مركز ابن أبي الربيع السبتي

اقتضت مشيئة الحق سبحانه أن ينزل القرآن الكريم على المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلسان عربي مبين مصداقا لقوله تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) [سورة الشعراء/ الآيتان: 192-195]. وقوله سبحانه: (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعلقون) [سورة الزخرف/ الآية: 3].
وهيأت إرادته سبحانه الأسباب فظهر علماء أجلاء نذروا أنفسهم لخدمة القرآن الكريم، فكانت نشأة النحو العربي مرتبطة بالكتاب المبين؛ إذ كان اللحن في قراءته سببا مباشرا في نشأة هذا العلم الشريف الذي تعددت مدارسه، وغشي حلقاته النبهاء والنبغاء، وغدا مفتاحا لباقي علوم الدين، وفي مقدمتها علم التفسير.

وعندما نيمم وجوهنا شطر الغرب الإسلامي نجد التراث المغربي الأندلسي زاخرا بذخائر هائلة من المصادر اللغوية والأدبية بقيت شاهدة على ثراء عطاءات أعلام الغرب الإسلامي وإسهامهم الكبير في خدمة الكتاب العزيز على كافة الصعد وبمختلف السبل.
هذا علاوة على إغناء المكتبة العربية بأفكار جديدة أفاد منها طلبة العلم والباحثين في مختلف مجالات المعرفة، وكانت عاملا أساسيا في تمتين العلاقات بين أبناء الأمة الإسلامية، عبر رحلات العلماء من المغرب إلى المشرق، وشد علماء المشرق الرحال إلى المغرب والأندلس، وما صاحب هذه الحركة العلمية الدؤوبة من انتقال لشتى أنواع المؤلفات التي كانت في إبانها أم المصادر.
أضف إلى ذلك إكباب العلماء في مجالس العلم وحلقات التدريس على تدريس مؤلفات معينة وتخصيصها بالشرح والتعليق والتذييل، والقيام بمعارضة وتشطير وتسميط وتخميس وتسديس وتعشير قصائد بعينها لفحول الشعر، الأمر الذي سجل حركة تبادل ثقافية عز نظيرها.

وقد كانت مدينة سبتة نقطة جاذبة سواء للوافدين أو العابرين في الاتجاهين من العلماء نظرا لما عرفته من حركة علمية زاهرة بفضل الدعم الذي كان أولو أمرها يخصون به العلماء والأدباء على حد سواء، وخاصة في مرحلة حكم العزفيين. حتى غدت سبتة شبيهة بمدينة البصرة في العراق التي نبغ فيها أعلام كثيرون في مختلف فنون المعرفة.

ولإحياء الصلة بهذا التراث التليد، وتجديد التواصل بهذه الحاضرة المغربية التي كانت منارة علمية تهفو إلى زيارتها نفوس العلماء من كل أصقاع البلاد الإسلامية، جاء تأسيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية لينضاف إلى مراكز أخرى في ربوع المغرب ابتغاء إحياء التراث المغربي والأندلسي، وترسيخ ثوابت الهوية المغربية المستمدة من دينها وعقيدتها وتاريخها وحضارتها.
وتمت تسمية المركز بهذا الاسم تيمنا بالعالم اللغوي ابن أبي الربيع القرشي الذي كان مثالا في النبوغ العلمي وقدوة في إشاعة العلم النافع، وأنموذجا في القبض على هويته في أحلك الظروف.

من هو ابن أبي الربيع السبتي؟

هو أبو الحسين عبيد الله بن أحمد ابن أبي الربيع القرشي، ولد بإشبيلية عام 599ﮪ، وبها درس علم النحو على يد نخبة من علماء الأندلس، ثم تصدر لتدريسه بتوجيه من شيخه أبي علي عمر بن محمد المعروف بالشلوبيين. ولما سقطت إشبيلية في قبضة النصارى سنة 646ﮪ غادرها، أسوة بغيره من العلماء، ليحل بمدينة سبتة، التي سبق له في عهد الطلب أن أخذ عن عالمها الشهير أبي العباس العزفي، ولبث بها إلى أن انقضى أجله عام 688ﮪ، مخلفا وراءه تآليف لغوية كثيرة، وطلبة نابهين ساروا على هديه.

الأهداف

وعلى هدي جهود الأسلاف في خدمة لغة الوحي وتفتيق ما تزخر به من طاقات متجددة، يرمي مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية إلى تحقيق الأهداف الآتية:
•    إبراز عطاءات علماء المغرب والأندلس في علوم اللسان من لغة ونحو وصرف وبلاغة.
•    التعريف بحلقات الدرس اللغوي التي ازدهرت في مختلف ربوع العدوتين.
•    إبراز جهود المغاربة والأندلسيين اللغوية في خدمة الكتاب والسنة.
•    إبراز تضافر جهود القراء بجهود اللغويين والنحاة والمفسرين وتكاملها في سبيل فهم القرآن الكريم وتدبر آياته.
•    الاهتمام بالشروح اللغوية التي حفلت بها المكتبة المغربية – الأندلسية.
•    التعريف بالمعاجم والمصنفات في علوم اللغة والأدب التي أنجزها المغاربة والأندلسيون.
•    إبراز القيم الإنسانية الثاوية في الأدب المغربي والأندلسي.
•    العناية بتحقيق ودراسة تراثنا اللغوي والأدبي الذي تزخر به مكتبات المغرب والأندلس.

الوسائل

وابتغاء تحقيق هذه الأهداف سيعمد المركز إلى ما يلي:
•    تكوين مكتبة لغوية وأدبية متخصصة تيسر عمل الباحثين والباحثات.
•    تنظيم ندوات ومحاضرات لتسليط الضوء على قضايا لغوية وأدبية ترسخ مقومات الهوية المغربية.
•    عقد لقاءات دورية مع أهل الاختصاص في علوم اللغة والآداب.
•    تشجيع الباحثين على التنقيب في المصادر الأدبية لاكتشاف ما انطوت عليه من قيم إسلامية مكرمة للإنسان، ودافعة إياه إلى البناء والانفتاح الإيجابي.
•    إعداد سلسلة تعرف بأعلام اللغة والأدب في العدوتين.
•    تبادل الخيرات مع الجمعيات والمؤسسات المهتمة بالشأنين اللغوي والأدبي.
•    عقد شراكات مع شعب اللغة العربية في كليات الآداب ومع منسقيات اللغة العربية في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
•    إصدار مجلة دورية محكمة تكون حضنا للدراسات اللغوية والأدبية في المغرب والأندلس.
•    إنشاء موقع للدراسات اللغوية والأدبية باسم ابن أبي الربيع السبتي للتعريف بأنشطة المركز، والتواصل مع الباحثين والمهتمين. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق