
الحلقة الحادية عشر : محمد بن أحمد بن علي دنية
هو الفقيه الفهامة و البحاثة الولوع المشارك الأنبه، أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن محمد دنية، الرباطي مولدا ومنشأ ومدفنا، طلب العلم بفاس، وتقلد خطة العدالة، وتعاطى للتدريس، له عناية بالتراجم له شرح على همزية البوصيري، وختم على مختصر خليل، وفتاوى، إلى غير ذلك....
كان أبو عبد الله فقيها أديبا خطيبا مصقعا، شاعرا ناثرا، يعد في أعيان علماء الرباط، درس العلوم على والده أبي العباس وأخيه أبي الحسن، وكان لأول حياته مولعا بالنساخة يحترفها للتعيش، إذ كان ذا خط جميل في جودة وإتقان، تقلد خطة العدالة، وأصبح فيها من المبرزين توثيقا وتحريرا بطلب من أبي عبد الله ابن إبراهيم نائب القاضي، وتعاطى التدريس فقام بدور هام في تلقين العلوم، كما كان يتوفر عليه من إحسان في الصناعة والتبليغ، وممن أخذوا عنه أبو حامد البطاوري، والعدل مصطفى بوجيدة، وكان القاضي ابن إبراهيم كثيرا مايستشيره ويذاكره، فيما ينزل به من القضايا، وربما كتب في بعض تلك النوازل.. [1].
لقد شرع والد المترجم – خلال النشأة الأولى – بعد حفظ القرآن الكريم واستظهار مجموع المتون – في بداية تعليمه بشرح قواعد الأجرومية. ونظم ابن عاشر والقلصادي في الحساب، ثم أردف في المرحلة الثانية بألفية ابن مالك، ورسالة أبي زيد القيرواني. ومختصر خليل، وتحفة ابن عاصم، وغيرها من الأمهات المعروفة – يومئذ – قصد التحصيل، ولما آنس منه شيئا من التحسن ظهرت بوادره بالتقدم فيما تلقى من دروس منزلية، وأحس منه تطلعا لموطن أفسح بتلقين أوسع في جو منطلق بالمذاكرة مع اللذات، أمره بحضور الدروس أمام مشايخ البلد في الحلقات، للأخذ عنهم وتتلمذ عليهم كالعمدة المشارك شيخ الجماعة أبي حامد المكي البطاوري، وأبي عبد الله محمد بربيش – الملقب بسيبويه زمانه – والنحرير الفرائضي الحيسوبي أبي عيسى المهدي مثجنوش، والنوازلي المتمكن الجيلاني أحمد بن إبراهيم، والعلامة الأديب أحمد بن قاسم جسوس. والمحقق المدرس العدل الهاشمي بن امحمد الحجوي – قد حلاه بشيخنا في "مجالس الانبساط" لدى ترجمته إلى غيرهم من الرجالات[2].
كما أخذ عن عدة شخصيات أخر في الحجاز ومصر وبعض البلدان العربية في حجته الأولى عام 1327هـ - 1909م، والثانية عام 1335هـ - 1917م، كعلامة المدينة الشيخ فاتح بن محمد الطاهر – فقد تكلم عن ترجمته في "السلسلة الذهبية"، وما أخذ عنه من مرويات متصلة السند[3]..
وكان يدرس البخاري بين الظهرين بالمسجد الأعظم عام 1307هـ، ويسرد عليه السيد فتح الله بناني الرباطي.
ورشح للعدالة بمرسى الدار البيضاء و طنجة والرباط، وبدار عديل بفاس، وكان رفيقه في جل هذه الوظائف الفقيه القاضي عبد الله ابن خضراء السلوي[4].
ومن كتبه :
- مجالس الانبساط أو "الإسعاد والنجح، الكفيل بذكر تراجم سادات رباط الفتح"، مجلدان في مكتبة الفقيه أبي بكر التطواني بسلا.
- النفحة العنبرية في الألغاز الفرضية .
- واسطة العقد النضيد في شرح حديث التجديد.
- النسمات الندية في سيرة جده أحمد دنية المتوفى سنة 1280.
- تحرير المناط والمسالك في أن التصوف بالمعنى المصطلح عليه الآن كان زمن الإمام مالك .
- تحفة ذوي الاختصاص .
- كمال العطية بإعراب كلمات من العربية .
- وله كتب أخرى لا تزال مخطوطة[5].
- وفي محرم المذكور توفي محمد بن أحمد بن علي دنية الرباطي، تقدمت وفاة والده عام اثنين وثمانين ومائتني وألف، كان علامة مشاركا مطلعا حطيبا مصقعا، توفي ببلده الرباط[6].
[1] - أعلام الفكر المعاصر بالغدوتين الرباط وسلا لعبد الله الجيراري (2/95)
[2] - دعوة الحق- أبو المعالي محمد دنية- العدد 149.
[3] - دعوة الحق- أبو المعالي محمد دنية- العدد 149.
[4] - أعلام الفكر المعاصر بالغدوتين الرباط وسلا لعبد الله الجراري (2/95)
[5] - الأعلام للزركلي (6/303) الطبعة الخامسة عشر، دار العلم للملايين.
[6] - إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع (1/339) الكبعة الأولى دار الغرب الإسلامي بيروت.