الجمع العام الثامن
اختتمت أعمال الجمع العام العادي الثامن للمجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء الذي انعقد يوم 28 يناير 2012م، بفندق السعدي بمدينة مراكش، الذي جاء لتقديم حصيلة عمل الرابطة خلال السنوات الماضية واستعراض الحصيلة السنوية، وما تم انجازه استعراضا تقويميا، وكذا دراسة الآفاق المستقبلية.
وفي كلمته الافتتاحية أكد فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أحمد عبادي، أن العالم يعرف اليوم جملة من التحولات العميقة التي خلخلت العديد من المسلمات والمفاهيم، وبدأت تفرز نظام قيم جديدة، غير انتظارات العالم المعاصر.
وأضاف فضيلته أن هذه الأضرب من الخلخلة تفرض إعادة الموقعة، وإدراك الدور المراعي للسياقات المتداخلة؛ مما يحتاج إلى القيام بجهد كبير لإعادة التموقع في عالم يعرف زخما من المعطيات التي تتداخل في ما بينها. ومن شروط هذا الكدح الوعي بالسياق الذي نوجد فيه، ثم الوعي بمقتضيات هذا السياق، ثم الوعي بجملة الكفايات والمؤهلات التي تمكن من التعامل بهذا السياق، وقبل ذلك وبعده الوعي بالوحي الخاتم، والآليات الممكنة للاستنباط منه، والكفايات المؤهلة لحسن تنزيل المستنبط، ينضاف إلى كل هذا دور التأطير حماية الدين من التحريف، وإرجاع الأمور إلى وسطيتها، وحماية البيضة من تأويلات الجاهلين، وتحريفات الغالين، وانتحالات المبطلين.
موضحا في هذا الصدد، أنه يجب إعادة بناء التصور في هذا السياق المتقلب، ومفتاح ذلك هو إعادة النظر في عملية تقوية وتعزيز قدرات وإمكانات العالم فردا، ومؤسسة علمية، من أجل التصدي للتحديات التي تواجه قيمنا ومجتمعنا وعالمنا.
وفي نفس السياق ذكر الدكتور أحمد عبادي أن محطة الجمع العام الأكاديمي لمؤسسة الرابطة المحمدية يعد محطة هامة لقيام عالمات وعلماء هذه المؤسسة الأكاديمية بعملية التملي والتأمل المفضية إلى حسن الاستنباط وحسن التنزيل الإجرائي على جميع المستويات التربوية، والاجتماعية، والاقتصادية والبيئية.
مؤكدا على أنه يجب على المؤسسة العلمية أن تكون قادرة على إنتاج خطاب جديد يتوفر على جاذبية قادرة على مواجهة المنافسة التي تطرحها الخطابات الدينية التي تروج في عالمنا المعاصر. مبرزا أن الغرض من هذا اللقاء، هو بلورة نسق عملي من لدن هذه المؤسسة المحمدية في تكامل مع كل المؤسسات العلمية والأكاديمية، وكذا مختلف الفاعلين في هذا المجال تحت إشراف مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وسعيا إلى توفير منتوج علمي يرتقي بعقول ووجدانات الناشئة أعلنت الرابطة المحمدية للعلماء كتابا إلكترونيا موجها للأطفال تحت اسم "سلسلة أعلام المغرب"، يهدف إلى صقل وتشجيع مواهبهم، وتنمية معارفهم، وتطوير كفاءاتهم ومداركهم، وغرس المبادئ والقيم والأخلاق في عقولهم وأنفسهم. كما أعلنت عن قرب إطلاق موقع إلكتروني تحت اسم "المملكة المغربية علم وعمران" تابع لوحدة العلم والعمران التي أسستها الرابطة، وكذا قرب إطلاق موقع "مسارات" للدراسات الاستشرافية والإعلامية.
ويأتي انعقاد هذا المجلس للمصادقة على التقريرين الأدبي والمالي، ولرسم استراتيجية السنة الجارية والقادمة واستعراض الحصيلة السنوية وما تم انجازه استعراضا تقويميا، ودراسة الآفاق المستقبلية، إلى جانب التباحث حول جملة من القضايا التي باتت تفرض نفسها على ساحة المملكة المغربية وعلى ساحة العالم الإسلامي والكون بأكمله.
يشار إلى أن مؤسسة الرابطة المحمدية للعلماء عرفت خلال السنوات الأخيرة دينامية جديدة تجلت في تأسيس العديد من مراكز الدراسات والأبحاث في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية، والعمرانية والتواصلية، والدراسات الإسلامية، كما قامت بتطوير موقعها على شبكة الأنترنيت ليصبح بوابة فكرية شاملة، تضمن ما يزيد عن ثلاثين موقعا متخصصا، ومواقع تفاعلية وتواصلية تعتمد أحدث التطورات التكنولوجية والتواصلية على شبكة العنكبوتية. يسهم في تحقيق أهداف الرابطة الرامية إلى التعريف بالتراث المغربي وتعزيزه، وإتاحة الوصول إلى الإنتاج الفكري والبحثي لمختلف مؤسسات الرابطة.
وتفعيلا لمقضيات الظهير الشريف المنظم لمؤسسة الرابطة المحمدية للعلماء، المؤكد على أدوار الرابطة التربوية والعلمية والاجتماعية، أولت المؤسسة عناية خاصة بقضايا الطفولة والشباب من خلال إطلاق عدة مشاريع علمية وتواصلية في هذا الجانب، مثل سلسة "أيمن ونهى" وموقعها الإلكتروني، وموقع الفطرة الإلكتروني، وكذا وموقع "التثقيف بالنظير"؛ وهو موقع شبابي يعنى بمكافحة السلوكات الخطرة كإدمان المخدرات بجميع أنواعها.
وفي ختام هذا اللقاء العلمي تمت قراءة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله، ورفع الأكف بالدعاء الخالص لجلالته ولأسرته العلوية الشريفة بالحفظ والنصر والتمكين.