مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

مركز أبي الحسن الأشعري يشارك في ندوة عن “الكتب الرصاصية الأندلسية” بكلية الآداب بمرتيل

فبراير 26, 2024

      بتاريخ: 26 فبراير 2024 وبفضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، شارك مركز أبي الحسن الأشعري التابع للرابطة المحمدية للعلماء في ندوة بعنوان: “الكتب الرصاصية والجدل الديني بين الأندلسيين المستخفين والنصارى“، والتي نظمتها الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية بالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، ومؤسسة داود للتاريخ والثقافة، وجمعية تطاون أسمير. وقد مثل المركز في هذا النشاط رئيسه الدكتور جمال علال البختي الذي تقدم بكلمة في الجلسة الافتتاحية باسم المؤسسة، كما ترأس الجلسة العلمية الثالثة.

      وقد تضمن هذا النشاط جلسات خمس؛ ترأس الأولى منها: د. امحمد بنعبود، وتدخل فيها كل من: د. مصطفى الغاشي (عميد الكلية)، ودة. حسناء داود (رئيسة مؤسسة داود)، ود. جعفر بلحاج السلمي (الكاتب العام للجمعية المغربية للدراسات الأندلسية)، فضلا عن رئيس مركز أبي الحسن الأشعري.

      وترأس الجلسة الثانية الدكتور جعفر بلحاج السلمي، وهي الجلسة التي تدخل فيها كل من الدكتور خيرارد فيخرز (من جامعة أمستردام) الذي ألقى محاضرة قدّم فيها لكتاب: “الكتب الرصاصية والجدل الديني بين الأندلسيين المستخفين والنصارى” وكتاب: “كتب خندق الجنة الرصاصية ورق برج تربيانة“. ثم ألقى الدكتور لويس بيرنابي بونس (من جامعة ألكانتي) محاضرة بعنوان: “الكتب الرصاصية الغرناطية”، ثم تدخل الدكتور خابيير فيافيردي (من جامعة الملك خوان كارلوس) في موضوع: “لغز إيمان ألفونسو ديل كاستيو ومشاركته في تأليف الكتب الرصاصية”.

      أما الجلسة الثالثة التي ترأسها رئيس المركز فكانت الكلمات فيها لكل من: د. محمد رضا بودشار (من مديرية التعليم بتطوان) في عنوان: “الكتب الرصاصية: الأندلسيون من المقاومة العسكرية إلى المقاومة الفكرية”، ود. جعفر بلحاج السلمي بموضوع: “حركة الطائر المجروح: من الجفر إلى الكتب الرصاصية”، ود. الحسين بوزينب (من جامعة محمد الخامس بالرباط) الذي تدخل في موضوع: “مشاركة المورسكي ألونصو دي كشتيليو في قراءة الكتب الرصاصية”، ود. بلال الداهية (من مديرية التعليم بالمضيق) بموضوع: “الكتب الرصاصية وحرب النبوءات بين المسلمين والنصارى خلال العصر الحديث”.

      وفي الجلسة الرابعة التي ترأسها د. الحسين بوزينب أخذ الكلمة كل من: د. عبد الواحد العسري (من كلية الآداب بتطوان) الذي عالج موضوع: “ظواهر كتابية أندلسية من خلال الرقوق الرصاصية”، ودة. نادية العشيري (من معهد فهد للترجمة بطنجة) التي تناولت في عرضها موضوع: “أساليب الموريسكيين في الجدل الديني”، ود. محمد العمارتي (من مديرية التعليم بتطوان) الذي تكلم في موضوع: “الكتب الرصاصية في أعمال المستشرق ميغيل خوصي أخيرتي فوكس: قراءة في الحصيلة والرؤية والمنهج”، ثم د. خالد زهري (من كلية أصول الدين بتطوان) الذي شارك بموضوع: “الخلفية الأشعرية للكتب الرصاصية”.

      وختم النشاط بالجلسة العلمية الأخيرة التي ترأسها د. محمد رضا بودشار، وأخذ فيها الكلمة الأساتذة: د. عبد الله التوراتي (من الكلية المتعددة الاختصاصات بالناضور)، في موضوع “ظواهر كتابية أندلسية من خلال الرقوق الرصاصية”، ود. عبد الواحد الدحمني (من مديرية التعليم بالمضيق)، في موضوع: “السرد والمعرفة في الكتب الرصاصية”، ود. محمد الوردي (الباحث المتخرج من جامعة عبد المالك السعدي) في موضوع: الكتب الرصاصية وسؤال التجنيس”.

      وقد ركز رئيس مركز أبي الحسن الأشعري في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية على الحديث عن الجوانب التي تظهر منها أهمية هذا اللقاء ذاكرا خمسة جوانب منها:

1- أن “الكتب الرصاصية” -موضوع هذه الندوة- ظهرت في زمن محاكم التفتيش في إسبانيا، كان المسلمون قد خسروا أندلسهم وقتئذ، ليعانوا من اضطهاد ألجأ كثيرين إلى إخفاء عقيدتهم، وحُرموا كذلك من التحدث بلغتهم العربية، وتمددت معاناتهم بعد ذلك عقوداً طويلة، وأدت إلى طرد أغلب الموريسكيين من الأندلس، وبقي من بقي منهم مرغما على اعتناق المسيحية والتَّسمي بأسماءِ الإسبان… فكانت هذه الكتب محاولة رفيعة لتقريب وجهات النظر، وبث روح التسامح، وتغليب فضيلة الحرية العقدية والمذهبية بين الناس.

2- إن المسيحيين الغرناطيين رأوا -استنادا إلى هذه الصفائح- أن كنيستهم التي بنيت على أنقاض مسجد غرناطة، المدينة التي خرجت عن حكم المسلمين عام: 1492 ميلادية، هي أقدم بكثير من ذلك التاريخ. ولذلك قام بيدرو دي كاسترو يُروّج لعدة ترجمات لها في فترات زمنية مختلفة، وأرسل اليسوعي خيرونيمو لاهيغيرا، من مقره في طليطلة عدة رسائل لبيدرو يشدد فيها على صحة ومصداقية الكتب… ومن هنا لم يقف هذا الاكتشاف المثير عند حدود إسبانيا، بل تردد صداه في سائر أوروبا لدى الكاثوليك والبروستانت على حد سواء، ابتداء من عام: 1588 ميلادية… وظل امتداده وارفا عبر العصور ووصل إلى عصرنا حيث انصب اهتمام الباحثين المحايدين على هاته الكتب ومن بينهم الباحثون العرب والمسلمون -والمغاربة منهم على الخصوص- الذين أوْلوْا هذه الصحف عناية كبيرة باعتبارها مرتبطة بالتراث الإسلامي في الأندلس السليبة.

3- من الناحية العقدية فهاته الكتب تتضمن نصوصا متعلقة بـ: الحقيقة الإلهية، وبشعيرة المائدة، وبالمعاد، والملائكة، إلخ. وهي عقائد يشترك في الإيمان بها أصحاب الديانات السماوية جميعا مع تكييفات مذهبية تتعلق بكل ملة. لقد بشرت مضامين الألواح التي اكتُشفت بعقيدة أقرب إلى تصور الإسلام عن المسيحية، فالمسيح ليس ابن الله بل هو روح من الله، وتحدثت النقوش عن أن مريم العذراء حملت بعيسى “من غير دنس”، وأثنت على العرب ليُكرم لسانهم العربي (الحروف السليمانية)، فيُكتب به “الإنجيل الخامس“، وأن الله اصطفاهم بأن يجيء نبي آخر الزمان منهم.

4- لقد صُنفت هذه الصحائف لاحقًا على أنها أهم حادثة تزوير في تاريخ إسبانيا، حيث وصل الاهتمام بها إلى نفس مستوى الاهتمام بالأناجيل الأربعة. وينظر إليها اليوم على أنها حتى لو كانت تزويرًا، بصفتها عملا ذا هدف سام ونبيل: وهو التقريب بين الديانتين (المسيحية والإسلام) وإنقاذ العربية والخلاص من الاضطهاد الذي كان يتعرض له المسلمون، كما أنها كانت تقصد إيصال رسالة مفادها أن الديانة التي تسببت في كل هذا العداء والتباعد (القصد بها المسيحية) هي في ينابيعها الأولى تدعو للتآلف والتقارب، وأن لغة جرى حظر تعلمها والحديث بها قد كرمها المسيحيون الأوائل فكتبوا بها ألواحهم المقدسة.

5-  إن من حسنات هذه الكتب الملموسة إلى وقتنا الحاضر أن الإسبان احتفظوا بكنيسة ساكرومونتي، وقبلوا هدية المورسكيين لهم بها، ليُحتفى بها وتُعرض إلى اليوم في المهرجانات الدينية الشعبية، وفي الأحد الأول من شهر فبراير من كل عام، حيث يذهب المؤمنون إلى كنيسة ساكرومونتي (التي بنيت بعد ظهور هذه الكتب)، حيث يقبع –في اعتقادهم- رفات القديس سيسيل للتبرك بها…

2000

3000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق