مختصر ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعيان مذهب مالك للقاضي عياض،

اختصار: أبي عبد الله محمد بن حماده السبتي (توفي بعد 530هـ).

حقّق هذا الكتاب وعلّق عليه فريق البحث وتحقيق النصوص بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث المكون من:

د. مصطفى عكلي، د. طارق طاطمي، د. نور الدين شوبد، د. جمال القديم، د. رشيد قباظ، د. محمد فوزار.

إشراف وتنسيق ومراجعة وتصحيح: د. عبداللطيف الجيلاني.

سلسلة: نوادر التراث 40

ثلاث مجلدات: الأول: 410ص، والثاني: 406ص، والثالث: 352ص.

يُعَدُّ كتاب «ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعيان مذهب مالك»، لحافظ المغرب بلا منازع، وفقيهه بلا مدافع، الإمام الناقد الأصولي المتكلم المؤرخ الأديب العلامة المتفنن القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليَحْصُبي السبتي(ت544هـ) ؒ، وهو من أنفس الكتب المؤلفة في تراجم فقهاء المذهب المالكي وأنفعها، وقد استمدّ قيمته من أهمية مادته ومضمونه، ودقة منهج مؤلفه في وضعه، فهو من أوسع المؤلفات الموضوعة في بابه، ولم يُنسج على منواله قبله ولا بعده.

وقد أحسن القاضي عياض رحمه الله فيه غاية الإحسان، حين صدّره بمقدمة ضافية في ذكر المدينة وأهلها، وتقديم علمائها وعلمها، وترجيح مذهب مالك ؒ، وبيان القواعد التي بُني عليها، والمقارنة بينه وبين المذاهب الأخرى، وأتبعها بتراجم أعيان فقهاء المذهب المالكي في جميع الأقطار؛ مرتبين على الطبقات، بدءا بأصحاب مالك وتلامذته، ثم من بعدهم، وفي غضون التراجم، كان القاضي عياض ينثر فوائده الغزيرة، ومعارفه الكثيرة، مما جعل لكتابه هذا قيمة كبيرة عند معاصريه ومن جاء بعدهم؛إذ اعتمده العلماء، ونقلوا عنه، ولخّصوه، وأشادوا به.

ومن أشهر مختصرات كتاب «ترتيب المدارك»: مختصر العلامة الفقيه المؤرخ، أبي عبدالله محمد بن حمادُه البُرنُسي السّبتي، المتوفى بعد(530هـ)، وهو من أقران القاضي عياض ورفقائه في الطلب؛ إذ شاركه في مجموعة من شيوخه، ويُعتبر أيضا من تلامذته النجباء، وقد عمد إلى اختصار كتاب «ترتيب المدارك» لمِاَ رأى من توسع مؤلفه في تراجمه، وإطنابه في ذكر الروايات والخلاف، فأراد تقريب مادته، واختصار تراجمه، مُقتصرا على أنساب العلماء المشهورة، وصحيح أخبارهم المأثورة، وطرح التكرار والتطويل والآثار الشاذة، مع إضافات وزيادات على الأصل مفيدة، جعلت لمختصره مكانة كبيرة بين باقي الكتب الموضوعة في فنه، بحيث لا يستغني عنه الباحثون في تراجم فقهاء المالكية، ومن أهم مزاياه: إضافته لطبقتين من العلماء لم توجدا في الأصل، وهما الطبقة الحادية عشرة، التي جعلها خاصة بأهل المغرب الأقصى، والطبقة الثانية عشرة، التي اقتصر فيها على ذكر شيوخ العلم ببلده سبتة؛ممن عاصرهم القاضي عياض وابن حمادُهْ نفسه، وأخذا عنهم.

وقد كان هذا الكتاب من المشاريع العلمية الأولى لمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، التي عمل فريق البحث بالمركز على إنجازها؛ تحت نظر و إشراف فضيلة البحّاثة المحقق الدكتور عبداللطيف الجيلاني ـ رئيس المركز ـ حفظه الله، وقد تأخّر إخراج الكتاب وتقديمه للنشر بسبب بعض الصعوبات الموجودة في النسخة الوحيدة المعتمدة في التحقيق؛ ككثرة التصحيف في الأسماء والوفيات، والطمس والبياض في بعض الأسطر، إلى أن تمّ التغلب على كثير من ذلك بفضل الله تعالى، وقد قامت عملية تحقيق هذا الكتاب، على الاستعانة ببعض النسخ الخطية الموجودة من «ترتيب المدارك»، وبعض مختصراته، مثل «مختصر ابن رشيق القيراوني»، الموجودة نسخته الخطية بالخزانة الحسنية بالرباط، و«مختصر المدارك لابن علوان التونسي»، المحفوظة نسخته الخطية أيضا بالخزانة الحسنية، و«ترتيب مختصر ابن حماده»، لابن سهل القضاعي، المحفوظة نسخته الخطية بخزانة المخطوطات بالقصر الملكي بمدينة مراكش، إضافة إلى المصادر المتخصصة في تراجم الأعلام الخاصة والعامة، حتى خرج الكتاب في هذه الحُلَّة، التي أسعدُ اليوم بتقديمها للقراء والباحثين في تراجم الأعلام المالكية، آملا أن يكون هذا العمل لبنة جديدة تغني المكتبة الإسلامية عامة، والمالكية على وجه الخصوص.