مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

وجوه الترجيحات(9)

 

يقول الإمام الحافظ أبو بكر بن حازم الهمذاني (ت584هـ) مُبيناً وجوه الترجيح:

 

الوجه الثالث والثلاثون: أن يكون الحكم الذي تضمنه أحد الحديثين منطوقا به وما تضمنه الحديث الآخر يكون محتملا، ولذلك يجب تقديم قوله صلى الله عليه وسلم: في أربعين شاة شاة، في إيجاب ذلك في مال الصبي على قوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم – الحديث؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: في أربعين شاة شاة، نص على وجوب الزكاة في ملك من كانت، وقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن الصبي، لا ينبئ عن سقوط الزكاة في مال الصبي بأن يكون الخطاب فيه لغيره وهو الولي، فرفع القلم عنه يفيد نفي خطابه والتكليف له ولا يعارض ذلك النص بوجه. 

 

الوجه الرابع والثلاثون: أن يكون أحد الحديثين مستقلا بنفسه لا يحتاج فيه إلى إضمار، والآخر لا يفيد إلا بعد تقدير وإضمار، فيرجح الأول لأن المستقل بنفسه معلوم المراد منه، والمحذوف منه ربما التبس ما هو المضمر فيه.

 

الوجه الخامس والثلاثون: أن يكون الحكم في أحد الحديثين مقرونا بصفة وفي الآخر     مقرونا بالاسم، نحو قوله صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه، قدم هذا على نهيه صلى الله عليه وسلم: عن قتل النساء والولدان؛ لأن تبديل الدين صفة موجودة في الرجل والمرأة فصارت كالعلة وهي المؤثرة في الأحكام دون الأسامي.

 

الوجه السادس والثلاثون: أن يكون أحد الحديثين يقارنه تفسير الراوي دون الآخر، نحو ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: المتبايعان بالخيار في بيعهما ما لم يفترقا.فإن التفرق ههنا محمول على التفرق بالبدن، وذلك لما روي عن ابن عمر أنه كان إذا أراد أن يوجب البيع مشى قليلا ثم رجع، ولأن الراوي إذا شاهد الحال أعلم بمعنى الخبر من غيره إذا كان معناه لائقا باللفظ.

 

 

 

 

كتاب الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الآثار،

الصفحة: 18-19.

الطبعة الثانية،

مطبعة دائرة المعارف العثمانية،

حيدر آباد، 1359هـ.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق