مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

فضل علماء الأندلس

أورد المقّري في نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (3/192) رسالة أبي الوليد الشَّقَنْدي لأبي يحيى ابن المعلم الطنجي في الدفاع عن الأندلس؛ قال فيها:

«وإنّك إن تعرّضت للمفاضلة بالعلماء فأخبرني: هل لكم في الفقه مثل عبد الملك بن حبيب الذي يُعمل بأقواله إلى الآن، ومثل أبي الوليد الباجي، ومثل أبي بكر ابن العربي، ومثل أبي الوليد ابن رُشد الأكبر، ومثل أبي الوليد ابن رُشد الأصغر؟ وهو ابن ابن الأكبر، نجوم الإسلام، ومصابيح شريعة محمد عليه السلام، وهل لكم في الحفظ مثل أبي محمد ابن حزم الذي زهد في الوزارة والمال ومالَ إلى رتبة العلم، ورآها فوق كل رتبة، وقال وقد أُحْرقَت كتبه:

دعــوني من إحــراقِ رَقّ وكـَـاغَــدِ      وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري
فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي            تضمنه القرطــاس إذ هو في صــدري

ومثل أبي عمر ابن عبد البر صاحب «الاستذكار» و «التمهيد»، ومثل أبي بكر ابن الجد حافظ الأندلس في هذه الدولة، وهل لكم في حُفّاظ اللّغة كابن سِيدَه صاحب كتاب «المحكم» وكتاب «السماء والعالم» الذي إن أعمى الله بصره فما أعمى بصيرته، وهل لكم في النحو مثل أبي محمد ابن السّيد وتصانيفه، ومثل ابن الطَرَاوة، ومثل أبي علي الشَّلُوبين الذي بين أظهرنا الآن وقد سار في المغارب والمشارق ذكره، وهل لكم في علوم اللحون والفلسفة كابن بَاجه، وهل لكم في علم النجوم والفلسفة والهندسة ملك كالمقتدر بن هود صاحب سرقسطة، فإنه كان في ذلك آية، وهل لكم في الطب مثل ابن طُفَيْل صاحب «رسالة حَيّ بن يقظان» المقدم في علم الفلسفة، ومثل بني زُهْر أبي العلاء، ثم ابنه عبد الملك، ثم ابنه أبي بكر، ثلاثة على نسق، وهل لكم في علم التاريخ كابن حيّان صاحب «المتين» و «المقتبس»، وهل عندكم في رؤساء علم الأدب مثل أبي عمر بن عبد ربه صاحب «العقد»، وهل لكم في الاعتناء بتخليد مآثر فضلاء إقليمه والاجتهاد في حشد محاسنهم مثل ابن بسام صاحب «الذخيرة»، وهب أنه كان يكون لكم مثله فما تصنع الكَيِّسَةُ في البيت الفارغ…».

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق