مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

خَلْق رسول ﷺ من شمائل الترمذي

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا  محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

إن صورة النبي صلى الله عليه وسلم الظاهرة والباطنة، وهي: نفسه، وأوصافها، ومعانيها الخاصة بها[1]، وهو ما يطلق عليه: الشمائل النبوية، وهي: فن يشتمل على صفات النبي صلى الله عليه وسلم السَّنيِة، ونعوته البهيَّة، وأخلاقه الزكية، التي هي وسيلةٌ إلى امتلاء القلب بتعظيمه ومحبته صلى الله عليه وسلم؛ وذلك سبب لاتباع هديه وسنته، ووسيلةٌ إلى تعظيم شرعه وملته، وتعظيم الشريعة واحترامها وسيلة إلى العمل بها، والوقوف عند حدودها، والعمل بها وسيلة إلى السعادة الأبدية، والفوز برضا رب العالمين [2].

لقد سارع العلماء إلى تدوين كتب الشمائل النبوية الشريفة، وهي: الكتب التي قصد أصحابها العناية بذكر أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وعاداته، وفضائله، وسلوكه القويم في الليل والنهار، كما تناولت آداب النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته الخَلْقية والخُلُقية[3]، وكتب الله لها القبول في الأرض، ومن أشهر تلك الكتب، كتاب الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي (المتوفى سنة: 279هـ)[4].

وقد كان الدافع وراء هذا الاهتمام، باعتبار كتاب الترمذي مصدرا أساسيا من مصادر الشمائل النبوية؛ لاعتنائه بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وعاداته، وفضائله، وسلوكه القويم في الليل والنهار، و آداب النبي صلى الله عليه وسلم، وصفاته الخَلْقية والخُلُقية، هذا وقد كان محط ثناء العلماء المغاربة، وهذا ما جعل كتاب الترمذي من أوائل الكتب المطلوبة إما من لدن السلاطين، أو العلماء، أو طلبة العلم، فهو من أحسن ما صنف في هذا المقام، لاشتماله على جملة من أوصافه عليه السلام، وقد أجمع الناس على تقديمه في الأمصار، والعلماء على تقديمه في سائر الأعصار، وسار مسير الشمس في كل بلد، واعتمده كل طالب وراغب[5].

إن الحديث عن صفات رسول الله ﷺ الخَلْقية من خلال كتاب الشمائل، سأتناوله في محورين، الأول: الإمام الترمذي وكتابه: الشمائل، والثاني: ما جاء في خَلْق رسول ﷺ من الشمائل.

أولا: الإمام الترمذي وكتابه: الشمائل.

1- الإمام الترمذي[6]:

هو الحافظ، الإمام، العَلَم، البارع أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرَة بن موسى بن الضحاك السلمي الضرير البوغي الترمذي، وقيل هو: محمد بن عيسى بن يزيد  بن سَوْرَة بن السكن ...، ويقال هو: محمد بن عيسى بن سَوْرَة بن شداد بن عيسى ...

ولد في العقد الأول من القرن الثالث أي: في حدود سنة: تسع أو عشر ومائتين، وبعد أن شب طلب من شيوخ بلده ترمذ، وخراسان، ثم ارتحل وطاف في بلاد العراق والحجاز، وغيرهما، وسمع من علمائها، وقد حرص الترمذي بلقي الأئمة الحفاظ، والأخذ عنهم، والرواية عنهم كالإمامين الحافظين صاحبي الصحيحين : البخاري ومسلم، وصاحبي السنن: أبو داود والدارمي.

أدركت الإمام الترمذي المنية، فتوفي يوم الاثنين لثلاث عشر ليلة مضت من رجب سنة: تسع وسبعين ومائتين  بقرية بوغ في ترمذ.

بعد مسار علمي مليء بالعطاء المعرفي، أنتج  كتبا تعتمد عليها الأمة، وهي من الأصول التي تزخر بها الخزائن العالمية، فاعتني بها كثير من المحققين فطبعت كتبه مرارا وتكرارا، ووضعوا عليها العلماء ممن أتوا بعده بالشرح والتعليق، من ذلك: الجامع الصحيح أو السنن، والعلل الصغير، والكبير، والشمائل المحمدية.

2- كتاب الشمائل[7]:

تناول الحافظ الترمذي في هذا الكتاب ركنا من الأركان الموضوعية للحديث النبوي، فقد عرف علماء الحديث بقولهم: "ما أضيف إلى النبي ﷺ قولا له، أو فعلا، أو تقريرا، أو صفة"[8]. فكتاب الشمائل يتناول الركن الرابع، وهو وصف رسول الله ﷺ.

يتألف الكتاب من ستة وخمسين (56) بابا، قد ترجم كل باب منها بعنوان واضح الدلالة على مضمونه، وقد روى فيه أربعمائة (400) حديثا، يأتي في بعض الأحيان بمعاني بعض الكلمات.

استهل أبو عيسى كتابه بـ: "باب: ما جاء في خَلْق رسول الله ﷺ"، تناول فيه صفة النبي ﷺ البدنية، مسندا أحاديث الباب، وقد اجتهد في اختيارها، فجمع أصحها وأحسنها، وقليل من الضعيف، دون أن يلتزم الكلام على الحديث بتصحيح وتضعيف، أو جرح وتعديل، كما هي عادته في جامعه، وقد روى في هذا الباب أربعة عشر (14) حديثا.

ثانيا: ما جاء في خَلْق رسول ﷺ من الشمائل[9]

إن معنى الخَلق بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام في اللغة: التقدير المستقيم الموافق للحكمة، يقال: خلق الخياط الثوب إذا قدره قبل القطع، وعليه ورد قوله تعالى: ﴿فتبارك الله أحسن الخالقين﴾[10]، ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل، وفي إيجاد الشيء عن شيء آخر صورته، والمراد بالخلق الذي وقع في الترجمة مضاف إلى مفعول، والمعنى: صورة رسوله الأعظم ونبيه الأكرم ﷺ على الوجه الأتم، وشكله الذي يطابق كمال خلقته وحسن صورته ﷺ، والمراد بصفات الخَلق: صفات البدن، وإن شئت قلت: الأوصاف الظاهرة التي تدرك بالبصر[11].

وقد روى الإمام الترمذي بسنده في الشمائل تحت هذا الباب: أربع عشرة (14) حديثا، أخرجها عن ثمان من الصحابة رضوان الله عليهم، وهم: 1-أنس بن مالك، 2-والبراء بن عازب، 3-وعلي بن أبي طالب، 4-وهند بن أبي هالة، 5-وجابر بن سمرة، 6-وأبي هريرة، 7-وأبي طفيل، 8-وابن عباس، وسأورد تلك الأحاديث مع العزو إلى كتابه الآخر الجامع، مع إشارات لطيفة بمعنى كل حديث:

*الحديث الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسبط، بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله تعالى على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء»[12].

أخرجه الترمذي في الجامع في كتاب: المناقب، باب: في مبعث النبي ﷺ، وابن كم كان حين بعث. وقال عن الحديث: "هذا حديث حسن صحيح"[13].

*الحديث الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، حسن الجسم، وكان شعره ليس بجعد ولا سبط أسمر اللون، إذا مشى يتكفأ»[14].

أخرجه الترمذي في الجامع في كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الجمة واتخاذ الشعر. وقال عن الحديث: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث حميد"[15].

*الحديث الثالث: عن البراء بن عازب رضي الله عنه، يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه اليسرى، عليه حلة حمراء، ما رأيت شيئا قط أحسن منه»[16].

تفرد به الترمذي في الشمائل، ولم يخرجه في الجامع.

*الحديث الرابع: عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: «ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله، له شعر يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، لم يكن بالقصير ولا بالطويل»[17].

أخرجه الترمذي في الجامع في كتاب: المناقب، باب: ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"[18].

*الحديث الخامس: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير، شثن الكفين والقدمين، ضخم الرأس، ضخم الكراديس، طويل المسربة، إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب، لم أر قبله ولا بعده مثله »[19].

أخرجه الترمذي في الجامع في أبواب المناقب، باب: ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"[20].

*الحديث السادس: كان علي رضي الله عنه إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكن رسول الله بالطويل الممغط، ولا بالقصير المتردد، وكان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم، وكان في وجهه تدوير أبيض مشرب، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذو مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما ينحط في صبب، وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم»[21].

أخرجه الترمذي في الجامع في أبواب المناقب، باب: ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "هذا حديث حسن غريب، ليس إسناده بمتصل"[22].

شرح الترمذي مفردات هذا الحديث في الشمائل والجامع[23].

*الحديث السابع: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: «سألت خالي هند بن أبي هالة، وكان وصافا، عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر، إن انفرقت عقيقته فرقها، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف - أو قال: شائل الأطراف - خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا، ويمشي هونا، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويبدأ من لقي بالسلام»[24].

تفرد به الترمذي في الشمائل، ولم يخرجه في الجامع.

*الحديث الثامن: عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم، أشكل العين، منهوس العقب»[25].

أخرجه الترمذي في الجامع في كتاب: المناقب، باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"[26].

*الحديث التاسع: عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان، وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر»[27].

أخرجه الترمذي في الجامع في كتاب: الأدب، باب: ما جاء في الرخصة في لبس الحمرة للرجال، وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الأشعث"[28]، وقال: "سألت محمدا، قلت له: حديث أبي إسحاق، عن البراء أصح أم حديثه عن جابر بن سمرة؟ فرأى كلا الحديثين صحيحا"[29].

*الحديث العاشر: عن أبي إسحاق قال: سأل رجل البراء بن عازب رضي الله عنه: أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: «لا، بل مثل القمر»[30].

أخرجه الترمذي في الجامع في كتاب: المناقب، باب: ما جاء في صفة النبي ﷺ، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"[31].

الحديث الحادي عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله أبيض كأنما صيغ من فضة، رجل الشعر»[32].

تفرد به الترمذي في الشمائل، ولم يخرجه في الجامع.

الحديث الثاني عشر: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله قال: «عرض علي الأنبياء، فإذا موسى -عليه السلام- ضرب من الرجال، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى ابن مريم -عليه السلام-، فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود، ورأيت إبراهيم -عليه السلام-، فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم، يعني نفسه، ورأيت جبريل -عليه السلام- فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية»[33].

أخرجه الترمذي في الجامع في كتاب: المناقب، باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"[34].

الحديث الثالث عشر: عن أبي الطفيل رضي الله عنه، يقول: «رأيت النبي وما بقي على وجه الأرض أحد رآه غيري»، قلت: صفه لي، قال: «كان أبيض مليحا مقصدا»[35].

تفرد به الترمذي في الشمائل، ولم يخرجه في الجامع.

الحديث الرابع عشر: عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله أفلج الثنيتين، إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه»[36].

تفرد به الترمذي في الشمائل، ولم يخرجه في الجامع.

إن هذه الأحاديث التي خرجها الإمام الترمذي في صفات رسول الله ﷺ، بسنده إلى صحابة رسول الله الذين عايشوه ورأوه، فوصفوه ونعتوه بدقة، إنما هي دلالة على حرصهم رضي الله عنهم على نقل صفات خَلْقه ﷺ، لمعرفة صفاته السنية ونعوته البهية السمية، ممن لم يره ﷺ من الأمم المتلاحقة، حتى عصرنا الحاضر، ليتحقق قول الله عز وجل: ﴿رفعنا لك ذكرك﴾[37].

إن في أوصاف الصحابة رضوان الله عليهم لخَلق النبي ﷺ كانت دائما يوصف بالاعتدال، والكمال، ونفي صفات النقص، وقد كان ﷺ عظيما في نفسه معظما في العيون والقلوب عند كل من رآه[38].

خير ما نختم به هذا المقال هو كلام العلامة محمد بن قاسم جسوس (المتوفى عام: 1182هـ)[39]، ونقلته باختصار: إن المقصود من كتاب الإمام الترمذي ذكر ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم من شمائله ﷺ، وحسن الظاهر والباطن، ومعرفة ذلك مما يتأكد بل يتعين على كل مؤمن لوجوه:

الوجه الأول: أن معرفة صفاته السنية ونعوته البهية السمية ﷺ وسيلة إلى امتلاء القلب بتعظيمه، وتعظيمه وسيلة إلى تعظيم شريعته؛ لأن حرمة الكلام على قدر حرمة المتكلم به، وتعظيم الشريعة واحترامها وسيلة إلى العمل بها، والوقوف عند حدودها، والارتباط لأمرها ونهيها، وإيثارها على مألوفات النفس، وعوائدها وشهواتها الشاغلة لها عن مالكها وخالقها.

الوجه الثاني: أن معرفتها تتضمن معرفة حسنه و إحسانه ﷺ وذلك وسيلة إلى محبته؛ لأن أسباب المحبة وإن تكاثرت فمدارها على أمرين: الحسن والإحسان، فإن النفوس مجبولة على حب الحسن، كما أنها مجبولة على حب المحسن إليها، ولا حسن يماثل حسنه ﷺ كما لا إحسان يماثل إحسانه ﷺ، إذ كل خير و بركة قلّت أو جلت منه حصلت، و بطلعته ظهرت، و محبته ﷺ هي روح الإيمان الذي هو أصل كل سعادة وسيادة، وفي محبتنا له ﷺ منن عظيمة علينا؛ لأنها موجبة لمعيته ومجاورته وصحبته.

الوجه الثالث: أن السعي في معرفتها خدمة لجانبه ﷺ وثناء عليه، وتعلق به، وتعظيم لقدره، وتقرب وتودد واستعطاف وانتساب، وتعرض لنفحات فضل الممدوح واستمطار لسحائب إحسانه، واستنزال لغزير بره وامتنانه، ومدّ ليد الفاقة والاضطرار، وبسط لبساط الإلحاح والإكثار، وفتح لأبواب خزائن ما يأتي من قبله، فان الكرام إذا مدحوا أجزلوا المواهب والعطايا.

الوجه الرابع: أن معرفة صفاته معينة على شهود ذاكره، وفي رؤيته ﷺ يقظة أو نوما فوائد عظيمة، ومزايا كبيرة.

الوجه الخامس: أن في ذكرها وسماعها تنعما وتلذذا بحبيب القلوب، وقرة العيون ﷺ وهو ضرب من الوصال به ﷺ ووجه من وجوه القرب منه، والاجتماع به، لما فيه من إمتاع حاسة السمع واللسان بأوصاف المحبوب، الذي هو وسيلة إلى حضور ما بالقلب، فإذا فات النظر إليه بالبصر لم يفت التمتع به بالسمع و النظر بالبصيرة.

الوجه السادس: أن ذكر محاسنه ﷺ يحرك ما في القلوب من الحب الساكن، والشوق الكامن، ويحصل من انشراح الصدر وتفريج القلب ما يناسب إجلاء تلك المحاسن، وقد يغيب المحب عند ذكر أوصاف المحبوب ﷺ، ولاسيما إن كان القارئ حسن الصوت، وكانت قراءته على وجه يثير الخشوع، ويرقق القلوب، كما هو المطلوب عند قراءة القرآن.

************************

هوامش المقال:

[1]- فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 5 /68.

[2]- منتهى السول على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول للحجي 1 /31-32.

[3]- مصادر السيرة النبوية و تقويمها لفاروق حمادة ص: 64.

[4]- صدرت منه عدة طبعات منها: عن المكتبة التجارية بالسعودية، 1413هـ.

[5]- نقلا من الشروح المغربية على كتاب الشمائل النبوية ص: 42 عن تحفة الأخيار على شمائل النبي المختار لعلي بن أحمد الحريشي الفاسي.

[6]- انظر: مقدمة تحقيق الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 17_27، مع بقية مصادر الترجمة في هامش التحقيق ص: 17.

[7]- عن موضوع الكتاب راجع: الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين لنور الدين عتر ص: 439_442.

[8]- فتح المغيث شرح ألفية الحديث 1 /14.

[9]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 28_41.

[10]- سورة المؤمنون، الآية: 14.

[11]- جمع الوسائل في شرح الشمائل للقاري، وبهامشه شرح المناوي 1 /7-8، الفوائد الجليلة البهية على الشمائل المحمدية ص: 9.

[12]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 28-29.

[13]- الجامع الصحيح 5 /592، رقم الحديث: 3623.

[14]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 29.

[15]- الجامع الصحيح 4/ 233، رقم الحديث: 1754.

[16]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 30.

[17]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 30-31.

[18]- الجامع الصحيح 5 /598، رقم الحديث: 3635.

[19]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 30-31.

[20]- الجامع الصحيح 5 /598، رقم الحديث: 3637.

[21]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 32_34.

[22]- الجامع الصحيح 5 /599-600، رقم الحديث: 3638.

[23]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 33-34، الجامع الصحيح 5 /599-600

[24]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 34_38.

[25]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 38-39.

[26]- الجامع الصحيح 5 /603، رقم الحديث: 3646.

[27]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 39.

[28]- الجامع الصحيح 5 /118، رقم الحديث: 2811.

[29]- الجامع الصحيح 5/ 118.

[30]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 39.

[31]- الجامع الصحيح 5 /598، رقم الحديث: 3636.

[32]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 40.

[33]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 40.

[34]- الجامع الصحيح 5/ 604، رقم الحديث: 3649.

[35]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 41.

[36]- الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ص: 41.

[37]- سورة الشرح، الآية: 4.

[38]- انظر بتفصيل شرح أوصاف النبي ﷺ في: جمع الوسائل في شرح الشمائل للقاري، وبهامشه شرح المناوي 1/ 11 فما بعدها، الفوائد الجليلة البهية على الشمائل المحمدية ص: 13 فما بعدها.

[39]- الفوائد الجليلة البهية على الشمائل المحمدية ص: 5_9.

**********************

جريدة المراجع

جمع الوسائل في شرح الشمائل لعلي بن محمد الملا القاري، وبهامشه شرح الشمائل لعبد الرؤوف المناوي، المطبعة الشرفية، مصر، 1318.

الفوائد الجليلة البهية على الشمائل المحمدية لمحمد بن قاسم جسوس، مطبعة الجمالة، مصر، الطبعة الأولى: 1330.

الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين لنور الدين عتر، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، الطبعة الأولى:  1390 /1970.

الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية لمحمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي، تحقيق: سيد بن عباس الجليمي، المكتبة التجارية، مكة- السعودية، الطبعة الأولى: 1413 /1993.

فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي لمحمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي، تحقيق: عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن الخضير، ومحمد بن عبد الله بن فهيد آل فهيد، مكتبة دار المنهاج، الرياض- السعودية، الطبعة الأولى: 1426.

*راجعت المقال الباحث: خديجة ابوري

Science

يوسف أزهار

  • باحث بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسير ة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق