تعد قبيلة «أيت لحسن» من القبائل المعقلية العربية التي وفدت إلى المغرب من «شبه الجزيرة العربية» عن طريق «مصر» و«ليبيا» ثم إلى «الصحراء الموريتانية» و«المغربية»، والتي استقرت بها لزمن طويل قبل أن ترتحل إلى موطنها الحالي «واد نون» بالصحراء المغربية، فهذا الانتقال من موطن لآخر مع ما رافقه من هجرات وحروب وتضامنات وتنافسات سيجعل من القبيلة مزيجا من الأصول والانتماءات القبلية، وهي واقعة لا تعضد فرضية الجد المشترك وإنما تدعو إلى اعتماد تحديدات مفاهيمية أخرى للقبيلة في علاقتها بالمجال والإنسان.
وحسب المصادر التاريخية المكتوبة والشفهية فقبيلة «أيت لحسن» تنتسب إلى الحسن بن الغازي بن محمد بن عمران بن عثمان(1)بن مغفر بن أودي بن حسان بن المختار بن محمد بن عقيل بن معقل بن موسى الهداج بن جعفر الأمير بن إبراهيم الأعرابي بن محمد الجواد بن علي الزينبي بن عبد الله بحر الجود بن جعفر الطيار بن أبي طالب بن عبد المطلب.دفين مدينة «كلميم» الغازي أو لغويز كما ورد في كتاب «ترجمان تاريخ بلاد الصحراء والسودان» لمؤلفه الشيخ العلامة عادل محمد محمود حيث قال: «إن «أيت لحسن» أبوهم الحسن ابن الغازي ابن محمد ابن عمران ابن عثمان ابن مغفر ابن أودي حسان».
من هنا يمكن القول أن «أيت لحسن» في مراحل تشكلها التاريخي استوعبت مجموعات مهاجرة وأخرى أصيلة في البلاد، ومثلت أكبر تجلي للهجرة والاستقرار الحساني بمنطقة «واد نون» إلى جانب قبائل أخرى، والدليل على ذلك أنها جسدت الثقافة الحسانية في أقوى تجلياتها، من خلال ثقافة حمل السلاح التي كانت ديدنا للقبائل المغفرية الحسانية في مجال البيضان وغيره.
استقرت قبيلة «أيت لحسن» بشكل تدريجي في المجال الوادنوني متخذة المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية مجالا لنفوذها، وباتت تتطلع شيئا فشيئا لقلب «واد نون» خصوصا منطقة «لقصابي» ونواحيه معقل قبيلة «أولاد إدريس»، ويشير عبد العزيز بنعبد الله في معلمة الصحراء إلى أن ««آيت لحسن»يوجد الآن بإقليم «تكنة» في المكان الذي كان يستوطنه «ايداوبلال» الموجودون الآن في «طاطا». ففي عام (1354هـ/1935م) أظهرت فرقة السبوية ـ أحد أفخاذ «آيت باعمران» بإيفني ـ بكولمين نص عقدة تحمل تاريخ 987هـ/1979م تنازل أهل «ايداوبلال» بمقتضاها عن أراضي بوسمارة جنوبي «وادي أساكا»»(2).
فتراب القبيلة متنوع ومتفرق، فهو يشمل قديما «تاغجيجت،» و«أسرير»، والمنطقة الساحلية بما فيها من فجاج، ومداشر، وسهوب، وروابي، وجبال، مثل: «بوسمكان» الفاصل بين «أساكا» و«رأس طرف» جنوب «لقصابي»، و«جبل كير» شرق «لبيار» و«طريق طانطان»(3).
ولا تزال فصائل القبيلة تتوزع مناطق نفوذ وقصور، مثل: «لقصابي» التي تعد عاصمة «أيت لحسن»، و«تسكنان»، و«عوينة أهل بلال»، و«أم إفيس»، و«الشويخات»، و«عبودة»، و«تلوين». فكل فصيل استقر بجزء من تراب القبيلة الممتدة من «فم أساكا» إلى «وادي الشبيكة» عبر «رأس طرف»، منطقة «أيت ساعد». وتتخلل «أيت لحسن» مجموعة وديان منها: «الواد الواعر» قبل «أخفنير»، و«واد الرمل»، و«واد أم فاطمة»، و«واد لعكيك»، و«واد الشبيكة»، و«سهب الحرشة» من أشهر مراتع القبيلة؛ يقع بين «وادي الشبيكة» و«وادي طانطان»، ومنها «وادي درعة» المعروف(4).
وقد تزايد عدد أفراد القبيلة في القرنين 19 و20 فانتشرت فصائلها في ربوع الصحراء، حيث وصلت مجموعة منها إلى مدينة «العيون» و«الداخلة» دون الحديث عن «طانطان» التي تعد إحدى أهم تمركزات هذه القبيلة، بالإضافة إلى واد نون عاصمة «أيت لحسن»، و«موريتانيا»قبيلة «إدا بلحسن»، و«مالي»، و«النيجر»، و«السنغال»، ودول إفريقية أخرى، كما استقرت مجموعة أخرى في «سوس»، و«عبدة»، و«دكالة»، وفي «حوز مراكش« ـ إقليم شيشاوة ـ، وفي «خريبكة»، و«الرماني»، و«الرباط»، و«الدار البيضاء»(5).
على كل حال مرت قبيلة «أيت لحسن» بفترات متقطعة وعويصة قبل أن تفرض سيطرتها على المجال، ومن أجل مزيد من السيطرة شكلت حلفا ضم مجموعة من القبائل لصد غارات القبائل المستوطنة شرق «واد نون»، فتحالفت مع كل من «ازركيين»، و«أيت موسى وعلي»، و«يكوت»، و«أولاد يوعيطة»، و«أيت الخمس»، و«مجاط»، و«الأميار»، و«الفيكات»، و«أولاد تيدرارين»، و«العروسيين»، و«أولاد دليم»،مؤسسين بذلك ما اصطلح على تسميته «لف أيت الجمل»أو ما يسمى بـ «اللف العربي» في «تكنة»(6).
لقد أهل مجال القبيلة الذي يعتبر من أكثر مناطق الصحراء خصوبة وغنى، ويوفر إمكانيات طبيعية أفضلإلى احتراف أبنائها الزراعة،إلى جانب ممارسة بعض الأنشطة التجارية المحدودة، ذلك أن الطابع الوظيفي للقبيلة والذي هيمن عليه أسلوب حسان، جعل هذه المكونات أكثر ميولا إلى البادية وما ارتبط بنمط عيشها، مما يفسر أن ثقافة ووعي كل قبيلة وميولات أفرادها تحددت على أساس نظامها المعيشي الذي أسس له الآباء، وحافظ على استمراره وتوارثه الأبناء جيلا بعد جيل إلى حدود المرحلة الاستعمارية التي قضت على هذه التمايزات داخل القبائل، وأبقت على العصبية، وتوظيف هذا التاريخ الذي أبقى هذه المكونات مشدودة إليه، وتتسابق في نوع من التدافع لدعم رأسمال تاريخي يجد امتدادا في الراهن. وإلى جانب احترافها للزراعة والتجارة اشتهرت بحمل السلاحوببسالتها في الحروب(7)،وبمواقفها الوطنية والتاريخية على امتداد القرون الخمسة الماضية، إذ من الثابت الأكيد أن رجال القبيلة ساهموا مساهمة فعالة في مقاومة المد الإيبيري، وفي صد الهجمات والاعتداءات الأجنبية الغادرة على سواحل المنطقة الممتدة من «وادي نون» إلى «طرفاية»، وقد ضحى أبناؤها من أجل حماية الحدود، وصيانة وحدة البلاد من عبث العابثين، وحملات المستهترين الحاقدين(8).
وهذه من مفاخر القبيلة، ومن مظاهر مجدها وعزتها ووطنيتها، ومما يزكي هذه المواقف النبيلة العلاقات القوية التي نسجتها مع قبيلة الرقيبات(9)ومع قبائل أخرى، ومع السلطة المركزية(10).
ومن الوجهة الاجتماعية ومن زاوية الارتباط بالأرض تنقسم قبيلة «أيت لحسن» إلى قسمين متكاملين هما: العشائر الرحل، والفرق المستقرة في المداشر والواحات. وقد كان الرحل متفوقين عسكريا نظرا إلى كونهم من حملة السلاح، وإلى خبرتهم بالمكان وبتضاريس المنطقة، وهي خبرة قديمة تراكمت عبر عقود بل قرون من القرن 16م(11).
واسم هاتين الفصيلتين الكبيرتين: «أيت محمد أو لحسن» و«أيت موسى أولحسن»(12)، التي تتفرع بدورها إلى مجموعة من الفخذات.
ففصيلة «أيت محمد أولحسن» تتوزع إلى:
1ـ «أيت بومكوت» وشيخهم أحمد ولد البشير وعلي أحماد ولعروسي ولد إبراهيم ومبارك ولد بوجمعة، وتنقسم إلى ثلاث تفريعات: «أيت معطى الله أو موسى»، و«أيت اعمر أو موسى»، و«أيت داود أو موسى أيت بوغريون».
وبالنسبة لفخذة «أيت معطى الله أو موسى» فتنقسم إلى: «أهل محمد أو معطى الله»، و«أهل علي أو معطى»، و«أهل سعيد أو محمد».
و«أيت اعمر أو موسى» يتميزون بـ«أهل» مثل «أيت معطى الله»، وينقسمون إلى: «أهل سالم أو موسى»، و«أهل صالح»، و«أهل أرجدال»، و«أهل سالم أو يحيى»، و«أهل يحيى أو موسى».
و«أيت داود أوموسى أيت بوغريون» وتنقسم إلى: «أيت داود أو موسى» ويتميزون بـ«أهل»، و«أهل إبرهيم أو موسى».
2ـ «إينجورن» وشيخهم المختار ولد عمر ولد الناجم والناطق باسم القبيلة، وأحمد ولد السالك وإبراهيم ولد احميدة، ويجمعون بين أهل وأيت، وتنقسم إلى ستة أعراش، وهي: «أهل الناجم»، و«أهل مبارك أو حماد»، و«أهل عمار أو داود»، و«أيت عبد القادر»، و«الرويميات»، و«أيت ساعد».
أما فصيلة «أيت موسى أو لحسن» المسماة «المويسات»، ويتميزون بـ«أيت»،فينقسمون إلى خمسة أعراش، وهي: «أيت داود أو عبد الله»، و«أيت بوكزاتن»، و«أيت يحيى»، و«الزكارة»، و«أيت حسين».
وبالنسبة لفخذة «أيت داود أو عبد الله» فتنقسم إلى: «أيت علي وداود»، و«أهل عبد الله ولحسن»، و«أهل حما أو بلا»، و«النواصر».
أما «أيت بوكزاتن» ومن شيوخهم أحمد ولد البشير فينقسمون بدورهم إلى: «أهل بونعاج»، و«لعوامير»، و«لمرازكية» و«أهل لفغير»، و«أولاد سعيد».
و«أيت يحيى» تنقسم إلى: «الكريعات»، و«أيت محمد»، و«أيت عبد الله»، و«أهل ريرت».
و«الزكارة» بدورهم ينقسمون إلى: «أهل الخراج»، و«أولاد بن عمارة»، و«أعريبات»، و«أهل علي داود».
و«أيت حسين» تتفرع إلى: «أزنكاط» و«أيت حسين»(13).
إعداد: حسناء بوتوادي
(1)وهو عثمان بن مندى عامل عبد الله بن ياسين وأبي بكر بن عمر اللمتوني على نول لمطة حسب ما تراه تكنة، وهو رأي أورده V.Monteilفي كتابهNotes sur les Tekna, p.19.
(3)آيت لحسن القبيلة ـ التاريخ ـ المواقف، إدريس نقوري، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1428هـ/2007م، (ص149).
(6)المعسول، المختار السوسي (25/265)، وكتاب قبائل الصحراء المغربية أصولها ـ جهادها ـ ثقافتها، حمداتي شبيهنا ماء العينين، المطبعة الملكية، الرباط، 1419هـ/1998م، (ص88ـ89).
(9)كانت لقبيلة «أيت لحسن» علاقة مصاهرة مع قبيلة «الركيبات» وخاصة «ركيبات الشرق» «الكواسم»، فقد تزوج محمد الملقب بأبي الجناح بن إبراهيم بن داود بن قاسم ولد سيدي أحمد الرقيبي من أيت لحسن بامرأة علمها اجميلة عام 1287هـ/1774م. جوامع المهمات في أمور الرقيبات لمحمد سالم بن لحبيب بن لحسين بن عبد الحي، تحقيق وتقديم مصطفى ناعمي، تحت إشراف المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، (ص74).