
لا شك أن القرآن عربي، ولكنه كذلك بلسان عربي مبين؛ أي أن القرآن لم ينزل في فراغ خاصة إذا فهمنا النزول كما يستعمله القرآن ذاته، أي يدخل مرحلة من مراحل تحرك الاجتماع البشري ككل نحو غايته حيث يمثل القرآن الكريم فرقان مرحلته هذه.
ومن ثم فهو كذلك ينزل لأناس يتكلمون لغة سوف تستعمل كأداة لإشراكهم في أمره. ولكن القرآن يمارس في نفس الوقت منهج التصديق والهيمنة على اللغة ذاتها. هو يمارس الهيمنة عندما يستعمل المشترك والمتعارف ولكن يعيد صياغته، أو بتعبير القرآن، يقوم بإنزاله داخل رؤيته هو للعالم ودور الإنسان فيه. فمثلا رب اسم لغة مستعمل قبل نزول القرآن الكريم. ولكن أن يكون الرب هو رب العالمين، والذي خلق وعلم بالقلم وعلم الإنسان ما لم يعلم، وإليه السجود والاقتراب وهو الذي يطعم من جوع ويؤمن من خوف، إلخ، فهذا أمر يدخل عندي في باب التصديق والهيمنة.