مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

من أساليب المبالغة والتوكيد

كتبه: أبو مدين شعيب تياو الأزهري الطوبوي
الباحث بمركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية
للعرب مذاهب في التوكيد، وأساليب في التجوز والاتساع، فمنها أن يُشتقَّ من الاسم الذي نروم توكيدَهُ لفظٌ يُوَكَّد به، وذلك لقصد التناهي والاتساع والمبالغة، قال الفارابي:”كانَ ذاك في الجاهِلِيَّةِ الجَهْلاءِ، وهُوَ توكيدٌ للأَوّلِ، يُشتَقُّ له من اسْمِه ما يُؤَكَّدُ به(1)”، ومن ذلك قوله تعالى:(وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ)[آل عمران:14]، وقولهم:العرب العاربة، أي: الخلَّصُ الراسخون في العربية، وقولهم: شعرٌ شاعرٌ، بمعنى:” جيِّدٌ يَسْتَغْنِي بِنَفْسِهِ عَن نسبته إِلَى شَاعِر، فَكَأَنَّهُ هُوَ الشَّاعِر(2)”، وشُغْلٌ شَاغلٌ، أي:” كَأَنَّهُ يَشْغَل عَن مَعْرِفة سَببه لشِدَّته(3)”.
وقد لمَّح إلى هذا المبحث سيبويهِ، في كتابه، وقال:”وسألته [أي:الَخليلَ] عن قولهم: موت مائت، شغل شاغل، وشعر شاعر، فقال: إنَّما يريدون في المبالغة والإجادة، وهو بمنزلة قولهم: هم ناصبٌ، وعيشةٌ راضيةٌ في كل هذا(4)”.
وعقد له السّيوطي باباً في «المزهر» ـ وهو تُكَأَتُنَا ـ وأسماه:(ذكر الألفاظ التي جيء بها توكيداً مشتقةً من اسم المؤَكَّد)، ساق فيها جملة من الأمثلة، ناقلًا عن «ديوان الأدب» للفارابي، وعن «الغريب المصنف» و«الأضداد» لأبي عُبيد، وعن «الكامل» للمبرّد، وعن «الصحاح» للجوهري، وعن «كتاب ليس» لابن خالويه وغيرها، كما تناثرت مادّةُ هذا المبحث في كتب اللغة والمعاجم وتُنوولتْ عرضاً.
صيغ وأمثلة:
ويأتي هذا النوع من التوكيد والمبالغة على صيغٍ وأوْزانٍ مختلفةٍ، وذلك ـ حسب ما لاحظتُ ـ إمَّا عن عن طريق الإضافة، وإما عن طريق الوصف.
وأما ما جاء عن طريق الإضافة فنحو قولهم( ):
1- إنه لضُـِلُّ أضلالٍ، بضم الضاد وكسرها، أي ضَالٌّ.
2- إنه لهِتر أهتارٍ، أي داهية من الدواهي.
3- إنهُ لصِلّ أَصْلالٍ، أي داهية الدواهي، والصِّلٌّ: الحية التي لا تنفع فيها الرُّقية.
4- إنه لسِبْد أَسْبادٍ، إذا كان داهيةً في اللّصوصيّة.
وأما ما جاء عن طريق الوصف وهو الأكثر فكقولهم:
– لقيتُ منه بَرْحاً بارِحاً، ومثله: وبلٌ وابلٌ، وحِضْجٌ حاضجٌ، وهو الماء الكدر يبقى في الحوض، وسيلٌ سائلٌ، وذيلٌ ذائلٌ، قال الجوهري:” وهو الهوان والخزي”، وصِدْقٌ صادقٌ، وجهْدٌ جاهدٌ، وموتٌ مائتٌ، وَأَزْلٌ آزِلٌ، أي: شديد، وصيفٌ صائفٌ، أي: حار.
– وحصنٌ حصين، أي: محكمٌ، وحرزٌ حريزٌ، أو حرزٌ حارزٌ، أي: منيعٌ، وظِلٌّ ظليلٌ، أي: دائمٌ، وفحلٌ فحيلٌ أي:مستحكمٌ في الفِحلةِ، وراحلةٌ رَحِيلٌ، أي: قوية على الرِّحلة، ولم تثبت الهاء في رَحِيل؛ لأَن الراحلة تقع على الذَّكَر.
– وعجَبٌ عاجبٌ وعَجيبٌ وعُجاب، أيْ: مُعجبٌ، وهَمَجٌ هامجٌ، وهُمْ الرَّعاع من الناس الحَمْقَى.
– لَيْل أليل، وليلٌ ليليٌّ، أي: طويلٌ شديد الظلمة، ومثله ليلةٌ ليلاءُ أو ليلَى، إذا اشتدت ظلمتها، أو إذا كانتْ طويلةً شديدةً صعبةً، والليلة الليلاء أيضاً: ليلة الثلاثين.
– ونَهَارٌ أَنْهَرُ، ويومٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ ووَوِمٌ، والأَخيرة نادرة، طويلٌ شديدٌ هائلٌ، واليومُ الأَيْوَمُ آخرُ يوم في الشهر.
– وظلمةٌ ظلماءُ، وهلكةٌ هلكاءُ، أي:عظمية شديدة، وداهية دهياءُ أو داهية دهواءُ. والسوأةُ السَّوْأَى، وساعةٌ سوعاءُ أي شديدة.
ـ ويقال أيضا: أبوابٌ مُبَوّبةٌ، وأصنافٌ مصنَّفةٌ، وعربٌ عاربةٌ وعرباءُ، وأرضٌ أرضَةٌ أو أريضةٌ أي زكية، لَيِّنةً طيبة المَقْعَد كريمة جيِّدة النبات.
—————–
الهوامش:
(1)  معجم ديوان العرب، 2/10-11.
(2)  المخصص، 4/400.
(3) المخصص، 4/400.
(4) الكتاب، 3/385، قال ابن سيده:” وقد اختلفت النسخ في الإجادة، ففي بعضها الإجازة بالزاي وفي بعضها الإجادة بالدال؛ فأما الذي يقول الإجازة فمعناها النُّفوذ كأنه قال في المبالغة والنفوذ فيما أريد به، والذي يقول الإجادة يريد الجَوْدة”[المخصص، 4/400]
(5)  المزهر، 2/215.
المصادر:
ـ القرآن الكريم.
ـ الكتاب، لسيويه.
ـ الصحاح، للجوهري.
ـ المخصص، لابن سيده.
ـ لسان العرب، لابن منظور
ـ المزهر، 2/214 وما بعدها.

للعرب مذاهب في التوكيد، وأساليب في التجوز والاتساع، فمنها أن يُشتقَّ من الاسم الذي نروم توكيدَهُ لفظٌ يُوَكَّد به، وذلك لقصد التناهي والاتساع والمبالغة، قال الفارابي:”كانَ ذاك في الجاهِلِيَّةِ الجَهْلاءِ، وهُوَ توكيدٌ للأَوّلِ، يُشتَقُّ له من اسْمِه ما يُؤَكَّدُ به(1)”، ومن ذلك قوله تعالى:(وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ)[آل عمران:14]، وقولهم:العرب العاربة، أي: الخلَّصُ الراسخون في العربية، وقولهم: شعرٌ شاعرٌ، بمعنى:” جيِّدٌ يَسْتَغْنِي بِنَفْسِهِ عَن نسبته إِلَى شَاعِر، فَكَأَنَّهُ هُوَ الشَّاعِر(2)”، وشُغْلٌ شَاغلٌ، أي:” كَأَنَّهُ يَشْغَل عَن مَعْرِفة سَببه لشِدَّته(3)”.

وقد لمَّح إلى هذا المبحث سيبويهِ، في كتابه، وقال:”وسألته [أي:الَخليلَ] عن قولهم: موت مائت، شغل شاغل، وشعر شاعر، فقال: إنَّما يريدون في المبالغة والإجادة، وهو بمنزلة قولهم: هم ناصبٌ، وعيشةٌ راضيةٌ في كل هذا(4)”.وعقد له السّيوطي باباً في «المزهر» ـ وهو تُكَأَتُنَا ـ وأسماه:(ذكر الألفاظ التي جيء بها توكيداً مشتقةً من اسم المؤَكَّد)، ساق فيها جملة من الأمثلة، ناقلًا عن «ديوان الأدب» للفارابي، وعن «الغريب المصنف» و«الأضداد» لأبي عُبيد، وعن «الكامل» للمبرّد، وعن «الصحاح» للجوهري، وعن «كتاب ليس» لابن خالويه وغيرها، كما تناثرت مادّةُ هذا المبحث في كتب اللغة والمعاجم وتُنوولتْ عرضاً.

صيغ وأمثلة:

ويأتي هذا النوع من التوكيد والمبالغة على صيغٍ وأوْزانٍ مختلفةٍ، وذلك ـ حسب ما لاحظتُ ـ إمَّا عن عن طريق الإضافة، وإما عن طريق الوصف.وأما ما جاء عن طريق الإضافة فنحو قولهم(5):

1- إنه لضُـِلُّ أضلالٍ، بضم الضاد وكسرها، أي ضَالٌّ.

2- إنه لهِتر أهتارٍ، أي داهية من الدواهي.

3- إنهُ لصِلّ أَصْلالٍ، أي داهية الدواهي، والصِّلٌّ: الحية التي لا تنفع فيها الرُّقية.

4- إنه لسِبْد أَسْبادٍ، إذا كان داهيةً في اللّصوصيّة.

وأما ما جاء عن طريق الوصف وهو الأكثر فكقولهم:

– لقيتُ منه بَرْحاً بارِحاً، ومثله: وبلٌ وابلٌ، وحِضْجٌ حاضجٌ، وهو الماء الكدر يبقى في الحوض، وسيلٌ سائلٌ، وذيلٌ ذائلٌ، قال الجوهري:” وهو الهوان والخزي”، وصِدْقٌ صادقٌ، وجهْدٌ جاهدٌ، وموتٌ مائتٌ، وَأَزْلٌ آزِلٌ، أي: شديد، وصيفٌ صائفٌ، أي: حار.

– وحصنٌ حصين، أي: محكمٌ، وحرزٌ حريزٌ، أو حرزٌ حارزٌ، أي: منيعٌ، وظِلٌّ ظليلٌ، أي: دائمٌ، وفحلٌ فحيلٌ أي:مستحكمٌ في الفِحلةِ، وراحلةٌ رَحِيلٌ، أي: قوية على الرِّحلة، ولم تثبت الهاء في رَحِيل؛ لأَن الراحلة تقع على الذَّكَر.

– وعجَبٌ عاجبٌ وعَجيبٌ وعُجاب، أيْ: مُعجبٌ، وهَمَجٌ هامجٌ، وهُمْ الرَّعاع من الناس الحَمْقَى.

– لَيْل أليل، وليلٌ ليليٌّ، أي: طويلٌ شديد الظلمة، ومثله ليلةٌ ليلاءُ أو ليلَى، إذا اشتدت ظلمتها، أو إذا كانتْ طويلةً شديدةً صعبةً، والليلة الليلاء أيضاً: ليلة الثلاثين.

– ونَهَارٌ أَنْهَرُ، ويومٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ ووَوِمٌ، والأَخيرة نادرة، طويلٌ شديدٌ هائلٌ، واليومُ الأَيْوَمُ آخرُ يوم في الشهر.

– وظلمةٌ ظلماءُ، وهلكةٌ هلكاءُ، أي:عظمية شديدة، وداهية دهياءُ أو داهية دهواءُ. والسوأةُ السَّوْأَى، وساعةٌ سوعاءُ أي شديدة.

ـ ويقال أيضا: أبوابٌ مُبَوّبةٌ، وأصنافٌ مصنَّفةٌ، وعربٌ عاربةٌ وعرباءُ، وأرضٌ أرضَةٌ أو أريضةٌ أي زكية، لَيِّنةً طيبة المَقْعَد كريمة جيِّدة النبات.

—————–

الهوامش:

(1)  معجم ديوان العرب، 2/10-11.

(2)  المخصص، 4/400.

(3) المخصص، 4/400.

(4) الكتاب، 3/385، قال ابن سيده:” وقد اختلفت النسخ في الإجادة، ففي بعضها الإجازة بالزاي وفي بعضها الإجادة بالدال؛ فأما الذي يقول الإجازة فمعناها النُّفوذ كأنه قال في المبالغة والنفوذ فيما أريد به، والذي يقول الإجادة يريد الجَوْدة”[المخصص، 4/400]

(5)  المزهر، 2/215.

المصادر:

ـ القرآن الكريم.

ـ الكتاب، لسيويه.

ـ الصحاح، للجوهري.

ـ المخصص، لابن سيده.

ـ لسان العرب، لابن منظور

ـ المزهر، 2/214 وما بعدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق