يقول الإمام الحافظ أبو بكر بن حازم الهمذاني (ت584هـ) مُبيناً وجوه الترجيح:
الوجه الثامن والعشرون، أن يكون أحد الحديثين موافقا لسنة أخرى دون الآخر، نحو قوله عليه السلام:( لا نكاح إلا بولي)، يقدم على الحديث الآخر: (ليس للولي مع الثيب أمر)، لأن الأول رواه أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويشده حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم:( أيما امرأة نكحت نفسها بعير إذن وليها فنكاحها باطل ).
الوجه التاسع والعشرون، أن يكون أحد الحديثين موافقا للقياس دون الآخر، فيكون العدول عن الثاني إلى الأول متعينا، ولهذا قدم حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:( ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة)؛ لأن ما لا تجب الزكاة في ذكوره لا تجب في إناثه كسائر الحيوانات التي لا تجب فيها الزكاة.
الوجه الثلاثون، أن يكون مع أحد الحديثين حديث آخر مرسل أو منقطع ولا يكون ذلك مع الآخر.
الوجه الحادي والثلاثون، أن يكون أحد الحديثين قد عمل به الخلفاء الراشدون دون الثاني، فيكون آكد، ولذلك قدمنا رواية من روى في تكبيرات العيدين سبعا وخمسا على رواية من روى أربعا كأربع الجنائز، لأن الأول قد عمل به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فيكون إلى الصحة أقرب، والأخد به أصوب.
الوجه الثاني والثلاثون في ترجيح الأخبار، أن يكون مع أحد الحديثين عمل الأمة دون الآخر؛ لأنها يجوز أن تكون عملت بموجبه لصحته ولم تعمل بموجب الآخر لضعفه، فيجب تقديم الأول لهذا التجويز.
كتاب الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الآثار،
الصفحة: 17-18.
الطبعة الثانية،
مطبعة دائرة المعارف العثمانية،
حيدر آباد، 1359هـ.