
الحلقة الرابعة عشر: الشريف الحسني الرباطي
ذة. رشيدة برياط
محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الجليل، أبو زيد السجلماسي الفيلالي الرباطي الحسني، فقيه مالكي وكاتب مغربي، كانت إقامته في أبي الجعد بتادلا، وأمره السلطان بسكنى الرباط للتدريس بها، وأخذ عنه جماعة منهم أديب الرباط أبو عبد الله السيد محمد بن التهامي بن عمرو، ومفتيه الفقيه السيد المكي البناني، ومؤرخه السيد محمد عبد بن عبد السلام الضعيف وغيرهم…
وهو خاتمة الفقهاء المجتهدين، والعلم الشهير من أئمة الدين، كان فرد وقته علما وفقها واجتهادا ونسكا وورعا، وكان يأخذ على الفتوى موزنة فقط، ...كما حكاه الشيخ أبو السعود الكتاني في رحلته البربرية، قال: وبلغ مبلغا عظيما في العلم من غير كثرة قراءة إلا نظرة شيخه سيدي المعطي بن صالح، إنه كان له فيه اعتقاد كبير. ولما كلفه السلطان بأعمال الركاب للرباط بقصد إقراء العلم به، امتثل وأنشد قصائد يتشوق بها لرؤية الشيخ …
وصرح الشيخ أبو إسحاق التادلي الرباطي في بعض إجازاته أن المترجم صلى بالشيخ سيدي المعطي عشرين سنة، وإنما دعي الرباطي لكونه استوطن الرباط مدة مديدة، حتى صار ينتسب إليه.
وكانت سكناه بالدويرة الركنية التي أما حمام القصري، ويوجد ببعض الوثائق المكتوبة على كتب الأحباس التي حبسها السلطان سيدي محمد بن عبد الله على ثغر الرباط، لينتفع بها من هو أهل لها، أنه يشترط أن تكون تلك الكتب على يد صاحب الترجمة مادام مقيما بالثغر المذكور.
ومن اعظم تلامذة المترجم فخر سلاطين المغرب وعالمهم السلطان أبو الربيع كما ذكره أبو القاسم الزياني في كتابه " جمهرة التيجان وفهرسة اللؤلؤ والياقوت والمرجان في ذكر الملوك وأشياخ مولانا سليمان"، قال عند عد شيوخه ما نصه:" الحادي عشر شيخه الكبير، وأستاذه الشهير، فقيه الأقدمين، وقدوة المهتدين، سيدي محمد بن أبي القاسم السجلماسي أصلا، التادلي نزيل رباط الفتح، أخذ عنه علوما جمة، وأجازه إجازة عامة"[1]..
ومن أجل تلامذته أيضا الشيخ سيدي عمر بن المكي الشرقي، وسيدي العربي بن المعطي بن صالح الشرقي، وسيدي العربي الدمناتي، وسيدي العربي بن سودة.
وأما شيوخه فمن أجلهم سيدي المعطي بن صالح السابق ذكره، وأبو العباس الهلالي، وأبو الحسن عي بن رحال المعدني، وأبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن إلى غير هؤلاء من شيوخه.
ويكفي في فضله وعظم مكانته ما ذكره في "أوضح المسالك وأسهل المراقي"، في ترجمة العلامة الشيخ التاودي بن سودة من أنه أي الشيخ التاودي المذكور، حاز رياسة فاس والمغرب كله.[2]
وللمترجم مصنفات سارت بها الركبان، ومعمل بها القاضي والدان، منها شرحه للعمل الفاسي شرحا أزال عن محياه النقاب، وقرب به ماكان بعيد الإدراك من الألباب، قيد شوارده بأوثق قيد، وأتاه طوعا ما جمع منه فأوعى، وفي جوف الفرا كل الصيد، وأتى بما أربت على الأوائل الأواخر، وقذفت بأصداف الدر المكنون بحوره الزواخر، لا جرم أنجد في البلاد واتهم، وفتح بأوضح عبارة وألطف إشارة الباب المبهم، شكر الله سعي اجتهاده، ومد له من نعيم الجنان على بساط الامتنان طويل مهاده، وأبقى الثناء عليه مخلدا... [3]
له تآليف منها : فتح الجليل الصمد في شرح التكميل والمعتمد، يعرف بشرح العمل المطلق، وهو شرح أرجوزة له في الفقه، أولها:يقول عبد ربه محمد - بن أبي لقاسم ربي أحمد، شرح نظم العمل لعبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي مجلدان.
النوازل في مجلدين، عند صاحب إتحاف المطالع، بفاس، ومفتاح الأقفال ومزيل الإشكال عما تضمنه مبلغ الآمال من تصريف الأفعال كلاهما له، اليواقيت الثمينة في أصول مذهب عالم المدينة[4].
وفي ليلة الأربعاء سابع وعشري رمضان عام أربعة عشر ومائتين وألف، توفي بالوباء محمد بن قاسم بن محمد بن عبد الجليل الفيلالي السجلماسي نزيل أبي الجعد، الشيخ الشهير، والعلامة الكبير، المشارك المطلع النوازلي الأفضل، له شرح على العمل الفاسي مشهور، عن سنّ عالية ودفن خلف الشيخ المعطّى قريبا منه جدا بأبي الجعد، وهو من أشياخ المولى سليمان[5].
[1] - الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 313 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.
[2] - الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 313 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.
[3] - الاعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام (6/155) الطبعة الثانية المطبعة الملكية الرباط.
[4] - الاعلام للزركلي (1/8) الطبعة الخامسة عشر دار العلم للملايين.
[5] - أنظر إتحاف المطالع لابن سودة (1/91).