
بسطا وبيانا لعقد الصفات البديعة للرسول الخاتم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، قال الله عز وجل في معرض الكلام عن نبيه إبراهيم عليه السلام وعن أتباعه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ) (الممتحنة:6). وقال سبحانه وتعالى عن نبيه موسى عليه السلام: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه:39]، وقال أيضا عن موسى عليه السلام: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) [طه:41]، وقال عز وجل عن خاتم الأنبياء والمرسلين: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)[الشرح: 1-4].
وقد أدَّبه ربُّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأحسن تأديبَه، فكان القدْوةَ والمنهج، مصداقا لقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) (الأحزاب:21).
ومع أنَّ الله عز وجل أعطاه كلَّ أسباب الرِّفْعة والشرف؛ فما مِن نبي مُرسَل نَال ما نالَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفضْل والكرامة، والمهابة الربَّانيَّة، والكمال الإنساني، ورفيع المنزلة عند ربِّه جلَّ وعلا. فقد كان عليه الصلاة والسلام قمّة في التواضُع، كما وسمه الباري سبحانه (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 215].
ومن أجل ذلك كان اتّباعُه والتأسّي به صلى الله عليه وسلم هو المرقاة إلى مرضاة الله ومحبته؛ قال سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران:31]