
1.1- في معنى الرهن وبيان مشروعيته وأركانه ومبطلاته
أ- معنى الـرهن وبيـان أصل مشروعيته:
الرهن لغة هو اللزوم والحبس ومنه قوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ ([1])، أي كل نفس محبوسة بما قدمت وكسبت، كما يطلق لغة على الثبوت والدوام، يقال الأمر الراهن أي الثابت ونعمة راهنة أي دائمة، والمعنى الأول لازم للمعنى الثاني «لأن الحبس يستلزم الثبوت بالمكان وعدم مفارقته»([2]).
أما في الاصطلاح فيطلق على معنيين:
- معنى مصدري وعليه يتنزل قول خليل: «الرهن بذل من له بيع ما يباع، أو غررا ولو اشترط في العقد وثيقة بحق»([3]).
- ومعنى إسمي، ومنه قول ابن عرفة في حده: «الرهن مال قبض توثقا به في دين»([4]).
وعلى كلا المعنيين فإن الرهن شرط من أجل توثيق الديون وصيانتها من الإنكار والجحود، أو تمكين الدائن من استيفاء حقه من الشيء المرهون إذا عجز المدين عن الوفاء عند حلول الأجل.
جاء في التحفة:
الرهن توثيق بحق المرتهن |
وإن حوى قابل غيبة ضمن |
والأصل في مشروعية الرهن قوله تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ ۖ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ۗ ﴾ ([5])، وتقييد الجواز بالسفر في الآية لا مفهوم له، إذ الرهن جائز في الحضر أيضا، وهو المستفاد من عمل النبي ﷺ، حيث أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: ﴿لقد رهن النبي ﷺ درعه بشعير﴾([6])، وأخرج البخاري أيضا عن عائشة أنها قالت: ﴿ اشترى رسول الله ﷺ من يهودي طعاما، ورهنه درعه﴾([7])، وروي أيضا أن النبي ﷺ توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بطعام([8]).
الهوامش:
مواهب الجليل للحطاب، 6/537. ([2])
[4]-شرح حدود ابن عرفة، ص 423 .
أخرجه البخاري في كتاب الرهن، باب الرهن في الحضر، حديث: 2508، 3/142. ([6])
. ([7])أخرجه البخاري في كتاب الرهن، باب الرهن عند اليهود وغيرهم، حديث: 2513، 3/143
[8] () رواه ابن ماجة عن أسماء بنت يزيد، في كتاب الرهون، حديث: 2438، 2/815. سنن ابن ماجة لمحمد بن يزيد القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر – بيروت.