كيف تعامل عمر مع الصّحابة والتّابعين؟ (7)

صاحب كتاب الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب أورد خبرا آخر ليدلّل على سوء تعامل أبي حفص مع الصّحابة وهو:
(وعن محمد بن السّائب، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطاب رأى رجلا يقود بامرأته على بعير يرمي الجمرة، قال : فعلاه بالدِّرَّة، إنكارا لركوبها)([1]). وعزاه لمصنّف ابن أبي شيبة ج3 ص232 تحت رقم 13744.
قلت: وإسناده عند ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن سعيد بن السّائب، عن محمد بن السّائب، عن أبيه، قال: رأيت عمر([2]).
وهذا السّند فيه:
محمّد بن السّائب بن أبي هنديّة الثقفي؛ ذكره البخاري في التّاريخ الكبير، فقال: (عن أبيه رأى عمر يرمى الجمرة إذا زالت الشمس، قاله وكيع عن سعيد بن السائب، وقال لي إبراهيم بن منذر: عن معن عن سعيد عن محمد بن أبي هندية عن أبيه رأى عمر، مثله)([3])، ونفس الكلام قاله ابن أبي حاتم حكاية عن أبيه([4]). وابن حبّان في الثقات، قال: (يروي عن أبيه عن عمر، روى عنه سعيد بن السائب)([5]). وهذا دليل على جهالة حاله؛ لذلك لم يوثقه أحد سوى ابن حبّان على تساهله.
وأبوه السّائب؛ ذكره البخاري في التّاريخ الكبير، وقال: (رأى عمر، روى عنه ابنه محمد، حجازي)([6]). وقال ابن حِبّان في الثّقات: (يروي عن ابن عمر، روى عنه ابنه محمد بن السائب)([7]). وهذا مجهول العين لتفرّد ابنه بالرواية عنه. أمّا توثيق ابن حبّان فقد ردّه العلماء لتساهله.
إذن؛ الحديث ضعيف.
أما صاحب الوهمي؛ فلا يهمّه حال الخبر، لذلك قال معلّقا: (حتّى المُحْرِم في الشّهر الحرام في البلد الحرام لا يسلم من درّة عمر. انظر إلى ذلك الأدب، فهو يضرب المرأة أمام زوجها ويضرب الرّجل أمام زوجته، فيهتك حرمتها جميعا، وهما في حال أداء شعيرة من شعائر الحجّ).
فهل بمثل هذه الأخبار نَزِنُ مكانة عمر في تعامله مع الأصحاب رضي الله عنهم؟ اللهم هذا بهتان عظيم.
والله الموفّق لإيضاح الحقّ.
-------------------------------------------------------------------------------------
([2]) المصنف 8/284. رقم: 13926.