
قال الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي المالكي(ت684هـ) رحمه الله في كتابه «الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام»(ص218)، في معرض جوابه على السؤال التاسع والثلاثين، والمتعلق بالأحكام الواقعة في المذاهب والمبنية على العرف هل تتغير إذا تغير العرف أم لا؟ وهذا نص السؤال وجوابه:«ما الصحيح في هذه الأحكام الواقعة في مذهب الشافعي ومالك وغيرهما، المرتبة على العوائد والعرف اللذين كانا حاصلين حالة جزم العلماء بهذه الأحكام؟ فهل إذا تغيرت تلك العوائد، وصارت العوائد تدل على ضدّ ما كانت تدل عليه أولا، فهل تبطل هذه الفتاوى المسطورة في كتب الفقهاء ويُفْتَى بما تقتضيه العوائد المتجددة؟ أو يقال: نحن مقلِّدون، وما لنا إحداثُ شرع لعدم أهليتنا للاجتهاد، فنفتي بما في الكتب المنقولة عن المجتهدين؟
جوابه: أن إجراء الأحكام التي مُدْرَكُها العوائد مع تغير تلك العوائد: خلاف الإجماع وجهالة في الدين، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد؛ يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة، وليس هذا تجديدا للاجتهاد من المقلدين حتى يشترط فيه أهلية الاجتهاد، بل هذه قاعدة اجتهد فيها العلماء وأجمعوا عليها، فنحن نتبعهم فيها من غير استئناف اجتهاد، ألا ترى أنهم أجمعوا على أن المعاملات إذا أُطلق فيها الثمن يحمل على غالب النقود، فإذا كانت العادة نقدا معيَّنا حملنا الإطلاق عليه، فإذا انتقلت العادة إلى غيره عَيَّنَّا ما انتقلت العادة إليه، وألغينا الأول، لانتقال العادة عنه».
المصدر: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام»(ص218)، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة وعناية سلمان بن عبد الفتاح أبو غدة، نشر مكتب المطبوعات الإسلامية، ودار البشائر الإسلامية، ط4/1430هـ/2009م.
إنجاز: ذ.جمال القديم.