آل البيت والصحابة الكرام في تراث أهل الأندلس

ذ/ رشيد العفاقي
كان الأندلسيون يضعون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في منزلة سامية، ومكانة عالية، وعلى قَدْرٍ مُتَسَاوٍ من الحُبِّ والتَّعْظِيم، أي أنهم كانوا يقفون منهما على مسافة واحدة، لا يُفَضِّلُون طرفا على آخر، ومن يصرف نظره إلى كُتب التاريخ والتراجم والآداب الأندلسية فإنه لَا شَكَّ واجدٌ فيها نُصُوصاً كثيرة تَدُلُّ على ذلك التَّسَاوِي في الحُبِّ والتَّعْظِيم، ولعلّ أحسن تلك النصوص هي هذه الأبيات الشعرية لأبي الحُسين بن جُبير الرّحَّالة الأندلسي المشهور، يقول فيها :
أُحِبُّ النَّبِيَّ المُصْطَفَى وَابْنَ عَمِّهِ***عَلِيّاً وَسِبْطَيْهِ وَفَاطِمَةَ الزَّهْرَا
هُمُ أَهْلُ بيتٍ أُذْهِبَ الرِّجْسُ عَنْهُمُ***وأَطْلَعَهُمْ أُفْقُ الهُدَى أَنْجُماً زُهْرَا
مُوَالَاتُهُمْ فَرْضٌ عَلَى كُلّ مُسْلمٍ***وحُبُّهُمُ أَسْنَى الذَّخَائِرِ لِلْأُخْرَى
ومَا أَنَا لِلصَّحْبِ الكِرَامِ بِمُبْغِضٍ***فَإِنِّي أَرَى البَغْضَاءَ فِي حَقِّهِمْ كُفْرَا
هُمْ جَاهَدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ***وَهُمْ نَصَرُوا دِينَ الهُدَى بالظُّبَى[1] نَصْرَا
عَلَيْهِم سَلَامُ الله مَا دَامَ ذِكْرُهُم***لَدَى المَلَإِ الأَعْلَى وأَكْرِمْ بِهِ ذِكْرَا [2]
[1] الظبى جمع ظبّة، وهي حدّ السيف ( لسان العرب، مادة (ظبا) )
وفي حديث علي t في صفين : "نافحوا بالظبى"، أي قاتلوا بالسيوف. ( لسان العرب، مادة (نفح) )
ظبة السيف: طرفه وحدّه. (شرح نهج البلاغة، ص...)
[2] المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ج.2 ، ص.493