أحاديث لا تصح في شهر ذي القعدة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتصف بنعوت الجلال، الحائز على درجات الكمال، وصفات الجمال، تنزه عن الصاحبة والأولاد، ولم يكن له شريك ولا أنداد، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، والسائر إلى ربه أجمل سير، وعلى أصحابه أسود الوغى، ونجوم الهدى، الذين أقام الله بهم الإسلام دولة، فقارعوا الأعداء جولة فجولة.
أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل في بعض الشهور من المزايا ما جعل الناس يتوسمون اغتنامها، والتعبد فيها، وقد جاء في بعضها أثار مسنونة، وأحاديث صحيحة؛ وفي بعضها اختلقت أحاديث موضوعة، وآثار شنيعة، لا أصل يعضدها، ولا سند يدعمها، ومن ذلك: شهر ذو القعدة، ولأهمية هذا الموضوع؛ أحببت أن أفرده بهذا؛ الذي سأذكر فيه ذكر بعض الأحاديث لا تصح فيه، مع تخريجها، وذكر أقوال العلماء فيها:
فأقول وبالله التوفيق:
الحديث الأول:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "يكون في رمضان هدة توقظ النائم وتقعد القائم، وتخرج العواتق من خدورها، وفى شوال همهمة، وفى ذي القعدة تميز القبائل بعضها إلى بعض ...".
تخريج الحديث:
أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات[1]، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة[2]، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقال السيوطي:" موضوع، عبد الواحد شبه لا شيء، قال العقيلي: "ليس هذا الحديث أصل عن ثقة، ولا من وجه يثبت".
الحديث الثاني:
عن فيروز الديلمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يكون صوت في رمضان ... وتمييز القبائل في ذي القعدة".
تخريج الحديث:
أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات[3]، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة[4]، كلاهما من حديث فيروز الديلمي، وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح".
وقال السيوطي: "لا يصح؛ عبد الوهاب متروك، وإسماعيل ضعيف، وعبدة لمم ير فيروزا، وفيروز لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم".
الحديث الثالث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ... وفي ذي القعدة غير القبائل، وفي ذي الحجة يسلب الحاج"
تخريج الحديث:
أخرجه السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة[5].
الخاتمة:
وفي ختام هذا المقال خلصت إلى أن:
1-فضل شهر الله المحرم ذو القعدة جعل بعض الوضاعين يختلقون في فضله أحاديث لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2-الأحاديث الثلاثة المذكورة في شهر ذي القعدة كلها لا تصح حكم عليها العلماء بالوضع وذكروها في مصنفاتهم المخصصة للموضوعات.
والحمد لله رب العالمين.
*************************
هوامش المقال:
[1] - الموضوعات (3 /190-191).
[2] - اللآلئ المصنوعة (2 /321).
[3] - الموضوعات (3 /191-192).
[4] - اللآلئ المصنوعة (2/ 323).
[5] - اللآلئ المصنوعة (2/ 322).
************************
لائحة المصادر والمراجع:
الموضوعات لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي. ت: عبد الرحمن محمد عثمان المكتبة السلفية المدينة المنورة. ط1/ 1386هـ- 1966مـ.
اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة. لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي. ت: صلاح بن محمد بن عويضة. دار الكتب العلمية. بيروت . ط1/ 1417هـ- 1996مـ
*راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري