الرابطة المحمدية للعلماء

ندوة علمية تدعو إلى الاعتناء بأعلام المغرب

 د.الجيلاني:
الحديث عن سيرة ابن رشيد وأعلام سبتة أمر يمليه الواجب الديني والوطني

انعقدت في رحاب كلية
أصول الدين بتطوان، ندوة علمية وطنية يوم الخميس 29 ماي2008م حول  موضوع: “الإمام الرحالة ابن رُشيد السبتي”،
وجاءت هذه الندوة بعد ندوة مماثلة عن القاضي عياض السبتي جرت فعاليتها في العام
الماضي زكّت نهج الكلية المذكورة في تخصيص حيّز مهم من أنشطتها الثقافية السنوية
للتعريف بتاريخ مدينة سبتة وتراثها وأعلامها البارزين.

وفي بداية الندوة، التي عرفت حضورا متميزا، ألقى
عميد الكلية الدكتور إدريس خليفة كلمة افتتاحية رحب فيها بالأساتذة المشاركين في
الندوة، مبرزا أهمية التعريف بالحافظ الرحالة ابن رشيد السبتي؛ الذي يعد من كبار
علماء المغرب في القرن السابع الهجري، ثم ألقى بعد ذلك عرضا ضافيا في التعريف بابن
رُشيد السبتي، بيّن فيه أهمية رحلته المشرقية مستشهدا ببعض نصوصها.

بعد ذلك
ألقى الدكتور محمد زين العابدين رستم، الأستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني
ملال، بحثا عن جهود الحافظ ابن رُشيد في حلّ مشكلات تراجم صحيح البخاري، بيّن فيه
قيمة تراجم الأبواب التي بيّضها الإمام البخاري بالروضة النبوية ووضعها على رؤوس
الأبواب، واستعرض رستم ملامح منهج ابن رُشيد في الكشف عن أسرار تلك التراجم في
كتابه ترجمان التراجم الذي تأكد ضياعه سوى شذرات اقتبسها عنه الحافظ ابن حجر
والإمام القسطلاني.

 ثم جاء دور الورقة الثالثة في الندوة بعنوان: “معالم
شخصية الحافظ ابن رشيد السبتي” للدكتور عبداللطيف الجيلاني، الأستاذ بكلية
الآداب عين الشق بالدار البيضاء ـ وهو من المتخصصين في موضوع الندوة، وصاحب كتاب
الحافظ ابن رشيد السبتي المطبوع بدار البشائر ببيروت، ومحقق استدعاءات الإجازة
لابن رشيد الذي نشرته وزارة الأوقاف بالرباط ـ فأشاد بموضوع الندوة، وأكد أن
الحديث عن سيرة ابن رشيد وسائر أعلام سبتة سيخلد في ضمائر المغاربة ما يمليه
الواجب الديني والوطني تجاه مدينة سبتة السليبة، واستعرض الجيلاني أهم المعالم
التي ميزت شخصية ابن رشيد، وكانت سببا في نبوغه، مُدَللا على ذلك بشواهد من أخباره
ومقارنا شخصيته بشخصيات أخرى عاصرته كالرحالة العبدري، وبيّن في ورقته أن ابن رُشيد
كان يسير في طلبه للعلم وفق برنامج علمي عملي محكم، متحليا بمحبة العلم وتقديسه والصبر
في تحمل مشاق تحصيله، متعاونا مع أقرانه ورفاقه، منكبا على علم الحديث، مشاركا في
كثير من الفنون، دون أن ينسى الإشادة  باهتمام
ابن رشيد بشيوخه وأصحابه وتلاميذه، وما تميز به من الأدب والورع والاعتدال في
سيرته.

ثم تحدث الدكتور
إسماعيل الخطيب ـ صاحب كتاب الحركة العلمية والثقافية بسبتة ـ عن شهادات العلماء
وعباراتهم في تزكية ابن رشيد والإشادة بعلمه ومعرفته، متتبعا ما كتبه المترجمون
والمؤرخون، وما ورد من الثناء عليه على لسان عدد كبير من العلماء. بعد ذلك ألقى
الدكتور محمد الشنتوف بحثه عن إسهامات ابن رشيد الفقهية، أكد فيه أن ابن رُشيد وإن
اشتهر بعلم الحديث إلا أنه مذكور في عداد الفقهاء، وهو مترجم في كتب طبقات فقهاء
المالكية، ثم أورد عددا من المسائل الفقهية التي يتجلى فيها فقه ابن رشيد.

من جهته قدم الدكتور عبدالعزيز
الرحموني بحثا في التعريف برحلة ابن رشيد المسماة “ملء العيبة بما جمع بطول
الغيبة إلى الوجهتين الكريمتين مكة وطيبة”، بين فيه أهمية رحلة ابن رشيد بين
كتب الرحلات، وأشار إلى أهم المحطات التي مرّ بها ابن رشيد في رحلته وبعض ملامح
منهجه في تدوينها، ثم أخذ الكلمة بعد ذلك الدكتور مصطفى أزرياح للحديث عن منهج
الحافظ ابن رشيد السبتي في كتابه “الأربعين البلدانية”، وكشف في كلمته
عن اهتمام المحدثين بتصنيف كتب الأربعين حديثا، وبيّن أن من أنواعها التصنيف على
البلدان أو ما يسمى بالأربعين البلدانية التي ألف فيها ابن عساكر والسلفي
والسخاوي، وعرّف بعد ذلك بمخطوطة الأربعين البلدانية لابن رشيد التي توجد بخزانة
الجامع الكبير بمكناس، وتناول منهج ابن رشيد في تأليفها.

ثم تحدث الدكتور بدر
العمراني في ورقته العلمية المقدمة للندوة عن عناية الإمام ابن رُشيد السبتي
بالإسناد، وبين مظاهر اهتمام ابن رشيد بالإسناد واحتفاله به، من خلال النصوص
المفصحة عن ذلك من كلامه في رحلته وفي كتابه إفادة النصيح، واستعرض وجوه عناية ابن
رُشيد بتحمل الأسانيد العالية وغشيانه حلقات كبار المحدثين لتحصيل ذلك، وحرصه
الكبير للحصول على الإجازات الذي يتجلى في كتابه استدعاءات الإجازة.

وكانت الورقة الأخيرة
المقدمة ضمن أعمال هذه الندوة للدكتور توفيق الغلبزوري بعنوان: “دراسة في
السنن الأبين لابن رشيد”، بين فيها أهمية موضوع كتاب السنن الأبين، وأنه
يتطرق لمسألة العنعنة التي احتدم فيها الخلاف بين مشرط اللقيا بين الراويين؛ وهو
مذهب البخاري، وبين الاكتفاء بمجرد المعاصرة؛ وهو مذهب مسلم. وبين الغلبزوري منهج
ابن رشيد في بحث هذه المسألة، وأنه خلص بعد البحث واستقصاء الأدلة إلى ترجيح مذهب
البخاري، وأكد أن هذا الكتاب يعتبر إضافة مهمة في مجال الدراسات الحديثية يرجع
الفضل فيها إلى الحافظ ابن رشيد السبتي.

هذا وقد عرفت الندوة في ختامها مداخلات مهمة منها
مداخلة قيمة للدكتور محمد مفتاح، وأخرى للأستاذ محمد أوطاح مدير المركز الإسلامي
بسبتة، وأوصى المشاركون في الندوة بضرورة التعجيل بنشر جميع الأقسام الموجودة من
رحلة ابن رشيد، وأن تعقد ندوة أخرى في التعريف به بمدينة سبتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق