مراتب البيان ودوائر التأويل

لا يخفى أن "البيان" من آيات الله الكبرى التي خص بها الإنسان حيث قال تعالى(الرحمن،علم القرآن،خلق الإنسان،علمه البيان) (الرحمن 1ـ 4) فقد ربط معجزة الخلق بسرّ تعليم البيان للإنسان. فالبيان هو السر الذي يحمله الإنسان بين جنبيه حتى لكأنه حقيقته و حدّه،إذ يمكن أن نقول أن الإنسان هو القادر على البيان. والإنسان بلا بيان كلا إنسان.
ولذلك فإن التأمل في هذا السر العجيب الذي خص الله به الإنسان كان همّ كثير من العلماء قديما وحديثا، ولا يزال التأمل فيه يقود إلى اكتشاف حقائق وأسرار لا تكاد تنتهي. فالبيان ملكة من ملكات الإنسان العجيبة والمعقدة التي يمتزج فيها الحس بأحوال النفس وبصور الفكر والعقل،وبتجليات الروح وأسرارها فينطبع ذلك المزيج ليشكل قدرة الإبانة لدى الإنسان المتكلم،وقدرة التبيّن والاستبانة لدى الإنسان المتفهم.