انعقدت أيام 20 و 21 مارس 2019 أشغال المؤتمر الدولي حول حقوق المرأة في سياق العولمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا برحاب كلية الآداب بمدينة القنيطرة. المؤتمر المنظم من طرف مركز تكامل بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل ومختبر الدراسات متعددة التخصصات بجامعة ابن طفيل، عرف مشاركة حوالي 18 باحثا أكاديميا وفاعلا في مجال الحركة النسائية وحقوق المرأة في العالم العربي والإسلامي. وقد سعى المؤتمر إلى تسليط الضوء على بعض الممارسات التي تؤثر على وضع المرأة ومشاركتها في تنمية محيطها انطلاقا من واقع الفرص التحديات التي تفرضها العولمة وأثرها على نضالات الحركات النسائية في عدة سياقات.
وقد استهل المؤتمر بكلمات افتتاحية للجهات المنظمة ومحاضرات رئيسية تناولت أبرز الخطوط العريضة للموضوع الذي يعرف تحولات عميقة وديناميات جديدة خاصة بعد أحداث "الربيع العربي" التي رسمت، حسب المتحدثة فاطمة صديقي، مسارات جديدة للأصوات النسائية داخل الوطن العربي والإسلامي تتميز بالتنوع وتراجع حدة التقاطبات الإيديولوجية. كما أشارا المتحدثة الرئيسية الثانية، دارا سيلبرستين من جامعة بينغهامتون، إلى البعد الدولي الذي يؤثر على نضالات الحركة النسائية في خضم تزايد تأثير التيار اليميني في سياسات الكثير من الدول وانعكاسات ذلك على حقوق المرأة في شمال افريقيا.
هذا وعرف المؤتمر تقديم حوالي 18 مداخلة اندرجت في 5 جلسات سعت إلى التطرق إلى مختلف جوانب موضوع حقوق المرأة والحركة النسائية في سياق تحولات العولمة والسياسة والتكنولوجيا. وفي هذا السياق ناقشت الجلسة الأولى الانعكاسات السياسية والاقتصادية لما بعد حراك "الربيع العربي" في تفاعل مع البعد الدولي للقضية النسائية وهو ما استدعى، حسب المتدخلين، الانتباه إلى أهمية تجديد الخطاب النسائي ليتلاءم مع متطلبات المواثيق الدولية في مراعاة للخصوصية الثقافية للمجتمعات.
وفي سياق آخر، ناقشت الجلسة الثانية موضوع التمثلات السائدة حول المرأة في السينما والإعلام العربي، حيث عمل المتدخلون، في تكامل بينهم، على تسليط الضوء على تحليل الخطاب الملتبس حول المرأة في السينما المغربية انطلاقا من عدة أفلام كنموذج، وعلى تأثير الإعلام على صورة الجسد الأنثوي في الممارسات الاجتماعية التي تعرف تشكلات وتفاعلات مستمرة خاصة في صفوف الشباب.
انتقل النقاش في الجلسة الثالثة إلى موضوع القوانين والتشريعات التي ترعى مسألة تنظيم العلاقة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وجنوب إفريقيا، حيث ركز معظم المتدخلين على محورية القوانين في التأثير على أو التأثر بالواقع الاجتماعي للدول، وفي هذا الصدد شكلت التجربة التونسية والمغربية نموذجين للتأكيد على حجم التفاعلات الحاصلة بين التفاسير الدينية والقوانين الوضعية والمواثيق الدولية والأوضاع السياسية في تشكيل أوضاع مختلفة للنساء على عدة مستويات.
تطرقت الجلسة الرابعة إلى قضية المرأة داخل خطاب ونضالات الحركة النسائية في العالم العربي، حيث ناقش المتدخلون سؤال الفاعلية وتأثير الحركة النسائية على مجموع أوضاع المرأة ومدى قدرة هذه الحركة على تشكيل واقع جديد قبل وبعد الحراك العربي رغم التنوع والتباين الذي تعرفه في مرجعياتها ومقارباتها. كما تم استعراض أهم انجازات وتحديات هذه الحركة في علاقة مع أهداف التنمية المستدامة 15 SDG كما سطرتها الأمم المتحدة للدول.
في الأخير، وقب الجلسة الخامسة، استمع المشاركون للمداخلة الرئيسية للأكاديمية الأمريكية ميريام كوك حول تحديات المرأة اليزيدية في مواجهة داعش والخطابات المتطرفة حيث كان ملفتا للانتباه عرض حجم المعانات التي عاشتها المرأة اليزيدية في تحد صعب للكثير من العقبات الإثنية والعرقية والجنسية والسياسية من أجل تغيير واقعها. وتبعا لموضوع تحديات وإنجازات المرأة في العالم العربي والإسلامي، عرضت الجلسة الخامسة مجموعة من النماذج من المغرب حول ولوج النساء لقوات الأمن المسلحة وحول مناهضة العنف في المجال العام وحول القيادة النسائية، ومن سوريا حول تشكيل واقع جديد للنساء في ضل عدم الاستقرار السياسي، ومن لبنان حول مواجهة وتجاوز التعصبات العرقية للنهوض بأوضاع المرأة.
اختتمت أشغال المؤتمر بنقاش الحضور وتفاعل المشاركين من أجل تبادل وجهات النظر في أفق تشكيل آراء وأطاريح أكثر تعمقا في فهم تحولات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يخص حقوق المرأة وسبل النهوض بأوضاعها
نشر بتاريخ: 21 / 03 / 2019