الرابطة المحمدية للعلماء تعتمد المدخل الجمالي العرفاني للتحصين من الخطاب المتطرف
في إطار المسلسل التحصيني للرابطة المحمدية للعلماء المتمثل في مشروع التفكيك والتثقيف والوقاية من خطاب التطرف العنيف، تم عقد لقاء علمي وروحي يوم الجمعة 14 أبريل 2017، بمقر الرابطة – الرباط، استهل بندوة علمية "سرديات العرفان والجمال: الجنيد وسؤال التأسيس" وتم الاحتفاء برواية "الجنيد ألم المعرفة" للروائي المبدع الدكتور عبد الإله بن عرفة، الروائي المغربي: أديب وروائي وباحث في الفكر والثقافة والحضارة، حيث حذر من القطيعة مع الأعلام الصوفية التاريخية، وخصوصا "رأس مذهب السلوك بالمغرب" الإمام الجنيد، (أبو القاسم الجنيد البغدادي، أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني)، ودعا إلى وصل الشباب مع هذه الشخصية العرفانية، وبالأخص في مشهدنا المعاصر الذي يعرف موجات تصاعد الخطابات المتطرفة، ورجات اخترقت نسيجه الجمالي، وقال الأديب بن عرفة أن موجة التطرف العنيف المنتشرة "تتطلب وجوبا وضرورة تعزيز المدخل الصوفي لتفكيكها".
واعتبر أن التصوف الذي نحتاجه اليوم تصوف "يعيننا على امتصاص كل الأصوات العنيفة"، وعرج بعدها على كرونولوجيا تاريخية سلط فيها الضوء على جوانب متعددة من شخصية الإمام الجنيد:
- السياق التاريخي إلي جاء فيه - الرجات السياسية والفلسفية التي عاصرها - دوره في امتصاص الخلاف - مساهمته في تهيب نفوس الشباب والعامة - رسمه لطريقة سلوكية عرفانية جمالية - الرياضات الجنيدية (الجوع، السهر، العزلة، الصمت)
كما اعتبر أن الاشتغال على الإمام الجنيد في الرواية اشتغال على التاريخ والتحقيق والعرفان في آن واحد، وأكد على أن الانفتاح على الإمام الجنيد انفتاح على البعد العرفاني الجمالي لا الطرقي .
وفي مداخلته الافتتاحية أكد الدكتور عبد الصمد غازي رئيس مركز مسارات أن الرابطة المحمدية للعلماء استأنفت سلسلة من اللقاءات الفكرية التي ستعمق البحث في مسألة الجمال بمعناه التقريبي الضروري لا التكميلي وحسب، واعتبر أن المدخل الجمالي العرفاني تستحضره الرابطة في مشروعها العام التحصيني الوقائي من تصاعد حدة لغة الكراهية والعنف.
وفي معرض حديثه أكد غازي على أن الاحتفاء بالراوية هو احتفاء أيضا بنمط عرفاني روائي جديد، لأنها رواية عرفانية إبداعية تمتح من التاريخ، وليست محض خيال تائه لا يخرج منه القارئ بطارئ .
واعتبر أن قوة الإمام الجنيد تكمن في قدرته على "وصل الأشواق والأخلاق"، وما اختيار المغاربة لطريقته إلا لأنه "يجمع بين الشريعة والحقيقة وبين السلوك والنظر"، وهو ما بينته الرواية في ذلك الوصل والاتصال بالعهد الرباني، لأنها تفتح أفقا جماليا للتمنيع والتحصين لمختلف الاختراقات والانحرافات في الخطاب.
وفي متن الندوة استعرضت الجلسة الأولى التي أدار أشغالها الدكتور عبد الوهاب الفيلالي و أطرها كل من الدكتور عبد اللطيف الوراري، والدكتور عبد الإله البريكي، جوانب نقدية في الرواية المحتفى بها، وكشف خصوصية التخيل العرفاني مقارنة بالتخييل العام:
- التخييل التاريخي - التخييل العجائبي - التخييل الذاتي - التخييل العرفاني وفي الجلسة الثانية التي أطرها الدكتور التهامي الحراق ود عبد الإله بن عرفة صاحب الرواية، تمت الدعوة إلى استثمار السرديات العرفانية الجمالية ودعت إلى ضرورة إحياء الجنيد جماليا، كم توقف الدكتور الحراق على مقاربة التربية بالطرب.
وفي ختام المحفل الفكري والروحي، شنف مسامع الحضور فرقة السماع الصوفي بقيادة التهامي الحراق، تلت أبيات مضمنة في الرواية المحتفى بها، "ترانيم عاكفة من مذاقات سيد الطائفة".
وتُوج المحفل بكلمة تأطيرية لفضيلة الأمين العام الدكتور أحمد عبادي نوه فيها برواية بن عرفة وبسماع الفرقة، وأكد فيها أن للسماع الصوفي أفضال منبهة وأذكارموقظة، واعتبر أن هذه الكفايات الفنية الموسيقية مثبتة للنفوس تذكيرا وتنبيها لترميم وجداني عرفاني جمالي يفتح مداخل القول البليغ".
عبد الخالق بدري