تقريب مفاهيم التأصيل في المذهب المالكي(ج2)3

- الظــاهــر وقــواعــده الخـطــابــيـة:
وينضبط "الظاهر" بمبدأ خطابي عام يحدد وجوه وكيفيات الاستدلال به، ومقتضاه:
أن الأصل في اللفظ إجراؤه على ما هو أرجح فيه، ولا يصار إلى المعنى المرجوح إلا بدليل.
ويتفرع على هذا المبدأ العام القواعد الخطابية الآتية:
- الحقيقة مقدمة على المجاز "فإذا كان اللفظ محتملا لحقيقته ومجازه فإنه راجح في الحقيقة"(54).
- الانفراد في الوضع أولى من الاشتراك؛ إذ "الاشتراك على خلاف الأصل"(55).
- التباين أولى من الترادف، إذ "أن الأصل في الألفاظ أن تكون متباينة لا مترادفـة"(56).
- الاستقلال آكد من الإضمار، لأن "الأصل في الكلام الاستقلال"(57).
- التأسيس مقدم على التأكيد، ومعناه أن اللفظ إذا دار بين إفادة معنى جديد أو تقرير معنى سابق، فأولى أن يحمل على إفادة المعنى الجديد(58).
- الترتيب أولى من التقديم والتأخير، لأن "الأصل في الكلام بقاؤه على ما هو عليه من الترتيب وعدم التقديم والتأخير فيه"(59).
- العموم أولى من الخصوص، لأن "اللفظ أرجح في الاستغراق من إفادة الخصوص، ولا يصار إليه إلا بدليل"(60).
- الإطلاق أرجح من التقييد، لأن الأصل في "اللفظ بقاؤه على إطلاقه"(61).
- حـكـــم الظـــاهـــر:
الذي يتعين في الظاهر لزوم العمل بمقتضاه، والاعتراض عليه غير مسموع، وبيان ذلك:
- أن من جهته تعرف مقاصد الشارع إذ "أن لسان العرب هو المترجم عن مقاصد الشارع، ولسان العرب يعدم فيه النص أو يندر (...) فإذا ورد دليل منصوص وهو بلسان العرب، فالاحتمالات دائرة به، وما فيه احتمالات لا يكون نصا على اصطلاح المتأخرين، فلم يبق إلا الظاهر والمجمل، فالمجمل الشأن فيه طلب المبين أو التوقف، فالظاهر هو المعتمد إذا، فلا يصح الاعتراض عليه"(62).
- أن القدح في الظاهر من جهة احتماليته مفض إلى توهين جميع الأدلة أو أكثرها و"ليس كذلك باتفاق"(63).
- أن القدح في أصل العمل به يلزم عنه عدم قيام "الحجة على الخلق بالأوامر والنواهي والإخبارات، إذ ليست في الأكثر نصوصا لا تحتمل غير ما قصد بها، لكن ذلك باطل بالإجماع والمعقول، فما يلزم عنه كذلك".
- أن في القدح في الظاهر لمجرد الاحتمال فتحا لباب السفسطة وتطريق الاحتمال في الحقائق العادية أو العقلية فضلا عن الأمور الوضعية(65).
- أن العمل بالظاهر والاستدلال بمقتضاه مناسب لمعهود القرآن في الاحتجاج على الكفار بالعمومات، والعموم من قبيل الظاهر(66).
الهوامش:
(54)- مفتاح الوصول، التلمساني، ص 471.
(55)- مفتاح الوصول، ص 478.
(56)- نفسه، ص 480.
(57)- نفسه، ص 483.
(58)- مفتاح الوصول، ص 485.
(59)- مفتاح الوصول، ص 486 .
(60)- مفتاح الوصول، ص 486.
(61)- الوصول، ص 513.
(62)- الموافقات، الشاطبي،4/ 240.
(63)- الموافقات، الشاطبي،4/ 240.
(65)- الموافقات، 4/241.
(66)- الموافقات، 4/241.