
أَرْخى ظَلامًا مِنْ شَعَرْ /// عِنْدَ الْمَسَا وَمَا شَعَرْ
ضَافِي الغَدائِرِ فَقَدْ /// أَحْكَمَهُ فَهْوَ مُمَرْ
ودُونَ سِجْفَيْهِ بَدَا /// لِذَيْلِ ثَوْبِهِ يَجُرْ
مُمَنَّعٌ فِي أهلِه /// كأنّه لَيْثٌ خَدَرْ
مُنَعَّمٌ فَلَا يَرَى /// مِنْ شِقْوَةِ الدَّهْرِ كَدَرْ
مَكْفِيُّ أَمْرِهِ فَمَا /// لِحَاجَةٍ قَطُّ سَهِرْ
عليهِ مِنْ نَوْمِ الضُّحَى /// تَفَضُّلًا مِنْهُ أَثَرْ
فَصُبْحُهُ مَا بَيْنَ نَوْ /// مٍ وَانْتِبَاهٍ مُنْكَسِرْ
وَاهِي الْيَدَيْنِ إِنْ أَرَا /// دَ حَمْلَ شيءٍ مَا قَدَرْ
نَظْرتُهُ كأنَّهُ /// ظَبْيٌ غَفَا عَلَى حَذَرْ
وإنْ مَشَى تَحْسَبُهُ /// مِنَ التَّثَنِّي قَدْ سَكِرْ
وإنْ حَكَى كَأَنَّمَا /// عِقْدٌ مِنَ الدُّرِّ انْتَثَرْ
فالشمسُ حِيك ضَوْؤُهَا /// مِنْ وَجْهِهِ حِينَ سَفَرْ
وَكُلْفَةُ الْبَدْرِ حَكَتْ /// أَنْفَاسَهُ عِنْدَ السَّحَرْ
فَهْوَ على أَتْرَابِهِ /// جَمِيعِهِمْ حُسْنًا أَبَرْ
إِذَا يكونُ فيهِمُ /// فَشُخُصٌ لَهُ نُظُرْ
يَقُومُ دُونَ عَارِضِ الـــــــــــسَّمَا إذَا اللَّيْلُ اعْتَكَرْ
يُبْدِي لِيَ الْبَدْرَ بِهِ /// بَدْرَيْنِ حُورًا وَحَوَرْ
عَجِبْتُ مِنْهُ إِذْ بَدَا /// مَعْ نُورِهِ كَيْفَ اسْتَتَرْ
بِالحُسْنِ يَدْعُو الْجَفَلَى /// لَسْتَ تَرَاهُ يَنْتَقِرْ
فَهْوَ الَّذِي لَا غَيْرُهُ /// لِأَعْيُنِ النَّاسِ سَحَرْ
لَقِيتُهُ عِنْدَ الْمَسَا /// وَمَا بِنَا إِنْسٌ شَعَرْ
فَفُزْتُ مِنْهُ غِرَّةً /// بِنَظْرَةٍ عَلَى حَذَرْ
تَشْفِي وَتُحْيِينِي وَلِي /// فِيهَا مَآرِبُ أُخَرْ
فَظُنَّ خَيْرًا مِنْ تُقًى /// وَلَا تَسَلْ عَنِ الْخَبَرْ
فَلمْ أَكَدْ أَقْضِي الهَوَى /// حَتَّى انْقَضَى اللَّيْلُ وَمَرْ
قدْ كنتُ أَشْكُو طُولَهُ /// فَمَا لهُ اليومَ قَصُرْ؟
عَجِبْتُ فِيهِ إِذْ مَضَى /// مِنْ نَابِلٍ يَرْمِي الثُّغَرْ
مِنْ سِحْرِ مُقْلَةٍ لَهُ /// قَدْ فُوِّقَتْ بِلَا وَتَرْ
رؤيتُه تَنْفِي الْقَذَى /// كَمَا به العَيْنُ تَقَرْ
إذا أَنَا كَلَّمْتُهُ /// أَبْلَتَ ثُمَّ لَمْ يَحِرْ
فَلَا يَزالُ مُطْرِقًا /// قَدْ حَالَ دُونَهُ الْحَصَرْ
نَفْسِي لَهُ الْفِدَاءُ مِنْ /// مُوَرَّدِ الْخَدِّ خَفِرْ
وَأَهْيَفِ الْخَصْرِ شَكَا /// مِنْ ظَلْمِ ثَغْرِهِ الْخَصَرْ
أَعْلَنْتُ حُبَّهُ وقَدْ /// خَافَ الوُشَاةَ فَأَسَرْ
فَصِرْتُ مَعْرُوفًا بِهِ /// وَبِهَوَاهُ مُشْتَهَرْ
لَمَّا رَأَى أُنْسِي بِهِ /// أَعْرَضَ عَنِّي وَنَفَرْ
أَنَلْتُهُ صَفْوَ الهَوَى /// فَكَلَّفَ العَيْنَ السَّهَرْ
وَكُلَّمَا اسْتَزَرْتُهُ /// يَعْتَلُّ عَنِّي بِالْعِذَرْ
ثم الْتَقَيْنَا بَعدها /// يومًا على أَمْرٍ قُدِرْ
وحينمَا سَألتُه /// مُسْتَفْهِمًا عَنِ الْخَبَرْ
أَعْرَضَ عَنِّي خَجِلًا /// وقال: سِحْرٌ مُسْتَمِرْ
ولم يَكَدْ يَصِلُنِي /// فِي يَوْمِهِ حَتَّى هَجَرْ
كأَنَّهُ الدَّهْرُ فمَا /// أَنْفَكُّ أرْقُبُ الغِيَرْ
وكنتُ مِنْهُ حَظَّهُ /// يَأْخُذُ مِنِّي وَيَذَرْ
لِكُلِّ وِرْدٍ مَعَهُ /// لا بُدَّ يومًا مِنْ صَدَرْ
يَسُوءُ طَوْرًا بِالنَّوَى /// وَبِاللِّقَا طَوْرًا يَسُرْ
فَالْهَجْرُ دَأْبُهُ مَعِي /// وَوَصْلُهُ حَبْلٌ غَرَرْ
فَلَمْ يَصِلْ حَتَّى هَجَرْ /// وَلَمْ يَعِدْ حَتَّى غَدَرْ