الرابطة المحمدية للعلماء

واقع الترجمة بين الالتصاق بالنص والانطلاق نحو فضاءات الدلالة

أكاديميون ومختصون وأدباء مغاربة يناقشون العلاقة الجدلية التي تربط بين الأدب والترجمة

نظمت شعبة اللغة العربية بالمدرسة العليا للأساتذة بمدينة تطوان، الواقعة شمال المغرب، يوما دراسيا حول الأدب والترجمة، وتميز هذا اللقاء بمشاركة مترجمين وباحثين مغاربة.

وافتتح الندوة الدكتور عبد الرحيم جيران رئيس شعبة اللغة العربية قبل أن تبدأ الجلسة الصباحية تحت عنوان “دراسات في الترجمة” التي أدارها الدكتور عبد الهادي أمحرف.

وأشار أمحرف إلى أهمية العمل الثقافي الذي خطته شعبة اللغة العربية، مستحضرا خصوصية اليوم الدراسي في سياق العلاقة الجدلية التي تربط بين الأدب والترجمة.

وفي مداخلته المعنونة “ملاحظات حول الترجمة” انطلق الباحث الدكتور رضوان العيادي من صعوبة الحديث عن نظريات الترجمة بدون التوقف عند المراحل التي قطعتها: مرحلة ما قبل اللسانية، واستمرت إلى حدود القرن العشرين، وتميزت بمقاربة فيلولوجية وفلسفية للمترجمين الذين يسعون إلى تعميق نشاطها.

أما المرحلة اللسانية فاستمرت إلى حدود الستينيات، وتميزت بتحليل نسقي ووقائعي. ثم المرحلة الميثالغوية واتسمت بمحاولة التأليف بين المقاربات السابقة.

أما الباحث د. رشيد برهون فقد تحدث في مداخلته “الترجمة الشعرية والاحتراق بنار الإبداع” عن فكرة استحالة ترجمة الشعر كما يراها الشعراء أنفسهم “بالرغم من تهافتهم على ترجمة قصائدهم” مشيرا إلى أن عددا منهم لا يقنع برؤية شعره مترجما وإنما ينكبون على ترجمة شعر غيرهم.

وأضاف برهون “هذا ما يجعل اغلب مترجمي الشعر شعراء، حتى ساد الاعتقاد أن مترجم الشعر لابد أن يكون شاعرا”، متسائلا عن السر وراء هذا الإنكار الانجذابي.

أما الباحث عبد السلام دخان فقد اختار “الترجمة أو العبور نحو تخوم المعنى” عنوانا لمداخلته، معتبرا أنها “الحلم بالعبور من نص أدبي إلى نص آخر” ومشيرا إلى أن عملية العبور هذه تحدث انقلابا في اللغة بين المترجم والنص والمؤلف، كما أنها تجربة هيرمونيطيقية تشيد علاقة مع المعارف المحتملة مع النص الأدبي.

وتساءل دخان عن كيفية التعامل مع النص الأدبي بدون عالم ولا مؤلف، فـ”الترجمة تقيم علاقات تحتجب عن العالم الفعلي بواسطة العالم الخاص”، مختتما مداخلته بأن الترجمة تبقى عملية نسبية وهي من ثم لانهائية مستمرة في الزمان بوصفها لا تلتصق فقط بالنص، لأن كل ترجمة تعتقد أن النص هو الأساس “ترجمة عمياء تمارس المحو بدل الأثر”.

وكانت كانت الجلسة المسائية مخصصة لـ” تجارب في الترجمة”، وتميزت بمداخلات لمترجمين من شمال المغرب يترجمون من اللغة الإسبانية إلى العربية.

وترأس الجلسة الدكتور عبد العزيز بوعيشية الذي أعرب عن دور الترجمة في المساهمة في تشكيل المسار والتكوين المعرفي، حيث خالف المثل الإيطالي السائد “الترجمة خيانة” واعتبر أن الترجمة إبداع لا حدود له.

ثم قدم الشاعر والمترجم الدكتور مزوار الإدريسي ورقته تحت عنوان “بين الترجمة وبيني” منطلقا من سؤال أساسي حول حقه في الحديث عن تجربته في الترجمة ومعترفا بـ”أن مصادفات الحياة هي التي انتهت به إلى مزاولة الترجمة دون تخطيط أو ترتيب مسبقين”.

واعتبر أن الترجمة “إحساس خالص بالمتعة” لأنه إبداع قد يتفوق على النص الأصلي أحيانا أو يضفي عليه قيمة فنية مستشهدا بنموذج “الخبز الحافي” لمحمد شكري الذي قام بترجمتها الطاهر بن جلون.

أما المترجم والشاعر خالد الريسوني فقد سعى من خلال مداخلته الى إبراز “متعة الترجمة باعتبارها إشراكا للقارئ في متعة النص المترجم” فالقراءة السابقة لعملية الترجمة هي التي تحقق تلك المتعة.

واعتبر الريسوني أن الترجمة هي تلق معين للنص، أما ترجمة النصوص الشعرية بالنسبة إليه فهي توازي عملية إبداع القصيدة.

وجاءت المداخلة الأخيرة للمترجم عبد اللطيف الزنان الذي تحدث من خلال تجربته في الترجمة عن شروط هذه العملية، كأن يكون المترجم ضابطا ومتقنا للغتين وان يكون قارئا جيدا، وان يكون ملما بالثقافة التي سينقل إليها والترجمة بالنسبة إليه هي إيجاد دلالات مشابهة في اللغة المنقول إليها، وهي عملية ممتعة وشيقة فهي تدخلك في عالم القراءة والبحث.

عن ميدل إيست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق