مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

تقرير عن ندوة “من أجل مقاربة اجتماعية حقوقية لمسألة اغتصاب وتزويج القاصرين”

مونية الطراز

في فندق رويال المنصور بالدار البيضاء، نظمت جريدة المساء يوم السبت 24 مارس ندوة بعنوان “من أجل مقاربة اجتماعية حقوقية لمسألة اغتصاب وتزويج القاصرين“، شارك فيها كل من وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية السيدة بسيمة حقاوي والدكتور مصطفى بوهندي أستاذ علم مقارنة الأديان، إلى جانب السيدة خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والسيدة نجية أديب رئيسة جمعية “ماتقيش ولدي”، ورئيس جماعة خميس الساحل السيد محمد حماني، ودامت أشغال الندوة ساعتين ونصف ابتداء من الساعة السادسة والنصف.

تميّزت الندوة بحضور لافت قارب 300 فردا ومداخلة والدي الهالكة، الذين سلطا الضوء على ظروف مهلك ابنتهما أمينة التي يقال أنها انتحرت احتجاجا على تزويجها من مغتصبها، وفسحا المجال لنقاش القضية التي اعتبرها الجميع مدخلا لإصلاح ثغرات قانونية متعلقة بظاهرة الاغتصاب، وتهم الفصل 20 من مدونة الأسرة والفصل 475 من القانون الجنائي.

وتحت صخب لازم قاعة الندوات منذ البداية، افتتح الصحفي سليمان الريسوني باسم جريدة المساء الجلسة بوضع الجمهور في صلب الحدث من خلال تقديم عام، قدّم بعده الكلمة لوالدي الهالكة، ثم للسيدة الوزيرة لتجيب عن سؤال: أين يقع الخلل الأسري في هذه المشكلة؟

جواب الوزيرة ركّز على مسألة مهمة تتعلق بما يَلُفّ الواقعة من التباس لم يُكشف غبشه بعد، كما أن الموضوع –حسب الوزيرة- لا يسلم للمندفع، كونه يجمع بين المشاكل الأسرية والحقوقية وينبغي مقاربته من زوايا عدة، وهذا نفس ما أكّده البرلماني محمد حماني رئيس مجلس المنطقة التي تنحدر منها أمينة، حيث وضّح أن المسألة لها أبعاد تربوية وأخلاقية واجتماعية، وأن الأوان قد حان لمعالجة ثقافة السكوت على مجموعة من الأمور التي تقع ولها آثار سلبية في المجتمع.

أما الأستاذة خديجة رياضي فقد أكّدت على أن الالتفات لازم إلى الأسباب المباشرة وغير المباشرة المؤدية إلى اغتصاب القاصر، وفي هذا السياق أشارت إلى أن المشكل البارز في القضية هو القوانين المتخلفة حسب رأيها، وأن الجانب الاجتماعي مهم جدا في هذا الصدد، فذكرت أنه كلما توفّر التعليم الجيد مثلا كلما تلاشت مثل هذه الظواهر، والعكس صحيح.

وبدورها عبّرت الأستاذة نجية أديب عن احتجاجها على تنامي ظاهرة الاغتصاب، واغتنمت الفرصة للتأكيد على جهود الجمعية التي ترأسها في محاربة الظاهرة، كما اعتبرت أن القاضي الذي عقد قران أمينة وقع ما أسمته شهادة وفاة وليس عقد زواج.

وبعد هذه الكلمات انتقل الصحفي سليمان الريسوني بالسؤال إلى الدكتور مصطفى بوهندي، استفسر فيه عما إذا كان تأويل معين لنص ديني يؤدي إلى تبرير الاغتصاب وشرعنته، أم أن السؤال هو الثقافة الذكورية للمجتمع المغربي؟

فكان جواب الأستاذ أن النص الديني يحتاج إلى قراءات جديدة، خصوصا فيما يتعلق بقضايا المرأة، وأكّد في هذا الصدد على أن المجتمع يعيش مشاكل يخفيها، وذلك لا ينسجم في نظره مع مراد النصوص في نهجها أسلوب المكاشفة تجاه مجموعة من القضايا، ومثّل لذلك بقصة امرأة العزيز التي كسّر القرآن الصمت بذكرها وتقديمها، وكذا قصة مريم. وشدّد الدكتور بوهندي على ضرورة قراءة هذه النصوص قراءة اجتماعية، وعلى ضرورة فتح النقاش من أجل تثوير النص الديني قصد زعزعة ثقافة تهميش المرأة، ودعا أيضا إلى إسقاط ثقافة التقليد وما سمّاه “فهم الوسطاء” في تدبرنا للقرآن.

وفي سياق آخر حول ما يتعلق بمسألة التشريعات في قضية أمينة أكّدت وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية أن المجتمع أمام واقع يحتاج إلى حلول، وأن المبادرة التشريعية ليست فقط في يد البرلمان بل هي أيضا في يد المجتمع المدني، فالكلّ مدعو إلى تكثيف الجهود وتقديم الحلول الناجعة في كل مواد القانون التي تمس بكرامة المرأة وحريتها.

وبالمثل أكّد السيد محمد حماني على ضرورة فتح نقاش وطني وديني وقانوني حول هذه النازلة.

وبعد مداخلات الحضور، أكّدت السيدة الوزيرة على ضرورة تشديد العقوبة على مرتكبي جريمة الاغتصاب نظرا للآثار النفسية والاجتماعية العميقة التي يحدثها للمرأة، وأشارت إلى أن هناك قوانين أخرى يُغض الطرف عنها من قبل الفاعلين وتحتاج بدورها إلى تصحيح، وذلك من قبيل تنازل الزوجة عن متابعة الزوج في حالة خيانته، في حين يشدد الرجل على سجن الزوجة إذا ثبتت خيانتها، وفي هذا السياق دعت الوزيرة إلى ضرورة تعاون الحكومة مع المجتمع المدني في إيجاد الحلول المناسبة للحد من مثل هذه الظواهر.

هذا وقد عرفت الندوة حضورا مكثفا لوسائل الإعلام الوطنية ومتابعة لافتة تكشف عن الاهتمام الخارجي للإعلام الغربي بهذه القضية.

الندوة من ناحية أخرى عرفت انفعالات مجموعة من الحاضرين الذين كانوا يمثلون في غالبهم جمعيات حقوقية وإعلامية ومؤسسات مختلفة من المجتمع المدني، هؤلاء كانوا يرددون شعارات وسط القاعة منددة بالقوانين والحكومة استأثرت باهتمام كبير من قبل ممثلي الإعلام الغربي

   نشر بتاريخ 26/03/2012

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق