مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

مصطلح الإخبات1

  إعداد : ذة. أسماء المصمودي.

باحثة بمركز دراس بن إسماعيل.         

الإخبات في اللغة :

خَبَتَ :الخاء والباء والتاء أصل واحد يدل على خشوع : يقال : أخبت يُخبِت إخباتا: إذا خشع . أخبت لله تعالى، وأصله من الخبت، وهو المفازة لا نبات بها[1] وما اتسع من بطون الأرض[2].

الإخبات في القرآن الكريم :

وردت كلمة الإخبات في ثلاث آيات من القرآن الكريم:

قال تعالى : “ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين الذين إذا ذكر اللَّه وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون.” [3]

وقال سبحانه :”ليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم “[4]،قال ابن كثير : أي تخضع وتذل[5] ، وقال الألوسي : “فتخبت له قلوبهم بالانقياد والخشية للقرآن على التخصيص وللرب على التعميم “[6].

وفي قوله عز من قائل: “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون”[7]، قال ابن عباس : أخبتوا وأنابوا، وقال مجاهد: أطاعوا، وقال قتادة: خشعوا وخضعوا، وقال مقاتل : أخلصوا، وقال الحسن : الإخبات الخشوع للمخافة الثابتة في القلب،  وأصل الإخبات الاستواء، من الخبت وهو الأرض المستوية الواسعة : فالإخبات الخشوع والاطمئنان والإنابة إلى الله عز وجل المستمرة ذلك على الاستواء”[8]

انطلاقا من هذه الآيات الكريمة، وكيف شرح المفسرون معنى كلمة الإخبات فيها،  نتبين أنه منزلة جليلة، ينزلها العبد بعد التحلي بمجموعة من المزايا التي تتكامل فيما بينها، الخشوع والخوف والخضوع والذل والإنابة والطاعة والإخلاص، إلى غيرها من محامد الخصال ومكارم الأخلاق التي تزينت باستواء في السريرة،  فلا اضطراب ولا ارتياب. فالإخبات صفة القلب المطمئن السليم، المتوجه إلى الحق والمبتعد عن الخلق، المقبل على الآخرة والمدبر عن الشهوات والرعونات النفسية، ولأجل هذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بأن يكون مخبتا، فقد جاء “عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه : رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، رب اجعلني لك شكارا، لك ذكارا، لك رهابا، لك مطيعا، إليك مخبتا، إليك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، واهد قلبي،  وسدد لساني، وثبت حجتي، واسلل سخيمة قلبي”[9] .

و”عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع و قلب لا يخشع و دعاء لا يسمع و نفس لا تشبع و من الجوع فإنه بئس الضجيع و من الخيانة فإنها بئست البطانة و من الكسل و البخل و الجبن و من الهرم و من أن أرد إلى أرذل العمر و من فتنة الدجال و عذاب القبر و فتنة المحيا و الممات، اللهم إنا نسألك قلوبا أواهة مخبتة منيبة في سبيلك”[10] . 

 

 

 

 

 

 

 

 


[1] مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء، راجعه وعلق عليه أنس محمد الشامي، ط.2008، دار الحديث، ص.277

[2] لسان العرب، ابن منظور،دار الحديث،ج.3،ص.9

[3] سورةالحج، الآية 34-35

[4] سورة الحج، الآية 52

[5] تفسير ابن كثير:ج.5،ص.446

[6] تفسير الألوسي، ج.13،ص.96

[7] سورة هود، الآية 23

[8] تفسير القرطبي، ج.9، ص21

[9] سنن ابن ماجة، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم،ج.2، ص1259

[10] المستدرك على الصحيحين للحاكم، كتاب الدعاء والتكبير،ج.1، ص.716

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق