مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

مِعْراج الصعود إلى نَيْل حُكم مَجْلب السُّود

  يندرج موضوع كتاب معراج الصعود إلى نيل حكم مجلب السود، أو الكشف والبيان لأصناف مجلوب السودان، في إطار نوازل الاسترقاق الخاصة بأهل السودان الغربي جنوب الصحراء، في وقت أضحت فيه هذه البلاد مصدرا لسوق العبيد نحو العالم الجديد، وموردا اقتصاديا مهما للمغرب الأقصى في العهد السعدي.

  وأما مؤلفه، فهو كبير علماء هذه المنطقة في عصره، وهو أحمد بابا بن أحمد بن أحمد بن عمر بن محمد أقيت الصنهاجي التَّكروري، أبو العباس، التنبكتي، المالكي، المولود في سنة 963هـ، والمتوفى ببلده تمبكتو في سنة 1036هـ ، وهو ينتمي إلى بيت توارث أفراده العلم فيه نحو خمسمائة سنة، وهو أقل عشيرته كتباً، وذهبت له ست عشرة مائة مجلد، وأسره المنصور السعدي هو وأهل بيته بمراكش مدة، ثم انتفع به طلبة العلم بها انتفاعا كبيرا.

  والكتاب في أصله جواب عن استفتاء مطول، بعثه سعيد بن إبراهيم الجراري إلى فقهاء السودان، وخصوصا أحمد بابا، وتدور أسئلته حول: استرقاق العبيد بعد إسلامهم؟ وهل فتحت أرض السودان عنوة أم صلحا؟ وهل يُسترق من لم تعرف بلاده وجُهل حاله؟ وماهدي الصحابة في ذلك؟ وما وجه تخصيص السودان بالاسترقاق؟ ومامعنى قول الفقهاء «الرق أثر الكفر».

  وقد شرع المؤلف في تقييد جوابه هذا في أواخر سنة 1023هـ ، وأرخه بيوم الاثنين عاشر المحرم عام 1024هـ، واستهله ببيتين لدعبل بن علي بن رزين الخزاعي، وبيت للقاسم بن علي بن محمد الحريري صاحب المقامات، لكنه أورد هذه الأبيات غير منسوبة، ثم أجاب على أسئلة المستفتي مفردة مميزا بينها بعبارة «وقولكم»، بأسلوب سلس لا تكلف فيه، ولا إسهاب في النقل، مستعينا في جوابه بما تقرر من قواعد فقهية وضوابط شرعية، ومستشهدا بحدث من أحداث السيرة النبوية، ومفندا العادات الخارجة عن الشرع، كعادة استرقاق الأحرار، معتنيا بذكر سبب الخلاف في المسألة، وبيان الرأي الراجح فيها.

  وأما مصادر التنبكتي في كتابه هذا، فهي متنوعة منها: نوازل أبي الأصبغ ابن سهل، وفتوى مخلوف بن صالح البلبالي حول رقيق السودان، وتاريخ ابن خلدون الكبير المسمى العبر، وكتاب السيوطي في هذا الموضوع المسمى رفع شأن الحبشان، وغيرها.

  وإذا كان كتاب معراج الصعود موضوعا في مسألة فقهية وهي الاسترقاق، فإن فائدته التاريخية تكمن في ذكره أسماء بعض القبائل وبيان عقائدها، مما حذا بالمؤرخ أحمد بن خالد الناصري أن يكون هذا الكتاب أحد موارد كتابه الاستقصا (5/103، 133).

  والجدير بالذكر هنا، أن المحققين ذيَّلا الكتاب بأجوبة أحمد بابا على أسئلة يوسف بن إبراهيم بن عمرو الإيسي، وبفتوى مخلوف البلبالي (توفي بعد 940هـ) حول رقيق السودان، وبهامش على الجواب الثاني لأحمد بابا ذكر فيه أسماء قبائل المسلمين، وقبائل الكفرة (المجوس) وأسماء الأقاليم، ثم ختماه بمؤلفات أحمد بابا التنبكتي.

• الكتاب: معراج الصّعود أجوبة أحمد بابا حول الاسترقاق.

• المؤلف: أحمد باب بن أحمد أبو العباس التنبكتي (ت 1036هـ).

• تحقيق وترجمة: فاطمة الحراق وجون هانويك. ـ الرباط: مطبعة المعارف الجديدة، ط 1: 2000م (جامعة محمد الخامس ـ السويسي، منشورات معهد الدراسات الإفريقية ـ الرباط، سلسلة نصوص ووثائق 7).

• من مصادر ترجمته: كفاية المحتاج (2/513 ـ 517)، صفوة من انتشر (114ـ 118)، طبقات الحضيكي (1/ 44 ـ 46، رقم: 42)، شجرة النور: (278 ـ 299، رقم: 1157).

• قال الحضيكي: « كان رضي الله عنه إماما في الحديث والفقه وغيرهما، مدرسا فصيحا ناصحا منصفا مشهورا».

إنجاز: د. بوشعيب شبون

Science

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله
    بالله عليكم اريد معلومات عن الشيخ احمد بابا التنبكتي

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق