الرابطة المحمدية للعلماء

في حوار قيّم مع المفكر الأمريكي جوناثان بلوم حول تاريخ المآذن في الإسلام

أصبحت المآذن اليوم من الرموز الإسلامية بلا أي التباس


"من دواعي السخرية أن يكون السويسري ماكس فان بيرشيم (Max van Berchem) الباحث في الآداب العربية من أوائل العلماء الذين درسوا أصول الإسلام وتاريخه قبل أكثر من قرن. بعد التدقيق نلاحظ أنَّ المئذنة ليست من المكونات الضرورية للمسجد، لكنها تُعتبر من المسائل التي يصبو إليها مشيدو المساجد. لذا فإن منع بناء المئذنة في سويسرا يُعتبرُ صفعةً على وجه الجالية المسلمة هناك. هل بإمكانكم أن تتخيلوا ما الذي سيجري فيما لو أنَّ سويسرا اتخذت قرارًا بحظر بناء أبراج أجراس الكنائس؟".

هذا ما صرّح به جوناثان بلوم، أستاذ جامعي في كلية بوسطن الأمريكية، وأستاذ كرسي لمادة الفنون الإسلامية والآسيوية، كما جاء في حوار قيّم أجراه معه إرن غيوفرتشين (عن موقع "قنطرة" الألماني)، وخُصّص لموضوع تاريخ المآذن في الإسلام وأهميتها التاريخية الثقافية ودلالاتها السياسية وكذلك عن حظر بناء المآذن في سويسرا.

وعن أحقية وصف رفض المآذن في سويسرا بالظاهرة الجديدة، اعتبر جوناثان بلوم أن الأمر ليس كذلك، بدليل أننا نجدها في إسبانيا في القرون الوسطى، حيث كان المسلمون والمسيحيون يتنافسون على السيطرة المعمارية في المدن. كما حصل مؤخرًا خلافٌ في أكسفورد حول بناء مئذنة كان يمكن أن تكون أعلى من برج النصر الشهير في المدينة. وكذلك جرى نقاشٌ مشابهٌ في فريديريك في ماريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية.

من الأسئلة المثيرة التي حَفِلَ بها الحوار النوعي، تلك الخاصة بمحطات من التاريخ الإسلامي، قد تكون شهدت مساجد بلا مآذن، حيث أكد بلوم في هذا الصدد، أنه حتى العصر الحديث، لم تكُن المئذنة معروفةً كثيرًا في كافة أنحاء العالم الإسلامي المترامي الأطراف، كما هي الحال في ماليزيا أو كشمير أو شرق إفريقيا مثلا، لولا أن اتساع وسائل الاتصال الحديثة في القرن العشرين وتطور إمكانية التنقل والسفر أدت إلى توحيد المشهد المعماري الإسلامي بين المناطق المختلفة وفرضت نمطًا "إسلاميًا" يحتوي على القبة والبرج الذي يرتفع منتصبا إلى الأعلى، ورغم ذلك، يضيف بلوم، أعلن محمد تاج الدين ابن محمد رصدي الذي يعمل في الجامعة التقنية في ماليزيا أنَّ المهندسين المعماريين الحديثين وزبائنهم ممن يشيِّدون المساجد ذات الأحجام الضخمة بقبابها ومآذنها اللافتة يتجاهلون تعاليم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

وقد يكون أهم الأسئلة الواردة في الحوار، ذلك الخاص بالأهمية الرمزية للمئذنة، حيث أشار المحاوَر في هذا الصدد، إلى أن المئذنة تُعتبرُ، مثلها مثل القبة على المساجد من العناصر المميزة للعمارة الإسلامية، وكون صوت رفع الأذان جزءٌ من القاهرة واسطنبول والرياض وفاس وغيرها تمامًا كما هو صوت أجراس الكنائس جزءٌ من روما، مشددا على أن المآذن اليوم أصبحت من الرموز الإسلامية بلا أي التباس، لذلك يستخدمها رسامو الكاريكاتير بوصفها رمزًا عندما يريدون التعبير عن مشهدٍ يحدث في الشرق الأوسط أو في المناطق ذات الطابع الإسلامي.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق