محتويات العدد الرابع من مجلة لسان المحدث

***

يتصدر بحوث هذا العدد السبعة، بَحْثٌ بعنوان:

«ضوابط الحكم بالرفع للحديث الموقوف عند الحافظ ابن عبد البر(ت463هـ): جمع وتصنيف»، للدكتور عبد الرحيم آيت بوحديد ـ أستاذ الحديث النبوي بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط؛

استخرج فيه الأحاديث الموقوفة على الصحابة رضوان الله عليهم التي حكم الحافظ أبو عمر ابن عبد البر النمري القرطبي(ت463هـ) بأن لها حكم الرفع، وذكر الضوابط التي استند إليها أبو عمر في الحكم بالرفع لبعض الموقوفات، وغالبها في كتاب الموطأ.

ويليه بحث قيِّم من إنجاز فضيلة الدكتور محمد أسعد  ـ أستاذ الحديث النبوي بكلية الآداب الراشدية، كشف فيه عن: المُضَعَّفِين من رُوَاة الحديث والعلماء في الغرب الإسلامي؛

ذكر فيه أسماءهم وأنسابهم، وأحال إلى المصادر التي عنيت بتراجمهم، وصنّفهم حسب أسباب الضعف الموجبة للطعن فيهم، وحسب مستويات الضعف ومراتبه، وهو بذلك سهّل الوقوف على أسماء هؤلاء الرواة، والحكم على أحاديثهم وعلمهم بما تقتضيه قواعد التصحيح والتضعيف، حسب شدة الضعف أو خفته.

ويتضمن هذا العدد القيم من المجلة بحثا فريداً للدكتور رضوان الحصري ـ عضو هيئة التدريس بجامعة محمد بن زايد بدولة الإمارات العربية، بعنوان: «طُرَرُ الحافظ أبي علي الغَسَّانِي(ت498هـ) على الجامع الصحيح للإمام البخاري»؛

أبْرَزَ فيه صورة من صُوَر عناية الأندلسيين بصحيح البخاري، من خلال جمع وتحقيق طُرَرِ الحافظ أبي علي الغَسَّاني الجَيَّانِي على الجامع الصحيح، وهي في أغلبها تعليقاتٌ نفيسة متعلقة بالمتون دون الأسانيد، وقد رتب الباحث الطُّرَرَ حسب ورودها في كُتب الجامع الصحيح بعد أن استخرجها من كتاب «شرح غريب البخاري»، لأبي عبد الله محمد بن أحمد اليَفْرِنِي المَكْنَاسِي(ت818هـ)، وهو كتاب مخطوط؛ ، ومهّد لبحثه بمقدمة نافعة في التعريف بأبي علي الغساني ونسختِه من الجامع الصحيح، والتعريف باليفرني وكتابه في شرحِ غريب البخاري.

ومن مزايا هذا العدد من مجلتنا لسان المحدث، أنه اجتمع فيه تحقيق ثلاثة نصوص مخطوطة قَيِّمَةٍ، تتعلق بنقد الأسانيد والمتون؛ لخاتمة حفاظ المغرب، العلامة المسند الناقد أبي العلاء إدريس العراقي الفاسي (ت1183هـ)، الذي بلغ في حفظ الحديث ومعرفة رجاله وعِلَلِه مرتبة يُدَاني بها كبار حفاظ الحديث من المتقدمين؛ قال ابن عمه العلاّمة المحقق أبو محمد الوليد بن العربي العراقي(ت1265هـ) في «التذييلُ المُنْتَخَب فيما لفضلاء الشعبة العِرَاقية من المآثر وَجَبْ» في حقه: «كان إماماً في علم الحديث محققاً فيه، وانفرد بذلك في وقته فكان لا يقاومه فيه أحد، واعترف له بذلك علماء زمانه وشيوخه وأقرانه، فكان يلقب بسيوطي زمانه، وقد حصّل بيده من كتب هذا الفنّ جُمْلَةً وافرة، وَعُدَّةً متكاثرة، وكان يستحضر ما يُسْأَلُ عنه من مراتب الأحاديث غالباً مُشَاراً له في ذلك»، وذكر شيخه العلاّمة الحافظ المتبحر أبو العباس أحمد بن مبارك اللَّمَطِي السِّجِلْمَاسِي(ت1156هـ) في بعض مجالسه العلمية حديثا؛ فسأله عمّن خرجه، فذكر له على البديهة ستة طرق؛ فقال له: «لله دَرُّك لقد تَعِبَ ابن حجر، ولم يُخَرِّجْ له إلاّ طريقين»، وقال الشيخ العلامة أبوحفص عمر بن عبد الله الفاسي(ت1188هـ) في شأنه: «إنه أحفظ من ابن حجر».

 وأول أعمال الحافظ العراقي الفاسي التي حَفَلَ بها هذا العدد:

جزء من كتابه الطريف الذي تناول فيه التعريف برجال الجامع الكبير للسيوطي(ت911هـ) الموسوم بـ: «فتح البصير في التعريف بالرجال المخرّج لهم في الجامع الكبير»، وهو بتحقيق الدكتور طارق طاطمي ـ منسق تحرير المجلة وأستاذ السيرة النبوية العطرة بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط ؛

ويشتمل الجزء المنشور من هذا الكتاب على المقدمة التي تحتوي على سيرة ذاتية حافلة للمصنف رحمه الله تعالى، أما القسم المشتمل على التعريف برجال الجامع الكبير فسننشره في عدد قادم بحول الله تعالى.

وثاني أعمال الحافظ العراقي الفاسي المنشورة في هذا العدد تصنيف لطيف بعنوان: «الإيضاح والتّبيين  لما فات الحافظ ابن حجر من الأعلام في تأليفه في المدلّسين للعراقي»، تولى تحقيقه فضيلة الأستاذ الدكتور بدر العمراني ـ أستاذ الحديث النبوي بكلية أصول الدين بتطوان ورئيس مركز عقبة بن نافع بطنجة التابع للرابطة المحمدية للعلماء ـ؛

وهذا التصنيف يتضمن استدراكات الحافظ إدريس العراقي على الحافظ ابن حجر في تأليفه المتعلق بطبقات المدلسين؛ الموسوم بتعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، وبلغ عدد الرواة المستدركين تسعة، أورد تراجمهم باختصار؛ ذاكرا اسم الرّاوي واسم أبيه ونسبته الّتي اشتهر بها، مع بيان درجته تعديلا أو تجريحا، ثمّ ختم تلك التراجم بإيراد الأقوال التي نَعَتَ فيها نقاد الحديث، الرّاوي بالتّدليس.

وآخر تلك الأعمال الثلاثة جزء بعنوان: «رفع الالتباس فيما ورد في القيام للناس للعراقي»، اعتنى بتحقيقه وضبطه فضيلة الدكتور حميد العقرة ـ باحث في علم الحديث ـ؛

وهذا الجزء الحديثي، جمع فيه الحافظ العراقي الأحاديث الواردة في القيام للناس من ذوي الفضل والمزية، فذكر الأحاديث التي يستدل بها العلماء المُجيزون لذلك، وأسهب فيها وأطال النَّفَس، ثم أورد الأحاديث التي استدل بها العلماء المانعون لذلك، مع الكلام على أسانيدها والحكم عليها، وبيان فقهها، وعزو الأقوال إلى قائليها.

وخاتمة بحوث هذا العدد تحقيق نصّ مخطوطة، تتضمن إجازة قيمة، تكشف عن عناية علماء مدينة الرباط المتأخرين بموضوع الرواية، وهي: «إجازة العلامة أبي العباس أحمد بن محمد بَنَّانِي الرباطي(ت1340هـ) للفقيه الأديب أبي عبد الله مَحمد بن خليفة المدني(ت1313هـ)..»، حقّقها فضيلة الدكتور جمال القديم ـ الباحث المؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث ـ؛

وتُجَلِّي هذه الإجازة عناية علماء المغرب برسوم الإسناد، والمحافظة عليها ولو في عهود متأخرة، وكذا التواصل العلمي الحاصل بين علماء المغرب والمشرق، فهذه الإجازة أجاز بها عالم مغربي؛ وهو العلامة الفقيه أبو العباس أحمد بن محمد بنَّاني الرباطي(ت1340ﻫ)، أحد علماء المشرق؛ وهو الفقيه الأديب الرَّحَّال مَحمد بن خليفة المدني(ت1313ﻫ)، لما حلَّ بالمغرب، وتجوَّل في حواضره طلبا للعلم ولقاء المشايخ، فتأتّى له ذلك، والتقى بطائفة كبيرة من العلماء، وكان من بين المدن التي دخلها وأخذ عن علمائها مدينة الرباط، وبها التقى بصاحب الإجازة أبي العباس بنَّاني رحمه الله. وقد كتبها بأسلوب أدبي رائق، امتزجت فيه ألفاظ الشيخ المُجيز بمشاعره وأحاسيسه التوّاقة إلى زيارة المقام النبوي.