مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينشذور

التفاضل بين الصحابة رضي الله عنهم (2)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم»([1]).

أجمع أهل السنة والجماعة على شرف الصحابة وفضلهم وعدالتهم، فالصحابة هم خير هذه الأمة عملاً، وأكملُ علمائها علماً، فقد شهدوا التنزيل، وتربوا من مشكاة النبوة على التأويل، فهم الصفوة المختارة الذين أمر الوحي باتباعهم كما في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}([2])، فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ»([3]).

قال عبد الله بن عمر: «كنا ‌في ‌زمن ‌النبي ‌صلى ‌الله ‌عليه ‌وسلم ‌لا ‌نعدِل ‌بأبي ‌بكر ‌أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم»([4]) .

لقد ثبت تفاضل أعيان الصحابة -رضوان الله عليهم- فيما بينهم، قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: (فأما الخلفاء الراشدون فهم أفضل من غيرهم، وترتيبهم في الفضل عند أهل السنة كترتيبهم في الإمامة، وهذا لإمكان أن قولنا: فلان أفضل من فلان أن معناه إن محله عند الله تعالى في الآخرة أرفع، وهذا غيبٌ لا يطَّلع عليه إلا الله ورسوله إن أَطلَعه عليه، ولا يمكن أن يُدَّعى نصوص قاطعة من صاحب الشـرع متواترة مقتضيه للفضيلة على هذا الترتيب، بل المنقول الثناء على جميعهم. واستنباط حكم الترجيحات في الفضل من دقائق ثنائه عليهم رميٌ في عماية واقتحام أمرٍ خطر أغنانا الله عنه، وتَعرّف الفضل عند الله تعالى بالأعمال مشكِل أيضًا، وغايته رجمُ ظنّ، فكم من شخص محروم الظاهِر وهو عند الله بمكان؛ لسرٍّ في قلبه وخُلُق خفيٍّ في باطنه، وكم من مزيَّن بالعبادات الظاهرة وهو في سخَطِ الله؛ لخبث مستكنٍّ في باطنه، فلا مطَّلع على السـرائر إلا الله تعالى. ولكن إذا ثبت أنه لا يعرف الفضل إلا بالوحي، ولا يعرف من النبي إلا بالسماع، وأولى الناس بسماع ما يدل على تفاوت الفضائلِ الصحابةُ الملازمون لأحوالِ النبي صلى الله عليه وسلم، وهم قد أجمعوا على تقديم أبي بكر، ثم نصَّ أبو بكر على عمر، ثم أجمعوا بعده على عثمان، ثم عليٍ رضي الله عنهم) ([5]).

قال ابن حجر رحمه الله:

(‌قدِ ‌اتَّفق ‌العلماء ‌على ‌تأويل ‌كلام ‌ابن ‌عمر ‌هذا؛ ‌لما ‌تقرر ‌عند ‌أهل ‌السنة ‌قاطبةً ‌من ‌تقديم ‌عليٍّ ‌بعدَ ‌عثمان، ومن تقديم بقية العشرة المبشَّرة على غيرهم، ومن تقديم أهلِ بدرٍ على مَن لم يشهدها وغير ذلك، فالظاهر أن ابن عمر إنما أراد بهذا النفي أنهم كانوا يجتهدون في التفضيل، فيظهر لهم فضائل الثلاثة ظهورًا بيِّنًا، فيجزمون به، ولم يكونوا حينئذٍ اطَّلعوا على التنصيص) ([6])

وقال عبدوس بن مالك العطار([7]): سمعت أحمد بن حنبل يقول: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه، نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يختلفوا في ذلك، ثم بعد هؤلاء أصحاب الشورى الخمسة: علي والزبير وطلحة وعبدالرحمن بن عوف وسعد رضي الله عنهم، كلهم يصلح للخلافة، وكلهم إمام، نذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نعدّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، وأصحابه متوافرون: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت، ثم بعد أصحاب الشورى، أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار، من أصحاب رسول الله، على قدر الهجرة والسابقة أولا فأولا، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء، أصحاب رسول الله، القرن الذي بعث بينهم، كل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه، فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه، وسمع منه، ونظر إليه نظرة، فأدناهم صحبة، أفضل من القرن الذين لم يروه، ولو لقوا الله بجميع الأعمال، كان هؤلاء الذين صحبوا النبي ورأوه وسمعوا منه، أفضل لصحبتهم من التابعين، ولو عملوا كل أعمال الخير. ومن انتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أبغضه، لحدث كان منه، أو ذكر مساوئه، كان مبتدعا، حتى يترحم عليهم جميعا، ويكون قلبه لهم سليما([8]).

قال الشافعي رحمه الله: ( أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأَحَدٍ بعدهم، فرحمهم الله وهنأهم بما آتاهم من ذلك، ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، فهم أدوا لنا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوه والوحي ينزل عليه، فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا وعزما وإرشادا، وعرفوا من سننه ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر واستدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم ) ([9]).

وعن محمد بن عوف([10]) قال: سألت أحمد بن حنبل عن التفضيل؟ فقال: من فضّل عليا على أبي بكر، فقد طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن قدّم عليا على عمر، فقد طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى أبي بكر. ومن قدّم عليا على عثمان، فقد طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعلى المهاجرين، ولا أحسب يصلح له عمل([11]).

وعن عبدالله قال: حدث أبي بحديث سفينة، فقلت: يا أبت، ما تقول في التفضيل؟ قال: في الخلافة؟ قال: في الخلافة أبو بكر وعمر وعثمان. فقلت: وعلي بن أبي طالب؟ قال: يا بني، علي بن أبي طالب من أهل بيت لا يقاس بهم أحد([12]).

وقال عبدالله: سمعت أبي يقول: ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأحاديث([13])الصحاح، ما لعلي رضي الله عنه ([14]).

 وقال أحمد بن حنبل: من لم يثبت الإمامة لعلي رضي الله عنه، فهو أضل من حمار أهله([15]).

 قال المروذي([16]): قيل لأبي عبدالله، ونحن بالعسكر، وقد جاء بعض رُسل الخليفة، فقال: يا أبا عبدالله، ما تقول فيما كان بين علي ومعاوية؟ فقال: ما أقول فيهم إلا الحسنى([17]).

قال النووي: (قال الإمام أبو عبد الله الْمَازِرِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَلَى بَعْضٍ فقالت طائفة: لا نفاضل بَلْ نُمْسِكُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ بِالتَّفْضِيلِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ: أَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَقَالَ الْخَطَّابِيَّةُ: أَفْضَلُهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقَالَتِ الرَّاوَنْدِيَّةُ: أَفْضَلُهُمُ الْعَبَّاسُ، وَقَالَتِ الشِّيعَةُ: عَلِيٌّ. وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ، قَالَ جُمْهُورُهُمْ ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِتَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ: أَصْحَابُنَا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ تَمَامُ الْعَشَـرَةِ، ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ، ثُمَّ أُحُدٍ، ثُمَّ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَمِمَّنْ لَهُ مَزِيَّةُ أَهْلُ الْعَقَبَتَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكَذَلِكَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ؛ وَهُمْ مَنْ صَلَّى إلى القبلتين في قول بن الْمُسَيِّبِ وَطَائِفَةٍ، وَفِي قَوْلِ الشَّعْبِيِّ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَفِي قَوْلِ عَطَاءٍ وَمُحَمَّدِ ابْنِ كَعْبٍ، أَهْلُ بَدْرٍ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ منهم ابن عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِمَّنْ بَقِيَ بَعْدَهُ، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ غير مرضي وَلَا مَقْبُولٍ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ التَّفْضِيلَ الْمَذْكُورَ قَطْعِيٌّ أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ أَمْ فِي الظَّاهِرِ خَاصَّةً، وَمِمَّنْ قَالَ بِالْقَطْعِ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: وَهُمْ فِي الْفَضْلِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْإِمَامَةِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّهُ اجْتِهَادِيٌّ ظَنِّيٌّ أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، وذكر ابن الْبَاقِلَّانِيِّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ التَّفْضِيلَ هَلْ هو في الظاهر أم فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي عَائِشَةَ وَخَدِيجَةَ أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ، وَفِي عَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَأَمَّا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخِلَافَتُهُ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَقُتِلَ مَظْلُومًا وَقَتَلَتُهُ فَسَقَةٌ، لِأَنَّ مُوجِبَاتِ الْقَتْلِ مَضْبُوطَةٌ وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَقْتَضِيهِ وَلَمْ يُشَارِكْ فِي قَتْلِهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ هَمَجٌ وَرُعَاعٌ مِنْ غَوْغَاءِ الْقَبَائِلِ وسَفَلَةِ الْأَطْرَافِ وَالْأَرْذَالِ تَحَزَّبُوا وَقَصَدُوهُ مِنْ مِصْـرَ فَعَجَزَتِ الصَّحَابَةُ الْحَاضِرُونَ عَنْ دَفْعِهِمْ فَحَصَـرُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخِلَافَتُهُ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَانَ هُوَ الْخَلِيفَةَ فِي وَقْتِهِ لَا خِلَافَةَ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مِنَ الْعُدُولِ الْفُضَلَاءِ وَالصَّحَابَةِ النُّجَبَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَمَّا الْحُرُوبُ الَّتِي جَرَتْ فَكَانَتْ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شُبْهَةٌ اعْتَقَدَتْ تَصْوِيبَ أَنْفُسِهَا بِسَبَبِهَا، وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمُتَأَوِّلُونَ فِي حُرُوبِهِمْ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يُخْرِجْ شيءٌ مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا مِنْهُمْ عَنِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ، اخْتَلَفُوا فِي مَسَائِلَ مِنْ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ كَمَا يَخْتَلِفُ الْمُجْتَهِدُونَ بَعْدَهُمْ فِي مَسَائِلَ مِنَ الدِّمَاءِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَقْصُ أَحَدٍ مِنْهُمْ)([18]).

وقال ابن تيمية: (أَمَّا تَفْضِيلُ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. فَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ: مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَهْلِ مِصْـرَ وَالْأَوْزَاعِي وَأَهْلِ الشَّامِ؛ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَحَمَّادِ ابْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ: مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ لَهُمْ لِسَانُ صِدْقٍ فِي الْأُمَّةِ. وحكى مالكٌ إجماع أهل المدينة على ذلك، فقال: ما أدركت أحدًا ممن أقتدي به يشكُّ في تقديم أبي بكر وعمر. وهذا مستفيضٌ عن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب) ([19])-([20]).

وهذا كله يدلُّ على أنَّ التفاضل بين الصحابةِ ليس محلَّ خِلاف بين العلماء، كما أن ضابطَه هو الدليل الشـرعي وما في معناه من الأسبقية والفقه والعلم، وقد بدَّع السلفُ رحمهم الله من قدَّم أحدًا من الصحابة على أبي بكر وعمر في الفضل، كما جزموا بتقديم العشـرة المبشـرين بالجنة على غيرهم، وتقديم أهل الشورى على غيرهم، وكل هذا مطروق مبثوث مستفيض عن أهل العلم، لم يختلف فيه اثنان من أهل العلم، ولا توقَّف فيه مطَّلع على الأثر.

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 ([1]) أخرجه مسلم في الصحيح-كتاب فضائل الصحابة– باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم:4/1963 رقم: 2533.

([2]) سورة التوبة آية 101.

([3]) أخرجه أحمد في المسند: 6/84، وقال المحقق شعيب الأرنؤوط: (إسناده حسن).

([4]) أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-باب مناقب عثمان بن عفان-5/14 رقم: 3697.

([5]) الاقتصاد في الاعتقاد ص: 132.

([6]) فتح الباري :7/ 58.

([7]) عبدوس بن مالك، أبو محمد العطار. صاحب الإمام أحمد. كانت له عند أحمد بن حنبل منزلة. قال أبو عبدالله: سألت عنه أبي، فقال: اكتب عنه. (تاريخ بغداد12/417).

([8]) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص159.

([9]) مناقب الشافعي للبيهقي: 1/442.

([10]) محمد بن عوف بن سفيان الطائي، أبو جعفر، ويقال: أبو عبدالله، الحمصـي الحافظ، عالم بحديث الشام صحيحا وضعيفا. مات سنة 272هـ بحمص. (الثقات 9/143 - تهذيب الكمال26/236).

([11]) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص218.

([12]) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص219.

([13]) عند ابن الجوزي: بالأسانيد.

([14]) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص221.

([15]) نفسه ص221.

([16]) أحمد بن محمد الحجاج أبو بكر المعروف بالمرّوذي، نزيل بغداد، وصاحب أحمد بن حنبل. وهو المقدم من أصحابه لورعه وفضله. روى عنه مسائل كثيرة وأسند عنه أحاديث صالحة. مات سنة 275هـ. (سير أعلام النبلاء13/173 - تاريخ بغداد6/104).

([17]) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص162.

([18]) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي: 15/148.

([19]) مجموع الفتاوى: 4/421، 422.

 ([20])  *سير أعلام النبلاء: 2/365. الناشر: دار الحديث- القاهرة، الطبعة: 1427هـ-2006م.

   *حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني 270-283. الناشر: السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974م.

          * أصول السنة. أحمد بن حنبل. الناشر: دار المنار - الخرج - السعودية. الطبعة: الأولى، 1411هـ.

   * الصارم المسلول على شاتم الرسول. ابن تيمية. المحقق: محمد محي الدين عبد الحميد. الناشر:   الحرس الوطني السعودي، المملكة العربية السعودية.

          * أسْنى المَطالب في صلة الأرحام والأقارب (فَضائلُ صلة الرّحم وتَحْريمُ قَطيعَتها)؛ أبو العباس أحمد بن محمّد ابنُ حَجر الهَيْثمي، الدار الأثرية-عمان-الأردن.

          * مناقب الشافعي للبيهقي. المحقق: السيد أحمد صقر. الناشر: مكتبة دار التراث - القاهرة. الطبعة: الأولى، 1390هـ - 1970م.

         * الاقتصاد في الاعتقاد أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ). الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2004 م.

        * مجموع الفتاوى لابن تيمية. المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم. الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية. عام النشر: 1416هـ/1995م.

       * مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي. لمحقق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي. الناشر: دار هجر. الطبعة: الثانية، 1409 هـ.

        *طبقات الحنابلة. المؤلف: أبو الحسين ابن أبي يعلى، محمد بن محمد (المتوفى: 526هـ). لمحقق: محمد حامد الفقي الناشر: دار المعرفة - بيروت.

       * المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ). الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت. الطبعة: الثانية، 1392.

       * شرح العقيدة الطحاوية عبد الرحمن بن ناصر بن براك بن إبراهيم البراك. الناشر: دار التدمرية. الطبعة: الثانية، 1429هـ - 2008م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق