شُغِفَ علماء المغرب بالتأليف عن الصحابة رضوان الله عليهم لِمَا رأوا في سِيَرِهِم النّاصعة من الاستقامة والهُدى والرّشاد، وليقينهم بأن أعمالهم أَصْدَقُ تَمَثُّلٍ لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم. ومن جهة أخرى فقد أقبلوا على الكتابة عنهم لما ساءهم أن يتعرض البعض لسيرهم بما لا يليق وجلالة قدرهم وقُربهم من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. لأجل ذلك نصّبوا أنفسهم حُماة مدافعين عن شرفهم وكرامتهم، فنشطوا في مجال الكتابة في هذا المجال وخلّفوا تآليف جليلة جاءت طافحة بفيض من المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم ولصحابته رضوان الله عليهم. من تلك التآليف كتابُ: «مرآة العصابة في الذبّ عن الصحابة»، للفقيه الطنجي الْحْسن بن محمد الغسّال. وهي رسالة لطيفة أودعها الغسّال طائفة من الأخبار التي تؤيد أن الصحابة رضوان الله عليهم ساروا على المحجّة البيضاء التي تركهم الرسول عليها، وعزّزها بالشواهد والدلائل التي تؤكد ... وهو في كل ذلك نابع من صميم محبته للرسول صلى الله عليه وسلم ولصحابته الكرام.
وقد توسّع الفقيه الحسن الغسّال في رسالته في الاستشهاد بآي القرآن المجيد وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقف عند ذلك الحدّ بل تعداه إلى جمع الاستدلالات الواردة في أمهات الكتب التي تناولت سيرة الصحابة. ثم انتهى بنصح القارئ لرسالته على وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسن التأسي بصحابته الكرام، والاقتداء بأفعالهم، والتشبه بمكارم أخلاقهم، وتعويد النفس واللسان على عدم الخوض في سيرتهم إلا بما يرضي الله ورسوله.