وحدة الإحياءدراسات وأبحاث

أمة الوسط.. المكونات ومنهج المتابعة

أجمل ما سأتحدث عنه في نقاط هي كالآتي: مفهوم الأمة بصفة عامة وأمة الوسط بصفة خاصة، ثم الأمة في عالمها التكويني ومنهجها الوظيفي، أو بتعبير آخر: إن ما سأتحدث عنه هو عبارة عن قراءة في هذه الآية الكريمة: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمُ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” (البقرة: 142).

أول شيء أبدأ به هو تحديد مفهوم الأمة

جاء في المعجم الوسيط: الأمة جماعة من الناس أكثرهم من أصل واحد، وتجمعهم صفات موروثة، ومصالح وأماني واحدة، أو يجمعهم أمر واحد من دين أو مكان أو زمان… وأن الأمة كما تطلق على الجماعة تطلق على الرجل الجامع لخصال الخير، قال تعالى: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا” [النحل: 120][1].

وجاء في التهذيب للإمام النووي: أن “الأمة تطلق على معان:

منها، من صدق النبي وآمن بما جاءه واتبعه فيه، وهذا هو الذي جاء مدحه في الكتاب والسنة كقوله تعالى: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا” [البقرة: 142] و”كنتم خير أمة أخرجت للناس” [ءال عمران: 110]، وقوله صلوات الله وسلامه عليه: “شفاعتي لأمتي” و”تأتي أمتي يوم القيامة غرا محجلين” وغير ذلك.

ومنها، من بعث إليهم النبي، صلوات الله وسلامه عليه، من مسلم وكافر، ومنه قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: “والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يومن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار”[2].

والمتأمل في هذا الذي جئنا به، وغيره، يجد أن لفظ الأمة يطلق بإطلاقين: إطلاق يراد به مطلق الجماعة المنحدرة من منبت واحد كالقبيلة، أو “النوع الإنساني الذي هو نوع واحد”. وإطلاق يراد به “جماعة يجمعها مقصد واحد”[3].

وقد رتب الباحثون في تكوين الأمة على الإطلاقين أمورا:

منها أن لا تنافي بين من يرى أن لفظة الأمة “مشتقة من اسم الأم (بضم الهمزة)… حملت معنى وحدة الأصل والمصدر”، وبين من يرى أنها قد “اشتقت من فعل أم يؤم وحملت معنى وحدة القصد والمسلك”[4] لأنهما في امتداد واحد يمهد الأول للاحق، واللاحق يحمل معه بذرة الأول، ليس على مستوى اللغة فحسب بل حتى على مستوى الواقع المجتمعي، حيث نشاهد النوع الإنساني لا يزال يرتقي في العلم والفكر… جيلا بعد جيل، وبذلك يستحكم أركان اجتماعه”[5]. ويبني نفسه باستمرار.

ومنها أن الأمة لكي تكون موفقة في انطلاقتها الكبرى، لابد لها، زيادة على الدولة والأرض واللغة، من مقومين اثنين: “التاريخ المشترك، وإرادة العيش المشترك”[6] فالتاريخ المشترك يعطي الأمة ثبوتا وعمقا في الأصل، إذ “التاريخ المشترك هو وحدة الحياة في الماضي، وهو أكثر من وحدة الذكريات، إنه التراث الذي يشعر أفراد الجماعة أنه تراثهم جميعا، يرجعون إليه ويستعيدونه ويتماهون مع أبطاله ويستمدون منه رموزا وقيما عليا”[7]. ومبدأ “إرادة العيش المشترك، يعطيها ذلك الامتداد المستقبلي الذي عن طريقه يتم احتواء نزعات بعض أجزائها من أقليات أو أقاليم أو غير ذلك”[8].

ومنها أن الباحث في الأمة من جهة علاقتها بالدين، يجد أن الدين كان دائما متعهدا لها في سيرها ولا يزال، إذ يرى بعض المفكرين “أنه لم يمر على الإنسان زمان لم يبعث فيه الله رسولا مع دين، لأن شرع آدم عليه السلام كان باقيا إلى مجيء نوح، وشريعته بقيت إلى إبراهيم، وكانت شريعة إبراهيم عامة، فمن نسخت في حقه، فقد قام شرع غيره مقامها، كشرع موسى وعيسى في حق بني إسرائيل. وبقيت في حق غيره كما كانت إلى ورود شريعتنا الحقة الباقية إلى يوم القيامة، ويدل عليه قوله تعالى: “وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ ” [فاطر: 24][9].

هذا باختصار عن الأمة بصفة عامة، أما عن أمة الوسط، فأول ما يجب التنبيه إليه هو تبيان معنى الوسط:

تذكر المعاجم اللغوية أن الوسط (بالسكون) ظرف بمعنى “بين” يقال جلس وسط القوم. والوسط (محركا) ما بين طرفي الشيء. والوسط المعتدل من كل شيء، يقال شيء وسط: بين الجيد والرديء، والوسط ما تكتنفه أطرافه ولو من غير تساو، والوسط العدل والخير…[10].

وجاء في مفاتيح الغيب للإمام الرازي بعد ما ذكر أن الوسط إذا كان اسما حركته، وإذا كان ظرفا خففته: أن العلماء اختلفوا في تفسير الوسط على أقوال: قول يرى أنه بمعنى العدل، ودلل عليه بأنواع من الأدلة: القرآن، والخبر، والشعر، والنقل، والمعنى، وقول يرى أن الوسط من كل شيء خياره، وقال عن هذا القول: وهذا التفسير أولى من الأول لوجهين: أحدهما؛ أن لفظ الوسط يستعمل في الجمادات، ووصف العدالة لا يوجد في الجمادات. وثانيهما؛ أنه مطابق لقوله تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس”. وثالث يرى أن الوسط بمعنى الأفضل كواسطة القلادة، والرابع يرى أنه يجوز أن يكون الوسط بمعنى المتوسط في الدين، لا هو مفرط ولا مفرط، ولا هو غال ولا مقصر، وكذلك هي أمة الإسلام لا تغلو غلو النصارى، فجعلوه ابنا وإلها، ولا قصروا كتقصير اليهود في قتل الأنبياء وتبديل الكتب، ثم يذكر: أن هذه الأقوال ليست متنافية بل هي متقاربة”[11].

وزيادة في التدقيق يرى أن قوله تعالى: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا” خطاب لجميع الأمة من أولها وآخرها، من كان منهم موجودا وقت نزول هذه الآية، ومن جاء بعدهم إلى قيام الساعة. مثل تكاليف الشرع وأوامره ونواهيه بل يرى أن المراد به أهل كل عصر عصر، إذ “لو اعتبرنا أول الأمة وآخرها بمجموعها في كونها حجة على غيرها لزالت الفائدة، إذ لم يبق بعد انقضائها، من تكون الأمة حجة عليه، فعلمنا أن المراد به أهل كل عصر، ويجوز تسمية أهل العصر الواحد بالأمة، فإن الأمة اسم للجماعة التي تؤم جهة واحدة، ولا شك أن أهل كل عصر كذلك، ولأنه تعالى قال: “أمة وسطا” فعبر عنهم بلفظ النكرة، ولا شك أن هذا يتناول أهل كل عصر”[12].

وجاء في تفسير المنار أن قوله تعالى: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا” هو تصريح بما فهم من قوله: “والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم”؛ أي على هذا النحو من الهداية جعلناكم أمة وسطا”[13]. وبعد سوقه لما قيل في معنى الوسط من أنه العدل والخيار… يطرح الإمام محمد عبده هذا السؤال: لم اختير لفظ الوسط على لفظ الخيار، مع أن هذا هو المقصود، والأول إنما يدل عليه بالالتزام؟ ليجيب عنه من وجهين: أحدهما؛ أن وجه الاختيار هو التمهيد للتعليل الآتي، فإن الشاهد على الشيء لابد أن يكون عارفا به، ومن كان متوسطا بين شيئين فإنه يرى أحدهما من جانب، وثانيهما؛ من الجانب الآخر، وأما من كان في أحد الطرفين فلا يعرف حقيقة حال الطرف الآخر، ولا حال الوسط أيضا. وثانيهما أن في لفظ الوسط إشعارا بالسببية، فكأنه دليل على نفسه؛ أي أن المسلمين خيار وعدول، لأنهم وسط، ليسوا من أرباب الغلو في الدين المفرطين، ولا من أرباب التعطيل المفرطين، فهم كذلك في العقائد والأخلاق والأعمال”[14]. ثم يذكر: “أن الناس كانوا قبل ظهور الإسلام على قسمين: قسم تقضي عليه تقاليده بالمادية المحضة، فلا هم له إلا الحظوظ الجسدية كاليهود والمشركين، وقسم تحكم عليه تقاليده بالروحانية الخالصة، وترك الدنيا وما فيها من اللذات الجسمانية كالنصارى والصابئين وطوائف من وثنيي الهند، أصحاب الرياضات.

وأما الأمة الإسلامية فقد جمع الله لها في دينها بين الحقين، حق الروح وحق الجسد، فهي روحانية جثمانية، وإن شئت قلت: إنه أعطاها جميع حقوق الإنسانية، فإن الإنسان جسم وروح، حيوان وملك، فكأنه قال: جعلناكم أمة وسطا تعرفون الحقين وتبلغون الكمالين”[15].

أما العلامة الطباطبائي فيذكر بعد تلخيصه لما جاء في تفسير المنار: أن ما قرره بعض المفسرين في معنى الآية، هو في نفسه معنى صحيح لا يخلو عن دقه “إلا أنه غير منطبق على لفظ الآية”[16]. والمنطبق كما يراه، هو: “أن كون الأمة وسطا إنما هو بتخللها بين الرسول وبين الناس، لا بتخللها بين طرفي الإفراط والتفريط، وجانبي تقوية الروح وتقوية الجسم في الناس”[17].

وأعتقد أنه بتفسيره هذا يكون قد وقف عند دلالة اللفظ في إطار سياقه اللغوي فقط، ولم يتجاوز به إلى دلالته المنتزعة من الخطاب ككل في إطار سياقه الشرعي[18].

أولا: المكونات

هذا عن الأمة في بعدها الوسطي أما عنها في إطار الأوصاف المتجلية من مكوناتها فنمهد له بما ورد لدى المفسرين في معنى “جعل”.

يرى الراغب الأصفهاني أن لفظ جعل عام في الأفعال كلها، وهو أعم من فعل، وصنع وسائر أخواتها، وأنه يتصرف على خمسة أوجه:

منها ما يجري مجرى صار وطفق فلا يتعدى… ومنها ما يجري مجرى أوجد فيتعدى إلى مفعول واحد نحو قوله عز وجل: “وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ “، “وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ”. ومنها تصيير الشيء على حالة دون حالة، نحو: “الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً” وقوله: “وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا “[19]، ولا شك أن: “جعلناكم أمة وسطا” هو من الصنف الأخير.

على أن من المشايخ من ربط فعل جعل بالاختيار من حيث يكون للعبد دور أو لا دور له في هذا الجعل، فقال: إن جعل الله تعالى الأمة وسطا يتصور على أقسام[20]:

الأول: أن يكون من مجرد الجعل التكويني الذي لا اختيار للعبد فيه، كسائر مجعولاته التكوينية” مثل قوله تعالى: “وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءايَتَيْنِ” [الإسراء: 12] وقوله: “وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا” [الأنبياء: 32].

الثاني: الجعل الاجتماعي الانتظامي المشوب باختيار العبد في الجملة، كقوله تعالى: “وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا” [الحجرات: 13] وقوله: “فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ” [البقرة: 65].

الثالث: الجعل الذي يكون تمام سببه كمال العبد في نفسه بينه وبين الله تعالى. وهذا القسم كثير في القرآن الكريم أيضا. قال تعالى: “وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا” [السجدة: 24]. ثم يقول بعد سرده لهذه المعاني: “والجعل في المقام من هذا القسم”. ويعني بالمقام “جعلناكم أمة وسطا” وبالقسم القسم الأخير، وذلك لاتصاف أمة الوسط بأوصاف، لها بالإضافة إلى الجعل التكويني الذي خصت به، أدوار بارزة في الارتقاء بشخصيتها والسمو بها نحو الكمال.

ولتشخيص الأمة في مكوناتها الوسطية أقتصر على أربعة أبعاد: بعد خاص بالتركيبة الاجتماعية، وبعد خاص بحرية الإنسان فيها، وبعد خاص بالمكان والزمان اللذين تتحرك فيهما الأمة.

أ. بالنسبة للتركيبة الاجتماعية يلاحظ أن الأمة لما كانت “ليست سوى حضور اجتماعي للأفراد الذين يمثلون آحاد الأمة”[21]. وجدنا من المفكرين من يذهب إلى أن الفرد هو كل شيء في الأمة، ولا شيء غيره، وأن الأمة إذا كان لها من وجود، فهو “وجود اعتباري وانتزاعي، والأصيل هنا هو الفرد”[22].

على العكس من ذلك يذهب آخرون إلى أن الإنسان في حقيقته ليس سوى “حيوان محض له استعداد الإنسانية، فهو إنسان بالقوة، وأن إنسانيته إنما تبرز تحت إشعاع الروح الجماعية التي تلازمه ولا تفارقه أبدا”[23].

إلى جانب هؤلاء وأولئك يوجد من يمثل النظرة الوسطية التي هي نظرة الإسلام وفلسفته، فيذهب إلى أن “الإسلام ألغى هذه الحواجز غير الطبيعية بين الفرد والجماعة، فهما فيه لا ينفصلان، وهو في عنايته بالإنسان فردا، إنما ينظر فيه إلى اجتماعيته التي لا يمكن تصور إنسانيته بمعزل عنها، كما لا يتصور كيان اجتماعي بغير أفراد”[24]. ومن ثم نجده دائما يوازن بين المصلحة الفردية والمصلحة الجماعية، وإن هما تعارضتا قدمت المصلحة الجماعية على الفردية.

ب. وأما بالنسبة لحرية الإنسان التي أرسى الإسلام قواعد أبعادها، فيرى كثير من الباحثين أن كتاب الله العزيز، وإن وردت فيه آيات دالة على أن الإنسان مجبور على أفعاله مثل قوله تعالى: “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ” [الحديد: 21]، وأخرى دالة على أنه ليس بمجبور على أفعاله كقوله تعالى: “وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى” [فصلت: 16]. فإن قصد الشارع فيهما “ليس هو تفريق الاعتقادين، وإنما مقصده الجمع بينهما على التوسط الذي هو الحق في هذه المسألة”[25]، بمعنى أن هناك أسبابا من خارج تجري على نظام محدود وترتيب منضود لن تجد فيه تبديلا، وهناك إرادتنا وأفعالنا التي “لا تتم ولا توجد بالجملة إلا بموافقة الأسباب التي من خارج” لأن أفعالنا تكون مسببة عن تلك الأسباب التي من خارج. وكل سبب يكون عن أسباب محدودة مقدرة فهو ضرورة محدود مقدر” ثم من جهة أخرى إن الارتباط بين أفعالنا والأسباب ليس قاصرا على الأسباب التي من خارج فقط، بل إلى جانب هذا الارتباط هناك ارتباط بين الأسباب التي خلقها الله تعالى في داخل أبداننا[26]. وكل ذلك هو المعبر عنه بالقضاء والقدر الذي حدد بمثل قول بعضهم: “والنظام المحدود الذي في الأسباب الداخلة والخارجة، أعني التي لا تخل هو القضاء والقدر الذي كتبه الله تعالى على عباده، وهو اللوح المحفوظ”[27].

ج. والأمر مثله في الزمان والمكان، إذ يظهر من جهة المكان في الآية الواردة قبل المبحوث فيها، أن مكانة القبلة من المكان جملة، تمثل صراطه المستقيم، ومن ثم وقعت الهداية إليها، قال تعالى: “مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” [البقرة: 141ُ] بينما الآية بعد هذه، تعطي للوسطية بعدا فوق بعدها المكاني، إنه بعد الوسطية بين الأمم “في العقائد والأخلاق والأعمال”[28]. يقول الإمام القرطبي في البعدين معا: “كما أن الكعبة وسط الأرض، كذلك جعلناكم أمة وسطا، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم”[29].

وجاء للإمام الرازي في البعد المكاني أن “الكعبة سرة الأرض ووسطها، فأمر الله تعالى جميع خلقه بالتوجه إلى وسط الأرض في صلاتهم، وهو إشارة إلى أنه يجب العدل في كل شيء، ولأجله جعل وسط الأرض قبلة”[30]، وفيه أيضا مقارنة للمسلمين بغيرهم: أن بعض المشايخ نظروا إلى الوسطية في المكان من جهة أخرى، حيث ذكروا: أن اليهود استقبلوا الغرب لأن النداء لموسى عليه السلام جاء منه وذلك قوله: “وما كنت بجانب الغربي” الآية. والنصارى استقبلوا الشرق لأن جبريل عليه السلام إنما ذهب إلى مريم عليها السلام من جانب المشرق لقوله تعالى: “إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا”، والمومنون استقبلوا الكعبة لأنها قبلة خليل الله، ومولد حبيب الله وهي موضع حرم الله[31]، أو بتعبير آخر “إن استقبال المسلمين الكعبة يقتضي أن يصلي كل قطر إلى جهة من الجهات الأربع، فهم يصلون إلى جميع الجهات ولا ينافى ذلك توجههم إلى الله تعالى”[32].

ثم من جهة أخرى إذا نحن ابتعدنا عن الكعبة قليلا وجدنا الحق سبحانه وتعالى يعبر عن مكة  بأم القرى باعتبارها قطب الأرض، في مثل قوله: “وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا” [الأنعام: 93]؛ إذ “المراد بقوله تعالى: “ومن حولها، أهل الأرض كافة كما روي عن ابن عباس، ويقويه تسميتها بأم القرى، ونحن نعلم الآن علم اليقين أن الناس يصلون متجهين إلى بيت الله فيها، في جميع أقطار الأرض القريبة منها والبعيدة عنها، فهذا مصداق كونهم حولها”[33].

كذلك هو الأمر إذا ابتعدنا أكثر نجد أمة الوسط تتموقع وسط المعمور، وفي موطن الرسالات ومهبط الوحي، يقول العلامة ابن خلدون: “إن المعمور المنكشف من الأرض إنما هو وسطه، لإفراط الحر في الجنوب، والبرد في الشمال، ولما كان الجنبان من الشمال والجنوب متضادين في الحر والبرد، وجب أن تتدرج الكيفية من كليهما إلى الوسط فيكون معتدلا”[34]، وليزيد الأمر توضيحا أكثر نجده بعد ذكره أن المعمور يقسم إلى سبعة أقاليم يتوسطها الإقليم الرابع، وإلى حافتيه الخامس والثالث، وبعدهما الإقليمان الثاني والسادس، وهما بعيدان عن الاعتدال يقول: “إن جميع ما يتكون في هذه الأقاليم الثلاثة المتوسطة (3 و4 و5) مخصوصة بالاعتدال، ومكانها من البشر أعدل أجساما وألوانا وأخلاقا وأديانا، حتى النبوات فإنما توجد في الأكثر فيها، ولم نقف على خبر بعثة في الأقاليم الجنوبية ولا الشمالية، وذلك أن الأنبياء والرسل إنما يختص بهم أكمل النوع في خلقهم وأخلاقهم… وذلك ليتم القبول لما يأتيهم به الأنبياء من عند الله”[35]، ثم يذكر أن من هؤلاء الكمل: العرب، والروم، وفارس، وبني إسرائيل، واليونان، وأهل السند،  والهند، والصين”[36].

د. وأما من جهة موقع الأمة في الزمن المديد، فيمكن القول انطلاقا من القرآن الكريم الذي أرسى مقومات هذه الأمة في جميع المجالات، أنا لو بدأنا بتحديد الزمن في أبعاده المختلفة، لتبين لنا أولا، أن القرآن يتحدث عن ثلاثة أزمنة: زمن ماضوي يبدأ في تصاعد من مبعث أول نبي في أمته إلى آخر نبي في أمة الوسط، أو بالعكس حيث نجده يتجه من الحاضر إلى الماضي السحيق مارا بلحظات ماضوية قريبة من عهد الرسالة، كحادثة الفيل مثلا، وحادثة أصحاب الأخدود، ولحظات أخرى تبتدئ من عاد وثمود ليستمر في التدرج إلى أن يصل إلى بداية الخلق.

وحاضر يبتدئ من مبعث محمد عليه الصلاة والسلام إلى نهاية حياته الشريفة، صلى الله عليه وسلم، حيث نجد الحق سبحانه يتحدث في كتابه العزيز عن لحظات حاضرة انطلاقا من وقائع معينة أو أسئلة مثارة، كحديثه عن المرأة التي تجادل الرسول في زوجها وتشتكي إلى الله، وحديثه عن الذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، وحديثه عن الذين جاءوا بالإفك عصبة، وحديثه عن غزوات بعينها… وجوابه عن أسئلة ألقيت إليه، مثل قوله: “يسئلونك عن الكلالة” “ويسئلونك عن اليتامى”.

وزمن ثالث يبتدئ من موت الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى قيام الساعة وما بعدها، مرورا بلحظات قريبة الوقوع تعتبر داخلة في عهد الرسالة كقوله عن انهزام المشركين في غزوة بدر الذي سيقع بعد نزول هذه الآية: “سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ” [القمر: 45] وقوله عن فتح مكة الذي سيتم بعد سنتين من نزول هذه الآية: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا” وقوله عن غلبة الروم للفرس التي ستقع بعد بضع سنين، وقوله عن لحظات لا زلنا نعيش أحداثها حاضرا في العراق في قوله تعالى: “يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة… إلى قوله: “فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ” [المائدة: 53-58][37]، وقوله في آيات عديدة عن انهيار العالم، وعن البعث، وما بعد البعث.

وتبين لنا ثانيا أن موقع أمة الإسلام من هذه الامتدادات هو الموقع الوسط، لأنا لما ذهبنا إلى أن أمة الوسط هي عبارة عن الجماعة التي عايشت الرسول، صلى الله عليه وسلم، وخوطبت معه بالقرآن الكريم، أمكن القول أن موقعها يمتد بامتداد زمن الوحي أو بامتداد دولة الخلافة الراشدة أو بامتداد حياة الصحابة رضوان الله عنهم” إذ هؤلاء مع الرسول، عليه الصلاة والسلام، هم الذين خوطبوا أصالة بالقرآن الكريم، وبمثل قوله تعالى: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ” كما سيتضح بيانه لاحقا. أما الغير ممن أتى بعدهم فإن انتسابه إلى أمة الوسط إنما فهم بواسطة القرائن.

لكن قد يقال: ورد من قبل أن الإمام الرازي وغيره يرى بأن قوله: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا” خطاب لجميع الأمة أولها وآخرها، من كان منهم موجودا وقت نزول هذه الآية ومن جاء بعدهم إلى قيام الساعة”[38]. فكيف إذن يتم حصر زمن أمة الوسط في زمن الرسول وصحابته؟

والجواب عن مثل هذا السؤال يتبين مما أتى به الإمام الرازي نفسه إذ قال: إن معرفتنا بذلك قد تمت من جعلهم شهداء على الناس “فلو اعتبرنا أول الأمة وآخرها بجموعها في كونها حجة على غيرها لزالت الفائدة، إذ لم يبق بعد انقضائها من تكون الأمة حجة عليه.

فعلمنا أن المراد به أهل كل عصر ثم يقول: ويجوز تسمية أهل العصر الواحد بالأمة، فإن الأمة اسم الجماعة التي تؤم جهة واحدة، ولا شك أن أهل كل عصر كذلك، ولأنه تعالى قال: “أمة وسطا” فعبر عنهم بلفظ النكرة، ولا شك أن هذا يتناول أهل كل عصر”[39]. وبذلك يتبين أن أمة الوسط أصالة تطلق على الرسول وصحابته، أما الغير ممن يأتي بعدهم فلحاقه بأمة الوسط يتم بشروط هي المعبر عنها بمنهج المتابعة الذي عنه نتحدث.

ثانيا: منهج المتابعة   

هذا عن الأمة في بعدها التكويني، وعن الأوصاف التي جعلت منها أمة الوسط. فكانت بها متميزة في شخصيتها وكيانها، وأما عن منهج المتابعة “الذي يمنحها مكان القيادة الذي خلقت له وأخرجت للناس من أجله”[40]. فهو ما تفصح عنه الآية في شطرها الثاني أعني “لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” حيث يتبين منه أنها إنما انتدبت بعد نبيها عليه الصلاة والسلام لتكون قوامة على البشرية موجهة إياها نحو الخير والصلاح والكمال في العقيدة والشريعة.

مثلما يتبين منه أن قيادتها أو شهادتها على البشرية لن تكون محققة للأغراض التي انتدبت إليها إلا باتخاذها من الرسول الأكرم المثال الذي يجب أن يحتذى في سيرته ودينه.

أو بعبارة أخرى إن قيادة أمة الوسط للبشرية لن تتحقق إلا بنوعين من الموازين: ميزان به تكون رقيبة على نفسها، ويتجلى في المنهج الاعتدالي الذي يجسده الرسول الشهيد عليها، حيث يكون لها “هو المثال الأكمل لمرتبة الوسط… وهو القاضي بين الناس فيمن اتبع سنته، ومن ابتدع لنفسه تقاليد أخرى أو حذا حذو المبتدعين”[41].

وميزان آخر هو ما تبدو عليه في “سيرتها وارتقائها الجسدي والروحي”[42] لهؤلاء الذين أفرطوا في الملذات “فقضوا على استعدادهم بالحرمان من المزايا الروحانية” ولأولئك الذين فرطوا “بالتخلي عن جميع اللذات الجمسانية وتهذيب الجسد، وهضم حقوق النفس وحرمانها من جميع ما أعده الله تعالى لها في هذه الحياة”[43].

حيث تبدو أمة الوسط لهؤلاء وأولئك في أوصاف ماثلة شاخصة يجمعها قوله تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس”؛ إذ “هذا الوصف، كما يقول الإمام محمد عبده، يصدق على الذين خوطبوا به أولا، وهم النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الذين كانوا معه عليهم الرضوان، فهم الذين كانوا أعداء فألف الله بين قلوبهم فكانوا بنعمته إخوانا، وهم الذين اعتصموا بحبل الله ولم يتفرقوا في الدين فيذهبوا فيه مذاهب تتعصب لكل مذهب شيعة منهم، وهم الذين كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهم المومنون بالله ذلك الإيمان الذي استوى على قلوبهم ومشاعرهم. وملك أزمة أهوائهم حتى كان هو المسير لهم في عامة أحوالهم”[44] مثلما يصدق على كل من اتبعهم فاتصف بأوصافهم.

هذا ولما كانت الشهادة في جانبها العملي لا تتم إلا إذا كانت مسبوقة بتصور معرفي وجدنا الآية تدل على هذا الجانب المعرفي دلالة اقتضاء، إذ الشهادة المذكورة إنما تتم بالعلم بما أنزل على الرسول عليه الصلاة والسلام، فهي من باب ما لا يتم الواجب إلا به، وإلى جانب ذلك فإن “فعل الإنسان في الخارج لا يتم إلا بالفكر”[45].

ولعل ما تشهد به أمة الوسط على غيرها معرفيا، توجد حقائقه ودقائقه مركوزة في هذه الآية الكريمة: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ” [ءال عمران: 18-19] حيث “صرح كثير من المفسرين بأن شهادة الله هنا من باب الاستعارة، لأن ما نصبه من الدلائل في الآفاق وفي الأنفس على توحيده، وما أوحاه إلى أنبيائه في ذلك، يشبه شهادة الشاهد بالشيء في إظهاره وإثباته، وكذلك شهادة الأنبياء عبارة عن إقرارهم بذلك… وشهادة أولي العلم عبارة عن إيمانهم به واحتجاجهم عليله”[46].

والدلائل التي نصبها في الآفاق وفي الأنفس وفيما أوحاه إلى أنبيائه تتجلى أساسا فيما عبر عنه بقوله: “فائما بالقسط”. القسط الذي يجريه الحق سبحانه على استقامة في كل من الدين والشريعة وفي الكون والطبيعة”[47]. فالتوحيد وسط بين التعطيل والشرك. وسنن الخليقة في الأكوان والإنسان لما كانت دالة على حقيقة الاعتقاد، كانت أيضا قائمة على أساس العدل، وبذلك يتجلى عدل الله العام لكل من نظر في هذه السنن ونظامها الدقيق. وكذلك هي أحكامه سبحانه وتعالى “في العبادات والآداب والأعمال مبنية على أساس العدل بين القوى الروحية والبدنية، وبين الناس بعضهم مع بعض “حيث نجده سبحانه قد أمر بذكره وشكره في الصلاة وغير الصلاة لترقية الروح وتزكيته، وأباح الطيبات والزينة لحفظ البدن وتربيته، ونهى عن الغلو في الدين والإسراف في الدنيا، وذلك عين العدل. أما القسط في الآداب والأخلاق فقد وقع التصريح به في القرآن الكريم كصراحة الأمر بالعدل في الأحكام. قال تعالى: “إن الله يامر بالعدل والإحسان” حيث أشار بالعدل إلى الاحكام، وبالإحسان إلى المكارم، وبذلك يتبين أن قوله تعالى: “قائما بالقسط” إنما هو من قبيل التنبيه إلى البرهان على صدق شهادته تعالى في الأنفس والآفاق وفيما أوحاه إلى أنبيائه…

وبتعبير آخر للإمام الشاطبي في الجانب التشريعي أن “الشريعة جارية بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه… ولا انحلال” سواء منها ما كان قد “شرع ابتداء على غير سبب ظاهر اقتضى ذلك، أو لسبب يرجع إلى عدم العلم بطريق العمل كقوله تعالى: “ويسألونك ماذا ينفقون” يسألونك عن الخمر والميسر” وأشباه ذلك.

ثم يذكر أنك متى “رأيت ميلا إلى جهة طرف من الأطراف” فاعلم أن ذلك إنما كان من “أجل انحراف المكلف أو وجود مظنة انحرافه” ليقع الرد إلى الوسط الأعدل. مثل الطبيب الماهر يعطي الدواء ليستقيم حال المريض، ثم “إذا استقامت صحته هيأ له طريقا في التدبير ووسطا لائقا به في جميع أحواله”[48].

ثم زيادة في الإيضاح يذكر أنك “إذا نظرت إلى كلية شرعية، فتأملها تجدها حاملة على الوسط، فإن رأيت ميلا إلى جهة طرف من الأطراف، فذلك في مقابلة واقع أو متوقع في الطرف الآخر. فطرف التشديد، وعامة ما يكون في التخويف والترهيب والزجر، يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الانحلال في الدين. وطرف التخفيف، وعامة ما يكون في الترجية والترغيب والترخيص، يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الحرج في التشديد، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك رأيت التوسط لائحا ومسلك الاعتدال واضحا…”[49].

وبعد سوقه لأمثلة عديدة فيها الظاهر الجلي، وفيها الغامض الخفي، يعقب على ذلك كله بقوله “على نحو من هذا الترتيب يجري الطبيب الماهر، يعطي الغذاء ابتداء على ما يقتضيه الاعتدال، في توافق مزاج المغتذي مع مزاج الغذاء، ويخبر من سأله عن بعض المأكولات التي يجهلها المغتذي.. فإذا أصابته علة بانحراف بعض الأخلاط، قابله في معالجته على مقتضى انحرافه في الجانب الآخر، ليرجع إلى الاعتدال، وهو مزاج الأصلي والصحة المطلوبة”[50].

وعلى هذا المنوال أو المنهج يسير المعتبرون أو المجتهدون في الدين فإذا رأيت منهم من مال عن التوسط “فاعلم أن ذلك مراعاة منه لطرف واقع أو متوقع في الجهة الأخرى”[51].

وبذلك كله تتجلى أمة الوسط في الأبعاد الثلاثة التي تحدثنا عنها، البعد المفهومي للأمة، والبعد التكويني، والبعد المنهجي.

الهوامش


1. المعجم الوسيط، دار الفكر، ط2.
2. نقلا عن تفسير ابو حفص عمر الدمشقي الحنبلي، اللباب في علوم الكتاب، تحقيق مجموعة من الدكاترة، دار الكتب العلمية، 3/16.
3. العلامة السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 14/323.
4. الموسوعة الفلسفية العربية – معهد الإنماء العربي، 1/106، مقال للدكتور ناصف نصار بعنوان أمة.
5. الميزان في تفسير القرآن، م، س، 2/128.
6. الموسوعة الفلسفية العربية، م، س، 1/109.
7. المصدر نفسه، 1/108.
8. المصدر نفسه، 1/109.
9. جمال الدين الأسنوي، نهاية السول في شرح منهاج الأصول، بيروت: عالم الكتب، 1/282.
10. المعجم الوسيط، م، س.
11. الإمام الرازي، مفاتيح الغيب، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، (1403ﻫ/1983م)، 4/98.
12. المصدر نفسه، 4/100.
13. تفسير المنار،  2/4.
14. المصدر نفسه.
15. المصدر نفسه، 2/5.
16. الميزان في تفسير القرآن، م، س، 1/316.
17. المصدر نفسه، 1/ 319.
18. انظر: إدريس حمادي، المنهج الأصولي في فقه الخطاب، بيروت: المركز الثقافي العربي، 1998، ص98-99.
19. الراغب الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: نديم مرعشلي، دار الكاتب العربي.
20. السيد عبد الأعلى الموسوي السبزواري، مواهب الرحمن في تفسير القرآن، بيروت: مؤسسة أهل البيت، 2/90 وما بعدها.
21. كامل الهاشمي، مطارحات فلسفية في الفكر السياسي الإسلامي، دار الملاك، ص54.
22. مرتضى الطهري، المجتمع والتاريخ، بيروت: دار مرتضى، (1413ﻫ/1993م)، ص: 25.
23. المصدر نفسه، ص27.
24. بنت الشاطئ، الشخصية الإسلامية: دراسة قرآنية، ص183.
25. ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة، تحقيق: محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، ص188.
26. المصدر نفسه، ص189 وانظر أيضا تفاصيل ذلك في: إصلاح الفكر الديني من منظور ابن رشد، للباحث إدريس حمادي، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2007، من ص93 إلى ص99.
27. الكشف عن مناهج الأدلة، م، س، ص189.
28. محمد رشيد رضا، تفسير المنار، بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر، 2/4.
29. الإمام القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ط3، مصور عن طبعة دار الكتب المصرية-دار الكتاب العربي، (1387ﻫ/1967م)، 2/153.
30. مفاتيح الغيب، م، س، 4/95.
31. انظر مفاتيح الغيب، وكذلك اللباب في علوم الكتاب، 3/6.
32. تفسير المنار، م، س، 1/435.
33. المصدر نفسه، 7/621.
34. المقدمة، 1/486.
35. المصدر نفسه.
36. المصدر نفسه، 1/490.
37. انظر ما قاله العلامة السيد الطباطبائي في تفسيره: الميزان في تفسير القرآن حيث يذهب بعد تقليب النظر في أقوال المفسرين إلى “أن الآية لو أعطيت حق معناها فيما تتضمنه من الصفات تبين أن مصداقها لم يتحقق بعد إلى هذا الحين، فراجع وتأمل ثم اقض ما أنت قاض” 5/ 401، ولو أننا تأملنا مرة أخرى بعد وفاته التي كانت سنة 1982 في الآية والأحداث الجارية على أرض الواقع منذ 1990 إلى يومنا هذا، لحصل لنا اليقين بأن مصداقها ينطبق كامل الانطباق على هؤلاء الذين يديرون هذا الصراع بجميع أصنافهم “فراجع وتأمل ثم اقض ما قاض” مرة أخرى.
38. مفاتيح الغيب، م، س، 4/100.
39. المصدر نفسه، 4/ 100.
40. سيد قطب، ظلال القرآن، دار الشروق، 1/129.
41. تفسير المنار، م، س، 2/5.
42. المصدر نفسه.
43. المصدر نفسه.
44. المصدر نفسه، 4/58.
45. مقدمة ابن خلدون، 3/977.
46. تفسير المنار، م، س، 3/255.
47. المصدر نفسه، 3/256.
48. الإمام الشاطبي، الموافقات، تحقيق: عبد الله دراز، دار المعرفة للطباعة والنشر، 2/163.
49. المصدر نفسه، 2/168.
50. المصدر نفسه، 2/167.
51. المصدر نفسه، 2/168.

د. إدريس حمادي

كلية الآداب، ظهر المهراز/فاس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق