«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الخامسة)

[4] إقناع الرأس:
ومن دلالات هذه الهيئة في القرآن الكريم:
1- الذل: قال الله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) [إبراهيم: 42- 43]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَإِقْنَاعُ الرَّأْسِ: طَأْطَأَتُهُ مِنَ الذُّلِّ»(1)، وهذه هيئة الظالمين يوم القيامة لأنهم لم يفعلوا ما يستحق أن يرفعوا رؤوسهم به، والرافع رأسه لمزية قام بها ولا شك أنها من حال المؤمنين يوم القيامة.
[5] الإنغاض:
ومن دلالات هذه الهيئة في القرآن الكريم:
1- الاستهزاء: قال الله تعالى: (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا) [الاسراء: 50- 51]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَالْإِنْغَاضُ: التَّحْرِيكُ مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ وَالْعَكْسُ. فَإِنْغَاضُ الرَّأْسِ تَحْرِيكُهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ تَحْرِيكُ الِاسْتِهْزَاءِ»(2)، وإنما فعلوا ذلك استهزاء بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لهم من إعادة البعث، قلت: وهي عادة المستهزئ المستفز الذي يوهمك بأنه يوافقك على ما تقول فيحرك رأسه دلالة على ذلك ولكنه يستهزئ بك.