الرابطة المحمدية للعلماء

مدرسة أكبيلن تحتفي بالعلامة امحمد بن علي أكبيل الهوزالي

رائد ترجمة العلوم الشرعية إلى الأمازيغية

شهدت رحاب مدرسة أكبيلن العتيقة بقبيلة إندوزال قيادة إيغرم بإقليم تارودانت ندوة علمية في موضوع: ” العلامة امحمد بن علي أكبيل الهوزالي رائد ترجمة العلوم الشرعية إلى الأمازيغية” نظمها فريق البحث في التراث السوسي التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير بتعاون مع المجلس العلمي المحلي لتارودانت وجمعية إندوزال للتنمية والتعاون تمونت، وذلك يوم الجمعة 24 ربيع الثاني 1431 موافق 9 أبريل 2010 . وقد حضر افتتاح أشغال هذه الندوة السيد عامل إقليم تارودانت وأعضاء السلطة المحلية والسادة رؤساء المجالس العلمية للجهة، والأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر وأعضاء الجمعيات المحلية خاصة جمعية تمونت إندوزال وأعيان المنطقة، كما تتبع أشغالها عدد كبير من الفقهاء والباحثين والمهتمين وأبناء المنطقة فاق عددهم الـ 800.

وقد استهلت أعمال الندوة بتلاوة آيات بينات من كتاب الله تعالى، رتلها بداية القاري عبد الجليل الركيك ثم تلاه طلبة مدرسة أكبيلن بقراءة جماعية على الطريقة السوسية، ثم تليت كلمات الهيئات المنظمة بدءا بكلمة جمعية تمونت التي ألقاها السيد محمد الموذن واستهلها ببيان أهمية الندوة في تثبيت القيم المغربية وإبراز المثل الأعلى الذي ينبغي احتذاؤه ممثلا في علماء الأمة النابهين الذين أفنوا أعمارهم في التعليم والتربية والإصلاح الاجتماعي والحفاظ على ثوابت الأمة، كما نوه بتعاون جميع الهيئات والسلطات المحلية وسكان المنطقة لإنجاح الندوة، ثم تحدث السيد رئيس المجلس العلمي المحلي لتارودانت الدكتور اليزيد الراضي عن ضرورة الالتفات إلى التراث والعناية بأعلامه العظام الذين يمثلون ارتباط المغاربة السوسيين بعقيدتهم السمحة ودينهم القويم، ومحبتهم للغة العربية لغة القرآن الكريم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، واعتزازهم بلغتهم الأمازيغية وحرصهم على استغلالها لفهم الدين وشرح أركانه وقواعده، كما أشار إلى أن العلامة المحتفى به امحمد – فتحا – بن علي أكبيل كان رائد التأليف بالأمازيغية ومن النظّامين الذي استغلوا موهبتهم الشعرية في شرح قواعد الإسلام ومعاملاته، وفي نظم الرقائق والمواعظ وجعلها مفهومة ميسرة لمن لا يعرفون اللغة العربية حتى صارت فرعيات الفقه فضلا عن كلياته على أطراف ألسنتهم يستظهرونها من حفظهم ويقوّمون بها أعمالهم، ولذلك كله تعد العناية بتراث هذا العلم الفذ عناية بتراث المغرب الأصيل واهتماما بتراث أمازيغي عملي نافع في التصدي لكل النزعات الهدامة والعقائد الفاسدة الوافدة.

ثم تناول الكلمة عضو فريق البحث في التراث السوسي الدكتور المهدي بن محمد السعيدي الذي تحدث عن أهمية الندوة من الناحية العلمية باحتفائها بالثقافة الأمازيغية الأصيلة وبإبرازها لمعلومات جديدة عن العلامة امحمد بن علي أكبيل خاصة أن المصادر كانت شحيحة في إمداد الباحثين بما يتعلق بحياته، وبفضل هذه الندوة وجهود الجهات المنظمة أمكن استخراج وثائق جديدة تتعلق بمجريات حياته وأبنائه وشيوخه وتلامذته، تعد انطلاقة جديدة لكتابة ترجمة وافية، كما تحدث عن أهمية تعاون الهيئات العلمية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني في خدمة التراث والثقافة المحلية وفي الحفاظ على مقومات الأصالة المغربية والقيم الوطنية، شاكرا كل المسهمين خاصة جمعية تمونت وسكان المنطقة أبناء قبيلة إندوزال وكذلك المجلس العلمي المحلي لتارودانت والأساتذة الباحثين على جهودهم الطيبة في دعم الندوة.

ثم تبع ذلك محاضرة افتتاحية بعنوان: “التعريف بالعلامة سيدي امحمد بن علي أوزال وسيرته العلمية” ألقاها الأستاذ الفقيه بوجمعة البعقيلي ( أستاذ مدرسة النجاح العتيقة بأكادير) تحدث فيها عن أصل العلامة أكبيل وأسرته مرجحا ولادته نحو سنة 1070 هـ ورحلته للدراسة بزاوية تامكروت سنة 1091 وملازمته إياها مدة 20 سنة كما ذكر عودته إلى مسقط رأسه سنة 1111هـ ليؤسس مدرسته العتيقة ويعتكف فيها على الدراسة والتعليم والوعظ والإرشاد والتأليف والترجمة، فكان نتاج أعماله تمكين المغاربة المتحدثين بالأمازيغية السوسية من تملك المعرفة الشرعية والعلم الفقهي اللازم لعبادة الله وإحسان معاملة الناس، كما كان نتاج مدرسته تخريج طلبة كثيرين تم الكشف عن أسماء مجموعة جديدة منهم إبان هذه الندوة. ثم ختم المتدخل بحثه بالإشارة إلى أهمية عمل العلامة أكبيل وضرورة الانكباب على تحقيق نصوصه ونشرها والبحث في مجريات حياته وكشف عن الوثائق الغميسة المتعلقة به وتعاون جميع الجهات المعنية لأجل تحقيق ذلك.

ثم تلى هذا المحاضرة الافتتاحية إنشاد قصيدة للشاعر الفقيه البشير بن الطاهر الإفراني (بلفقيه) أنشأها بالمناسبة وقد ألقاها نيابة عنه الأستاذ الدكتور اليزيد الراضي، أشاد فيها بالعناية بتراث علماء سوس وبجهودهم الطيبة في خدمة العلم والدين مترنما بإنجازاتهم في مجال التعليم والتكوين والوعظ والتوجيه، ومن هذه القصيدة:

من الذي يجهل الهوزالي وهـو فـتى        عرفه الناس من غِمـر ومـن فهـم
قد عرفـوه بمـا ألـف من كتـب        بلغـة العـرب العربـاء والعجـم..
وهو الفقيه الـذي إن جال خاطـره        في المشكلات زرى بالصارم الخـدِم
إن حرر النثـر أو إن صـاغ قافيـة        باللغتـين جـرى في أقوم اللَّقَـم..
شيَّــد مدرسـة على التقى فهفـا        لها الفريقـان من عرب  ومن عجم
فقـاوم الشيـخ جيـش الجهل بـلا        سيـف فأسحبـه أذيال  منهـزم
إن زأر الليـث في آجامـه جفلـت        – فلا تعـود لها – سوائم  الغنـم
وإن بدا الحق  وهو العلم يزهـق بـ        ـاطل الجهالة حتى صار  كالعـدم
فخـرَّج الشيـخ أفواجـا علومهـمُ        تنسيك أمواج بحر في مدى العِظـم
بهم أصول علوم  الدين قد رسخـت        في سوسنا كرسوخ الصخر في  علَم
وكلهم غـارف من  بحـر  شيخهِمُ        حتى تضلع من مـاء الرضا الشَّبـم

وقبل رفع الجلسة الافتتاحية تقدم عشرة من الصبية المتعلمين بمسجد أنيّ يتقدمهم معلمهم الفقيه عبد الكريم أخراز بإنشاد ما تيسر من باب الطهارة من كتاب الحوض لمَحمد بن علي أكبيل، مترنمين بطريقة إنشادية نغمية بأبياته النظمية الجامعة بين براعة النظم الأمازيغية الشلحي ومضامين الفقه الميسر العملي مما أثار إعجاب وتنويه الحاضرين.

بعد ذلك أقيم حفل شاي على شرف المشاركين والحاضرين، كما تم افتتاح المعرض المقام بالمناسبة والذي ضم مجموعة من المخطوطات تمثلت في:

–    كتب العلامة امحمد بن علي أكبيل مثل الحوض في الفقه المالكي وبحر الدموع في المواعظ والرقائق والنصيحة في مدح الشيخ أحمد بن ناصر الدرعي وكلها بالأمازيغية السوسية، ثم كتبه باللغة العربية مثل مهامز الغفلان في فروع الوقت والأذان وكتاب تنبيه الإخوان على ترك البدع والعصيان وهما باللغة العربية،عرض بعضها الأستاذ خالد العثماني من إنزكان.

–    وثائق مخطوطة تتعلق بحياة العلامة أكبيل وأسرته وأبنائه وعائلته عموما، قدمها السيد أحمد بن محمد أعصاب.

–    وثائق تتعلق بالمدرسة العتيقة أكبيلن وببعض مراحلها التاريخية خاصة في عهد الفقيه المدرس الحسن أوبو رحمه الله قدمها ابنه إبراهيم أوبو بأكادير.

–    مجموعة من مخطوطات المدرسة ممثلة في بعض نسخ كتاب الحوض وشرحه كشرح الحسن التاموديزتي.
بعد ذلك انطلقت أشغال الجلسات العلمية للندوة بجلسة أولى في المحور الأول: “المشروع العلمي للعلامة محمد بن علي أوزال”  برئاسة الدكتور محمد الحاتمي منسق فريق البحث في التراث السوسي.

وقد تحدث في هذه الجلسة الدكتور اليزيد الراضي وقدم بحثا عنوانه: ” أكبيل ودور الأمازيغية في خدمة الإسلام” تناول فيه أعمال أكبيل العلمية بالعربية والأمازيغية مشيرا إلى أهميتها من حيث نشر علم الفقه، وتقريب الناس إلى الشريعة وفتح قلوبهم لها وإشباع نهمهم الروحي، كما تحدث عن دور العلماء السوسيين في خدمة الإسلام بلغتهم الأمازيغية السوسية سواء بالتأليف أو الوعظ أو التعليم مشيرا إلى نماذج من أعمالهم مثل مؤلفات أكبيل نفسه والفقيه المتوكي وأعروس السملالي والبوشيكري وخالد بن يحيا الكرسيفي والحاج علي الدرقاوي وابنيه محمد المختار السوسي وعبد الله الدرقاوي وأعمال عبد الحميد الصوفي والحسن بن أحمد التملي وغيرهم كثير..

ثم أشار إلى أن جميع هؤلاء العلماء ألفوا كتبهم الأمازيغية وكتبوها بالحرف العربي ولم يثبت لحد الآن أنهم كتبوها بغير ذلك الحرف، ثم خلص البحث المحاضر إلى أهمية هذه الكتب في الحفاظ على معرفة الناس بالدين وتعلقهم به وارتباطهم بالقيم المغربية الأصيلة، فكان السوسيون بفضل هذه النصوص متدينين متمسكين بعقيدتهم لا يرون أي وجود لهم بعيدا عنها.

ثم تحدث الأستاذ محمد مستاوي الباحث والإذاعي والشاعر الأمازيغي المعروف وقدم بحثا بعنوان: ” الشعر المغربي الأمازيغي في خدمة الديانة الإسلامية” فاستعرض تاريخ الاهتمام بالشعر الأمازيغي السوسي من قبل الباحثين، وارتباط هذا الشعر بالدين والعقيدة سواء كان شعرا تعليميا مثل منظومات أكبيل، أو كان شعر غنائيا مثل أشعار النظامين والروايس، مبرزا اعتماد هؤلاء الشعراء على التصور الإسلامي وعقيدة التوحيد في بناء أنماط إبداعية معبرة عن واقع اجتماعي معين وعن فكر المبدع والمتلقي في الآن نفسه، ذلك الفكر الذي يكوّن وجدان الأمة وعواطفها الجياشة في محبة الوطن والدين والارتباط بالأصول والتغني بالأخلاق الفاضلة مثل بر الوالدين ورعاية الأبناء والحنين إلى الأحبة، أو ينحو منحى التكوين والتعليم دون الإخلال بجانبي التعبير الجمالي المؤثر بالكلمة الطيبة والإيقاع الجميل والتصوير الفني المعبّر، وختم الباحث عرضه بالإشارة إلى أهمية دراسة هذا الشعر بوصفه ديوانا لوجدان المغاربة جميعا وسجلا لعواطفهم وقيمهم الوطنية واحتفاء بالثقافة الأمازيغية التي تعد رافدا مهما من روافد الثقافة الوطنية الأصيلة.

ثم تناولت الكلمة الأستاذة خديجة كمايسين من ثانوية الوحدة بتزنيت، في موضوع بعنوان: ” الأسس الفكرية والمقومات الاجتماعية للمشروع العلمي لمحمد بن علي أوزال ” متحدثة عن أسس المشروع العلمي للعلامة أكبيل المتمثلة في الغيرة على العقيدة والدين والرغبة في نشر المعرفة العقدية والفقهية بين الناس وتقريبها إليهم ليفهموها ويتمكنوا من تنزيلها على الواقع، ويكون ذلك مدخلا للإصلاح الاجتماعي. لقد مشروع أكبيل ينطلق من العلم والمعرفة الشرعية المبنية على الفقه المالكي تلك المعرفة المتداولة في المدارس العلمية والتي يحول الجهل بالعربية دون وصولها إلى عموم الناس، فعمل جهده لترجمتها وتقريبها إلى عقولهم، عن طريق الشرح والتفسير والتمثيل وترقيق القلوب وتحريك العواطف، فنتج عن ذلك تأثر الناس بهذه المعرفة بعد أن حفظوها واستوعبوها، وعملوا على تطبيق مضامينها الداعية إلى الوحدة والاجتماع على الخير وإصلاح النفس، وتنمية المجتمع والتعاون في مجالات الحياة المختلفة.

وبهذا البحث ختمت الجلسة العلمية الأولى، وبعد صلاة الجمعة استؤنفت أعمال الندوة بالجلسة العلمية الثانية في محور: “العلامة امحمد بن علي أوزال، أصله وسيرته” ومدرسته برئاسة الدكتور بوجمعة جمّي الأستاذ الباحث عضو فريق البحث في التراث السوسي.

تناول الحديث أولا الأستاذ الدكتور محمد وكريم من كلية العلوم بأكادير، بموضوع عنوانه: ” قبيلة إندوزال تاريخها ومجالها “دار حول قبيلة إندوزال باعتبارها أصل العلامة أكبيل الذي لا يمكن فهم أعماله العلمية والتعليمية والتربوية دون الرجوع إلى دراسة أصوله وانتمائه، إذ إن نجاحه في مشروعه بمدرسة أكبيلن مرتبط بقدرة قبيلته على دعمه والوفاء بحاجات المدرسة المادية والمعنوية، لذلك تحدث الباحث عن قبيلة إندوزال من حيث أصولها ومكوناتها وتاريخها، كما ذكر مجالات عيشها وأساليبه، مبرزا أعلام هذه القبيلة في الجانب التنظيمي، وتناول مدارسها العتيقة وجهود القبيلة في دعمها وتموينها، ثم تحدث عن عاداتها وتقاليدها في الاحتفالات والمناسبات والمواسم وأعرافها المتوارثة في التعاون بين الناس للقيام بأعمال الزراعة وغير ذلك من الأشغال، كما أشار إلى بروز هذا الجانب التعاوني من خلال منجزات عدة جمعيات تنموية عملت على فك العزلة عن القرى والمداشر، وتوفير مستلزمات العيش الكريم والتربية والتعليم، مبرزا جهود محسني القبيلة وأعيانها في سبيل ذلك.

ثم تحدث الأستاذ الفقيه الحنفي واد الرحمة، أستاذ مدرسة أكبيلن في موضوع:” مدرسة سيدي امحمد بن علي أكبيل، تاريخها وأعلامها. ” متحدثا عن تاريخ المدرسة من حيث التأسيس والتطور، كما قدم جردا موسعا عن العلماء الذين كانوا يدرسون بها، وقد استطاع بالبحث والتنقيب في الكتب المؤرخة للمنطقة مثل طبقات الحضيكي لمَحمد الحضيكي والحضيكيون لعبد الرحمان الجشتيمي والمعسول  لمحمد المختار السوسي ومن خلال المخطوطات والوثائق المحلية والعقود أن يكتشف عددا من الفقهاء المدرسين بها ووصل عددهم إلى أزيد من 30 عالما، كما بيّن دور هؤلاء العلماء في التكوين والتربية والتخريج، مشيرا إلى العلامة الحضيكي بوصفه من كبار المتخرجين من المدرسة قديما وإلى بعض المتخرجين في المرحلة الأخيرة المشتغلين في مهام سامية بمختلف المؤسسات المغربية.

أما الأستاذ إبراهيم أوبو الباحث من مدينة أكادير فتحدث عن نموذج لأساتذة المدرسة من خلال موضوع بعنوان:” من أعلام مدرسة أكبيلن: الفقيه سيدي الحسن بن علي أوبو الهوزالي ” مستعرضا أسرة والده الفقيه المذكور وأعلام من مرّ بها من الفقهاء ثم ركز على حياة والده الفقيه الحسن أوبو وشيوخه والمدارس التي قرأ بها  ثم التي تصدى فيها للتدريس والتعليم قبل أن يستقر بمدرسة أكبيلن مشتغلا فيها بالتعليم، كما بيّن جهوده في تخريج الطلبة الفقهاء ممثلا بنماذج لهم ممن شغلوا مهام مختلفة وانتفع بهم المجتمع والناس.

أما الجلسة العلمية الثالثة، فكانت حول:” الانتاج العلمي للعلامة أوزال” برئاسة الدكتور اليزيد الراضي  عضو فريق البحث في التراث السوسي، وقد تداول فيها الحديث كل من:

–    الدكتور المهدي بن محمد السعيدي عضو فريق البحث في التراث السوسي الذي تحدث في موضوع: ” كتاب الحوض، وصف وتحليل” وقد ذكر أن هذا الكتاب يعد في طليعة ما ألف العلامة امحمد بن علي الهوزالي مستعرضا أسباب تأليف الكتاب المتمثلة في رغبة المترجمة في نقل المعرفة الشرعية الفقهية والعقدية إلى الأمازيغية السوسية ( تاشلحيت) ثم منهجه في الترجمة المؤسس على تتبع مختصر الشيخ خليل، ونقل ما فيه من قواعد فقهية إلى تاشلحيت وتطعيمه بما ورد في شروح المختصر وحواشيه وتعاليقه، وما ورد كذلك في كتب النوازل المالكية، مما يجعل من هذا الكتاب مرجعا علميا فريدا في الفقه المالكي، ثم أبرز الباحث أهمية هذا الكتاب المتجلية في كثرة نسخه وانتشاره حتى في حياة مؤلفه، ثم ثناء العلماء عليه وكثرة النفع به، ثم اهتمام الأجانب به فترجم إلى اللغة الفرنسية ونشر بالجزائر من طرف المستشرق لوسياني سنة 1897م.

–    الأستاذ عبد الله التتكي الشاعر والباحث بأكادير، الذي تناول في موضوع عنونه بـ”غرفة من بحر الدموع، شرح وتعليق وتأصيل وترجمة للغة العربية” بالدراسة والتحليل كتاب بحر الدموع، مجليا ما احتواه من مضامين وعظية توجيهية ترمي إلى التربية وترقية الأخلاق ودفع الناس إلى إحسان الاعتقاد والسمو بالمعاملة لتمثل ما ترجوه الشريعة، كما بيّن أهم المحاور التي تناولها الناظم امحمد بن علي أكبيل في كتابه من تحذير من المعاصي وحض على التوبة وترغيب في الجنة وتخويف من العذاب، وإشادة بالخير والرغبة فيه والعمل به، وختم الباحث موضوعه بالإشارة إلى قيمة الكتاب وأهميته مما دفعه إلى بدء ترجمته إلى اللغة العربية ليستطيع من لا يعرف اللغة الشلحية أن يطلع على ما ورد فيه من معلومات، ويشهد عن قرب جهود العلامة أكبيل في نظمه.

–    الدكتور محمد الحاتمي عضو فريق البحث في التراث السوسي، الذي تناول بالحديث ” تنبيه الإخوان على ترك البدع والعصيان، نظرات في الموضوع والمنهج” فعرّف بالكتاب مشيرا إلى نسخه المطبوعة والمخطوطة، كما نبه إلى أهميته والمضامين التي احتواها والتي تدور حول الدعوة إلى سلوك المحجة البيضاء والتزام طريق الخير والحق، وتجنب البدع ومعصية أوامر الله سبحانه وتعالى، ثم عرّج على منهج العلامة أكبيل في كتابه وطريقته في تناول الموضوع والمصادر التي اعتمدها والمتمثلة في مصادر الفقه المالكي والعقيدة الإسلامية وكتب النوازل ومصادر الفقه المالكي المغربية.

وبانتهاء أشغال هذه الجلسة اكتملت أعمال الندوة العلمية، وبعد صلاة العصر عقدت الجلسة الختامية للندوة والتي ألقيت فيها كلمات الجهات المنظمة، وركزت على الإشادة بتعاون كافة الجهات والسكان والسلطات المحلية بالإقليم في إنجاح أعمالها، كما أشادت بمؤازرة المحسنين والأعيان، وأكدت العزم على الاستمرار في تنظيم أمثال هذه الندوات واللقاءات العلمية للبحث في التراث وإحياء القيم المغربية والمحافظة عليها وتعزيز الثقافة الأمازيغية والعناية بها، كما تليت برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى مقام أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة هذا اللقاء العلمي الوطني.

وبعد هذه الكلمات وزعت الشهادات التقديرية على الباحثين المشاركين، كما وزعت جوائز تشجيعية – تمثلت في عدد من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – على طلبة المدرسة وأستاذ مدرسة أكبيلن السابق الأستاذ بوجمعة البعقيلي والأستاذ الحالي الفقيه الحنفي واد الرحمة، وسلمت جوائز تشجيعية لتلاميذ مسجد أنيّ تقديرا لحفظهم لباب الطهارة من كتاب الحوض. وسلمت كذلك تذكارات تقديرية للمحسنين السيد إبراهيم أبزاو والسيد بلعيد أمين ثم ختم الحفل بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين نصره الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق