مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

قراءات في كتاب: “نصح المقالة في شرح الرسالة” لأبي عبد الله محمد بن علي بن محمد ابن الفخار الجذامي (ت.723هـ)، دراسة وتحقيق: عبد الله أحمد الخراز

يوليو 13, 2023

انعقد يوم الخميس13 يوليوز 2023  اللقاء الثاني من سلسلة اللقاءات التكوينية التي اقترحها الباحثون بمركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء بتطوان محورا لأنشطتهم العلمية السنوية، حيث كان اللقاء الأول بطابع بيداغوجي أطره الدكتور يوسف حنانة في موضوع: “المقاربات البيداغوجية والآليات الديداكتيكية الممكنة لتدريس النصوص الكلامية”، ثم أتى هذا اللقاء بطابع قرائي ونقدي اختير له قراءات في كتاب: “نصح المقالة في شرح الرسالة” لأبي عبد الله محمد بن علي بن محمد ابن الفخار الجذامي (ت.723هـ)، دراسة وتحقيق: عبد الله أحمد الخراز.

وقبل الانطلاق في هذه القراءات ثمَّن مسير اللقاء منتصر الخطيب (الباحث بالمركز) عاليا استجابة السادة الأساتذة القارئين لدعوة المركز في تأثيث هذا اللقاء، منطلقا في قراءة خارجية للكتاب من زاويتين اثنتين:

1- زاوية عرف فيها بشخصية “ابن الفخار الجذامي”، الإمام الجليل، العالم العامل، محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد ابن الفخار الجذامي النحوي المالكي المعروف (بابن الفخار) الأَرْكُشِي المولد والنشأة، الشُّرَيْشي التدرب والقراءة، المالَقي الاستيطان والوفاة، مشيرا إلى أن جل مصادر ترجمته تصفه بأنه كان مغرى بالتأليف، فقد بلغت تآليفه زهاء الثلاثين كتابا في علوم شتى.. منها: كتاب «تحبير الجمان في تفسير أم القرآن» و«انتفاع الطلبة النبهاء في اجتماع السبعة القراء» و«الأحاديث الأربعون فيما ينتفع به القارئون والسامعون».. وأهم تآليفه إلى جانب موضوع هذه القراءة “نصح الرسالة في شرح معاني الرسالة”، كتابه الموسوم: “منظوم الدرر في شرح كتاب المختصر”؛ وهو كتاب فقهي على المذهب المالكي، شرح فيه ابن الفخار مختصر ابن عبيد الطليطلي، وصدر عن مركز الدراسات والأبحاث بالرابطة المحمدية للعلماء.

2- ثم زاوية تستَشكِل طريقة تأليف كتاب “نصح المقالة في شرح الرسالة”، وهو الذي وقع اختيار المحقق “عبد الله أحمد الخراز” على تحقيقه مقتصرا على الجزء المتعلق بالعقيدة، وكان عمل ابن الفخار فيه “تمشية” على متن الرسالة للقيرواني، ومعلوم أن مصطلح “التمشية” عند القدامى يعني الشرح المساير والموافق للأصل العام الذي انتهجه المؤلف.

في القراءة الأولى التي تفضَّل بها الدكتور مصطفى أزرياح (أستاذ علوم الحديث بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة وعضو المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق- الفنيدق) ركز فيها على معاني التحقيق وعمل المؤلف فيه، فذكر أولا أن تحقيق النصوص وإخراجها بالدقة المطلوبة، تبقى أمانة كبيرة على عاتق كل باحث، قصد إخراج النص بما يرتضيه صاحب النص، مما يعمق من صعوبة الإقدام على هذا الأمر بالنسبة لكل باحث مبتدئ، ومشددا ثانيا على الصعوبة التي قد يجدها المحقق في حالة افتقاد نسخ كثيرة للمخطوط المراد إخراجه لتسهل مقابلتها مع بعضها ولتتأكد سلامة هذا الإخراج، ومبينا ثالثا أنه إلى جانب ما سبق ذكره يتعين على المحقق ضرورة امتلاك مجموعة من آليات التحقيق وقواعده. ثم انطلق المتدخل في عرض بعض الخطوات التي قام بها المحقق في هذا الكتاب موجها ومنتقدا، بما يسمح به المقام، وخاصة في الرجوع إلى النسخ المخطوطة الأخرى المتوفرة اليوم من هذا الكتاب، ثم بضرورة الاهتمام بعزو الأحاديث النبوية المتضمنة في هذا الكتاب وهي كثيرة إلى مصادرها المعتمدة، نظرا لكثرة الأحاديث التي استشهد بها الشارح لمتن الرسالة، وهي أمور يجب على المحقق أخذها بعين الاعتبار في حال إقدامه على إعادة طبع هذا الكتاب أو إن كان في نيته استكمال إخراج باقي أقسامه.

من جهته، وبعد الاحتفاء بقيمة العمل وعزيمة صاحبه، تقدم الأستاذ محمد أمين السقال (باحث بمركز أبي الحسن الأشعري) في القراءة الثانية لهذا الكتاب بمداخلة من أربع محاور ارتآها من خلال تفحصه لعمل المحقق، وهي عبارة عن إشكالات تاريخية وكلامية تخص متن الرسالة في شقه العقدي وما دار حولها من شروح وتمشيات. يتعلق المحور الأول بشروح الرسالة والمغزى من العودة إليها بعد استقرار المذهب الأشعري بالغرب الإسلامي عارضا بخصوص ذلك عددا من الشروح عبر فترات زمنية متلاحقة ورابطا هذا الاهتمام الكبير بمتن الرسالة في شقها العقدي بمذهبية ابن أبي زيد المالكية. المحور الثاني يهم المذهبية العقدية لابن أبي زيد القيرواني وشارح رسالته ابن الفخار الجذامي؛ وقد عرض فيه المتدخل الكثير من النصوص التي تصادر على ما اعتبرها أحكاما متكلفة في حق المذهبية العقدية «مالك الصغير». وأما المحور الثالث فتوجه إلى مضامين الشرح التي تبرز منطق المسايرة والتمشية الذي تبناه الشارح في المصادقة على تقريرات ابن أبي زيد العقدية مع الوقوف على المنزع الأشعري للشارح في الكثير من الاختيارات وذلك بأسلوب لا يصادم المتن المشروح. وأما المحور الرابع فقد ضمنه المتدخل جملة من الاستدراكات العلمية مشفوعة بنصوص كلامية وعقدية تصحح عددا من الأحكام التي تضمنها التحقيق.

وبعد هذه العروض أخذ الكلمة محقق الكتاب لمناقشة القارئين في ملاحظاتهم وتوجيهاتهم، مبتدئا بشكر مركز أبي الحسن الأشعري (رئيسا وباحثين وقارئين) على اهتمامهم بتحقيقه للكتاب وعنايتهم بتنظيم هذا الحفل القرائي له، مستعرضا أسباب اختياره لهذا المخطوط والذي كان في الأصل موضوع رسالته البحثية في سلك الماستر بكلية أصول الدين بتطوان، مبديا اهتمامه بما عقب عليه القارئون بخصوص قسم الدراسة وكذا في الالتزام بقواعد التحقيق ومنها مسألة تخريج الأحاديث النبوية.

وقبل نهاية هذا اللقاء التكويني فتح مسير اللقاء المجال للسادة الحضور لإبداء ملاحظاتهم ومشاركة المؤلف والقارئين في آرائهم، ثم تفضل رئيس المركز بتهنئة المحقق على هذا العمل الفريد منوها باهتمام الرجل بالشأن الثقافي بالمدينة مؤلفا ومشاركا ومتابعا لمجمل الأنشطة العلمية بها، ثم قام بتسليم شهادات المشاركة للمتدخلين.

2

3

4

5

9

10

11

12

6

7

8

13

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق