مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةمفاهيم

ماذا قال الجنيد عن العلم؟

دة. ربيعة سحنون                           

باحثة بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة

العلم بالله تعالى مذهب الصوفية الكرام، أخذوه عن مشايخهم، وعملوا بما علموا، فورّثهم الله عز وجل العلم به سبحانه، وعرفوه حق المعرفة، وما بلغوا تلك المراتب إلا بالمراقبة والمحاسبة والمجاهدة، فأشرقت عليهم أنواره، وبانت عليهم أسرارهم، لأنهم ضبطوه بميزان الشرع الحكيم، فكان لهم لا عليهم.

● قال الجنيد: متى أردت أن تشرف بالعلم، وتنسب إليه، وتكون من أهله قبل أن تعطي العلم ما له عليك، احتجب عنك نوره، وبقي عليك وسمه وظهوره، ذلك العلم عليك لا لك، وذلك أن العلم يشير إلى استعمالهن، وإذا لم يستعمل في مراتبه رحلت بركاته[1].  

● ويقول رضي الله عنه: إن للعلم ثمنا فلا تعطوه حتى تأخذوا ثمنه. قيل له: وما ثمنه؟ قال: وضعه عند من يحسن حمله ولا يضيعه[2].

● في قوله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾، [سورة فاطر، الآية 28]، قال الجنيد قُدِّس سِرّه: الرضا على قدر قوة العلم والرسوخ في المعرفة[3].

● وسُمع الجنيد يخاطب أحد مريديه يعظه: يا فتى الزم العلم ولو ورد عليك من الأحوال ما ورد، ويكون العلم مصحوبك، فالأحوال تندرج فيك وتنفد، لأن الله عز وجل يقول: ﴿والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا﴾، [سورة آل عمران، الآية 7].[4]

● وقال أيضا: ما من شيء أسقط للعلماء من عين الله من مساكنة الطمع مع العلم في قلوبهم. وقال: فتح كل باب وكل علم نفيس بذل المجهود[5].

● وقال بعض الكبار للجنيد وهو يتكلم على الناس: يا أبا القاسم، إن الله لا يرضى عن العالم بالعلم حتى يجده في العلم، فإن كنت في العلم فالزم مكانك، وإلا فانزل. فقام الجنيد ولم يتكلم على الناس شهرين، ثم خرج، فقال: لولا أنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (في آخر الزمان يكون زعيم القوم أرذلهم)، ما خرجت عليكم[6].

● قال رجل للجنيد: بم أستعين على غض البصر؟ فقال: بعلمك أن نظر الناظر إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه[7].

● وقال الجنيد: اللسان ظاهر، وهو من الملك، فهو خزانة العلم الظاهر، والقلب خزانة الملكوت، وهو خزانة العلم الباطن، فقد سار فضل العلم الباطن على الظاهر كفضل الملكوت على الملك، ونعني بالملك الباطن الخفي، وكفضل القلب على اللسان الجلي وهو الظاهر[8].

● حكي عن الجنيد قدس الله سره أنه قال: اتفق أهل العلم على أن أصولهم خمس خلال: صيام النهار، وقيام الليل، وإخلاص العمل، والإشراف على الأعمال بطول الرعاية، والتوكل على الله في كل حال[9].

● وقال أيضا: لو علمت أن علما تحت أديم السماء أشرف من علمنا هذا لسعيت إليه، وإلى أهله، حتى أسمع منهم ذلك، ولو علمت أن وقتا أشرف من وقتنا هذا مع أصحابنا ومشايخنا ومسائلنا ومجاراتنا هذا العلم لنهضت إليه[10].

 
[1] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم، 10/287.[2] الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار، الشعراني، ص: 124.[3] الإمام الجنيد سيد الطائفتين، المزيدي، ص: 161.[4] حلية الأولياء، 10/276.[5] المصدر السابق، 10/281. [6] التعرف لمذهب أهل التصوف، أبو بكر الكلاباذي، ص: 111.[7] إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، 5/47.[8] الإمام الجنيد سيد الطائفتين، المزيدي، ص: 162.[9] اللمع، الطوسي، ص: 288.[10] المصدر السابق، ص: 239.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق