
هو العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد السلام السايح الأندلسي الرباطي، ولد في 12 ربيع الأول عام 1309ﻫ في أسرة متواضعة، واهتم أبوه بشأنه كباقي إخوته الخمسىة، وإذ توفيت أمهم انكب الأب على تربيتهم، وكان المترجم أكبر الإخوة سناً، فازدادت عناية أبيه به. وينتسب جده عبد الرحمن إلى الجزيرة الخضراء من الأندلس.
حَفِظ القرآن الكريم في سن العاشرة على يد الفقيهين عبد السلام كليطو الأندلسي، والسيد المهدي الصحراوي، وكانت عنايته بحفظ المتون العلمية على اختلاف فنونها فقهاً ولساناً ولغةً، ومبادئ الحساب والرياضيات، وقد تتلمذ منذ نعومة أظفاره على يد علماء مغاربة أفذاذ منهم: العلامة أحمد البناني الرباطي (ت1340ﻫ) وأجاز له، وشيخ الجماعة أبو حامد البطاوري(ت1355ﻫ)، والحافظ أبو شعيب الدكالي(ت1357ﻫ)، والعلامة عبدالرحمن بريطل (ت1363ﻫ)، والشيخ وزير العدل محمد بن عبد السلام الرندة الرباطي (ت1365ﻫ)، والعلامة الفقيه محمد الحجوي (ت1376ﻫ)، والعلامة التهامي بن المعطي الغربي(ت1379ﻫ).
ثم انتقل إلى مدينة فاس فأخذ عن نخبة من علمائها كالنوازلي أبي عيسى المهدي الوزاني(ت1342ﻫ)، ومحمد القادري(ت1350ﻫ)، وأبي العباس أحمد بن الخياط(ت1372ﻫ) وأجاز له، إلى غير هؤلاء من الأشياخ الذين حوتهم فهرسته التي سماها «الاتصال بالرجال».
عمل أوّلاً مدرّساً بالثانوية اليوسفية بالرباط، وبمعهد الدروس العليا هناك، وكلف بمهمة استخراج سمت القبلة بمسجد باريس، ثم عين قاضيا بالمحكمة العليا بالأعتاب الشريفة، ونقل للعضوية بمجلس الاستئناف الشرعي، وفي عام 1348ﻫ رُشّح لقضاء ثغر الجديدة، وفي عام (1350ﻫ)، نقل لقضاء واد زَمّ وخريبكة، وفي عام (1352ﻫ) تولى قضاء قبيلة شراكة وأولاد عيسى وحجاوة، وفي عام (1355ﻫ) تولى قضاء مقصورة الرصيف بفاس، وفي آخر عمره نقل إلى قضاء مكناسة الزيتون.
للشيخ السايح مؤلفات تزيد على خمسة عشر مؤلفا، ما بين مطبوع ومخطوط، منها: تفسير سورة النصر وما بعدها في جزء، والمفهوم والمنطوق مما ظهر من العيوب التي أنبأ بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وسوق المهر إلى قافية ابن عمرو، والمصباح الأَجُوج الكاشف عن ذي القرنين ويأجوج ومأجوج، ونُجْعَة الرائد في ابتناء الحكم والفتوى على المقاصد والعوائد، ومنهل الوارد في تفضيل الوارد، وإِثْمد الجَفْن في عدم إعادة صلاة الجنازة الناقصة التكبير بعد الدفن، والمنتخبات العبقرية، وسبك الذهب واللُّجَيْن في سرّ افتقار التناسل إلى الزوجين، ورُضَاب العذراء في شهادة النساء، ورقة الصبابة فيمن دخل المغرب من الصحابة، والخمار المذهب في أحكام التعامل بين مختلفي المذهب، والرحلة البارزية، والطلاق في كتاب الله، وتنبيه ذوي الأحكام إلى صفة الحجاب في الإسلام، والغصن المهصور بتاريخ مدينة المنصور ـ يعني الرباط ـ، وإشراق الحلك بتاريخ علم الفلك، ولسان القسطاس في تاريخ مدينة فاس، إلى غير ذلك من التآليف.
توفي رحمه الله تعالى في 16 ذي القعدة سنة 1367ﻫ بمكناسة الزيتون، ونقل إلى العاصمة الرباط مسقط رأسه، فدفن بمقبرة مولاي أحمد بن علي الوزاني المقابلة للضريح المكي.
مصادر ترجمته:
سلوة الأنفاس (5/38)، التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين (ص:173)، ترجمة شيخنا العلامة المحدث أبي شعيب الدكالي للعلامة الأديب جعفر بن أحمد الناصري السلوي (ص:181-182)، سلّ النِّصال للنّضال بالأشياخ وأهل الكمال(1/133)، الأعلام (6/207).
إنجاز: ذة. نادية بومعيزة